3 شهور ويومان و6 ساعات كاملة.. وسايب ابنه الرضيع 8 شهور وأب مصاب بشلل رباعى.. هكذا تتحدث أم فى الإسكندرية عن ابنها الشاب الذى اختفى يوم 30 يناير، ولم تسمع عنه خبرا أو تشاهد صورة له فى مستشفى أو مشرحة أو فى قسم شرطة.. السيدة توجهت إلى مشرحة زينهم وحصلت على صورة للشهيد المبتسم، فهو شبيه لابنها، وقال لها الجميع: «ده ممكن يكون ابنك وعادت إلى منزلها فى الإسكندرية وظلت طوال الليل تضع صورة ابنها الغائب وتشعر بأن قلبها يطير من مكانه»، ويقول لها: «ابنك عايش».. تنحى صورة ابنها جانبا وتضع على صدرها صورة الشهيد.. لا تشعر بشىء.. وقلبها لا يتحرك.. ويقول لها: «هذا الشهيد ليس ابنك.. ابنك على قيد الحياة».
الحديث عن محمد حسين على نصير 27 سنة.. مواليد يناير 84، حاصل على بكالوريوس تجارة وتزوج منذ عامين وجاء للحياة ابنه عمار قبل 8 أشهر من الآن.. الشاب يعمل فى واحدة من أكبر شركات الاتصالات فى مصر، أسرته المكونة من أم وأب مريض وشقيقين وزوجة وابن رضيع ينتظرون عودته..
ينتظرون أن يدق جرس الباب: «أنا محمد ومكنتش عارف نفسى فين» أو يدق جرس التليفون: «أيوه.. محمد ابنكم عندنا وهو سليم تعالوا خدوه».. ولا ينتظرون دقة جرس الباب أو «تليفون» يقول لهم: «محمد مات».. جميعهم متأكد أن محمد سيعود يوما.. ويحتضنهم ويروى لهم تفاصيل 90 يوما كاملة.
الأم نعمة حسين 48 سنة روت تفاصيل اختفاء ابنها وماذا فعلت وأين ذهبت.. تقول الأم: «محمد ابنى شاب فى حاله.. بصراحة قامت الثورة وهو منزلش كتير.. يادوب كان بيروح شغله ويرجع بالليل.. يعنى مقدرش أقول ابنى كان من المتظاهرين.. ويوم 30 يناير.. محمد خرج ومعاه شنطته وفيها كروت شحن وفلوس وراح يوصل الحاجة لعملاء فى شركته.. زى كل يوم.. واستنينا يرجع مفيش.. اتصال محصلش.. وتليفونه مقفول.. أنا كنت هتجنن.
اتصلنا بالشركة - الكلام للأم - وقالوا إن محمد مظهرش النهارده.. الكلام ده كان بعد يومين من جمعة الغضب.. وناس كتير ماتت والشرطة اختفت.. وأنا خايفة على ابنى.. أنا رحت كل المستشفيات فى إسكندرية والأقسام وفتشت تلاجات المستشفيات وملقتش ابنى.. قلت لنفسى ممكن يكون راح مصر.. ونزلت فعلا ميدان التحرير.. وشلت صورته وقلت.. محدش شاف محمد ابنى.. شاب «حلو» كده زيكم.. محمد غايب من 30 يناير.. وبيحب بلده وابنه وبيحبنا وبيحب زمايله وأصحابه.. ابنى عينيه ملونة.. وخريج جامعة زيكم.. وبيقعد على الإنترنت.. محدش يعرفه.. ويومها نصحنى ولاد الحلال وقالوا لى روحى مشرحة زينهم.. وأنا رحت المشرحة.. وقابلت الأطباء.. وعرضوا على صور الشهداء وخصوصا اللى أسرهم متعرفتش عليهم.. وكان فيه صورة لشهيد.. قالوا إنه الشهيد المبتسم.. وكان فيه شبه من ابنى.. وجماعة من اللى كانوا معايا.. قالوا لى شبه ابنك.. وعملوا لى تحليل «دى إن إيه».. وأخدت صورة الشهيد المبتسم ورجعت لإسكندرية.
وبالليل.. حضنت حفيدى عمار ابن محمد.. علشان أحس بالصورة.. حطيت صورة الشهيد وصورة ابنى وحفيدى جنبى.. والله.. كنت باشيل صورة ابنى وأحطها على قلبى وقلبى يقول لى.. ابنك عايش.. ابنك عايش.. لما حطيت صورته.. كان قلبى بيتحرك من مكانه.. وأحط صورة الشهيد على قلبى.. محسش بحاجة.. عادى.. ممكن أكون خايفة إن ابنى يكون مات وده خلى قلبى محسش بالصورة.. لا ده محصلش.. أنا حاسة إن ابنى عايش.. والشهيد ده مش ابنى.. وبعد كده حطيت حفيدى على قلبى.. وقلبى زى ما اتقول اتخطف وحاجة قالت لى ابنك عايش وهيرجع».
الأم تضيف: «إحنا مقيمين فى 35 شارع السوق باكوس.. تابعين لقسم الرمل أول.. وعملنا محضر رقم 2032 لسنة 2011 إدارى قسم منتزة أول والمحضر رقم 1131 لسنة 2011 إدارى قسم رمل أول.. وأرسلنا فاكس للمشير طنطاوى ولرئيس الوزراء عصام شرف وللنائب العام ولوزير الداخلية.. وفى كل فاكس.. قلنالهم الحكاية كاملة ومحمد مختفى من زمان.. ونحكى ونقول إنه كان وكان.. وكان وأهم حاجة قلناها.. إن محمد عايش وهيرجع.. ويحضن ابنه ومراته ويبوس إيد والده».