«المصرى اليوم» داخل أنفاق الإسماعيلية تحت «القنال»: «عاش اللى قال.. يا مصرنا مفيش محال»

فى الأنفاق رجال.. تحت قناة السويس تماسيح مصرية، شباب لا يلهيهم شيئ عن حب أغلى اسم فى الوجود، موقع العمل بنفق الإسماعيلية، أسفل قناة السويس، يحتاج لرجالات نبتت من طين مصر، واحترقت مشاعرها بشمسها الحانية، فكان لزاما عليها أن تحنو عليهم بينما هم فى وادٍ آخر، لا يشغلهم سوى النجاح.

توجهت «المصرى اليوم» إلى موقع الأنفاق أسفل القناة، بصحبة المهندسة انتصار خليل، مدير عام إدارة الأنفاق والكبارى بهيئة قناة السويس، وضباط مهندسين بالهيئة الهندسية من العاملين داخل النفق، لنشارك خلية النحل العاملة بالمشروع الذى سيخلق حياة جديدة وبداية خطوات التعمير بسيناء، على أن تشهد الأسابيع المقبلة، عبور السيارات من الأنفاق أسفل قناة السويس بعد تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى بالانتهاء من أعمال الأنفاق وتجهيزها للعمل لتخفيف العبء عن المواطنين العابرين للجهة الشرقية للقناة.

حلم ينتظره الملايين، ليس من أهالى محافظات القناة وسيناء فقط، بل من كل أنحاء مصر، حلم الأنفاق أسفل قناة السويس، تلك الخطوة الهامة، بل ربما تكون أولى خطوات التعمير فى سيناء، ومنها إلى محاربة ومكافحة الإرهاب بعد أن تصبح سيناء وشرق القناة مناطق معمورة بالسكان.

من داخل النفق

أهالى مدن القناة، وسيناء تحديدا، يعانون من عذاب يومى يؤرق حياتهم، وهو عبور المجرى الملاحى لقناة السويس، خاصة بعد افتتاح قناة السويس الجديدة حيث صار العبور أكثر صعوبة ومشقة على أهالى سيناء والقنطرة شرق، فى ظل الظروف الأمنية الصعبة، بعد توقف دام سنوات عن العمل، فتستغرق الرحلة الطبيعية أقل من 15 دقيقة، بينما مع إجراءات التفتيش وعدد المعديات القليل، تتخطى مدتها الساعات، ما بين انتظار الدور فى العبور، وبين إجراءات التفتيش ليصبح العبور الآمن واليسير إلى شرق القناة حلما أوشك على التحقق.

وقالت المهندسة انتصار خليل مدير عام إدارة الأنفاق والكبارى بهيئة قناة السويس: «إنه بناءً على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس والمنطقة الاقتصادية لمحور قناة السويس، بسرعة الانتهاء من تنفيذ أنفاق قناة السويس، بدأنا العمل الجاد والمتواصل من التخطيط والتنفيذ لإنجاز العمل والتغلب على كافة المصاعب»، موضحة أن مرحلة التخطيط تضمنت اختيار مواقع الأنفاق بدقة لربط المحاور المرورية الطولية شرق وغرب القناة لخدمة مناطق التنمية فى سيناء، مشيرة إلى أن ما قامت به الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والشركات الوطنية من أعمال تنفيذ للأنفاق أسفل قناة السويس يعد إنجازا كبيرا يحسب لإنجازات المصرى العظيم، مؤكدة قوة هذا الشعب وصلابته فى تنفيذ المستحيل وتنفيذ مشروعات الأنفاق وخروج ماكينات الحفر إلى شرق القناة خلال فترة قياسية.

وأضافت أنه تم اختيار موقع الأنفاق بمدينة جنوب بورسعيد لخلق محور مرورى، يبدأ من مدينة السلوم حتى مدينة رفح شرقا، عبر الطريق الدولى الساحلى مرورا بالأنفاق، لافتة إلى أنه تم اختيار موقع الأنفاق بشمال الإسماعيلية لربط مدينة السلوم وجغبوب غربا بالعوجة شرقا، مشيرة إلى أن المشروع تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التى تعاقدت مع 4 شركات مصرية لتنفيذ هذا المشروع العملاق.

وأشارت إلى أنه بعد انتهاء عمل الماكينة تم توصيل كابلات المرافق الخاصة بالنفق، ويجرى الآن أعمال تشطيبات الأرضيات بمداخل النفق وأعمال الكهرباء، مؤكدة أن الأيام القليلة القادمة، ستشهد إعلان الفريق مميش الانتهاء بالكامل من الأعمال وبدء تشغيل النفق، مضيفة أنه تم إلغاء إنشاء أنفاق خاصة بالسكة الحديد أسفل القناة، لارتفاع التكلفة الخاصة بإنشائها والتى تتجاوز الـ8 مليارات جنيه.

وتابعت: المشروع هو عبارة عن نفقين للسيارات وهى المرحلة الأولى، وقام تحالف مصرى يضم شركتين، بالعمل فى مشروع الأنفاق، وتم تجهيز ماكينات وحفارات الأنفاق داخل الموقع بعد وصول أكبر ماكينة حفر فى العالم وهى ماكينة T.B.M التى تقوم بأعمال الحفر تحت الأرض، مشيرة إلى أن طول النفق يصل لـ6 كيلومترات من غرب القناة إلى الاتجاه الشرقى، ومنها إلى سيناء داخل النفقين للسيارات من بينهم واحد متجه إلى شرق القناة، بينما الآخر سيكون للعودة من سيناء إلى غرب القناة، وستكون الماكينة الألمانية العملاقة ضمن حفارات الموقع، والمكلفة بحفر 4.5 كيلومتر تحت الأرض، وهى أكبر الماكينات فى العالم، والمستخدمة فى مترو الأنفاق.

وأكدت مدير عام الأنفاق والكبارى بهيئة قناة السويس، أن الهدف الأول للعمل، هو فكرة الفريق الواحد، سواء هيئة هندسية أو هيئة قناة السويس وإدارة الأنفاق أو الشركات العالمية التى تشرف على المشروع، ودائما نطمئن أنفسنا أن إمكانياتنا وتدريبنا على الماكينات سوف تنفذ، ونوجه رسالة اطمئنان للشعب المصرى بأن المصريين قادرون بعون الله على التحدى وتنفيذ الصعاب، فالهيئة الهندسية للقوات المسلحة تنفذ مشروعاتها فى أقل من الأوقات التى طرحتها المكاتب الهندسية لتنفيذ أى مشروع.

وتابعت: لابد من إثبات الثقة فى قدرات المصريين على تنفيذ المشروعات الكبرى فى أقل وقت ممكن، وسوف يرى العالم قريبا أن المصريين سابقون للخطط التنفيذية للمشروعات، وبعد إنجاز حلم الأنفاق، سنصدر تلك الخبرات إلى الدول المختلفة للعمل فى مشروعات عالمية كبرى بأيدى وخبرات مصرية وشركات أيضا مصرية.

وقالت خليال: إن محور نفق الإسماعيلية يبدأ أسفل الطريق الدائرى بمنطقة معسكر القرش، وقناة السويس القديمة والجديدة متجها إلى شرق القناة، وتبدأ أنفاق بورسعيد من الكيلو 19 أمام ميناء شرق التفريعة بخلاف الجانب الشرقى بأكمله وشمال سيناء، وتبلغ المسافة بين سطح مياه قناة السويس وقمة النفق 40 مترا، على أن أقصى عمق للنفقين يصل لـ53 مترا.

وأضافت أنه تم إنشاء مصنع الحلقات الخرسانية، المكون من منطقة الصب بمسطح 4000 مترمربع، وورشة حديد تسليح 2800 متر مربع، ومنطقة التخزين، بمعدل 650 حلقة خرسانية، يبلغ القطر الداخلى للواحدة 11.4 متر، والخارجى 12.6 متر، فيما يصل محيط الحلقة إلى مترين، ويبلغ معدل الإنتاج 15 حلقة فى اليوم الواحد.

وعبرت المهندسة انتصار خليل، عن سعادتها كونها مهندسة مصرية، شاركت فى مشروعات عملاقة مثل أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد بعد مشاركتها فى حفر قناة السويس الجديدة، مؤكدة أنه يتم تطبيق المعايير العالمية فى الأمن والسلامة المهنية الخاصة بتشغيل العمالة بشغل الأنفاق، وتطبيق الإجراءات الخاصة بالتشغيل من لحظة دخول العامل أو المهندس إلى موقع العمل حتى لحظة انصرافه، وذلك بخلاف الفحص الكامل للمعدات الثقيلة من الأوناش والحفارات الضخمة الموجودة بموقع العمل والاطمئنان المستمر على صيانتها وأعمال الفك والتركيب الخاصة بها، وذلك لأن الأرض بمشروع النفق، رملية غير متماسكة، فيتم اتباع الاحتياطات اللازمة لعدم حدوث أى حوادث للعمال والمعدات، وبالنسبة للعمال والمهندسين يتم تطبيق أعلى معايير الأمن والسلامة لأن أمان العامل والمهندس هو أول الخطوات التى نعمل من أجلها.

وأضافت: يتم تطبيق كل المعايير الدولية فى التشغيل فى حفر الأنفاق ويتم تطبيق معايير قاسية جدا على العاملين بالمشروع، مؤكدة شعورها بالفخر لعنصر الأمان بالمشروعات التى تعمل بها، والحفاظ على أرواح وسلامة جميع العاملين، حتى إنه فى حالة حدوث أى مشكلات أو خطورة يتم إخلاء المكان فورا، وهناك خطط موضوعة للطوارئ للإخلاء فى حالات وقوع أى حوادث أو مخاطر.

وأضافت أن الهيئة أقامت عددا من الكبارى العابرة للمجرى الملاحى لقناة السويس، بإمكانيات وأيدٍ عاملة، حيث تم تنفيذ كوبرى الرسوة فى بورسعيد، وافتتح الفريق مميش كوبرى الشهيد عقيد أركان حرب أحمد منسى بمنطقة نمرة 6 لخدمة كل العابرين للمجرى الملاحى من المواطنين والسيارات، وافتتاح كوبرى الشهيد جندى أبانوب صابر بمنطقة القنطرة ليكون خير دليل للتاريخ على أن هؤلاء الأبطال ضحوا بأنفسهم للدفاع عن تراب هذه الأرض وعبروا إلى سيناء وهى طاهرة من الإرهاب.