انتفاضة روسية لـ«إسقاط» بوتين بعد فوز حزبه بالأغلبية البرلمانية

كتب: غادة حمدي, وكالات الثلاثاء 06-12-2011 17:50

بعد يوم من إعلان فوز حزب «روسيا الموحدة» الحاكم بزعامة رئيس الوزراء الروسى فلاديمير بوتين بأغلبية ضئيلة فى الانتخابات البرلمانية التى يرى مراقبون أنها شابتها أعمال تزوير، اندفع الآلاف من المواطنين الروس إلى شوارع مدينتى موسكو وسان بطرسبرج، معلنين احتجاجهم على نتائج الانتخابات، فيما اعتقلت الشرطة المئات من المتظاهرين.

وتجمع نحو 10 آلاف شخص (بحسب المنظمين) وألفان (بحسب الشرطة) تحت الأمطار الغزيرة فى موسكو، وتركز غضبهم على بوتين الذى ظل فى السلطة لما يقرب من 12 عاماً والذى يستعد للعودة إلى الكرملين فى انتخابات مارس 2012 الرئاسية، حيث رددوا هتافات مثل «روسيا دون بوتين» و«ثورة.. ثورة» و«يسقط بوتين»، واصفين الحزب الحاكم بأنه «حزب اللصوص والمحتالين»، مطالبين بإجراء انتخابات «نزيهة»، بينما اندفعت قوات مكافحة الشغب لفض المظاهرة التى تعد الأكبر التى تشهدها العاصمة منذ تسعينيات القرن الماضى، واشتبكت مع المتظاهرين واعتقلت ما يزيد على 300 منهم، بينهم المدون المناهض للفساد ألكسى نافالنى والمعارض للكرملين إليا ياشين الذى لم تسمح له السلطات بالترشح فى الانتخابات، فيما اعتقلت قوات الأمن حوالى 100 شخص فى مدينة سان بطرسبرج بتهمة تنظيم مظاهرة دون الحصول على تصريح مسبق.

وفى إطار حالة استنفار مشددة، أرسلت قوات خاصة من وزارة الداخلية إلى موسكو «لتوفير الأمن» كما أعلن مسؤول فى الوزارة، بينما وجهت المعارضة الروسية اتهامات شديدة للشرطة عقب إلقائها القبض على متظاهرين، قائلة إن الشرطة لم تسمح للمحامين برؤية المعتقلين، فيما طالبت منظمة العفو الدولية بإطلاق سراح المعتقلين فوراً. ويواجه قادة للمعارضة من منظمى المظاهرة الحبس لمدة 15يوماً بتهمة المقاومة المزعومة للشرطة. من جهتها، لمحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون الثلاثاء إلى أن الانتخابات الروسية لم تكن حرة ولا نزيهة، فى كلمة لها أمام اجتماع أمنى أوروبى، حيث تحدثت عن «بواعث قلق خطيرة» بشأن الانتخابات فى روسيا، فيما أعرب الزعيم السوفيتى السابق ميخائيل جورباتشوف عن عدم ارتياحه لنتائج الانتخابات، قائلا: «نحتاج تغيير النظام السياسى».

وقد منى «روسيا الموحدة» بنكسة فى الانتخابات، لكنه يحتفظ مع ذلك بغالبية فى الدوما (مجلس النواب)، حيث إنه حصل على 238 مقعداً من أصل 450 - أى 12مقعدا أكثر من الغالبية المطلقة - لذلك لن يكون الحزب بحاجة لأى تحالف لتشكيل الحكومة، لكن تلك النتيجة تظهر تراجعاً بحوالى 15نقطة مقارنة بنتائج انتخابات 2007 (64.3%).

وبينما قال قادة «روسيا الموحدة» إن شعبية حزبهم المرتفعة نسبياً مقارنة بمنافسيه تمثل «نجاحاً»، عارضت وسائل الإعلام المعارضة فى روسيا وجهة نظر الحزب، قائلة إن «روسيا الموحدة» استغل سيطرته التى تكاد تكون كاملة على وسائل الإعلام لحشد الدعم، وأنه فى بعض الحالات لجأ العاملون فى الحزب لتزوير الأصوات من أجل استعادة الحزب السيطرة على البرلمان. ورأى الخبير السياسى الروسى بوريس ميجويف أن «الانتخابات تحولت عملياً إلى استفتاء ضد روسيا الموحدة»، لكن الخبير السياسى يفجينى فولك من «صندوق يلتسين» خفف من أهمية تراجع حزب بوتين، قائلاً إن «روسيا الموحدة لم يعد يملك الغالبية التى تخوله تغيير الدستور، لكن الأمر ليس خطيراً (...) فما كانوا يريدون تغييره فى الدستور قاموا بتغييره فعلا».

ورأى المحلل ألكسندر جولتز، على موقع «إيدجى. رو» أن الناخبين الروس «خدعوا» أثناء «هذه المحاكاة للتعبير عن الرغبة الشعبية»، وقال إن بوتين «أثبت مرة أخرى أنه هو الذى يقرر كل شىء». ولعل «الحزب الشيوعى» الروسى كان الفائز الأكبر فى الانتخابات التى تتزامن مع الذكرى الـ20 لانهيار الاتحاد السوفيتى، فـ«الحمر» فى روسيا استطاعوا زيادة تمثيلهم فى مجلس «الدوما» إلى 92 مقعداً، الأمر الذى عزاه طونى هابلين، مراسل صحيفة «تايمز» فى موسكو، إلى رغبة الناخبين فى التعبير عن معارضتهم للحزب الحاكم أكثر من تأييدهم لأيديولوجيات الشيوعيين أو رغبتهم فى عودتهم للحكم. واعتبرت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية أن بوتين يواجه الآن خيارين، بين أن يسعى لإيجاد سبيل للتخلص من الأزمة التى يواجهها، أو أن يستمر فى أسلوبه الصلد ليظهر أنه لايزال هو المسيطر، إلا أنها رجحت أن يفضل بوتين الخيار الأول ويسعى لمعالجة المشكلات الاقتصادية التى تعتلى قائمة شكاوى غالبية الروس، وذلك فى الوقت الذى يستعد فيه لاستعادة مقعد الرئاسة.