ألقى البابا الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الثلاثاء، عظة روحية في صلاة جناز الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير القديس مقاريوس ببرية شيهيت بكنيسة القديس الأنبا مقار الأثرية بوادي النطرون، خصصها عن خصائل الأسقف المتنيح.
وجاء نص العظة الروحية: باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته وبركته ورحمته تعزينا جميعا لقد كان بالحقيقة أسقفًا منيرًا لكل من حوله رغم الألم الذي يعتصرنا جميعًا ويعتصرني انا شخصيًا إلى أننا على رجاء القيامة نودعه كما تعلمنا كنيستنا الأرثوذكسية.. أننا أمام هذا الناسك الجليل لا يهتز إيماننا بالله ضابط الكل فالله يضبط هذه الحياة وليس شيء بعيد عن هذا نؤمن أن الله أنه يضبط حياتنا بكل تفاصيلها ويضبط رحيلنا من هذه الحياة نؤمن أيضًا أنه صانع الخيرات للجميع للأبرار والأشرار ويظهر شمسه على الصديقين والخطاة ونؤمن أيضًا أنه محب للبشر حتى الخطاة فينا وأن كان لا يحب الخطية ولكنه يحب الإنسان الخاطئ لعله يتوب ويستيقظ قبل فوات الأوان.
المتنيح نيافة الأنبا إبيفانيوس الذي غادرنا بهذا الرحيل المفاجئ كنًا نري فيه نموذجًا مشرقًا وكما استمعنا في الصلوات أنه كوكب مضيء تضيئ به المسكونه وهو كوكب مضيء بالحقيقة وقد إستضاءت به والحقيقة أيضًا في كل مكان ذهب إليه وخدم فيه في حياة نيافة الأنبا إبيفانيوس نتعلم الكثير والكثير وأود أن أضع أمامكم ثلاث صفات واضحة في حياته كان يمتاز بوداعة الحكمة وغزارة المعرفة وبساطة حياة.
الصفة الأولى: وداعة الحكمة
في الواقع هو أول أسقف سمحت العناية الألهية أن يقام في زمننا هذا كان يمتاز بوداعة الحكمة عندما تراه وتتكلم معه تشعر بهذه الوداعة الشديدة والأصيلة حتى في صمته وابتسامته المريحة في أرائه الصائبة وكان واديعًا ودائمًا يبحث عن سلام الكنيسة والدير وسلام كل الموجودين ولم تكن الوداعة مجرد صفة بل كانت ملتحفة بالحكمة كان حكيمًا عندما تناقشة فضلا عن كونها نعمة من الله كان حكيما لما كنت اطلب منه بعد اللقاءات كان حكيما في اختيار اللجنة وكان رأيه دائمًا صائبًا والحقيقة كنت أسترشد به كثيرًا في القرارات التي كنت أخذها وداعة الحكمة يأاخوتى صفة نادرة في هذا الزمان قد توجد الوداعة ولكن بلا حكمة.
الصفة الثانية: غزير المعرفة
الصفة الثانية والتي كنت أراها فيه دائمًا رغم اننى لم أكن اعرفه من قبل إلا عندما اختاره أباء هذا الدير العامر كان في فبراير 2013 وقد حصل على أعلى الأصوات وكان الدير فرح به جدًا ويوم تجليسة يوم فرح كان غزير المعرفة وهذه الكلمة بالحقيقة تنطبق عليه في علمه ودراساته والمخطوطات التي كان عميق المعرفة بها وكنت أكلفه كثيرًا بحضور بعض المؤتمرات التي تمثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وكان كوكب مضيء، عبر هذه السنوات الخمس كلفته بأكثر من عشرون مؤتمر حول هذا العالم وكانت هذة المؤتمرات يمثل فيها وجه الكنيسة القبطية ووجه مصر وإستضاءت بمعرفته المسكونه وكان واقعًا غزيرالمعرفة، فكان عندما نقيم حلقات تعليمية للاباء الرهبان أو الأمهات الراهبات كان يشترك ويلقى محاضرات ويعلم الاباء ويرشدهم ويجاوبهم على كل الأسئلة وجعل المعرفة في تناول كل أحد، فليست الأسقفية لقب أو لبس أو منظر بل هي قامة روحية وعلمية ودراسية وكان أخونا الحبيب بالحقيقة نموذجًا وقامة وكان يحتل هذة المكانه أمام كنائس العالم كان يشرف الكنيسة القبطية وغزارة المعرفة كان من خلالها إنتاج الكثير من الكتب وقام الدير بطباعتها وكانت كتابات متنوعة سواء كانت في المجالات الطقسية القداس الكيرلسى وفى المجالات كتابية سفر التكوين وأن لا أحصر أن اذكر امثلة، وعندما زرت هذا الدير بعد سيامته بسنه يوم 10 مارس 2014 اتذكره بكل خير في رحاب الاباء الاحباء وقدم 6 من الاباء للسيامة كهنه وزرت هذا الدير العامر ومكتبة المخطوطات فهذا الدير نفتخر أنه أحد أديرتنا القبطية الأرثوذكسية كان غزير المعرفة وقلما نجد هذا النوع من الاباء.
الصفة الثالثة: بساطة الحياة
رغم وداعة الحكمة وغزارة المعرفة إلا أنه كان يتمتع ببساطة الحياة قلايته تشهد على ذلك ملبسه يشهد على ذلك وطعامه يشهد على ذلك كان بسيط الحياة جدًا حتى في حضورة في بعض اللقاءات سواء داخل مصر أو خارجها دائمًا يأخذ المتكأت الأخيرة معه، كان بسيطًا في حياته حتى في تعليمة لم يضع الأمور الصعبة أو المصطلحات الصعبة حتى يفهم كل أحد حتى في إجابته للأسئلة عندما كانت تطرح عليه أسئلة من الشباب في أي مناسبة كان يختار إجابات بسيطة وسهلة والبساطة في الإجابة هي عمق، نيافة الأنبا إبيفانيوس خسرناه بالحقيقة ولكن اسمه مستمد من النور فهو بالحقيقة كان نورًا في مجمعنا المقدس وصورته ومثاله وأسمه سيظل خالدًا وطوبى لهذا الدير الذي أنجب هذة الشخصية المباركة الذي له تاريخ وعاش فيه القديسين ونهجوا النهج الروحانى ومجدوا الله بحياتهم ولهم سير حسنة عبر التاريخ نقرأ فيها عبر القرون فطوبى لهذا الدير الذي أنجب هذا الأسقف الذي أستضاءت به المسكونة.
أنا أشهد امام الله وأمامكم أن هذا النموذج الرفيع في المعرفة والقامة الروحية كان في عمله طبيب متميز ومتفوق وكان هادئًا وسط أسرته المباركة التي جعلته مرتبط بالكنيسة منذ نعومة أظافره وعندما جاء الوقت في سن الثلاثين دخل إلى الدير وتتلمذ على يد شيوخ الدير وصار محبوبًا ومحبًا للجميع وبعد ما يقرب من ثلاثين سنة أختير للأسقفية بناء على رغبة الاباء الأحباء وصار أسقفًا وصارعضوًا في مجمع كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، ورغم أن أسقفيته لم تدم إلا خمس سنوات وعدة شهور قليلة إلا أنه قدم لنا رسالة حية وبالحقيقة ينطبق عليه «ماهى حياتكم انها بخار يظهر قليلًا ثم يضمحل»هذة هي الحياة أن لم نتعزى ونتعلم من هذا الإنسان الملائكي الذي أهدته لنا السماء وجعلته كالمنارة منيرًا ويكون نموذجًا أمامنا فسوف نخسر كثيرًا وهو ظهر بيننا كأسقف وكان في الدير بنفس الصفات الجميلة ولكن عندما صار أسقفًا زار أماكن كثيرة وبلاد أكثر وكل مكان حل فيه حلت فيه النعمة وحلت فيه الفرحة والبركة.
الرهبنة يا أبائي الأحباء هي قامة روحية يجب أن تكون الرهبنة لامعة ومضيئة وهذه مسؤليتنا جميعًا وأن كنا تعرضنا لهذا المصاب الجلل الذي اهتم به كل العالم وقد عزتنا في نياحته هيئات عالمية مثل مجلس الكنائس العالمي والمجالس الإقليمية المسيحية وهنا الكنائس المصرية وأيضًا جميع المسؤولين كلًا منهم في مسؤوليته، ولكن رحيله هذا أصاب الجلل أصاب كنيستنا، أنه أمر ليس يسيرًا ولكن نؤمن بالله ضابط الكل طوباك أيها الأسقف المبارك طوباك حللت بيننا وقدمت لنا نموذجًا رفيعًا وبهيًا تعلمنا منك الكثير والكثير وكنت رسالة لنا جميعًا أدعوكم يا أخواتى أن تتعلموا من سيرته ومن كتاباته ومن شخصه لقد أختطف من بيننا وصار كالزهرة النيرة التي توضع في مكان متميز فصار في السماء حيث معية الله وصحبة القديسين حيث الفرح السماوى والبعد عن هموم الأرض واتعابها واطماعها، ماذا ستجني أيها الإنسان؟ ستجني التراب فلا يكون في النهاية سوى تراب الأرض ولذلك هذا الأسقف المبارك أعطأنا عظة كاملة بحياته وكيف أن الحياة في لحظة تنتهي فلنتوب يا أخوتى بالحقيقة لأننا عندما نقف امام الله لا نجد ما نقول سوى توبتنا هذا النداء يقدمه لنا أخونا الحبيب ونحن نودعه هو مات بالحقيقة ولكنه عائش في قلوبنا الذين نحبهم لايموتون يعيشوا في قلوبنا يعيشوا في ذاكرة الكنيسة والدير الذي تعامل معهم ويصير لنا شفيعًا ومصليًا يصلى من أجلنا في السماء ومن أجل الكنيسة ومن أجل أسرته التي أنجبته التي عاش فيها وتعلم منها.
أنا يا أخواتى رغم مرارة الألم الذي فينا ومشاعرنا الداخلية الحزينة الأ اننا نرفع قلوبنا إلى السماء فنرى الحياة متسعة ونرى أن السماء تستطيع أن تطيب خاطرنا ونري يد الله وهي تعزينا جميعًا، طوباك ايها الأسقف المبارك وطوبى لرهبنتك وأسقفيتك وكهنوتك وخدمتك وطوبى للنموذج الذي قدمته نشكر كل الاحباء الذين عزونا وشاركونا هذا الألم ولهم السلام الحقيقي في قلوبهم انتم أباء رهبان تنتموا إلى دير القديس العظيم مقاريوس الكبير ولا تنتمون إلى أي أحد آخر، انتم أبناء واحفاد هذا القديس العظيم ببرية الأسقيط مقاريوس انتم أبناء الدير ومنذ دخولكم الدير صار بينكم شيوخ لهم قامات روحية وصار الجميع ينتمي إلى اب الرهبنة الكبير مقاريوس الكبير أحفظوا كلامكم وأحفظوا رهبنتكم وأخرجوا منكم أي انحراف بعيد عن هذه الرهبنه وهي أمانة في يد كل أحد فلتحفظوا السلام والهدوء في يد كل أحد ولتطردوا كل ضعفاتكم «.
وننتظر نتائج التحقيقات وكما أشار نيافة الأنبا دانيال ابتعدوا عن أي شائعات ولا من حق الأباء الرهبان الظهور الإعلامي فقد انقطعتم عن العالم، منذ دخولكم الدير، ليحفظكم المسيح في مراحمه ويذكرنا الأسقف المبارك في صلواته وتشفعاته ولنكمل أيام غربتنا بسلام.