إسرائيل وسوريا.. اليوم وأمس وغداً «٢»

أسامة الغزولي الثلاثاء 17-07-2018 02:57

العلاقات بين إسرائيل وسوريا هى فى حقيقتها معقولة ومنطقية بأكثر مما يوحى الخطاب الرسمى فى البلدين فى الفترة من 1974 وحتى اليوم. أقصد أن البلدين يفهمان «لعبة الأمم» ويخضعان لأهم قاعدة فيها، كما يُفهم من العبارة التى ينسبها مايلز كوبلاند لزكريا محيى الدين، وهذه القاعدة هى تجنب الحرب قدر الإمكان.

واليوم تدخل العلاقة بين البلدين مرحلة جديدة. تنقل شبكة أخبار إسرائيل i24NEWS عن نتنياهو أن «حكومته ترتضى بقاء الأسد فى السلطة فى سوريا المجاورة حيث تتعزز سلسلة الانتصارات التى تحرزها حكومته» (12 يونيو) وتنقل ها آرتس عن رئيس الحكومة الإسرائيلى قوله «ليست بيننا وبين نظام الأسد أى مشكلة. لم تطلق رصاصة واحدة على هضبة الجولان طوال أربعين عاما» (12 يونيو). وتقول رويترز «إسرائيل لا تستبعد أن تمضى الأمور باتجاه قيام علاقات بينها وبين سوريا الأسد» (10يونيو). وتقول ها آرتس «أصبح أسد سوريا حليفا لإسرائيل» (5 يونيو).

لكن ما هى طبيعة النظام القائم فى هذين البلدين اللذين ربما كانا يتأهبان اليوم لقفزة لم تشهد المنطقة مثلها منذ رحلة السادات للقدس فى 1979؟ فى إسرائيل (التى أسميها إسرائيل- فلسطين) قضى التوسع الاستيطانى على منطق حل الدولتين الذى لم يعد الفلسطينيون متحمسين له. هم يريدون العيش مع الإسرائيليين فى دولة واحدة تتسع للجميع، لكن الإسرائيليين خائفون من التفوق الديموغرافى الفلسطينى الذى بدأ يتضح من مارس الماضى (يورى سافير/ المونيتور 8 إبريل). وفى سوريا، انتهت الحرب الأهلية التى فجرتها الحثالات المسلحة الإخوانية وغير الإخوانية، وكلها تتغذى على موروث حسن البنا، انتهت ليس فقط إلى انتصار بشار الأسد ولكن إلى تمزيق كيان السنة وإضعاف قدراتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لصالح الأقليات العلوية والمسيحية والدرزية واليهودية، كما تقول إيكونوميست البريطانية (28 يونيو). وهذا يعنى أن البلدين يحكمهما نظامان تضطهد فيه الأقليات المنتصرة أغلبية مهزومة وممزقة، وهو ما لا يمكن تبريره بأى أخطاء ارتكبتها الأغلبية، ولا يمكن أن يكون أساسا لاستقرار المنطقة. وهنا يأتى دور القوى الخارجية.

تحاول موسكو صوغ دستور جديد لسوريا أفضل من دستورها الحالى. ولندن تريد أن تلعب دورا فى صوغ علاقات أفضل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فهل تستطيع العاصمتان المساعدة فى الدفع باتجاه جعل النظامين الإسرائيلى والسورى أكثر إنسانية؟