«الاستزراع».. خطة بـ1.4 مليار جنيه لوقف استيراد الأسماك وسد العجز فى الأسواق المحلية

على مساحة تمتد إلى أكثر من 4 آلاف فدان، شرق قناة السويس، يعمل أكثر من 250 مصرياً، ما بين طبيب بيطرى ومهندس وصياد، على قدم وساق، فى استزراع أحواض الأسماك بمختلف أنواعها، يسابقون الزمن للانتهاء من استزراع كافة رقعة الأرض المحددة للمزارع والتى تقدر بقرابة 8 آلاف فدان.

المزارع السمكية، فكرة بدأ تنفيذها فى مارس عام 2015، بالتزامن مع حفر قناة السويس الجديدة، معتمدة بشكل أساسى على زراعة أحواض الترسيب التى يتم ضخ ناتج التطهير والتعميق المستمر لقناة السويس فيها، ما يساهم فى زيادة المنتج المحلى من الأسماك مما يخفض السعر ويقلل الاعتماد على الاستيراد كما يوفر مئات من فرص العمل.

اللواء محمد مجدى عبدالسميع، رئيس مجلس إدارة شركة قناة السويس للاستزراع السمكى والأحياء المائية، يقول إن فكرة هذا المشروع، بدأت مع بدء حفر قناة السويس الجديدة، حيث هناك أحواض الترسيب التى تمتد بطول قناة السويس، أى حوالى 180 كيلو وعمق 3 كيلومترات من الطريق العرضى واحد، و«قررنا استغلال جزء من هذه الأحواض بمياهها المالحة لعمل مزارع سمكية بسبب العجز الموجود فى السوق المصرية من الأسماك. وهذا المشروع بتكليف من رئيس الجمهورية، وأصبح لدينا مشروع جاهز بحلول أغسطس 2015، بإجمالى 600 حوض من الأسماك مساحة الحوض الواحد فدان، والحوض بخدماته تصل مساحته إلى فدانين إلا ربع، إلا أن الرئيس السيسى لم يتمكن من الحضور إلى المزارع السمكية فى يوم افتتاح قناة السويس الجديدة، وتم تأجيل الافتتاح للعام التالى فى شهر ديسمبر، ووصل وقتها عدد الأحواض إلى 1034 حوضًا.

وأضاف: «الهدف من المشروع هو سد العجز فى السوق المصرية من البروتين الحيوانى، وزيادة الإنتاج السمكى، فهذا المشروع هو قاطرة القطاع الخاص، ليحسن أوضاعه ويزيد إنتاجه بل ويضاعفه، سواحلنا كبيرة ومصر غنية بالأسماك لكن الصيادين يصطادون الأسماك الصغيرة والزريعة وكذلك الأمهات الكبيرة، الصيد الجائر تحدٍ حقيقى يواجه الثروة السمكية المصرية، كما أن هذا المشروع يوفر حوالى 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة عندما يكتمل، لدينا فى الوقت الحالى 250 فرصة عمل مباشرة و2500 فرصة غير مباشرة، كما يقلل استيراد الأسماك بالعملة الصعبة، حتى إننا نصدر حالياً جزءاً من إنتاج هذه المزارع من أسماك الدنيس والقاروص واللوت والجمبرى ليدر دخلاً بالعملة الصعبة.

وتابع: «أسماكنا تتمتع بجودة عالية، ويمكن لأى دولة تشترى منا أن تحلل الأسماك لتتأكد من ذلك، نحلل الأسماك شهرياً ونحلل المياه يومياً ونقيس أى تلوث فى الهواء، وقريباً سننشئ مصنعاً لإنتاج أعلاف الأسماك، هناك أسماك حجمها لا يتناسب مع السوق المحلية، وهى أسماك كبيرة يتم تصديرها، قد يصل وزن الواحدة من الدنيس إلى كيلو جرام، وهدفنا إنتاج منتج صالح للاستخدام الآدمى وخال من الأمراض وأى ملوثات، لا يوجد فى مصر مزارع تعمل بالطريقة العلمية الحديثة التى نعمل بها»، وأضاف «القطاع الخاص عليه أن يحذو حذونا فى طريقة عمل المزارع السمكية الحديثة، من الممكن أن تطبق مزارع القطاع الخاص ما نقوم به بدعم الدولة عن طريق دعمهم بقروض بنكية ميسرة، والمزارع السمكية للقوات المسلحة استفادت من مزارع هيئة قناة السويس، وننقل الخبرات التكنولوجية، وسيتم توقيع بروتوكولات واتفاقيات مع جامعة النمسا وأكاديمية تدريب العاملين فى مجال الاستزراع السمكى، زارنا علماء من جامعة فيينا 3 مرات، وسيمدونا بالمادة العلمية وسننشئ أكاديمية بالتعاون مع وزارة القوى العاملة، لدينا كثيرون يتدربون ويتركونا للعمل فى أماكن أخرى».

وتابع: هذا المشروع متكامل ونحن ننتج الزريعة الخاصة بنا والأعلاف، وننظف الأسماك، ولدينا مركز تدريب للعاملين، مكونات المشروع عبارة عن مفرخ وحضانة ومصنع للأعلاف وأحواض سمكية ووحدة بيطرية ومركز للتدريب ومصنع للتعبئة والتغليف ملحق به ثلاجات، ومصنع للثلج والفوم والكرتون، كل هذه الإنشاءات جار تنفيذها، وإنتاجنا يدفع الناس للثقة بأن السمك الذى يأكلونه نظيفا وليس ملوثا، مبدأنا الجوهر وليس المظهر، لا يهمنا الرصف ومظهر الأحواض لكن يهمنا جودة الأسماك التى تعيش فى الرمال والطين، لدينا محطات للكهرباء وسيارات مبردة للنقل، وهو ما أوصلنا إلى أن يصبح لدينا حتى الآن 4140 حوضًا من الأسماك تمتد على مساحة بطول حوالى 20 كيلومترا على الطريق يبدأ من القنطرة حتى مصرف الفرما، بعمق 1200 متر شرق القناة، وميزانية المشروع عند بدء التخطيط له بلغت 1.4 مليار جنيه، بما يعادل 64 مليون يورو، حيث نفذت دراسة الجدوى شركة إسبانية، وأسماكنا موجودة فى السوق المصرية، والتجار يشترون منا الأسماك ويبيعونها فى كل أنحاء الجمهورية.

وأوضح «عبدالسميع» أن هذه المزارع بها 19 محطة رفع وكل محطة تروى 32 حوضا من خلال بوابات على الصفين، ومحطة الرفع الواحدة تسحب المياه من ترعة فرعية من مياه قناة السويس، سعتها 5.5 متر مكعب فى الثانية، ويتجمع الصرف إلى 32 حوضا أيضاً على مصرف مجمع يرجع إلى قناة السويس، وإذا قمنا بتوفير 100 منفذ فى كل محافظة، ووظف فى كل منفذ 600 شاب يخدمون 600 أسرة، كما سيأكل الناس سمكا نظيفا من مصدر موثوق، ولدينا استعداد لتوفيرالسيارات اللازمة، وإرسال السمك لجميع أنحاء الجمهورية لوجه بحرى بسيارات نقل، وإلى وجه قبلى وحتى أسوان بالقطار.

وقال رئيس مجلس إدارة شركة قناة السويس للاستزراع السمكى والأحياء المائية: «نبيع السمك لأى شخص يريد الشراء وبسعر الجملة، وليس فقط لتجار الجملة، ولدينا منافذ فى محافظات الإسماعيلية وبورسعيد والسويس، ووقعنا بروتوكول تعاون مع محافظة الإسماعيلية لتوفير أربعة منافذ جديدة، يتكون المنفذ من جزء لبيع الأسماك الطازجة وجزء آخر لبيع الأسماك المطهية، وكان شرط المحافظة أن نبيع بسعر محدد ونحصل على هامش ربح صغير، للسيطرة على الأسعار، لافتاً إلى أن الشركة تزرع فى الأساس الأسماك البحرية، لكن الرئيس السيسى أمر بزراعة أسماك المياه العذبة أيضاً، ونزرع أكثر من نوع من البلطى مثل الأبيض والأحمر، ويصل سعر البلطى العادى للتجار بـ 17 جنيها الكيلو الذى يتكون من 4 سمكات، أما الكيلو الذى يتكون من سمكتين فسعره 20 جنيهاً.

كما أن المزرعة تعتمد على زراعة الأسماك الشعبية بنسبة بين 50 و52% وهى أسماك البلطى والبورى والتوبار، وهناك نوع مرتفع السعر يسمى «السهلية» كيلو الجملة منه بـ 140 جنيها، ونخطط لزراعة البلطى بشكل مكثف حيث ينتج الفدان فى الدورة 10 أطنان ما يساوى إنتاج 20 فدانا، وهذا المشروع لا يهدف للربح بشكل أساسى وإنما لتقليل الأسعار على المواطن المصرى، وهو ما لن يتم سوى بفتح منافذ للبيع، لأن التجار تشترى بأسعار رخيصة ومن ثم تبيع بأسعار مرتفعة، كما أن خطتنا تقليل تكلفة الإنتاج حيث نشترى لوح الثلج بثمانية جنيهات، بينما يكلفنا 4 جنيهات عند إنشاء المصنع، وكذلك مصنع تفريخ الزريعة، لأننا نستورد بعض الزريعة من اليونان وإيطاليا والبرتغال، ومصنع أعلاف، كل هذا سوف يقلل التكلفة بنسبة 25% على الأقل.

وقال العميد محسن مسعد، مدير إدارة الأحواض بمشروع الاستزراع السمكى: «الأسماك تحتاج مياة رى وصرف وأكسجين وأكل، جودة المياه لدينا أحدثت طفرة فى جودة الأسماك التى تأكل العلف وتتغذى على الجمبرى الصغير القادم من قناة السويس، ونصطاد الأسماك يومياً من الساعة 5 صباحاً لضخه فى الأسواق، الحوض به 15 طناً من «اللوت»، نشتريه صغيراً من السوق المحلية لكن لا يمكن تفريخه فى مصر، ونحاول حالياً مع الإيطاليين تفريخ هذا النوع من السمك، والكيلو منه بحوالى 65 جنيهاً فى السوق، وفى منتصف الحوض أدوات الحقن لضغط الأكسجين فى المياه، لذلك نعمل فى المزارع 24 ساعة لأن حقن الأكسجين لو تعطل يموت السمك، السمكة اللوت تزن حوالى 3 كيلوجرامات.

وتابع: نزرع الأسماك الشعبية وأهمها «التوبارة والبورى والبلطى»، ونحاول حالياً من المفرخات إلى بلطى بلدى عادى، ولكى نصطاد هذه الزريعة بعد أن تصبح سمكاً كبيراً لابد أن تصل دورة حياتها إلى عام أو 14 شهراً، لدينا أحواض البورى، وهى سمكة تأكل من قاع المياه وعصبية وتتغذى على الأسماك الصغيرة بالإضافة إلى الأعلاف، الحوض به 7 آلاف توبارة وبورى و15 ألفاً من البلطى، ويأكل السمك أعلافا تساوى وزنه مضروباً فى 1.5، بمعنى أن طن السمك يأكل 3 أطنان علف تقريبا.

وأكد أيمن عابدين، المهندس المشرف على المشروع، أن أحواض المشروع تنقسم إلى أحواض تحضين وأخرى للتربية، كما يحتوى المشروع فى مرحلته الثانية على مفرخ لإنتاج حتى 160 مليون زريعة دنيس وقاروص ولوت و500 مليون يرقة جمبرى سنوياً، والحضان لتحضين حتى 160 مليون إصبعية دنيس وقاروص ولـــوت، بالإضافة إلى تحضين حتى 300 مليون يرقة جمبرى سـنويـًا، ووحدة بيطرية تشمل معامل وتحاليل وأبحاث لضمان سلامة المياه والغذاء، وصحة الأسماك وخلوها من الأمراض، ومن المقرر إنشاء الوحدة خلال أعمال المرحلة الثانية، وسیتم إنشاء معمل فحص وتحالیل بیطریة على أعلى مستوى، على أن يتم تجهیزه للحصول على شهاده الأیزو لفحص عینات الرى والصرف ومطابقتها بالمعاییر المسموح بها وكذلك فحص عینات الأسماك للتأكد من سلامتها من الأمراض، كما يتم إنشاء نظام مراقبة إلكترونية لتحقيق أعمال المتابعة والمراقبة الإلكترونية لكافة أنشطة المشروع ليلاً ونهاراً، وتوفير كافة إجراءات التأمين المطلوبة للأفراد والمعدات والأحواض والمنشآت.