فى دراسة جديدة، ومهمة حول «جذور التطرف والعنف عند جماعة الإخوان »، يسعى «مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة» التابع لدار الإفتاء، إلى تفكيك وتشريح الفتاوى التى تعطى للعنف مشروعية عند الجماعة الإرهابية.
وكشفت الدراسة عن جذور التطرف والعنف فى نصوص مؤسسى وقيادات الجماعة الإرهابية، مع دراسة واقع العنف عند الجماعة عبر التنظيمات السرية المسلحة والمعلنة، مع التركيز على مراحل تطور العنف لدى الجماعة على مستوى التنظير والممارسة.
وأكدت الدراسة أن العنف لدى «الإخوان» لم يكن وليد اللحظة الراهنة، بل يعتبر استراتيجية متجذرة وضعها مؤسس الجماعة حسن البنا فى العديد من كتاباته ورسائله الموجهة إلى أنصاره، وسار على نهجها من بعده قيادات ومنظرو الجماعة كافة، وعلى رأسهم سيد قطب. وأشارت الدراسة إلى أن «البنا» سعى إلى شرعنة العنف من خلال إضفاء صبغة دينية عليه تحت دعاوى الجهاد لاستعادة الحكم الإسلامى، واعتبر العنف وسيلة لا غنى عنها فى استعادة الحكم الإسلامى.
وتنشر «المصرى اليوم» نص الدراسة خلال السطور التالية:
إن بروز ظاهرة ما يسمى الإسلام الحركى أو الإسلام السياسى نشأت مع تأسيس جماعة الإخوان كتيار مسيس تجاوز التعبيرات التقليدية التى اتخذتها الأمة كمرجع فى مقاومة الاستعمار مثلما تجلى فى نضالات شعوبها فى ذلك الحين، ما أدى إلى تبديل وظيفة المرجع الدينى ليصبح الإسلام موظفًا لمقاومة المجتمعات ومحاولة الإطاحة بنظمها المستقرة بعدما كان باعثا على الوحدة والتضامن، خدمةً لقضايا الأمة.
وأدى هذا إلى القطيعة بين منهجين للعمل: منهج «سُنى مؤسسى» يعتمد العمل العلنى والدعوة الصريحة، ومنهج «إخوانى» يقوم على خصام المجتمعات ووصمها بالجاهلية والتحريض على القتل، أسسه حسن البنا فى العشرينات ونظّر له«قطب»فى الستينات وفرَّخ جماعات العنف والتكفير.
وكان يمكن لـ«جمعية الإخوان» أن تكون كمثيلاتها من الجمعيات إطارا للعمل من أجل الدعوة والإحسان إلا أنها منذ البداية كانت فى أدبياتها وأساليب عملها إرهابية السلوك، وهو الأمر الذى اعترف به المرشد الخامس للجماعة مصطفى مشهور عندما قال فى إحدى محاضراته: «إن لفظ الإرهاب من ألفاظ القرآن الكريم، وهو عقيدة إسلامية خالصة، ليس هو فقط، ولكن أيضاً لفظ الرعب، فنحن لا ننتصر إلا بالإرهاب والرعب، ويجب ألا ننهزم نفسياً من اتهامنا بالإرهاب، نعم نحن إرهابيون».
ويستمر مشهور فى توظيفه للإسلام كمقاومة للمجتمعات ومحاولة الإطاحة بنظمها المستقرة فيقول: «يجب أن تعلموا أن هذا العلم هو علم الخواص، ونحن من الخواص، ولا يجب أن نصدح به أمام العامة حتى لا يجفلوا من جماعتنا، فنحن فى فترة تشبه فترة وجود الرسول فى مكة، حيث كان آنذاك سلمياً لا يقاتل، ولكن بعد أن أقام دولته قاتلهم».
ورفض البنا منذ التأسيس الأول للجماعة الالتزام بالقانون، ورفض تحويل الجماعة إلى حزب سياسى، وقال «نحن لسنا حزباً سياسيًا»، وأعطى تعريفا شموليا لجماعته يضعها فى تصادم مع الدولة ومؤسساتها، وهذا الرفض لتحويل الجماعة لحزب والالتزام بالقانون المصرى، ناتج عن رفض البنا للتعددية التى يعتبرها منافية للإسلام.
وعندما لا تلتزم الجماعة بالأطر القانونية الرسمية لتداول السلطة بإنشاء حزب سياسى، فبأى طريقة سوف تحصل الجماعة على السلطة؟.
تبقى للجماعة الوسيلة التى استنتجها «ابن خلدون» عندما انتهى إلى أن الحكم لا يتأتى فى المجتمعات الإسلامية إلا بدعوة دينية وعصبية قبلية. ولانتفاء هذه العصبية فى المجتمع المصرى، فإن هذه الدعوة الإخوانية يجب أن يعاضدها التنظيم السرى المسلح الذى يقوم مكان العصبية القبلية.
ونتيجة هذه الازدواجية بين علنية الدعوة الإخوانية، وإرهاب التنظيم الخاص، تبلورت داخل الجماعة حركة ذات هيكلين: هيكل علنى يتحرك فى الضوء ويستفيد من العلنية بما تتيحه من فرصة لمخاطبة الرأى العام، والظهور فى مظهر الناقد للحكومات والمعبر عن شواغل المواطنين، وهيكل سرى يتحرك فى الخفاء منفذًا المهام الإرهابية، ومشيعًا للخوف ومتحينًا أى فرصة للانقضاض على الحكم بالقوة.
ومع الصدام الأول للجماعة بالمجتمع، وصمت الجماعة المجتمعات بالجاهلية، وأسس سيد قطب فى كتابه «معالم فى الطريق» لهذا الأمر، وأنه لا يوجد الآن مجتمع إسلامى أو دولة إسلامية، حيث يقول: «نحن اليوم فى جاهلية، كالجاهلية التى عاصرها الإسلام أو أظلم، كل ما حولنا جاهلى، تصورات الناس، وعقائدهم، عاداتهم، وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم، وآدابهم، شراؤهم وقوانينهم». هذا التأصيل لجاهلية المجتمعات جاء لشرعنة استخدام العنف والقتل ضد المجتمعات المسلمة بحجة أنها جاهلية.
أولا: جذور العنف فى فكر الإخوان..
يعد البنا الأب المؤسس للتنظيمات المتطرفة والعنيفة المعاصرة منذ عشرينات القرن المنصرم، وبالعودة إلى تاريخ تنظيم حركة الإخوان، يظهر العديد من الشواهد الأدبية والتى تظهر دعوة البنا للتطرف والعنف وجعله من أهم الوسائل التى لا غنى عنها من أجل تحقيق أهداف جماعة الإخوان وهى استعادة الحكم الإسلامى كما سماه فى العديد من كتاباته.
سعى البنا إلى شرعنه العنف وتغليفه بصبغة دينية تحت دعوى «الجهاد، وضروريات إقامة الدولة الإسلامية، واستعادة الخلافة، وتطبيق الشريعة الإسلامية».
وكانت دعوة البنا حاضرة فى كافة كتاباته وتوجيهاته، وتشير تلك الكتابات إلى أن البنا بالرغم من أنه كان يقدم نفسه وجماعته كتيار إصلاحى، إلا أنه كان يتبنى العنف كضرورة للسيطرة واستعادة الحكم.
تدرج البنا فى دعوته للعنف وسعى إلى التأكيد فى رسالته «رسالة التعاليم» على أن جماعته تمر بثلاث مراحل أساسية هى (التعريف، التكوين، التنفيذ)، مؤكدًا على أن مرحلة التنفيذ هى مرحلة عنف (جهاد) لا هوادة فيه. أكد البنا على ضرورة بناء قوة خاصة للجماعة تسعى لتنفيذ مهمتين هما: حماية الجماعة ودعوتها- تحقيق أهداف الجماعة واستعادة الحكم الإسلامى.
بالرغم من أن البنا ابتعد عن تكفير المجتمع، إلا أنه انطلق فى دعوته إلى التأكيد على نواقص الإسلام عند المجتمع وهى من أسباب تخلف المجتمعات، ومن ثم فإن دعوة الجماعة تهدف إلى استقامة تلك النواقص بكافة الوسائل والتى تبدأ من الدعوة بالحسنى إلى استخدام العنف، وتظهر درجات العنف فى فكر حسن البنا فى عدة مستويات أعلاها مرتبة العنف ضد «الخواص» من الطبقة والنخب الحاكمة إن لم ينصاعوا للدعوة.
الهيمنة: جماعة المسلمين
استولى على البنا خطاب الهيمنة لصالح جماعة الإخوان على حساب جميع الفئات والطوائف، فلم يُخفِ البنا فى دعوته إلى جعل الجماعة فى واد خاص، فالإخوان من الخواص، ففى رسالة «دعوتنا» نجد «البنا» يتحدث عن أقسام الناس مع الدعوة، فقسَّمهم إلى: «مؤمن - متحامل - متردد - نفعى».
ثم تابع البنا قوله «والفرق بيننا وبين قومنا بعد اتفاقنا فى الإيمان بهذا المبدأ أنه عندهم إيمان مخدر نائم فى نفوسهم، لا يريدون أن ينزلوا على حكمه ولا أن يعملوا بمقتضاه، على حين أنه إيمان ملتهب مشتعل، قوى، يقظ فى نفوس الإخوان ... ظاهرة نفسية عجيبة!».
يواصل البنا حديثه فى مدح جماعته فى المؤتمر السادس قائلا «أيها الإخوان: هذه منزلتكم، فلا تصغروا فى أنفسكم فتقيسوا أنفسكم بغيركم، أو تسلكوا فى دعوتكم سبيلاً غير سبيل المؤمنين، أو توازنوا بين دعوتكم التى تتخذ نورها من نور الله ومنهاجها من سنة رسوله بغيرها من الدعوات التى تبررها الضرورات، وتذهب بها الحوادث والأيام... لقد دعوتم وجاهدتم، ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئيل أصواتًا تهتف بزعامة رسول الله وهيمنة نظام القرآن، ووجوب النهوض للعمل، وتخليص الغاية لله، ودماء تسيل من شباب طاهر كريم فى سبيل الله، ورغبة صادقة للشهادة فى سبيل الله، وهذا نجاح فوق ما كنتم تنتظرون، فواصلوا جهودكم واعملوا».
بتلك الدعوات يكون حسن البنا قد جعل من جماعته ملتقى للمسلمين المؤمنين، وإمامها إماما للمسلمين، والخروج عليه خروجا عن جماعة .
الجهاد: الغاية والوسيلة
الجهاد يعتبر من أكثر المفاهيم التى تناولها حسن البنا فى كتاباته ودعا إليها أنصاره، وأكد على أنه لا وسيلة لإقامة الدولة الإسلامية والخلافة (حسبما يراها) إلا بالجهاد، ومن هنا جعلها الركن الأساسى الذى لا غنى عنه فى دعوته بل جعله خيطا فاصلا بين جماعته وبين الجماعات الإسلامية الأخرى.
ففى «رسالة الجهاد» يقول «أيها الإخوان إن الأمة التى تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموتة الشريفة يهب لها الله الحياة العزيزة والنعيم الخالد فى الآخرة، فأعدوا نفسكم لعمل عظيم واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة، واعلموا أن الموت لابد منه وأنه لا يكون إلا مرة واحدة، فإن جعلتموها فى سبيل الله كان ذلك ربح الدنيا وثواب الآخرة».
وأوضح البنا مراتب الجهاد وأن أولى مراتبه إنكار القلب، وأعلاها القتال فى سبيل الله، وبين ذلك جهاد اللسان والقلم واليد وكلمة الحق عند السلطان الجائر، ولا تحيا دعوة إلا بالجهاد.
القوة: تأصيل العنف
تأسست أفكار البنا على أساس من ضرورة إقامة جماعة قوية قادرة على استعادة الحكم الإسلامى وتطبيق الشريعة، وهو فى ذلك يمازج بين نوعين من القوة لا غنى لإحداهما عن الأخرى؛ قوة الدعوة وقوة السلاح، ويرى البنا أن الإسلام فى نظمه وتشريعاته قد نادى بوضوح إلى استخدام القوة لذا دعا جماعته إلى أن تكون القوة غايتهم ووسيلتهم ففى المؤتمر الخامس يذكر بقول «الإخوان لابد أن يكونوا أقوياء، ولابد أن يعملوا فى قوة».
ووضع البنا لأتباعه دستورًا لتكوين جماعة قوية تسير وفقًا لنهج متدرج على ثلاث درجات هى درجة قوة العقيدة والإيمان، يليها قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدها قوة الساعد والسلاح، ويرى أنه لا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعانى جميعًا.
ينتهى البنا إلى تأكيده على «أن الإخوان سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدى غيرها، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة، وهم حين يستخدمون هذه القوة سيكونون شرفاء صرحاء وسينذرون أولاً، وينتظرون بعد ذلك ثم يقدمون فى كرامة وعزة، ويحتملون كل نتائج موقفهم هذا بكل رضاء وارتياح».
وتعدى اهتمام البنا بمفهوم القوة ومستوياتها إلى أن تغنى بها فى شعره، فيقول فى إحدى رسائله:
«الدين شىء والسياسة غيره
دعوى نحاربها بكل سلاح
قد جاء طه عابدًا ومجاهدًا
دك الحصون وقص كل جناح».
أما فى رسالته «نحو النور» يؤكد البنا على أن «الأمم الناهضة تحتاج إلى القوة وطبع أبنائها بطابع الجندية ولا سيما فى العصور التى لا يضمن فيها السلم إلا بالاستعداد للحرب».
ويتابع البنا فى تأكيده على ضرورة تجنيد الجماعة بقوة السلاح فى مؤتمره الخامس بقوله «وفى الوقت الذى يكون فيه منكم ـ معشر الإخوان ـ ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسيًا روحياً بالإيمان والعقيدة، وفكرياً بالعلم والثقافة، وجسمياً بالتدريب والرياضة، فى هذا الوقت طالبونى بأن أخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء. وأغزو بكم كل عنيد جبار، فإنى فاعل إن شاء الله، وصدق رسول الله القائل: (ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة)».
سعى البنا إلى تجاوز المستوى الخطابى إلى مسرح الممارسة للعنف ومن ثم أدرك أهمية تكوين قوى مسلحة داخل الجماعة وعمل على تأسيس معسكرات الكشافة لتجهيز عناصر من الجماعة، فيقول فى المؤتمر الخامس موجها خطابه لأنصاره «يعقد الإخوان معسكرًا نموذجيًا بالإسكندرية قرابة شهر فيكون معسكرًا نموذجيًا بحق، يجمع رياضة الفكر والروح إلى رياضة البدن والجسم، ويتمثل فيه بجلاء وضوح المعانى الرياضية والعسكرية الكاملة، ويدوم ذلك طول هذه الفترة، ويضم تحت خيامه المباركة مائة من الشباب التقى المؤمن، فلا يكون لذلك صداه فى غير من حضروه من الإخوان».
فى قتال الحكام.
ابتعد البعض عن التكفير الصريح للأنظمة الحاكمة، ورفض مبدأ الثورة، ولكنه كان عدائيًا للديمقراطية ورافضًا لمبادئها وحاقدًا على مؤسساتها وخاصة الأحزاب فهى خارجة عن الشريعة وأحد الأسباب الرئيسية فى تخلف الأمة، ومن ثم وجد أنه لابد من توجيه دعوته بالحسنى للحكام والنخب الحاكمة بالانصياع لدعوته وتبنى قيم الحكم الإسلامى فى البداية، وفى حالة عدم الالتزام تشن الجماعة حربا لا هوادة فيها ولا سلام على تلك الأنظمة.
يقول حسن البنا فى افتتاحية العدد الأول لمجلة النذير التابعة للتنظيم «سننتقل من حيز دعوة العامة إلى حيز دعوة الخاصة أيضًا، ومن دعوة الكلام إلى دعوة النضال والأعمال، سنتوجه بدعوتنا إلى المسؤولين من قادة البلد وزعمائه ووزرائه وحكامه وشيوخه ونوابه وهيئاته وأحزابه وسندعوهم إلى منهاجنا ونضع بين أيديهم برنامجنا وسنطالبهم بأن يسيروا بهذا البلد المسلم بل زعيم الأقطار الإسلامية فى طريق الإسلام فى جرأة لا تردد فيها، وفى وضوح لا لبس فيه ومن غير مواربة أو مداراة فإن الوقت لا يتسع للمناورات فإن أجابوا الدعوة وسلكوا السبيل إلى الغاية آزرناهم وإن لجأوا إلى المواربة والمراوغة وتستروا بالأعذار الواهية والحجج المردودة فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس أو حزب او هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام سنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة معها حتى يفتح الله بيننا».
ثانيًا: سيد قطب مؤسس العنف
يعتبر سيد قطب المُنظر الثانى لجماعة الإخوان بعد المؤسس حسن البنا، حيث يوفر قطب الإطار النظرى الذى يبرر من خلاله الالتجاء إلى العنف داخل المجتمع المسلم الذى يراه قطب فى إطار صورة شديدة الظلامية: «الناس ليسوا مسلمين كما يدعون وهم يحيون حياة الجاهلية. ليس هذا إسلامًا وليس هؤلاء مسلمين»، ومن خلال هذا النفى لصفة الإسلام عن يؤسس قطب لحق استخدام القوة والعنف.
جاهلية المجتمعات:
يبرر سيد قطب لحق استخدام القوة والعنف على أسس جاهلية المجتمعات، وخروجها عن الإطار الدينى والعقائدى السليم الذى وضعه الله لها وفق الشريعة الإسلامية وحدودها، وأن المجتمعات تلجأ للاحتكام إلى القوانين الوضعية وفى ذلك يقول (إن العالم يعيش اليوم كله فى «جاهلية» من ناحية الأصل الذى تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها، جاهلية لا تخفف منها شيئا هذه التيسيرات المادية الهائلة، وهذا الإبداع المادى الفائق)، ويذكر فى موضع آخر أن الاجتهاد البشرى هو الأساس لجاهلية المجتمعات الذى يعتبر خروجا على سلطان الله هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله فى الأرض وعلى خصائص الألوهية، وهى الحاكمية. إنها تسند الحاكمية إلى البشر، فتجعل بعضهم لبعض أربابًا.
ويضع قطب إطاراً وصفياً للمجتمع الجاهلى لبيان نوع الممارسات التى يمكن أن تضفى صفة الجاهلية على المجتمع من عدمه، فالمجتمع الجاهلى عنده هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم! وإذا أردنا التحديد الموضوعى قلنا: إنه هو كل مجتمع لا يخلص العبودية لله وحده. متمثلة هذه العبودية فى التصور الاعتقادى، وفى الشعائر التعبدية، وفى الشرائع القانونية. وبهذا التعريف الموضوعى تدخل فى إطار «المجتمع الجاهلى» جميع المجتمعات القائمة اليوم فى الأرض فعلاً.
تكمن الإشكالية عند قطب فى رؤيته للمجتمع الذى تتلخص فى ثنائية الإسلام والجاهلية، فخارج هذه الثنائية ليس لديه أى تصور عن الكون والحضارة والتراث الإنسانى عبر العصور، كما ينفى قطب عن المسلم إمكانية تفاعله فى وسطه المحيط بالأخذ والعطاء: إن المسلم لا يملك أن يتلقى فى أمر يختص بحقائق العقيدة، أو التصور العام للوجود، أو يختص بالعبادة، أو يختص بالخلق والسلوك، والقيم والموازين، أو يختص بالمبادئ والأصول فى النظام السياسى، أو الاجتماعى، أو الاقتصادى، أو يختص بتفسير بواعث النشاط الإنسانى وبحركة التاريخ الإنسانى.. إلا من ذلك المصدر الربانى، ولا يتلقى فى هذا كله إلا عن مسلم يثق بدينه وتقواه، ومزاولته لعقيدته فى واقع الحياة. إن اتجاهات الفلسفة بجملتها، واتجاهات تفسير التاريخ الإنسانى بجملتها، واتجاهات علم النفس بجملتها- عدا الملاحظات والمشاهدات دون التفسيرات العامة- ومباحث الأخلاق بجملتها، واتجاهات دراسة «الأديان المقارنة» بجملتها، واتجاهات التفسيرات والمذاهب الاجتماعية بجملتها- فيما عدا المشاهدات والاحصائيات والمعلومات المباشرة، لا النتائج العامة المستخلصة منها ولا التوجيهات الكلية الناشئة عنها. إن هذه الاتجاهات كلها فى الفكر الجاهلى- أى غير الإسلامى- قديما وحديثا.
الطائفة المؤمنة وحق استخدام القوة:
يؤصل قطب من خلال وصفه للمجتمع بالجاهلى لجواز استخدام العنف والقوة للتخلص من هذه الصفة وتصحيح والعودة على الإسلام الصحيح مؤكدًا ذلك بقوله: إن مهمتنا الأولى هى تغيير واقع المجتمع. مهمتنا هى تغيير هذا الواقع الجاهلى من أساسه. هذا الواقع الذى يصطدم اصطداما أساسيا بالمنهج الإسلامى، وبالتصور الإسلامى والذى يحرمنا بالقهر والضغط أن نعيش كما يريد لنا المنهج الإلهى أن نعيش، إن أولى الخطوات فى طريقنا هى أن نستعلى على هذا المجتمع الجاهلى وقيمه وتصوراته. وألا نعدل نحن فى قيمنا وتصوراتنا قليلا أو كثيرا لنلتقى معه فى منتصف الطريق.
يجد قطب ضالته لاستخدام القوة من خلال الجهاد الذى يعتبره المنهاج الحركى فى الدين الإسلامى والشرعية المتاحة أمامه لحمل السلاح، موضحًا- وفق رؤيته- أن الدين الإسلامى وضع وسائل متعددة لمواجهة كافة العقبات التى تواجهه، فمن أهم السمات الحركية للإسلام عند قطب: الواقعية الجدية فى منهج هذا الدين. فهو حركة تواجه واقعا بشريا. وتواجه بوسائل مكافئة لوجوده الواقعى. إنها تواجه جاهلية اعتقادية تصورية، تقوم عليها أنظمة واقعية وعملية، تسندها سلطات ذات قوة مادية. ومن ثم تواجه الحركة الإسلامية هذا الواقع كله بما يكافئه. تواجهه بالدعوة والبيان لتصحيح المعتقدات والتصورات، وتواجهه بالقوة والجهاد لإزالة الأنظمة والسلطات القائمة عليها.
يظهر الوجه الحقيقى لدعوى قطب وشرعنته فى استخدام القوة، من خلال الجهاد، حيث يرى الهدف منه يتمثل فى إزالة الطواغيت كلها من الأرض جميعاً، وتعبيد الناس لله وحده، وإخراجهم من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد! لا بقهرهم على اعتناق عقيدته، ولكن بالتخلية بينهم وبين هذه العقيدة. بعد تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة، أو قهرها حتى تدفع الجزية وتعلن استسلامها والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة، تعتنقها أو لا تعتنقها بكامل حريتها!، وهنا يحاول قطب جاهدًا التلبيس بين ما هو دينى وما هو دنيوى فى دعواه للخروج على السطات الحاكمة هى عودة إلى الله لتحقيق مآربه الخاصة والوصول إلى أهدافه.
ويؤكد قطب على معنى الجهاد السابق، وأن هدفه الأصيل إزاحة الأنظمة التى تقوم على حاكمية البشر للبشر قائلا: إن الإسلام كما قلنا إعلان عام لتحرير الانسان من العبودية للعباد. فهو يهدف ابتداء إلى إزالة الأنظمة والحكومات التى تقوم على أساس حاكمية البشر للبشر وعبودية الإنسان للإنسان.
ثالثا: عنف ما بعد قطب
حينما أدركت الجماعة فشل مشروعها المتطرف فى استعادة الحكم الإسلامى، عملت الجماعة على تبنى خيارات أخرى تقوم على قواعد التأقلم مع السياسات والأيديولوجيات القائمة- وهو خيار لم يكن طواعية عند الجماعة- ومن ثم بدأ التنظير حول كيفية التوفيق بين الشورى والديمقراطية والحرية والحداثة، ومع ذلك لم تتخلَّ الجماعة عن شرعنة العنف واعتباره وسيلة لا غنى عنها ولكن مع إعادة هيكلة العنف عن طريق اختراق المجتمعات وما سموه بالجهاد الحضارى.
فى دعم جماعات الإرهاب
سعت الجماعة مع بداية عقد الثمانينات إلى تبنى ثنائية من الخطابات المتناقضة منها ما كان علنيا ومنها ما كان باطنا سريا، فى الوقت الذى ادعت أنها تبحث عن الإصلاح وتبنى قيم الديمقراطية، ظلت الجماعة تبحث عن وسائل جديدة لفرض هيمنتها على المجتمعات والحكومات فى شكل مستحدث للتطرف وإنشاء مؤسسات تساعدها فى فرض تلك الهيمنة.
فى تلك الأثناء عملت الجماعات على تبنى خط آخر يقوم على دعم الجماعات المتطرفة والإرهابية والتى تنشر العنف تحت دعاوى الجهاد المقدس، وهو ما أبرزته أحد الوثائق السرية والتى كتبت فى 1982 تحت عنوان نحو استراتيجية عالمية للسياسة الإسلامية: منطلقات وعناصر ومستلزمات ومهمات وتأكيدها على ضرورة السعى لإقامة الدولة الإسلامية والعمل الموازى التدريجى فى السيطرة على مراكز القوى المحلية من جهة واستخدام العمل المؤسسى وسيلة لذلك.
وقد أكدت الوثيقة فى المنطلق التاسع لها من ضرورة البناء المستمر للقوة اللازمة للدعوة الإسلامية ودعم الحركات الجهادية فى العالم الإسلامى بنسب متفاوتة قدر المستطاع. وقد حددت مجموعة من العناصر التى لا غنى لتحقيق تلك الأهداف كالآتى:
- حماية الدعوة إلى الله بالقوة اللازمة لأمنها محليا وعالميا.
- الاتصال بأى حركة جهادية تنشا فى أى قطر من العالم الإسلامى والأقليات الإسلامية وبناء جسور معها بنسب متفاوتة من أجل دعمها والتعاون المشترك.
- إبقاء فريضة الجهاد حية فى الأمة الإسلامية.
وقد أشار كاتب الوثيقة إلى ضرورة اتباع مجموعة من المستلزمات الإجرائية من أجل حماية الجماعة وتحقيق أهدافها كالآتى:
- بناء قوة أمن ذاتية لحماية الدعوة والدعاة محليا وعالميا.
- دراسة الحركات الجهادية فى العالم الإسلامى والأقليات الإسلامية بقصد معرفة أوضاعها بدقة.
النموذج الأول: نماذج تنظيمات الإخوان المسلحة
منذ اللحظات الأولى لتأسيس جماعة الإخوان سعى البنا إلى تكوين قوة ذاتية للجماعة تعمل على حماية الجماعة وتحقق أهدافها ومن ثم عمل بكل جد عبر مراحل مختلفة إلى تكوين تنظيم سرى مسلح لتحقيق تلك الغايات، كانت البداية الأولى التركيز على نشاط الكشافة والجوالة بالرغم من أنها كانت منافية للقانون الذى أصدرته حكومة محمد محمود باشا فى 8 مارس 1938 بحظر أى جمعية أو جماعة يكون لها صورة من التشكيلات شبه العسكرية. لكن البنا توسع فى بناء الجوالة حتى وصل عددهم إلى 45 ألف جوال بنهاية الحرب العالمية الثانية.
لم تكن الجوالة هى التنظيم والتجمع الوحيد للجماعة، ولكن فى إطار تحقيق توصيات البنا بإقامة تنظيم سرى عسكرى، أسست الجماعة عام 1940 ما سمى النظام الخاص أو التنظيم السرى لجماعة الإخوان، وكان الهدف منه حسب محمد مهدى عاكف إعداد نخبة منتقاة من الإخوان للقيام بمهمات خاصة والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجى ومحو الأمية العسكرية للشعب المصرى فى ذلك الوقت. وكان من أبرز قادة التنظيم صالح عشماوى وعبدالرحمن السندى ومصطفى مشهور ومحمود عبدالحليم.
كانت الجوالة بمثابة وعاء ومرحلة لانتقال الأخ الأكثر انضباطا والأكثر طاعة والأكثر حماسة إلى التنظيم الخاص إذ يعترف عبدالمجيد حسن المتهم فى قتل النقراشى باشا أثناء التحقيقات أن انتقاله من نظام الجوالة بالإخوان إلى النظام الخاص قد تم دون أن يحس بتغيير طرأ على وضعه لاتفاق النظامين فى التدريبات وأسلوب التعامل والعلاقات داخل التنظيم.
كان يتبع الجهاز السرى عدد من التشكيلات المتخصصة مثل جهاز التسليح، جهاز الأخبار، فيما ينقسم الجهاز السرى إلى مجموعات عنقودية كل مجموعة تشكل من خمس أفراد وكل جماعة يرأسها واحد، وتتدرج فى نظام هرمى يرأسه عبدالرحمن السندى.
بالرغم من أن ما أعلن وصرح به قيادات الجماعة بأن التنظيم السرى كان لمحاربة الإنجليز واليهود، إلا أن مهامه كانت أوسع من ذلك فقد استخدم البنا التنظيم السرى فى مواجهة وإرهاب خصومه، وكقوة لحماية الجماعة، وردع المعارضين له داخل الجماعة. كما تفرغ التنظيم بزعامة السندى للاغتيالات السياسية لكل من يعارض الجماعة من رجال الحكومة أو من الشعب المصرى نفسه من رجال الإعلام من الصحفيين والكتاب وغيرهم.
سعى المرشد حسن الهضيبى مع بداية الخمسينات إلى حل التنظيم الخاص، واعتبره جهازا سريا لا يعرف عنه أحد شيئا، ومهمته انتهت، كما أنه كان نواة لصراع بين قيادات التنظيم خاصة البنا وعبدالرحمن السندى فى أواخر علاقاتهما، حيث أشار عمر التلمسانى إلى وجود صراع بين البنا والسندى وذلك لقيام الأخير بالسيطرة على التنظيم الخاص وتنفيذ عمليات دون اللجوء إلى البنا. بدأ الهضيبى فى حل التنظيم السرى منذ عام 1949 تدريجيا وحتى قيام ثورة يوليو 1952.
النموذج الثانى: الطليعة المقاتلة فى سوريا
أُنشئ تنظيم الطليعة المقاتلة بعد مواجهة جرت فى إبريل 1964 فى مدينة حماة السورية. حيث شجّع قصف مسجد السلطان فى المدينة، وقتل الأشخاص الذين نزلوا إلى الشوارع للاحتجاج على ذلك، من قبل السلطات البعثية، على ظهور تيار متطرف بقيادة مروان حديد، وهو شاب متشدّد من جماعة الإخوان كان يعتقد أنه لا يمكن إسقاط حزب البعث الملحد إلا بالقوة. أدّت مساعى حديد لسنوات الستينيات وأوائل السبعينيات إلى نمو شبكة محلية من الإرهابيين الذين كانوا يرغبون فى خوض مواجهة مفتوحة مع النظام السورى.
عندما تم القبض على حديد وتوفى فى السجن فى يونيو 1976، تعهّدت الخلايا التى تمكّن من تدريبها وتوزيعها فى جميع أنحاء سورية، بالانتقام لمقتله وبدأت حملة لاغتيال العديد من كبار ضباط الأمن والسياسيين فى النظام. وسرعان ما تحولت خطط عمليات القتل المستهدف إلى سلسلة من الهجمات الإرهابية العشوائية ضد المواطنين العلويين، الأقلية الحاكمة فى البلاد. وفى يونيو 1979، تمكّنت وحدة كوماندوز يقودها الضابط بسلاح المدفعية إبراهيم اليوسف من التوغل فى مدرسة المدفعية بحلب، وفصلت بالقوة التلامذة الضباط السنة والعلويين، ثم ذبحت 35 وأصابت 54 آخرين من الطلاب العلويين.
عملية إحياء بعد 2011
ونتيجة الانتفاضة ضد النظام السورى فى 2011، استغلت جماعة الإخوان الانتفاضة السلمية لكى تعود إلى المشهد مرة أخرى، وعادت شخصيات كانت قد هاجرت سوريا فى 1982؛ لتقود العمل المسلح ضد النظام، مثل لؤى الزعبى وأبوبصير الطرطوسى، اللذين كانا قد نجا من القمع البعثى. وعلى الرغم من انهيار الهيكل التنظيمى والقيادى للجماعة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وتفوق الجماعات السلفية الموجودة فى سورية الآن مثل جبهة النصرة الفرع السابق لتنظيم القاعدة، فقد عملت الجماعة على زيادة نفوذها داخل هيئات المعارضة العسكرية، حيث قد شاركت بنشاط فى تنسيق الهجمات العسكرية ضد النظام من خلال وجود شخص واحد على الأقلّ من الإخوان فى غرفة عمليات ماسمى بالجيش السورى الحر، وهى الغرفة التى تزوّد المتمرّدين بمستلزماتهم وتسلّحهم، بالتعاون مع السلطات التركية.
قرّرت الجماعة رسمياً توفير المال والأسلحة مباشرة للجماعات المتمرّدة على الأرض فى أواخر مارس 2012. ومع ذلك، فهناك خلاف عالق بشأن الموعد الذى بدأ فيه بالضبط دعمها النشط للإرهابيين. يؤكّد بعض المراقبين أن القرار الذى صدر فى سبتمبر 2011 عن اللجنة العامة لحماية المدنيين، وهى مجموعة يرأسها العضو السابق فى جماعة الإخوان هيثم رحمة، بإرسال الأسلحة والمال إلى المقاتلين فى مدينة حمص كان أول خطوة حذرة وبعيدة عن الأضواء من جانب الإخوان فى هذا الاتجاه. وتشمل المجموعات التى يعتقد أنها تلقت دعماً سخياً من جماعة الإخوان فى سورية، من بين مجموعات أخرى، كتيبة الفاروق فى حمص، ولواء التوحيد فى حلب، وصقور الشام فى جبل الزاوية وأحرار الشام فى إدلب.
على رغم أن توفير المال والسلاح للمجموعات الإرهابية التى تعد فى حاجة ماسّة إلى هذه المساعدات يمكّن جماعة الإخوان من التأثير فى هذه الجماعات فى اتّجاهات تتفق مع مصالحها، فإن استراتيجية الجماعة المُعلنة تضمن أيضاً ألا تقع هذه الجماعات فى ذلك النوع من التطرّف الذى اتّسمت به الحملة العنيفة التى قامت بها الطليعة المقاتلة من العام 1979 حتى العام 1982.
وأخيرًا فإنه نتيجة هذه الازدواجية، لم يرضِ الخطاب الإخوانى الجميع، بما فى ذلك، ويا للسخرية، بعض الجماعات التى تتلقّى الدعم من التنظيم. إذ تشعر بعض الجماعات الإرهابية التى توقّعت أن تحصل على المساعدات المادية والمالية من دون قيد أو شرط بالإحباط على نحو متزايد مع ما يرونها محاولة من جانب الإخوان لتأكيد وجودها بعد ثلاثين عاماً من المنفى القسرى. وقد روى أحد الإسلاميين السوريين الذى عاد فى أواخر نوفمبر من منطقة إدلب، حيث يساعد المتمرّدين بنشاط، كيف شعرت جماعة إسلامية محلية بالغضب عندما اجتمع وفد من جماعة الإخوان مع قادتها وعرض مساعدتها بمبلغ مليونى ليرة سورية (28 ألف دولار تقريباً) فى مقابل يمين الولاء (البيعة) للتنظيم. وقال إن القادة المحليين وافقوا فى النهاية على الاتفاق ولكن بمرارة.
النموذج الثالث: حسم ولواء الثورة
لم تحترم الجماعة إرادة الشعب فى استبعاد نظام مرسى وسعت إلى السيطرة على المجال العام واستعراض قوتها واستخدام القوة والترهيب من أجل إعادة مرسى إلى القصر الرئاسى، تبنت الجماعة منهاج العنف المباشر ضد مؤسسات الدولة وهدفت إلى بث الفوضى والإرهاب داخل البلاد، وتمخض عنها ظهور العديد من الحركات الإرهابية والمتطرفة من رحم الجماعة.
1- لواء الثورة
ظهر التنظيم للمرة الأولى فى أكتوبر 2016، حينما أعلن مسؤوليته عن اغتيال العميد عادل رجائى قائد فرقة مدرعة بالجيش المصرى أمام منزله بضاحية العبور (شرق القاهرة). وفى إبريل (نيسان) 2017 أعلنت الحركة مسؤوليتها عن تفجير بعبوة ناسفة بالقرب من مركز تدريب للشرطة المصرية فى مدينة طنطا بمحافظة الغربية فى دلتا النيل.
بعد مقتل القيادى محمد كمال، مسؤول اللجان النوعية داخل جماعة الإخوان فى أكتوبر 2016، والذى كان مكلفا بتشكيل جماعات العنف داخل الجماعة ونشر الفوضى فى مصر، أصدرت الحركة بيانًا أعلنت فيه عزمها تنفيذ عمليات عنف ضد مؤسسات الدولة ثأرًا لمقتله.
حدد المتحدث باسم الحركة صلاح الدين يوسف فى حديث له فى أغسطس 2017 مرجعية الحركة وعلاقتها بجماعة الإخوان، مؤكدا على أن الحركة تستقى أفكارها من سيد قطب وحسن البنا قيادات جماعة الإخوان وأبومصعب السورى وعبدالله عزام قيادات تنظيم القاعدة. وحدد أهداف الحركة فى إسقاط الدولة المصرية وعودة محمد مرسى للحكم، وأشار إلى أن الحركة تركز جهدها فى استهداف رجال الشرطة والجيش، وتستهدف رجال السلطة القضائية كرد فعل على الأحكام التى تصدر بحق قيادات الجماعة.
2- سواعد مصر.. «حسم»
هى حركة مسلحة خرجت من رحم الجماعة ونشرت بيانها الأول فى يناير 2014 ووصفت نفسها أنها حركة ثورية بالسويس، أكدت على أنها تتبع جميع الوسائل والأساليب فى الدفاع عن نفسها ضد الاعتقالات أو أى أعمال ضد مسيراتها، كانت النيابة العامة فى سبتمبر 2014 قامت باتهام أحمد رضوان المتحدث الإعلامى لحزب الحرية والعدالة المنحل بالتحريض والتورط فى أعمال عنف وتأسيس حركة حسم المتهمة بالاعتداء على قوات الشرطة بالسويس.
تركز الحركة عملياتها الإرهابية ضد قوات الأمن والشرطة بالإضافة على ذلك استهداف الشخصيات العامة والقضائية، منذ عام 2014 تبنت الحركة العديد من العمليات الإرهابية التى نفذتها تأتى أهمها فى أغسطس 2015 حينما تبنت محاولة اغتيال مفتى الجمهورية السابق فضيلة الشيخ على جمعة، وفى أكتوبر 2015 أصدرت الحركة بيانا تبنت فيه محاولة الاغتيال الفاشلة للنائب العام المساعد المستشار زكريا عبدالعزيز، مع نهاية 2016 تبنت الحركة مسؤولية تفجير بعبوة ناسفة استهدف حاجزاً شرطياً غربى القاهرة فيما عرف بهجوم كمين الهرم الإرهابى.
أدرجت مصر جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب عقب قيامها ببث الفوضى والرعب فى مصر، لذلك وضعت جميع الحركات المنبثقة عن الجماعة على قوائم الإرهاب، فيما قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، فبراير 2017، بحظر حركة حسم، فى ديسمبر 2017 أدرجت بريطانيا كلا من حركتى لواء الثورة وحسم على قوائم الإرهاب، فيما أدرجت الولايات المتحدة الحركتين على قوائم الإرهاب لاحقا فى فبراير 2018.
النموذج الرابع: الارتباط بالجماعات الإرهابية
تواردت التقارير عن أنه مع صعود الجماعات الإرهابية والإسلام السياسى فيما بعد 2011 كان هناك وجود العديد من التنسيقات بين تلك الجماعات المسلحة والإخوان خاصة فى مصر، فقد أكد مرسى على ضرورة الحفاظ على سلامة الخاطفين والمخطوفين أثناء عملية تحرير الجنود المختطفين فى رفح مايو 2013.
كان ثانى القرارات المخالفة للدستور والقانون التى أصدرها الرئيس المعزول محمد مرسى، هو القرار رقم 75 لسنة 2012، بالعفو الشامل عن 26 متهماً، وتخفيف العقوبة عن متهم واحد، وجميعهم كانوا متهمين بالاتفاق الجنائى والانضمام لجماعة محظورة، وهى القضية التى عرفت إعلامياً بقضية «التنظيم الدولى للإخوان».
اعترف القيادى فى جماعة الإخوان محمد البلتاجى ضمنياً بمسؤولية جماعته عن أحداث العنف التى تجرى فى شبه جزيرة سيناء، وقال البلتاجى «إن ما يحدث فى سيناء سيتوقف فى اللحظة التى سيتراجع فيها الجيش عما وصفه بالانقلاب وعودة مرسى إلى مهامه».
الإخوان فى صفوف داعش
مع تفاقم الأوضاع فى سوريا بعد 2011 ودخول البلاد فى معترك الحرب الأهلية بارك مرسى وهو فى سدة الحكم الجهاد فى سوريا، وذلك فى مؤتمر دعم سوريا باستاد القاهرة، وهو يعد دعوة لفتح باب الجهاد فى سوريا على غرار ما حدث إبان الحرب الأفغانية السوفيتية.
مع سقوط حكم مرسى وصعود تنظيم داعش، تواردت تقارير ميدانية عدة حول حالات انضمام كثير من شباب الإخوان إلى تنظيم داعش فى سوريا والعراق، كما كان إصدار حماة الشريعة دليلا على وجود أحد أبناء قيادات التنظيم عمر الديب، ضمن صفوف التنظيم فى سيناء.
عشماوى يخاطب الجماعة
خطاب الإرهابى هشام عشماوى جمهور جماعة الإخوان مطالبا إياهم بتبنى العنف فى مواجهة السلطات، بعد إزاحة مرسى من سدة الحكم، وطالبهم بضرورة التمسك بالسلاح فى مواجهة النظام، ففى إصدار (ولا تهنوا ولا تحزنوا) الذى أصدرته قناة المرابطون الإعلامية يقول:
«إن السلميةَ التى خضناها وإن كنا قد صمدنا فيها صمودًا معجزًا، لكنها أبدًا لن تحسم صراع الحق مع الباطل، فقد آن لنا أيها الأحبة أن نمسك بزمام المبادرةِ وأن نخوض المعركةَ الحاسمة، معركةَ البأس الشديد لا بد أن نُذيقهم بأسنا وشدتَنا، لا بد أن يعلموا أن مرحلة (فاعفوا واصفحوا) قد انتهت، وأنها لم تكن الوصف والحل الحقيقى للصراع».
ودعا عشماوى فى نهاية الإصدار إلى ضرورة استهداف رجال الجيش والشرطة، وبين عشماوى طرق تواصل الأفراد مع التنظيم سواء للإعلان عن هجمات فردية أو للانضمام للتنظيم.