جماعة الإخوان الإرهابية لها ألف وجه ووجه، وهى رأس الأفعى للتنظيمات الإرهابية التى تتحالف مع الشيطان لتحقيق أهدافها السلطوية، وتتلون وفق ما تقتضيه مصلحتها.. هكذا تحدث الدكتور محمد مختار جمعة، فى حواره لـ«المصرى اليوم»، الذى شدد خلاله على أن الجماعة الإرهابية أشبه ما يكون بالثعابين والحيات، وأنها مهما حاولت تغيير جلدها فلن يستطيع أحد أن ينكر شرها.
وكشف عن مخاطر إيواء الإخوان وسر العلاقة بينهم وبين داعش، معربا عن تقديره لدور الجيش والشرطة فى العبور بمصر إلى بر الأمان.
وأكد أن أى إنسان يحرض على بلده سواء كان تحريضًا علنيًا أو خبيثا عبر مواقع التواصل خائن لدينه ووطنه معًا، وأن من يؤوى الإرهابيين أو يدعمهم سيكتوى بنارهم لأنهم عصابة مستأجرة لمن يمولها ويدفع لها أكثر.. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية ما أهم الموضوعات التى تمت مناقشتها خلال اللقاء الأخير مع الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
شرفت بلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ عدة أيام، حيث يولى أهمية خاصة بقضية «تجديد الخطاب الدينى» بهدف تحقيق الفهم الصحيح لمقاصد الدين ونشر المفاهيم الدينية الصحيحة ومواجهة تيارات التطرف والتشدد الدينى، وتم خلال اللقاء أيضا استعراض خطة وزارة الأوقاف فى مجال تجديد الخطاب الدينى من حيث التركيز على فهم المقاصد الدينية الصحيحة للشرع الحنيف وفهم جوهر الإسلام وتفكيك الفكر المتطرف والتصدى للأفكار الهدامة ودحضها، من خلال الخطب والدروس الدينية والندوات والنشر والترجمة مع التركيز على برامج التدريب.
وتم خلال اللقاء مناقشة وبحث سبل تطوير وتحديث منظومة الأوقاف وإنشاء صندوق «الأوقاف الاستثمارى» بقيمة 3 مليارات جنيه ترتفع إلى 10 مليارات جنيه خلال عامين ليكون الذراع الاستثمارية الأهم للأوقاف عبر تاريخها.
■ نلاحظ تركيز وزارة الأوقاف على عمل مراكز الثقافة الإسلامية، فما أحدث هذه المراكز التى سيتم افتتاحها مستقبلا؟
- بالطبع نحن نهتم جيدا بكافة محافظات الجمهورية ولكن هناك بعض المحافظات التى لها أهمية خاصة منها محافظة شمال سيناء، ولذلك سيتم افتتاح ثلاثة مراكز ثقافة إسلامية بمحافظة شمال سيناء خلال العام الحالى أحدها فى شمال المحافظة بمدينة العريش والثانى بوسط سيناء بمنطقة الحسنة والثالث بجنوب المحافظة بمنطقة بئر العبد حتى تتم تغطية المحافظة بصورة شاملة لنشر المفاهيم الدينية الصحيحة ومواجهة الفكر المتطرف.
■ ما الهدف من إنشاء هذه المراكز؟
- الهدف من إنشاء هذه المراكز الثقافية الجديدة بمحافظة شمال سيناء أنها ستكون بمثابة مراكز إشعاع ثقافى وفكر مستنير لنشر صحيح الإسلام وتصحيح المفاهيم الخاطئة، إضافة إلى ما يصاحب هذه المراكز من مدارس علمية ومدارس قرآنية وفصول محو الأمية، وندوات ومحاضرات عامة وقوافل لكبار الأساتذة ومكتبة متنقلة بكل مركز.
■ تهتم وزارة الأوقاف ببرامج مكثفة لتدريب الأئمة والارتقاء بمستواهم الدعوى، فما الجديد فى هذا المجال؟
- انطلاقا من اهتمام وزارة الأوقاف بتدريب وتأهيل الأئمة على أعلى مستوى من التأهيل وفى ضوء توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتوفير كل الإمكانات اللازمة لتدريب وتأهيل الأئمة بما يسهم فى صقل مهاراتهم وقدرتهم على التعامل مع القضايا والمستجدات العصرية بفهم ثاقب مستنير من خلال إلمامهم الوافى بعلوم العصر، إضافة إلى علوم الشريعة واللغة العربية، انتهت وزارة الأوقاف بالفعل من تأهيل المبنى الجديد للأكاديمية العالمية لتدريب الأئمة وهو صرح معمارى حضارى هائل بمدينة 6 أكتوبر يضم معملا للغات، وآخر للحاسب الآلى، وعددًا كبيرًا من قاعات المحاضرات، وقاعة عامة مجهزة على أحدث مستوى عصرى بما فى ذلك الترجمة الفورية، إضافة إلى أماكن متميزة لإقامة الدارسين على أن يتم افتتاح هذه الأكاديمية فى شهر أكتوبر المقبل.
وأؤكد أن وزارة الأوقاف لن تضن على تأهيل جميع العاملين بها على أعلى مستوى مهما كانت تكلفة هذا التدريب داخليًّا وخارجيًّا، وأن الوزارة فى ضوء ما تحققه من تعظيم مواردها الذاتية ستتوسع توسعًا كبيرًا فى هذا المجال، وفى مجال نشر الفكر المستنير داخل مصر وخارجها فى ضوء دور مصر الريادى فى نشر سماحة الإسلام ومواجهة الفكر المتطرف وتفكيك مقولات المتطرفين.
وتم تكليف الدكتور محمد إبراهيم حامد، مدير عام التدريب، بتسيير أعمال المدير الإدارى للأكاديمية إلى جانب عمله لحين اكتمال الهيكل التنظيمى لها وتشكيل مجلس أمنائها الذى سيضم عددًا من أساتذة الجامعة المتخصصين فى علوم الشريعة واللغة العربية وعلم النفس وعلم الاجتماع والحاسب الآلى واللغات الأجنبية وبعض المفكرين، علمًا بأن أنشطة الأكاديمية ستتجاوز المحلية إلى العالمية باستقبال الأئمة من مختلف دول العالم وإقامة دورات تدريبية فى مختلف دول العالم لأئمة الدولة الراغبة فى الاستفادة من التجربة المصرية فى مجال تدريب الأئمة، وسيتم تمويل جميع أنشطة الأكاديمية من الموارد الذاتية للوزارة.
■ وهل سيقتصر دور هذه الأكاديمية على تدريب الأئمة المصريين فقط؟
- لن يقتصر دور الأكاديمية على تدريب الأئمة المصريين فقط وإنما سيشمل تدريب مختلف الأئمة الراغبين فى الحصول على هذه الدورات التدريبية على مستوى العالم.
■ نريد أن تحدثنا عن خطر الفكر المتطرف والجماعات المتطرفة؟
- الفكر المتطرف والجماعات المتطرفة خطر على الدين والدولة معًا، أولًا هم خطر على الدين لأنهم يشوهون صورة الدين الصحيح بأعمالهم الإجرامية من استحلال الدماء وأعمال التخريب والفساد والإفساد تحت ستار الدين والدين منهم براء، حيث يقول الحق سبحانه: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «يَخْرُجُ قَوْمٌ فِى آخِرِ الزَّمَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ أَحْدَاثٌ أَوْ قَالَ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ النَّاسِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَمَنْ أَدْرَكَهُمْ فَلْيَقْتُلْهُمْ فَإِنَّ فِى قَتْلِهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ»، وهذه الجماعات خطر على الدول لأنها لا تؤمن بوطن ولا بدولة وطنية. مع أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، فكل ما يقوى بناء الدولة الوطنية ويؤدى إلى أمنها واستقرارها وتقدمها هو من صميم مقاصد الأديان، وكل ما يؤدى إلى الإفساد والتخريب وهدم الدول وزعزعة استقرارها لا علاقة له بالإسلام ولا بالأديان، فالأديان من التخريب والإفساد براء.
■ ما أخطر هذه الجماعات من وجهة نظركم؟
- أخطر هذه الجماعات ورأس الأفعى فيها هى جماعة الإخوان الإرهابية وما تفرع عنها أو تحالف معها من التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها داعش والقاعدة، فكل هذه الجماعات جماعات تتاجر بدين الله وهو منها ومن أفعالها براء.
■ هل ترى علاقة بين الإخوان والجماعات المتطرفة الأخرى؟
- نعم هم فى خندق واحد، فهذه الجماعة الإرهابية على استعداد للتحالف مع الشيطان لتحقيق أهدافها السلطوية، وهى صنيعة استعمارية فى الأصل، فمن زرعوا الكيان الصهيونى فى قلب منطقتنا لتفتيتها وتمزيق دولها، هم من عملوا على تكوين هذه الجماعة الإرهابية لتكون ظهيرًا مساندًا لتحقيق أهداف الكيان الصهيونى، عدو ظاهر يضرب فى الوجه هو العدو الصهيونى والآخر يضرب ويطعن فى الظهر، وهو هذه الجماعة العميلة المأجورة، وطعن الظهر أشد وأنكى.
■ ماذا عن تلون الجماعة وتبديل جلودها؟
- جماعة الإخوان الإرهابية ليس لها وجه واحد، بل إن لها ألف وجه ووجه، تتلون وفق ما تقتضيه مصلحتها، مستحلة الكذب والخداع والمراوغة، والأكثر سوءًا أنهم يعدون كل هذه الرذائل التى لا تمت للأديان أو الأخلاق بصلة دينًا يتعبدون إلى الله (عزّوجلّ) به طالما أنه يحقق مصلحة الجماعة فى سبيل التمكين السلطوى الذى تسعى إليه، وكلما علت درجة العضو فى الجماعة كلما اتسع نطاق الاستحلال والكذب والخداع والمراوغة لديه، فكبيرهم فى التنظيم لابد أن يكون كبيرهم فى العمل على تحقيق مصلحة الجماعة بأى وسيلة وكل وسيلة، بل إنه لا يكاد يصل إلى هذه المكانة إلا بأحد أمرين: أحدهما الوراثة، والآخر الوصولية والمزايدة فى تنفيذ ما تتطلبه مصلحة الجماعة، وإن خالف الشرع وتطلب سفك الدماء، أو الإفساد والتخريب.
ولا يستطيع أحد أن ينكر شر هذه الجماعة الإرهابية، فمهما حاولت تغيير جلودها فهى أشبه ما يكون بالثعابين والحيات، بل إنها فاقت الثعابين حين تغير جلودها، فأعضاؤها يجيدون التلون والخداع، ويماسحون مماسحة الثعبان، ويمكرون مكر الثعلب، فى صغار وهوان، ونفوس مريضة، وبعضهم قد يتقن ذلك لدرجة يصعب تمييزها، بل قد تظهرهم على عكس ما يبطنون من الحقد والغل على المجتمع وأهله، وبعض هؤلاء لا يميزهم إلا أصحاب القلوب البصيرة، والعقول الواعية، والفكر المستنير، وبعضهم قد يستعصى كشفه حتى على هؤلاء، لأنهم مردوا على النفاق حتى صار لهم طبعًا وسجية، لأن من يستحلون دماء مخالفيهم وأموالهم لا يمكن أن يعدوا الكذب عندهم حرامًا وإن تفننوا له فى ألف اسم واسم، وهو ما تنتهجه كل الجماعات الإرهابية وصار منهجًا واضحًا للجماعة الأم المعروفة بجماعة الإخوان، ولا سيما على مستوى القيادات والمنظرين والأعضاء الرسميين ومن يسير فى ركابهم ممن يعرفون بالموالين الذين استطاعوا خداعهم وغسل عقولهم، مما يتطلب منا جميعًا كشف ما تنطوى عليه هذه الجماعة من نفاق وشر، وبيان حقيقتها المراوغة، لا ينخدع بها العامة والدهماء، وحتى لا تتمكن مرة أخرى من تجنيد من ينخدعون بمتاجرتها الكاذبة بدين الله عز وجلّ.
■ كيف نحمى الشباب ومجتمعنا من التطرف من وجهة نظرك؟
- من خلال تصحيح المفاهيم الخاطئة، ونشر الفكر الوسطى الصحيح من خلال الخطب والدروس والندوات، والمحاضرات والإصدارات العلمية وتكثيف برامج التدريب للأئمة والخطباء على أيدى العلماء الوسطيين، وبرامج الإعلام الرشيد.
■ بهذه المناسبة ماذا عن دور وسائل الإعلام؟
- لا شك أن على الإعلام الوطنى دورًا مهماً ورسالة مهمة من خلال تبنى رؤى الإعلام الوسطى، ومن خلال محاربة الشائعات، وعدم نشر أخبار إلا بعد التحقق منها، وفى هذا المجال أؤكد أهمية الخطاب الإعلامى الرشيد، فلا يمكن لأحد أن ينكر دور الإعلام الرشيد فى بناء المجتمعات والدول بصفة عامة وبناء الفكر الرشيد بصفة خاصة، كما لا يمكن لأحد أن يتجاهل خطر استخدام بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل فى العمل على هدم الدول أو إفشالها، خاصة من تلك المنظمات أو الدول الراعية للإرهاب، وإذا كان لكل شىء قيمه وضوابطه ومواثيق شرفه فإن الإعلام الدينى يجب أن يكون فى المقدمة من ذلك كله، لطبيعته الخاصة، ولكونه أحد أهم المكونات الثقافية للمجتمع، ولكونه أحد أهم عوامل التواصل فى الخطاب الدينى من جهة الانتشار على أقل تقدير.
■ ماذا عن خطورة الكيانات الاقتصادية للإخوان؟
- لا شك أن هذه الجماعة ما دخلت فى شىء إلا أفسدته، وعملت على توظيفه لخدمة أغراضها ومصالحها، ولا سيما سلاح المال سواء من خلال سطوها على بعض الجمعيات وتوظيف أموالها وتبرعاتها لمصلحة الجماعة، أم من خلال جمع التبرعات تحت غطاء العمل الاجتماعى وتوظيفها لصالح الجماعة وعناصرها وتنفيذ عملياتها الإجرامية. وإذا كانت جماعة الإخوان الإرهابية قد سقطت سقوطًا ذريعًا مدويًّا سياسيًًّا ومجتمعيًّا وأفلست فكريًّا فإن هناك جانبًا هامًّا تستميت قيادات الجماعة وعناصرها فى الحفاظ عليه، وهو البناء الاقتصادى والمالى للجماعة، وهو ما يمكن أن يطلق عليه دولة الإخوان الاقتصادية، وهى التى لا تقل خطرًا عن الجانب السياسى، لأنها هى الرابط الذى يربط أعضاء وعناصر الجماعة الإرهابية برباط نفعى وثيق من خلال شراء أصحاب النفوس الضعيفة، والتركيز على المهمشين أو المحرومين أو الأكثر احتياجًا وحتى تجاوزهم إلى غيرهم من طالبى وراغبى الثراء بأى وسيلة حتى لو كانت غير مشروعة أو مدمرة، إضافة إلى خطورة توظيف هذا المال فى العمليات الإرهابية.
وقد قامت جماعة الإخوان بعمليات سطو واسعة النطاق على كثير من الجمعيات وتوظيفها لخدمة أغراضها، مع ما تتلقاه من أموال تحت مسمى التبرعات وتوظيفها لصالح الجماعة.
ولهم منظومة اقتصادية أشبه ما تكون بالفكر الصهيونى، بحيث إذا تاجر أحدهم فى سلعة حيوية أُلزم أعضاء الجماعة بالشراء منه، فأحدهم مثلاً فى تجارة الحديد والأسمنت، والآخر فى تجارة الأخشاب، وثالث فى الأدوات الصحية، ورابع فى الملابس، وخامس فى الأدوات المكتبية والهدايا، فهم لا يؤمنون بالتكامل المجتمعى الشامل، إنما يقسمون المجتمع إلى قسمين، الأول: وهو الأولى بالرعاية والعناية والاهتمام وهم عناصر الجماعة، والآخر: عامة الناس، وهم فى نظرهم ما بين فاسق، أو كافر، أو منافق، أو عميل، أو رقيق الإيمان، أو غير ملتزم، أو غير تابع لهم أو ناقص الأهلية الشرعية، لأنهم يزعمون أنهم جماعة الله المختارة وأنهم الفـرقـة الناجية وغيرهم فى الإحدى وسبعـين فرقة الأخرى.
وعلى الجملة فإن غير المنتمين للجماعة فى نظرهم وتصنيفهم أناس من الدرجة الثانية، إذ يصنفون كل من لم ينضم للجماعة على أنه إما ناقص الدين أو فاقده، ويربون عناصرهم على ذلك.
وقد عمدوا إلى مجالات حيوية مثل شركات الصرافة، والخدمات الطبية، والمدارس الخاصة، مع إنشاء مجموعة من الشركات باسم بعض قيادات الجماعة لتكون غطاء لتلقى الأموال الخارجية أو استثمارها أو غسل أموال التبرعات، حيث كانوا يجمعون أموالاً تحت مسمى المساعدات لصالح القدس أو الشيشان أو البوسنة والهرسك أو الصومال، ثم توظف لصالح الجماعة وعناصرها.
ويجب أن نلفت النظر إلى مخاطر دولة الإخوان الإرهابية الاقتصادية التى تستخدم فى تمويل العمليات الإرهابية ودعم العناصر المتطرفة، مما يتطلب النظر وبجدية والتعامل بحسم مع هذا المال المشبوه، حتى لا يوظف فى الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أذى المواطنين أو الإساءة إلى صورة الإسلام والمسلمين، وعلى الجملة فإن هذا الاقتصاد الموازى أو تلك الدولة الاقتصادية للإخوان تعد خطرًا على الأمن القومى، بل على أمن وسلام الإنسانية، لأن تلك الجماعة كالحرباء لا تعرف دينًا ولا وطنية ولا وفاءً لأحد، فصديق اليوم لديها عدوّ الغد، لا يربطها بأحد سوى ما تحققه من خلاله من مصالح عاجلة، وإلا فله منها الويل والثبور وعظائم الأمور.
■ ماذا عن الدول الداعمة للإرهاب واحتضانها للإرهابيين؟
- هنا أمران: الأول: تلك الدول التى تحتضن الإخوان، لتستخدمهم فى خدمة أهدافها وأغراضها، وتحقيق مطامعها فى منطقتنا العربية، والعمل على تفكيكها وتفتيتها وتمزيقها لصالح قوى الشر الطامعة فى نفط منطقتنا وثرواتها وخيراتها ومقدراتها الاقتصادية والطبيعية. الثانى: هو تلك الدول أو القوى التى ربما لا تريد أن تدخل فى مواجهة صريحة مع الجماعة، أو لها حسابات خاطئة فى توازناتها السياسية، أو بها تيارات متعاطفة مع الجماعة، فتوهم مجتمعاتها بأنها تُسهم فى دفع المظلومية الكاذبة عن الجماعة أو أنها تتقى شرها، أو أن الوقت غير مناسب لمواجهتها، بما يضفى على الجماعة هالة لا تستحقها ولا هى عليها، لأنها جماعة خسيسة جبانة، لا تفى بعهد ولا بوعد، طبعها الغدر والخيانة والكذب، وسبيلها الميكافيلية الرهيبة المقيتة، فالغاية لديها تبرر كل الوسائل. وهنا نؤكد أن من يؤوى الإرهابيين أو يدعمهم أو يتستر عليهم فإنه سيكتوى لا محالة بنار هؤلاء الإرهابيين الذين لا عهد لهم ولا ذمة فهم عصابة مستأجرة لمن يمولها ويدفع لها أكثر، فلا خلاق لهم ولا دين ولا عهد ولا ذمة، لذلك فإنهم سيكونون وبالا على داعميهم إن اليوم وإن غدًا، وإن غدًا لناظره قريب.
■ هل الشائعات تدخل فى باب الكذب؟ وكيف نحصن شبابنا ومجتمعنا من خطر الشائعات والجماعات الإرهابية؟
- الشائعات ليس مجرد كذب، بل هو كذب متعمد، وافتراء ممنهج، يؤكد أن صاحبه لا دين له ولا خلق، وبث الشائعات إحدى وسائل حروب الجيل الرابع والجيل الخامس لتدمير المجتمعات من داخلها، من حيث التركيز على الإثارة وتشويه الرموز الوطنية والإنجازات الكبرى، والتهوين من شأنها، والتركيز على السخرية والتهكم، والعمل على نشر اليأس والإحباط وخلق الأزمات، وفق خطط مدروسة وممنهجة وممولة، وعلى شراء الذمم قبل المساحات الإلكترونية قائمة، حيث لا وازع من دين ولا خلق ولا وطنية ولا إنسانية لمروجيها. وهنا يجب العمل على محورين: الأول: محور تحصين شبابنا ومجتمعنا من أن يقع فريسة لهؤلاء، فعلينا أن نسابق الزمن فى كشف طبيعة هذه الجماعات وعناصرها وكتائبها الإلكترونية حتى لا يخدع بهم الشباب النقى، وأن نكشف ما تتسم به هذه الجماعات من احتراف الكذب والافتراء على الله (عزّ وجلّ) وعلى الناس، وأن نعمل على إشاعة قيمة الصدق وضرورة التحرى والتثبت من الأخبار، فليس كل ما يسمع ينقل أو يقال، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) « كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا، أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ »، ويقول الحق سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ». أما المحور الثانى فهو محور الحسم مع الجماعة الإرهابية وعناصرها المفسدة المخربة القاتلة سواء أكان ما تمارسه قتلا حسيًا باستهداف الآمنين والرموز الوطنية من خلال عملياتها الإرهابية التفجيرية التى لا تنقطع، أم كان القتل معنويًا من خلال استهداف الرموز والشخصيات الوطنية وبث الشائعات التى لا تنقطع حولها، والتهوين من إنجازاتها لإحباطها، والعمل على وضعها موضع السخرية والاستهزاء لتصغيرها والتقليل من شأنها وتجرئة العامة على النيل منها، أم كان ذلك بالتشكيك فى كل الإنجازات الهامة والمشروعات الكبرى لإحباط الناس وإصابتهم باليأس واللامبالاة، أو تحريكهم تجاه التمرد والعصيان، ولكن شعب مصر بحضارته العريقة الضاربة فى جذور التاريخ لأكثر من سبعة آلاف عام يدرك ما يخطط له الأعداء مستخدمًا جماعة الإخوان الإرهابية وكتائبها الإلكترونية مع ما يُقدم لها من دعم منقطع النظير من مخابرات الدول التى تهدف إلى إسقاط منطقتنا فى براثن الفوضى، مما يتطلب منا جميعًا اليقظة التامة لهذه المخططات الخبيثة، والتعامل بحسم مع الخونة والعملاء، وقطع أى يد تحاول أن تعبث بأمن هذا الوطن وأمانه أو أن تنال من ثوابته الوطنية أو تعمل على هدم بنيانه، على أن ذلك كله إنما يحتاج إلى تضافر الجهود ووعى شديد بما يخطط ويحاك لوطننا ومنطقتنا من أعدائنا المتربصين فى الخارج وعملائهم من الخونة والمأجورين بالداخل، مع إدراك أن جماعة الإخوان الإرهابية هى رأس الأفعى ومفتاح كل شر والحاضنة الكبرى لكل الجماعات الإرهابية، وأن القضاء عليها يعنى زلزلة أركان الجماعات الإرهابية كافة.
■ أكدتم على ضرورة فهم جوهر الإسلام ورسالته السمحة ماذا يعنى ذلك؟
- الإسلام عدل كله، رحمة كله، سماحة كله، تيسير كله، إنسانية كله، وأهل العلم قديمًا وحديثًا على أن كل ما يحقق هذه الغايات الكبرى هو من صميم الإسلام، وما يصطدم بها أو يتصادم معها إنما يتصادم مع الإسلام وغاياته ومقاصده. الإسلام دين مكارم الأخلاق، ورسالته أتت لإتمام هذه المكارم، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ»، فحيث يكون الصدق، والوفاء، والأمانة، والبر، وصلة الرحم، والجود، والكرم، والنجدة، والشهامة، والمروءة، وكف الأذى عن الناس، وإماطة الأذى عن الطريق، وإغاثة الملهوف، ونجدة المستغيث، وتفريج كروب المكروبين، يكون صحيح الإسلام ومقصده، وحيث تجد الكذب، والغدر، والخيانة، وخلف الوعد، وقطيعة الأرحام، والفجور فى الخصومة، والأثرة، والأنانية، وضيق الصدر، فانفض يدك ممن يتصف بهذه الصفات ومن تدينهم الشكلى، واعلم أنهم عبء ثقيل على الدين الذين يحسبون أنفسهم عليه، لأنهم بهذه الأخلاق وتلك الصفات منفرون غير مبشرين، صادون عن دين الحق لا دعاة إليه، وإن زعموا عكس ذلك وأقسموا واجتهدوا، فلا خير فيهم ولا وزن لقسمهم، وإن أعجبك قولهم وأدهشتك بلاغتهم فتذكر قول الله تعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ».
إن الإسلام دين العمل والإنتاج والإتقان ونفع البشرية، فحيث يكون العمل والإنتاج والإتقان ونفع البشرية يكون التطبيق العملى لمنهج الإسلام، وحيث تكون البطالة والكسل والتخلف عن ركب الحضارة فكبر على من يتصف بذلك أربعًا، وإن تسمى بأسماء المسلمين وحسب نفسه عليهم، فهو عبء على دين الله (عز وجل) وعالة على خلقه.
وأهل العلم والفقه فى القديم والحديث على أن المقاصد العليا للشريعة تدور فى جملتها حول تحقيق مصالح العباد، فحيث تكون المصلحة فثمة شرع الله (عز وجل).
وعلى الجملة فإن فهم جوهر الإسلام، ومعرفة أسرار رسالته السمحة، والوقوف على مقاصده وغاياته السامية، وتطبيق ذلك كله فى ضوء مستجدات العصر ومتطلباته، يعد ضرورة ملحة لمواجهة التحديات المعاصرة، وكبح جماح الجماعات الإرهابية والمتطرفة، ومحاصرة الفكر المتطرف، وكسر دوائر التحجر والجمود والانغلاق وسوء الفهم وضيق الأفق، والخروج من هذا الضيق إلى عالم أرحب وأوسع وأيسر، وأكثر نضجًا ووعيًّا، وبصرًا وبصيرة، وتحقيقا لمصالح البلاد والعباد، ونشر القيم الإنسانية الراقية التى تحقق أمن وأمان وسلام واستقرار وسعادة الإنسانية جمعاء، فخير الناس أنفعهم للناس، وما استحق أن يولد من عاش لنفسه.
■ ما تقديركم لدور الجيش والشرطة فى حماية الوطن ودحر العناصر الإرهابية؟
- ليس مجاملة، ولا مجال لها فى العمل الوطنى، والقضايا الوطنية، ومصالح الأوطان، إنما هى الحقيقة المحضة الساطعة سطوع ضوء الشمس فى رابعة النهار، فبنظرة عامة إلى ما يدور من أحداث فى بعض دول المنطقة ندرك قيمة وعظمة ما سطره الجيش المصرى العظيم من بطولات وفداء بدماء بعض أبنائه المخلصين الذين استعذبوا الشهادة فى سبيل الله والوطن، مقبلين غير مدبرين، لا يألون على شىء سوى مصلحة وطنهم، لا يهابون الموت ولا يخشونه، فقد ضربوا أروع المثل فى البطولة والفداء، أقسموا قسم الولاء للوطن، فإما حياة تسر الصديق، وإما ممات يغيظ العدا، فأخذت عناصر الإرهاب تندحر أمام بسالتهم، وآخرها اندحار هذه العناصر الإرهابية أمام تلك العملية الشاملة 2018م التى أذلت الإرهابيين ودكت تحصيناتهم، وزلزلت كيانهم، وبثت الرعب فى قلوبهم. وعلينا أن ندرك أن أكثر الدول التى ضربها الإرهاب لم تستطع لعقود التخلص من آثاره المدمرة أو القضاء عليه قضاء مبرما مع ما تكبدته من خسائر مادية تقدر بمئات المليارات وربما تجاوزتها إلى ما هو أكثر من ذلك، وأفقدها ما كانت تتمتع به من أمن واستقرار ومكانة دولية، مما يجعل كل وطنى شريف يدرك ويقدر حجم ما قام به جيشنا الوطنى العظيم وشرطتنا الوطنية الباسلة، فتحية لقواتنا المسلحة الباسلة، وتحية لشرطتنا الوطنية الباسلة، وتحيا مصر عزيزة أبية محفوظة بحفظ من قال فى كتابه العزيز: «ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ».
■ ماذا عن استعدادات الوزارة لتوعية الحجاج لهذا العام؟
- من خلال الدور المهم الذى تلعبه وزارة الأوقاف من حيث التوعية الدينية والتثقيفية، ونشر الفكر الوسطى المستنير، ومن ذلك تخصيص بعض الخطب والدروس والندوات للحديث عن الحج، وتكليف (40) إمامًا لتوعية الحجيج فى الموانئ والمطارات لهذا العام 1439 هــ ــ 2018م، بمطار القاهرة، وبرج العرب، والصالة المغطاة بمدينة السويس ومطار الغردقة، ومطار الأقصر على مدار الساعة، وذلك بخلاف الأئمة المرافقين لبعثة الحجاج هذا العام، وعددهم (60) إمامًا من المميزين بوزارة الأوقاف، إضاقة إلى المشاركة فى بعض البرامج الإسلامية للتوعية بالحج وأحكامه، ونشر كتاب التيسير فى الحج.
■ ماذا عن خطة التوعية الصيفية؟ والمدارس العلمية والقرآنية ومكاتب التحفيظ، وما تمت إضافته لذلك فى هذا العام؟
- قامت الوزارة بعمل عدة أنشطة وفاعليات على مستوى الجمهورية على النحو التالى: تسيير القوافل الدعوية إلى مناطق «حلايب وشلاتين وأبورماد» التابعة لمديرية أوقاف البحر الأحمر وذلك للقيام بواجب التوعية الدينية لأبناء هذه المناطق لكونها ذات طبيعة خاصة، وأداء خطبة الجمعة، وتتكون القافلة من خمسة من الأئمة المتميزين من المديريات المختلفة كل ثمانية عشر يومًا، كما تم تنشيط واعتماد (94) مدرسة علمية بالمساجد الكبرى على مستوى المديريات الإقليمية، لتدريس خمسة من أصول الكتب الإسلامية بأسلوب سهل وميسر، لربط الناس بالعلم الأصيل، ويقوم بتدريس تلك الكتب علماء متخصصون فى العلوم الشرعية، كما تقوم الوزارة بتسيير قوافل أسبوعية إلى محافظات الوجه القبلى والقاهرة الكبرى، وتتكون القافلة من عشرة أئمة متميزين للتوعية وأداء خطبة الجمعة، ومحاورة الجماهير فى مختلف القضايا المستجدة على الساحة الفكرية والدينية، بواقع ثلاثة من شباب العلماء والقيادات بالديوان العام، وخمسة من الأئمة المتميزين بالمديرية المتجهة إليها القافلة، وإمامين من المديرية المجاورة لها. بالإضافة إلى القوافل الأسبوعية إلى منطقة «وادى النطرون بالبحيرة» وتتكون القافلة من خمسة علماء من مديريات القاهرة الكبرى للتوعية وأداء خطبة الجمعة، وتلقى استفسارات المواطنين لكل ما يدور فى أذهانهم. كما تقام ندوات دينية تثقيفية لمناقشة القضايا المستجدة على الساحة، يحاضر فيها نخبة متميزة من العلماء وممن لهم صيت ذائع فى حقل الدعوة الإسلامية، أسبوعيًا، وذلك كل أسبوع فى مسجد من المساجد الكبرى. كما تم تفعيل (255) مدرسة بالمساجد الجامعة ذات الأنشطة المتنوعة بكل المحافظات، بهدف زيادة التوعية الدينية لدى عموم الناس وربط الجماهير بالمساجد عن طريق الأنشطة الكثيرة. بالإضافة إلى تحديث عمل الواعظات فى فصل الصيف بإلقاء الدروس والمواعظ والإجابة عما يدور بأذهان النساء من أسئلة خاصة بهم بالمساجد فى فصل الصيف، ووصل العدد (390) درسًا أسبوعيًا بمعظم مساجد الجمهورية. هذا إلى جانب (320) مدرسة لتربية النشء على القيم الإسلامية السمحة، والتربية النبوية حفاظًا على عقولهم من الأفكار الوافدة والواردة، ومن لا خلاق لهم، بالإضافة إلى تعليمهم القرآن الكريم وأحكامه بطريقة سهلة ومبسطة. أما الجديد فى هذا العام: فقد تم إضافة (101) مدرسة قرآنية، كذلك تم إضافة عدد (205) مكاتب لتحفيظ القرآن الكريم.