شهدت الكويت خلال الثمانية وأربعين ساعة الماضية، استعدادات أمنية وعسكرية مكثفة على حدودها الشمالية؛ وذلك تزامنا مع المظاهرات الاحتجاجية الحاشدة التي تشهدها مدن الجنوب العراقى، للمطالبة بتحسين الخدمات الحكومية وتوفير فرص عمل، خاصة في ظل تطور تلك المظاهرات إلى أعمال عنف وتخريب ضد بعض المنشآت العامة.
ورفعت الأجهزة الأمنية، والقوات العسكرية الكويتية من درجة استعداداتها، كإجراء احترازى، تحسبا لأى محاولة للتسلل عبر منفذ «العبدلى» الذي يقع على الحدود الشمالية للبلاد مع العراق، إلى الداخل الكويتى، فيما منعت السلطات الأمنية الكويتية الاقتراب من المنفذ الحدودي، لغير المسافرين والعاملين في المنفذ.
وبعد اتساع دائرة المظاهرات في الجنوب العراقى، وملامسة الاضطرابات العراقية، لحدود الكويت الشمالية، من خلال تظاهر المئات في منفذ (سفوان) الحدودي، وإغلاقهم المعبر البري لساعات، قامت الكويت في اجراء احترازى، بالدفع بقوات خاصة، ووحدات من الاطفاء، على مقربة من الحدود، وبالقرب من ميناء مبارك، ومركز البحيث، وجزيرة بوبيان، فضلا عن تعزيز منفذ (العبدلي) ومحيط حقول النفط المحاذية للحدود العراقية، لسرعة التعامل الفورى مع أي طارئ، في الوقت الذي قام فيه رئيس أركان الجيش الكويتي الفريق الركن محمد الخضر، وعدد من القيادات العسكرية، بتفقد المنطقة الشمالية؛ للوقوف على جاهزية القوات هناك، في حين أكدت رئاسة الأركان- في بيان أمس- أن ما يجري في العراق «شأن داخلي»، وأن ما يقوم به الجيش بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الكويتية، مجرد إجراء احترازي.
وتنوعت ردود الفعل داخل المجتمع الكويتى حول مظاهرات الجنوب العراقى؛ ففي الوقت الذي رأى فيه بعض الكويتيين أن ما يحدث في العراق شأن داخلي، رأى بعض أعضاء مجلس الأمة الكويتى، أنه بالرغم من كونه شأنا داخليا للعراق، إلا أنه يجب الاستنفار، كإجراء احترازى لأى طارىء، مؤكدين ضرورة قيام الحكومة الكويتية، بتشكيل فريق لإدارة الأزمات، بالإشتراك مع المجتمع المدني.
وطالب رئيس لجنة الداخلية والدفاع بمجلس الأمة الكويتى النائب عسكر العنزي، بمتابعة التطورات الأخيرة في العراق، لاسيما المناطق الجنوبية القريبة من الكويت، داعيا إلى التسلح باليقظة والحذر، وعدم التهاون مع أي تطور، مؤكدا في الوقت نفسه، أن الكويت لديها خطط لمواجهة أي تطورات طارئة؛ حيث اتخذت الحكومة التدابير اللازمة، سواء من الناحية الأمنية، أو الخدماتية، أو الدبلوماسية لأى طارىء.
أما مقرر لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية النائب الدكتور محمد الحويلة، فقد أعرب عن قلقه البالغ جراء مايحدث من توتر واضطراب في جنوب العراق، وتحديدا في المنطقة الحدودية بين الكويت والعراق، وقال :«إن مايحدث في المنطقة الحدودية، نتيجة متوقعة للتصعيد السلبي في العلاقات الأمريكية – الايرانية، ولتوتر العلاقة بين عدد من دول الخليج وايران، إضافة إلى عدم الاستقرار الداخلي الناتج عن التمزق الطائفي والتدخلات الخارجية، وأخشى أن يكون هذا الاضطراب متعمدا ومدفوعا لتهديد الأمن الكويتي، لذلك ندعو الأجهزة الأمنية إلى التسلح باليقظة والحذر وعدم التهاون ورفع حالة التأهب للدرجة القصوى، وتجهيز فريق لادارة الأزمة ليضع خطة طوارئ شاملة، تحسبا لتطور الأحداث».
بدوره، أكد النائب على الدقباسي أن وجود المتظاهرين العراقيين بالقرب من الحدود الكويتية أمر مقلق، وليس وليد الصدفة، وإنما جاء كحلقة جديدة من مسلسل تهييج المنطقة نتيجة الاحتقان الذي تمر به، بينما قال النائب محمد الدلال، إن ما يحدث قرب المنطقة الحدودية بين الكويت والعراق، سيناريو متوقع، خاصة في ظل توتر العلاقات الأمريكية مع ايران، مؤكدا أن الكويت قامت وتقوم بأدوار كبيرة أمنية وعسكرية ودبلوماسية؛ للحيلولة دون جرها أو إقحامها في الصراعات الإقليمية.
وكانت مدن العراق الجنوبية، قد شهد مظاهرات ضخمة خلال الأيام الماضية، للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل، فيما شهدت المظاهرات بعض أعمال العنف، بعد قيام بعض المتظاهرين باقتحام مطار النجف الدولي الليلة قبل الماضية، وتحطيم عدد من نوافذه الزجاجية، فيما أقدم متظاهرون قبل أيام على اقتحام موقع لحماية أحد الآبار النفطية في مدينة البصرة، وحرق كرفانات الحراس وتدمير أجهزة التبريد.
وأعلن المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي أمس- عقب اجتماع طارئ عقده برئاسة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، لمناقشة الوضع الامني في البلاد- أنه سيتخذ اجراءات رادعة بحق من وصفهم بالمندسين في المظاهرات، والذين يعتدون على الممتلكات العامة والخاصة في البلاد، مشددا على أن الاساءة للقوات الأمنية العراقية، تعد اساءة بحق الدولة وسيادتها.
في الوقت الذي أكدت فيه وزارة الخارجية الكويتية – في بيان أمس- أن الأوضاع على الحدود الشمالية للكويت يسودها الأمن والهدوء، وأنه ليس هناك ما يدعو إلى القلق بشأن تلك الأوضاع، مشددة على أن الجهات الأمنية المختلفة، تراقب عن كثب الأوضاع الأمنية هناك وتطوراتها.
وأضافت الوزارة أن الكويت تتابع باهتمام بالغ الأحداث والتطورات الأخيرة في العراق، والمتمثلة بالمظاهرات والاحتجاجات التي جرت هناك، وتؤكد ثقتها بقدرة العراقيين على معالجة هذه الأحداث، بما يحقق الحفاظ على أمن واستقرار العراق وسلامة أبنائه.