أكد المهندس محمد أبوسعدة، رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، أن الجهاز هو الجهة التى يكون لديها الأرشيف القومى الخاص بلجان الحصر على مستوى الجمهورية، وإعداد خرائط للمبانى ذات القيمة المتميزة. ونبه إلى أنه من حق الدولة أن تحافظ على هوية مدنها، وفى الوقت نفسه يعاد استخدام العناصر التراثية بحيث تحقق قيمة مضافة للاقتصاد القومى.
وأوضح أبوسعدة أن الحصر يجرى على المقابر، لأنها تنتمى إلى شخصيات تاريخية، ولها قيمة فنية ومعمارية فريدة، لافتا إلى أن هذا الحصر يعمل على صيانة المقبرة، ويمنع ترميمها بدون تصريح، ولكنه لا ينزع ملكيتها من أصحابها أو من ورثتها.
وذكر عدد من المشروعات التى من شأنها التذكير بالقيم التراثية، مثل مشروع «حكاية شارع» و«عاش هنا»، مؤكدا فى الوقت نفسه أن إعادة توظيف العناصر المعمارية بالهيئات والوزارات الحكومية سوف يكون متنفساً للعاصمة.
■ ما ضوابط الجهاز لتسجيل المبانى ذات الطراز المعمارى المتميز؟
- القانون 144 لسنة 2006 ينظم كيفية قيام الدولة بالحفاظ على إرثها وتراثها المعمارى للمبانى ذات القيمة، والتى تختلف عن المبانى الأثرية التى تخضع لقانون الآثار، ولها قواعد فى التسجيل، ولها أسلوب حماية واستخدام مختلف عن المبانى ذات القيمة.
■ كيف تتحدد سمات المبانى ذات القيمة؟
- قد يكون هناك عقار مملوك لأحد المواطنين، فعندما نسجله لا نحد من ملكيته وحقه فى التصرف بالبيع والشراء، ولكن له ضوابط فى الحماية والحفظ، أى دولة فى العالم تاريخها العمرانى وتراثها المعمارى لابد أن يوضع لها حماية حتى تحافظ على هوية المدينة وشكلها مثل فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وهولندا، كل الدول التى لها تاريخ وحضارة عندما تتعامل مع المبانى ذات القيمة، تضع لها قواعد وشروطا حتى تحافظ عليها، القانون صدر ومنح الجهاز آليات أن يوضع أساليب للحماية، وبالفعل وضعنا أسسا للتسجيل، حيث تتشكل لجان متخصصة فى كل محافظة والتى تشمل مجموعة تخصصات من معماريين وأثريين وفنانين تشكيليين وأساتذة فى التاريخ وتاريخ الفن، وإنشائيين لتحديد حالة المبنى، ومجموعة خبراء، ثم يتم تسجيل المبنى إذا انطبقت عليه معايير التسجيل، وهى أن يكون للمبنى قيمة وطرز معمارية متميزة، وأن يمثل حقبة زمنية، أى المبانى التى مر عليها أقل من مائة سنة، فما بعد ذلك يكون أثرا، وبالتالى نتكلم عن المبانى التى أنشئت فى أواخر القرن التاسع عشر، وأن يكون مبنى مرتبطا بشخصية مؤثرة فى الدولة أو مزارا سياحيا، هذه هى ضوابط التسجيل بشكل عام شاملة المقابر أيضا.
■ وعلى أى أساس تقومون بتصنيف المبانى؟
- على أساس القيمة، فهناك مبنى له تفاصيل معمارية داخلية وخارجية تستوجب الحفاظ على هذه القيمة بدون تدخل أو إعادة توظيف ويتم ترميمه على حالته، وصيانته بدون أى تعديلات، ولكننا لا نقوم بالتنفيذ نحن نضع الضوابط والاشتراطات، وبالتالى المعماريون والاستشاريون يضعون آليات للتعامل مع هذه المبانى، ونعتمد أى رسومات لأى منطقة يتم فيها تطوير أو ترميم ثم تعرض على لجان الخبراء لدينا، ويقرون ما إذا كان هذا المبنى مطابقا للاشتراطات.
■ وما الفئات التى يتم من خلالها تصنيف المبانى ذات القيمة المعمارية؟
- هناك ثلاث فئات، فللحفاظ على المبنى نرممه من الداخل والخارج بدون أى إضافات فهذه تكون فئة (أ).
أما الفئة (ب) فتخص مبنى يسمح بتنفيذ بعض التعديلات الداخلية وإعادة توظيفه من الداخل.
والفئة (ج) تسمح ببعض التعديلات الجوهرية وإضافة عناصر المسطح الأفقى الخاص به قد تصل فى بعض الأحيان إلى هدم المبنى من الداخل وتحافظ على الواجهات الخارجية.
هذه طبيعة التسجيل فى هذه المرحلة التى تهتم بالحفاظ على النسيج العمرانى للمنطقة، مثل حالة فندق «كونتنتال» حيث حافظنا على الواجهة الخارجية، ولكن من الداخل يمكن إعادة توظيفه بما يحقق الفائدة والاستثمار منه، وهذه قضية مهمة جدا فيجب أن نتفق أن التراث المعمارى مهم لشكل المدينة، وفى الوقت نفسه نعمل على أن يكون قيمة مضافة للاقتصاد القومى، وإلا سيستمر الصراع بين أصحاب العقارات التى يتم تسجيلها والورثة وما بين رغبة الدولة فى أن تحافظ على إرثها.
■ ماذا يترتب على قيام الجهاز بتسجيل المنشأة أو المبنى؟
- لا شىء، فنحن نختلف عن الآثار، حيث يظل المبنى فى حيازة صاحبه يستطيع أن يبيعه ويتعامل معه كما يشاء ولكن وفق الضوابط التى وضعها القانون.
■ ما الإجراءات التى اتخذها الجهاز لتسجيل 193 مقبرة بعض الجبانات فى مناطق الغفير والمجاورين والشهداء وقايتباى؟
- هذا يدخل ضمن المشروعات التى تقوم بها لجان الحصر والذين يمرون بشكل دورى على المناطق ذات القيمة، ووجدوا أن هناك مجموعة فى منطقة جبانة المماليك فيها مبانٍ تشكل قيمة معمارية، وفى الوقت نفسه تحمل أسماء لشخصيات مهمة جدا كانت مؤثرة فى تاريخ الدولة، وبالتالى تم تسجيلها فى قوائم الحصر، وتنطبق عليها نفس المعايير الخاصة بالمبانى ذات القيمة، حسب فئة المقبرة، لأنها فى النهاية منشأ معمارى يعامل معاملة أى مبنى معمارى.
■ متى بدأ الجهاز فى حصر المقابر التراثية؟
- منذ عام، وهم يقومون بحصر هذه المنطقة، وهو لا يركز على المقابر تحديدا، ولكن كل المنطقة المحيطة، ويشمل عمليات حصر، وإعداد استمارات وتوقيعا على خرائط، ورفع وخطوات كثيرة تحدد حالة المبنى وتوثيقه.
■ ما خطة الجهاز لحصر باقى المقابر الخاصة بالفنانين والشخصيات السياسية والتاريخية والمؤثرة؟
- نحن الجهة التى يوكل لها أن يكون لديها الأرشيف القومى الخاص بلجان الحصر على مستوى الجمهورية، لكن لجنة الحصرالتى تحصر هذه المبانى بتشكليها الذى ذكرته لك، تعمل من خلال المحافظات، كل محافظة لها لجنة حصر، والتى تصدر قوائم، ويرسل لمجلس الوزراء، والذى يصدر قرارا بالتسجيل، ثم يرسله لى، والذى أضعه فى الأرشيف القومى للمبانى التراثية، ومن ثم أعمل له استمارة تسجيل، وتوصيفا للمبنى نفسه وأعمل له خريطة، وأصوره حتى يتم توثيقه فى المكان، وهو ما يتم الآن.
■ هناك مبانٍ تراثية مثل بيت ساكنة بك لم يتم تسجيلها حتى الآن لا تراثا ولا أثرا.. ما السبب؟
- أود أن أوضح أن لجان الحصر ليست لها مدى زمنى تعمل فيه ثم ينتهى عملها، هى لجان دائمة، فعندما يتم إبلاغنا بمبنى أو اكتشفت هى مبنى فى مكان ما مثلما وجدت فى الدقى والعجوزة تقوم بتسجيله، ويجب أن تكون بموجب القانون من المبانى غير الآيلة للسقوط.
■ هناك بعض الخارجين على القانون يضعون أيديهم على أحواش المقابر، وهناك منتفعون بها فى السكن، رغم قيمتها التراثية.. فهل تواجهون صعوبات فى تسجيلها وتوثيقها؟
- نحن كجهاز لا ندير هذه المبانى، نحن نسجلها ونعدها من الناحية العلمية التوثيقية، ولكن المبنى ليس فى حوزتى ولا أحرسه، لذلك فكل المبانى التراثية فى حوزة أصحابها، وهو ما ينطبق على المقبرة، فمثلها مثل عمارات الخديوية وجاردن سيتى والزمالك، كلها ملك لناس، ولكن المناطق المزدحمة العشوائية بها مشاكل للحفاظ على المبانى، لأن هناك مقابر مهجورة.
■ ما أشكال التعديات التى تنتهك الفراغ العام؟
- عدم الوعى بقيمة التراث، فهو إرث فى الدولة، حبانا الله به، وليس موجودا فى العالم كله، فعندما تسير فى شوارع وسط البلد تشاهد العمران والممرات، وشوارع مغطاة بالبكيات، وتجد نفسك تمر من الشواربى للألفى للبورصة ومصر الجديدة وروكسى والزمالك وشوراعها والمعادى وجاردن سيتى، وغيرها من المناطق التى ليس لها مثيل.
■ وكيف ينمى الجهاز الوعى التراثى؟
التحدى هو أن يدرك الناس، وليس بالقانون فقط، قيمة المنشآت التراثية، فنحن لا نحمى المبانى فقط، ولكن وضعنا اشتراطات لحماية المناطق، مثل المعادى وجاردن سيتى، ومصر الجديدة، وبورفؤاد وإسكندرية القديمة، كلها صدرت لها أسس من الجهاز أخرجتها من إطار القانون العام، يعنى لم تعد تخضع لقانون 119 الخاص بالبناء الموحد، لكن لها اشتراطات خاصة تضم الارتفاعات، الكثافة السكانية، الألوان، الاستخدمات، وهى كلها للحماية، عندما تنظر إلى الزمالك فى الأربعينيات والخمسينيات، ثم تنظر لها فى التسعينيات وأوائل الألفية، أصيبت بتعديات كبيرة.
■ الجهاز أطلق مبادرة «عاش هنا».. كيف تطورت الفكرة؟
- «عاش هنا» من المشاريع التى أعتز بها لأننا وثقنا بها الأماكن التى عاش بها الشخصيات المبدعة فى مصر، ووثقنا حتى الآن مائة شخصية، على مستوى القاهرة والجيزة، وهى عبارة عن لوحة معلقة وترتبط بموقع اتقفنا عليه مع مجلس الوزراء عليها «بار كود» وعندما تقوم بعمل مسح للبار كود من خلال برنامج يتم تحميله على الموبايل، فتنتقل تلقائيا إلى الموقع الذى أنشأه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وفيه كل سير المبدعين، وهى كدليل إرشادى، وتجد اللوحة مكتوبا عليها مثلا عاش هنا نجيب محفوظ أو بيكار.
■ وماذا عن مشروع «حكاية شارع»؟
- نفذناه فى وسط البلد، وجدت أن هناك شوارع كثيرة تحمل أسماء شخصيات مهمة جدا، قد تمر الأجيال الحالية أو القادمة تمر بهذه الأسماء والأعلام الكبيرة، ولا تعرف شخصياتها، استعنا بخبراء ومتخصصين فى التاريخ، أمدونا بمعلومات عن هذه الشخصيات، وبدأنا نضع لافتات فى الشوراع، ونعرف الناس بمعلومات سريعة عنها، من هو ولماذا سمى الشارع باسمه، ونحن بصدد تعميم المشروع.
■ ماذا عن المبانى الحكومية التراثية فى منطقة وسط البلد والتى تضم المصالح والهيئات والوزارت؟
- القاهرة الخديوية وقاهرة وسط البلد ستصبحان متنفسا بعد إعادة صياغتها من جديد، والعاصمة الجديدة ستكون رئة وفرصة كبيرة لأن تنتقل المبانى القديمة إلى العاصمة الجديدة، لإعادة توظيف بعض المبانى لاستخدامات عناصر جديدة، وهناك مبانى ليس لها قيمة معمارية فيعاد استخدامها فى نشاط مختلف تماما، لكننا بصدد أعمال حصر وتوثيق هذه المبانى، كل مبنى حاليا يستخرج له بطاقة، ثم يتم تحديده ما إذا كان أثرا أو تراثا ذا طابع معمارى ومن أى فئة، أ أو ب، أو ج.