أطباء نفسيون: الضحايا يتعرضون لـ«كرب» واكتئاب.. وعلى الدولة دعمهم

كتب: محمد البحراوي الخميس 16-08-2018 02:39

أكد خبراء نفسيون أن أى ضحية من ضحايا الحوادث يجب معاملته بطريقة خاصة تتناسب مع وضعه الصحى والاجتماعى الذى أصبح عليه بعد الحادث، مشيرين إلى أن المجتمع عليه دور كبير فى هذا الأمر كما أن للدولة والحكومة دورا آخر لا يقل أهمية عن دور المجتمع نفسه.

وقال الدكتور هاشم بحرى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إن من يتعرض لحادث كبير يمر بمرحلة تسمى «كرب ما بعد الصدمة» وهى أزمة يتعرض بعدها الإنسان للقلق والاكتئاب سواء كان هذا الإنسان ضحية حادث طريق أو قطار أو ضحية حرب أو حادث سرقة، وفى هذه الحالة يحتاج المريض إلى علاج سريع يتمثل فى الأدوية ثم الدعم النفسى ثم يبدأ مرحلة إعادة التأهيل، ويجب أن يكون من نتائج هذا الحادث معرفة الضحية بكيفية التعامل مع المجتمع سواء على مستوى الأسرة أو العمل أو الأصدقاء ليصبح له دور فى الحياة مرة أخرى.

وأضاف: «هنا يأتى دور الدولة لمعرفة أسباب هذا الحادث لتلاشيه فى المرات الأخرى، لأن الوقاية خير من العلاج، فمثلاً فى بلجيكا وجدوا أن طرق السفر عليها كثير من الحوادث تسبب إصابات بالغة ووفيات للمسافرين، وتعالجهم الحكومة بمبالغ كبيرة، فحسبوا تكلفة إنارة الطرق فوجدوا أنها أقل مما تسببه الحوادث من خسائر فى البشر والمركبات فقرروا إنارة الطريق، ومنذ إنارتها انخفض معدل الحوادث بشكل كبير».

وتابع بحرى: «يجب أن تكون هناك حملات توعية مكثفة تنظمها الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى، لتوعية الناس بمخاطر الحوادث وأسبابها، وكيفية عبور المشاة للطريق لأن العابرين للطريق يتسببون فى كثير من الحوادث وليس بالضرورة أن يكون قائد المركبة هو سبب الحادث، والناس ستستجيب لهذه الحملات لأنهم المستفيدون منها، وعندما حدثت أزمة محلول الجفاف فى مصر ونظمت الحكومة حملة توعية كان لها مفعول السحر فى توعية الناس بالحقيقة وانتهت الأزمة عن طريق التوعية لأن الأمر كان يهم قطاعا كبيرا من المواطنين، ثقافة الناس هى التى تغير كل شيء فعندما تغرس فيهم مبادئ إيجابية معينة يقتنعون بها بشرط أن تكون حملات التوعية من خلال وسائل تصل إلى الناس مثل التليفزيون والمدرسة والشارع والمواصلات والمترو وغيرها، كلما زرعت فى الناس الوعى كلما تغيرت ثقافتهم وأصبحوا أكثر وعياً».

وأوضح: «التعاون بين الوزارات والمؤسسات وبعضها البعض، يصنع نتائج إيجابية مبهرة كأن تقوم وزارة الصحة بتقييم نتائج الحادث وتأثيراته على الضحية، وتقوم وزارة القوى العاملة بدورها فى خلق وظائف لهؤلاء الضحايا تتناسب مع المتغيرات التى طرأت على أوضاعهم النفسية والصحية وقوة تحملهم، وهذا الأمر موجود فى قانون يتعلق بذوى الاحتياجات الخاصة حيث تم تحديد نسبة 5% من الوظائف لهذه الشريحة من المصريين، وتقوم وزارة التضامن الاجتماعى بدورها بتحسين الوضع الاجتماعى لهؤلاء الضحايا، لو تابعنا ضحايا الحوادث فى الولايات المتحدة الأمريكية سنجد أنهم قدوة هذا المجتمع المتقدم، حيث يخرجون فى الإعلام والندوات واللقاءات العامة ويشرحون للناس كيف تعرضوا للحادث، وكيف تعاملوا معه ومع الأضرار التى وقعت عليهم وكيف حصلوا على حقوقهم، وهنا يستفيد الجمهور من حديث هؤلاء الأشخاص لتفادى أسباب الحوادث والحصول على حقوقهم إذا تعرضوا لحادث وكيفية اندماجهم فى المجتمع مرة أخرى رغم ما لحق بهم من أضرار جسدية ونفسية كبيرة، وفى مصر لابد أن تقوم وزارتا الصحة والشباب والرياضة بدور فاعل فى إعادة تأهيل ضحايا الحوادث».

من جانبه قال الدكتور، إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسى، إن أى شخص يصاب فى حادث سواء سيارة أو قطار، وتعرض لإعاقة جسدية كالغرغرينة التى ينتج عنها بتر أى طرف من الأطراف، يصاب الضحية بعدها بما يسمى «الإنكار» أى أنه لا يصدق ما حدث له ويرفض الاعتراف بالواقع، ثم يصاب بالصدمة التى تتبعها حالة من الغضب الشديد، ثم يدخل الضحية فى مرحلة من الاكتئاب والتخبط وهذه مرحلة فارقة فى حياة أى ضحية، ولابد من الدعم النفسى الكبير لهذه الضحية فى هذا التوقيت، وفى حالة عدم تقديم الدعم النفسى قد يُقِدم الضحية على الانتحار أو أذى نفسه، وهناك جهات عديدة يجب عليها العمل فى منظومة واحدة لتقديم الدعم لضحايا حوادث الطرق، مثل وزارة الصحة التى تقدم العلاج الطبيعى والأطراف الصناعية للضحايا وكذلك تعالجهم نفسياً لعبور هذه المرحلة بسلام، وكذلك وزارات القوى العاملة والتضامن الاجتماعى التى يجب عليها توفير عمل مناسب للضحية للمساهمة فى إعادة دمجه فى المجتمع من جديد.

وأضاف: «كثير من ضحايا الحوادث يفقدون مصدر رزقهم والتأمين الذى يحصل عليه مبلغ هزيل لا يساعده على الوفاء بمتطلبات حياته والإنفاق على أسرته، ويجب معالجة هذه الأمور بشكل عاجل خصوصاً أن مصر تسجل أعلى نسب حوادث فى العالم، كما أن المؤسسات والشركات التى يعمل بها هؤلاء الضحايا عليها دور كبير يتمثل فى عدم تغيير نظرتها تجاه هؤلاء الناس وعدم الاستغناء عن خدماتهم الوظيفية، عليها أن تجد عملاً مناسباً لهم فى إطار المنظومة التى يعملون فيها، ما تفعله كثير من الشركات بإبعاد هؤلاء الضحايا عن عملهم والنظر إليهم على أنهم أصبحوا عبئاً على هذه المؤسسات هى عمليات تدمير لنفسيتهم».

وتابع: «أرى بعض ضحايا الحوادث ينفصلون عن زوجاتهم وتتفكك أسرهم رغم زواج استمر سنوات طوال بسبب الدمار الذى لحق بأجسادهم ومعنوياتهم، وبما أن 2018 هو عام ذوى الإعاقة، على الدولة أن تقدم لهم تشريعات تحميهم وتفعيلا حقيقيا لهذه القوانين، وإيجاد وظائف بديلة لهم تتناسب مع ظروفهم وبما يحقق حياة جيدة لهؤلاء الضحايا».