عماد أديب: مصر بين نصف ثورة ونصف انقلاب «1-2»

كتب: مجدي الجلاد, علاء الغطريفي السبت 03-12-2011 23:04

قبل أشهر من قيام ثورة 25 يناير، أطلق الكاتب والإعلامى الكبير عماد الدين أديب، مبادرة تاريخية دعا فيها حسنى مبارك، الرئيس السابق، إلى وضع سيناريو لخروجه الآمن من السلطة، محذراً من خطورة الفراغ السياسى ورافضاً سيناريو التوريث.. وتحققت نبوءته خلال أشهر معدودة، وسقط مبارك فى 11 فبراير. وبعد 9 أشهر من التأمل السياسى، عاد الإعلامى الكبير ليطلق صرخة جديدة، تدعو إلى خروج آمن للبلاد من الأزمة السياسية الراهنة، وخروج آمن للمؤسسة العسكرية.

فى خطوة يعتبرها مفتاح الحل للخروج من عنق الزجاجة، يرى أن النقاء الوحيد فى الساحة المصرية هو شباب التحرير الذى يصفه بأنه «المدينة الفاضلة» فى ظل انتهازية النخبة السياسية التى يعتبرها أسوأ ما فى الشعب المصرى.

يطلب من عقلاء الأمة الذهاب إلى العسكر ليجيبوا عن الأسئلة الصعبة «متى وأين وكيف وماهى الضمانات للخروج من السلطة؟» ويرى أن من تجرع السلطة 60 عاما لن يرضى بتركها بسهولة، فالمؤسسة العسكرية هى الحاكمة فى مصر منذ آلاف السنين.

إنه الكاتب الصحفى والمحاور الشهير عماد الدين أديب، يقرأ مصر الثورة.. مصر الانقلاب أو حسب تعبيره حالة نصف الثورة ونصف الانقلاب فى أول حوار صحفى بعد تنحى مبارك فى فبراير الماضى.. فإلى التفاصيل.

■ ما رأيك وتحليلك للفترة السابقة منذ 11 فبراير حتى اليوم؟

- لابد أن نرجع لسؤال أساسى: عندما خرج الشباب النقى يقول «الشعب يريد إسقاط النظام» حينما رفعوا هذا الشعار ماذا كانوا يتخيلون؟، كانوا يتخيلون أن إسقاط النظام يعنى إسقاط الرئيس «مبارك» وأعوانه ومؤسساته، أنا أقول إن كلمة «إسقاط النظام» تختلف من دولة إلى أخرى، فإذا قلت فى الأردن الشعب يريد إسقاط النظام فأنت تقصد النظام الهاشمى وليس الملك، أما السعودية فأنت تقصد إسقاط آل سعود، وفى سوريا فليس أن يذهب بشار الأسد وإنما تقصد ذهاب الطائفة العلوية، أما حينما تقولها فى مصر فيجب أن تدرك أنك تقصد المؤسسة التى تحكم مصر وهى المؤسسة العسكرية، مصر تحكم منذ عام 1952 بواسطة الجيش أو المؤسسة العسكرية، الشباب اعتقد أن إسقاط النظام هو إسقاط الرئيس وهذا خطأ لأن مبارك ليس نهاية النظام، وتصورهم هذا جعلهم يضحون بدمائهم فى ثورة هى حق امتياز حصرى لنا وهى 25 يناير.

من منظور آخر المؤسسة العسكرية عندما تقول الشعب يريد إسقاط النظام لا تعنى بالنسبة لهم إسقاط المؤسسة العسكرية فهى الحامية الشرعية للبلاد بدليل أن الجيش دائما ثائر ضد شرعيات قائمة تأييدا للشعب، «عرابى» ثار على الحاكم ممثلا للجيش انحيازا للشعب، «عبدالناصر» فى 23 يوليو ثار للشعب، وبنفس المنطق وقف الجيش المصرى ضد قائده الأعلى انتصارا للشعب، إذن بمنظور المؤسسة العسكرية 25 يناير امتياز حصرى لنا نحن من صنعناه، إذن أنت لديك حدث واحد وتفسيران مختلفان، الأول تفسير الشباب أن إسقاط النظام هو عمل قمنا به وتم بخروج الرئيس، فى حين أن تفسير المؤسسة العسكرية هو أنه لولانا نحن لكان من الممكن أن تصبح أحداث التحرير مجرد مظاهرات فى شوارع.

■ تتحدث هنا عن تفسيرين مختلفين متضاربين؟

- التفسير المتضارب المزدوج لم يكن له إمكانية للتعايش إلا فى حال إدراك كل منهما أنه ليس وحده صاحب الفضل الوحيد فى 25 يناير، ولكن ما حدث هو التصادم وليس التقاسم، هذه النقطة هى الجوهرية لفهم ما يتلوها من قرارات أو تفاصيل أو أحداث عقب يناير، الشباب لم يتخيلوا أنهم يصطدمون فى نهاية الأمر بالجسم الصلب للقوات المسلحة، والجيش لم يكن يتصور أن الشباب الذى وقف معهم سيضطر إلى الاصطدام بهم، جاء فى وسط الفهمين المختلفين الانتهازية العظمى للنخبة السياسية المصرية، وبقدر ما كان الشباب نبيلا كان الشيوخ قمة الانتهازية، ركبوا ثورة الشباب وعرضوا أنفسهم لدخول غرفة النوم مع المجلس العسكرى، فبالتالى أصبحت هناك قوتان كل منهما لها فهم مختلف عن مستقبل البلاد، ودخلت بينهما النخبة السياسية من الأحزاب التقليدية والأحزاب المتعطشة المحرومة التى خرجت تبحث عن دور سياسى والقوة الصاعدة التى تريد أن تنشئ أحزاباً وقوة، هذه الخلطة العجيبة الغريبة ساهمت فيما وصلت إليه مصر فى مجموعة من الأحداث ارتفعت فيها الموسيقى فى تلك السيمفونية فى موقعتين هما موقعة ماسبيرو وموقعة فض اعتصام التحرير فى نوفمبر، فكانتا قمة المأساة وهما أقصى حد لتأجيج الصراع.

■ أين نحن الآن؟

- نحن فى هدنة مؤقتة لهذا الفهم الملتبس وتجميد لحالة الصراع بشكل يرجع إلى حالة الانشغال بالانتخابات ولكن هذا لا يعنى أن الانتخابات بنجاحها هى بداية الحل السحرى لمشكلة تضارب المصالح والتفسيرات لما حدث فى 25 يناير، بالعكس الانتخابات هى بداية لمرحلة جديدة من المواجهة والتصعيد ما بين قطبى الثورة- الشباب الذى ثار، والجيش الذى حمى والسبب النخبة الانتهازية السياسية.

■ لماذا قد تؤدى الانتخابات إلى تأجيج الصراع؟

- لابد أن نلاحظ، نحن الآن فى المرحلة الأولى للانتخابات، وإذا اكتملت فى مرحلتيها الثانية والثالثة، فهى بروفة لمجلس جديد يأتى بعد اكتمال البنيان الدستورى والرئاسى، فهو بروفة لبرلمان، والمرحلة الأولى هى بروفة للانتخابات أى أننا فى بروفة البروفة، وإذا اكتملت المراحل الثلاث فسنصل إلى مجلس هو بروفة لمجلس قادم، وهنا ينبغى أن نشير إلى أن أهم المكاسب نسبة الحضور، خروج حزب الكنبة إلى الشارع، وأن المصريين من 5400 سنة لأول مرة يقفون فى طابور هو الأطول فى حياتهم ليس بحثا عن دجاجة أو رغيف خبز أو معاش، ولكن من أجل أن يدلوا بأصواتهم فى انتخابات حرة نزيهة.. لأول مرة المصرى يعرف أن صوته فارق، ولكن لابد من تحليل الحدث فى حدوده وهو أننا فى انتخابات حرة ولكن ليست انتخابات حرة فى مجتمع ديمقراطى، لأن المناخ ليس ديمقراطيا لأنها ما زالت فى حماية الشرطة العسكرية والشرطة المدنية، وهما مشكورتان، ولكن أن تتم والذين يذهبون بأصواتهم لا يعرفون برامج الأحزاب التى يصوّتون لها..

وأتحداك أن هناك من حصل على صوت انتخابى لأنه يحمل حلولاً للإسكان أو للتأمين الصحى أفضل من منافسه. لم يتم اختيار مواطن مصرى فى هذه الانتخابات بسبب اختلاف فى الرؤى والمصالح ولكن الاختيار هوائى قائم على الانطباعات، هو اختيار يتم فى زمن حرية ولكنه ليس الاختيار الناضج للانتخابات الذى يتم بناء على أفكار وبرامج ومصالح واضحة وحلول تطرح جميعها على الناخب فيفاضل بينها بدليل أن هناك جمهوراً يصوت للحزب الجمهورى تارة وللحزب الديمقراطى تارة، وفى بريطانيا يصوتون للعمال وبعدها يصوتون للمحافظين، ذلك لأن البرامج أو الأفكار المطروحة فى هذا الزمان والمكان تتفق مع مصالحهم، ولذلك فإن المصوت يذهب دفاعا عن مصالحه.

■ تلك الفكرة تعيدنا إلى ما تردد سابقا أن الشعب المصرى لم ينضج بعد؟

- ليس لأن الشعب لم ينضج، ولكن لأن نخبته لم تلعب دورها بعد لتساعده على النضوج، بمعنى أن ابنى لا يعرف يمشى ليس لأنه مشلول لا سمح الله ولكن لأننى لم أعلمه كيف يمشى، لأننى طوال الوقت أريد أن أحصل على الامتياز الحصرى للتحدث باسمه لعدم إعطائه الفرصة لكى يختار هو، وتلك قصة أخرى هى خيانة المثقفين التقليدية، وأسوأ ما فى الشعب المصرى هو مثقفوه ونخبته السياسية، وأفضل ما فيه شبابه النقى غير الملوث الذى قام بالثورة.

■ وماذا عن قصة تأجيج الصراع؟

- نعود لقصة تأجيج الصراع. صباح اليوم التالى للبرلمان الجديد أنت تعقد الاجتماع البرلمانى ومجلس الوزراء محاصر، تعقد البرلمان والشباب فى التحرير، والتركيبة لأول مرة الغالبية ليست للحزب الموالى للدولة، والغالبية ليس بإمكانها اختيار الحكومة التى تعبر عنها، وهنا يكون مثلث الصراع على النحو التالى المجلس العسكرى الذى يمثل سلطة الرئاسة، والبرلمان الذى يمثل الاختيار الشعبى، والحكومة المعبرة عن المجلس العسكرى، المجلس جاء بالاستفتاء على الدستور وتنحى الرئيس، والبرلمان بالاختيار الشعبى، والحكومة جاءت باختيار المجلس العسكرى، والاصطدام بينهم مثل المعادلة الكيميائية حتمى.

■ متى لا يحدث التصادم بين الجهات الثلاث؟

- إذا قام المجلس العسكرى والحكومة بشراء قيادات فى المجلس بوعود سياسية مستقبلية، ولكن هذه الصفقات لن تتم بوجود ميدان التحرير الذى سيظل هو الضمير العام الذى يراقب الجميع، بدلا من أن تكون الرقابة من المجلس، أنا أتوقع أن تستمر الرقابة من التحرير لأنه ضمير الأمة.

■ وهل يعنى ذلك أن التحرير هو المعامل الرابع فى المعادلة الكيميائية؟

- بالطبع، ولأن التحرير لم يدخل المجلس ولم يدخل الحكومة ومازال بالخارج، لم تكتمل الثورة، فالثورة تعرف على أنها عمل تغييرى يهدف إلى تغيير سلطة بسلطة ودستور بدستور وعقد اجتماعى بآخر ولا تكتمل الثورة إلا بقيام الثوار بتولى مقاليد الحكم، إذا أخذنا هذا التعريف تجد أن ما يحدث حاليا لا علاقة له أبدا بالثورة، أنت فى حالة نصف ثورة، نصف انقلاب، الثورة لم تكتمل، والانقلاب لم يكتمل، والصراع قائم بين الاثنين بكل أسف.

حينما كان شباب التحرير ونحن على بعد 100 متر منه جاء بعض الشباب قبل تنحى الرئيس سألونى: إذا افترضنا أن النظام سقط بماذا تنصحنا؟، قلت لهم أنصحكم بنصيحتين: الأولى لا تصطدموا بالجسم الصلب فى الدولة وهو الجيش، خذوا الجيش فى أحضانكم، اكسبوه فى صفكم خذوه معكم وليس ضدكم، وثانيا انتظموا سريعا فى أحزاب يكون فيها من يتفاوض باسمكم، وهنا نرجع إلى فكرة سأظل دائما فى الميدان، وكأن الجلوس على مائدة مفاوضات هو «عورة»، رغم أن أى عمل سياسى أو عسكرى ينتهى دائما بالجلوس على مائدة المفاوضات، ليس العيب هو التفاوض ولكن هو ماذا يحدث فى التفاوض؟، إذن لديك مرجعية أخلاقية وسياسية وبوصلة واضحة، اجلس وتفاوض ولا تخش شيئا، الموقف تعقد أكثر وأكثر بأنه وقع حادثان هما ماسبيرو وأحداث التحرير الأخيرة، وهما ما جعلا المجلس العسكرى يشعر بقدر هائل من التوتر لأنه كان يريد أن يبقى خروجه من السلطة غير متورط فى أى عمل من أعمال العنف ولأنه اتخذ قرارا بأن يكون الجيش الذى أمسك بالأمور فى مرحلة مهمة، وانتهى منها دون أن يطلق رصاصة ضد الشعب، من هنا الحدثان جعلا حسابات الجيش قلقة ومتوترة حول مستقبله، أى تسليم السلطة.

السؤال متى وأين وكيف تسلم السلطة وبأى شروط؟ وضع 10 أسطر على الكلمة التالية «ضماناتى الشخصية كأفراد وكمجلس أعلى وكجيش وكمؤسسة عسكرية» فى صبيحة اليوم التالى حينما أترك السلطة. لم يجرؤ سياسى واحد ماهر أن يقرع الباب ويدخل على المجلس الأعلى فى الأشهر العشرة الماضية ويقول له نحن نشكرك على ما فعلت ونعرف أنك ستترك السلطة ولديك لنا 3 أسئلة متى وكيف ستخرج، وما هى ضماناتك حتى ننهى هذا الموضوع؟! وبالتالى حينما أشعر- أى العسكر- أننى فى خطر إذا خرجت وأقل خطرا إذا بقيت، فالأفضل أن أبقى.

■ الدكتور محمد البرادعى قال ذلك على «تويتر» فى جملة «الخروج الآمن للمجلس العسكرى»؟

- إذا كان الدكتور «البرادعى» قد قال ذلك على «تويتر» لماذا عندما التقى المشير لم يفتح معه الموضوع؟ فلماذا لم يطلب مجموعة من العقلاء الحكماء اجتماعا غير معلن مع المجلس العسكرى لمناقشة هذا الأمر؟، يجتمعون بالمجلس ويقولون: لهم ذات يوم ستخرجون وكل يوم ستبقون فيه خسارة عليكم وعلينا، تعالوا نتفاوض جميعا بطريقة الخروج المشرف الكريم، لأن الإضرار بكم إضرار بنا، الجميع يتحدث دائما عن المجلس والجيش، الذى يحكم مصر لا المجلس ولا الجيش وإنما المؤسسة العسكرية التى تواجه خطر المستقبل وعليها حاليا ألا تشعر بتوتر حول مكانة المؤسسة التى هى الحزب الوحيد النظامى فى مصر منذ 5400 سنة وحتى الآن، من أول رمسيس الثانى المؤسسة العسكرية هى الجسم الصلب فى مصر، لكن الكل لا مانع لديه أن يبقى الحكم عسكريا ولكن مقابل بضع مصالح كمدنيين.

لو تلاحظ حركة النخبة فى مصر منذ 11 فبراير حتى مارس كان هناك أعلى قدر من التدليل والنفاق والتملق للثورة، وفى صبيحة يوم إعلان نتائج الاستفتاء بدأت النخبة المصرية، أو معظمها، ممالأة المجلس العسكرى والإخوان، وحينما حدث خلاف بين «المجلس» و«الإخوان» انقسمت هذه النخبة بين من يراهن على الإخوان ومن يراهن على المجلس العسكرى ولو فاز الألتراس بقوة فى مصر لذهبوا إليه، أنت تشاهد حالة من النظام، بمعنى أن حكم مبارك انتهى، ولكن إن فكرت فإن هذه المؤسسة القديمة التى حكمت مصر على مدار 60 سنة هى ليست شخصا هى حالة مازالت مستمرة وليست فى ذهنية الذين يحكمون ولا الموجودين فى «طرة» فحسب وإنما فى مؤسسات داخل الدولة، ما يميز التحرير هو أنه المدينة الوحيدة الفاضلة التى نمت داخل «فيس بوك» و«جوجل» وليس وزارة التربية والتعليم المصرية والإعلام المصرى، لماذا جاء هذا الجيل دونا عن غيره بالتغيير؟ لأنه لو لم يكن هناك الإنترنت والستالايت لما حدث التحرير، لأن هؤلاء الذين خرجوا فى 25 يناير هم أبناء واقع افتراضى عالمى نما فى رحم ثقافة عالمية وليس فى رحم ثقافة الإعلام والكنائس والمساجد المصرية، والتعليم المغلوط والتغذية الفاسدة، لذلك مصر الآن إذا أردت أن تحللها هى ليست مصر واحدة ولكن «أمصار»، هى مصر «الفيس بوك»، و«مصر الإخوان»، و«مصر الليبراليين»، ومصر التنويرية والعامة «حزب الكنبة».

أنا ليس لدى ثأر شخصى مع الإخوان أو السلفيين ولكنى لا أنتمى لأفكارهم، ولابد من القيام بإعادة تأهيل لهم لأنهم مستجدون، ولكن ليس لدينا هذا النوع من التآخى الفكرى، فكل واحد يصارع من أجل نفسه، أكبر خطر أراه حاليا هو أننا نشهد فى هذه الانتخابات اختيارات على أساس طائفى، وهى حالة لم تكن أبدا فى تاريخ مصر، مكرم عبيد فاز فى الانتخابات بأصوات الأغلبية المسلمة، النحاس باشا كان يحصل على أغلب أصوات الأقباط، حتى الإمام حسن البنا لم يعرف عنه قط أنه عادى قبطيا وليس فى تاريخه سطر واحد فيه نوع من الامتهان لأبناء الوطن الواحد، أنا غير قلق من أن يحصل الإخوان على مقاعد كثيرة، ولكنى قلق من أن تكون نسبة الأقباط هزيلة، وقلق بشكل أكثر من أن تكون نسبة شباب التحرير هزيلة، برلمان منزوع الأقباط وشباب التحرير خطر للغاية، برلمان لا يستطيع أن يشكل الحكومة خطر كبير، طالما أنك لم تحل مسألة المواطنة والتمثيل القبطى والحقوق الكاملة لأقباط مصر فأنت لم تحدد بوصلة اختياراتك فيما يخص الاقتصاد لإنقاذ مصر من المجاعة المقبلة. الحل عند المصريين للخروج من الأزمة هو «أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف».

التحديات المقبلة التى أسأل عنها دائما، المجلس العسكرى «قاعد» ولا «ماشى»، وإذا كان مستمرا فكيف سيجلس؟ وإذا كان سيرحل فكيف سيرحل؟ ثانيا الإخوان مع دولة مدنية أم دينية؟، وإذا كانت مدنية فستكون بأى شكل وإذا كانت دينية فإلى أى مدى نحن مستعدون للدخول فى الصراع؟، شباب الثورة هل سيستمرون فى الثورة إلى الأبد أم سيحولونها إلى مشروع دولة؟ وإذا استمروا أو دخلوا فى الدولة فكيف سيكون؟ اعتقد أن الثلاثة لم يجيبوا عن تلك الأسئلة حتى الآن ودقات الوقت تدهمنا، ومطلوب منك أن تسافر إلى جهة أخرى وأنت لا تعلم إلى أين تذهب من الأساس، أتحدى أن يكون أى طرف لديه معرفة بمحطته النهائية.

■ ما تصورك أو السيناريوهات المتوقعة تجاه الأقطاب الثلاثة أو القوى الثلاث ونحن فى مرحلة مقبلة تتضمن استحقاقات عديدة؟

- العملية الحالية أهم شروطها ألا تبدأها قبل أن تعلم نهايتها، المجلس العسكرى والإخوان والثورة ركبوا ثلاثة قطارات مختلفة لا أحد منهم يعلم إلى أين ستؤدى به، المشكلة أريد أن أوضح أننى لست مع أحد ضد الآخر، فقط أريد أن أفهم وأبحث عن حلول تحقق للمصريين «آمنهم من خوف وأطعمهم من جوع»، إذا سألتنى عن الاستراتيجية التى أتمناها لمصر أقول لك المواطن المصرى يكتفى باحتياجاته، ويعيش فى حالة آمنة مستقرة، ليس عندى مشروعات كبرى بأن المواطن يأكل «كباب» قبل النوم أو ما نسمعه من النخبة، لكن لدى حلم محدد لابد أن نخرج به من عنق الزجاجة ولحين الخروج منها، لا مناص ولا بديل من جلوس النخبة مع المجلس الأعلى لترتيب عملية ضمانات ما بعد الخروج، كيف ومتى وأين ستكون المؤسسة العسكرية؟

وهل ستكون على النسق التركى لأردوجان؟، هل هى على حالة جنرالات أمريكا اللاتينية؟، أم أن رئيس الجمهورية سيكون سكرتيراً للمؤسسة العسكرية يتحدث باسمه؟ التخيل أن الجيش يعود إلى ثكناته ولا علاقة له بالحياة السياسية هو تخيل فى غاية السذاجة، لأن من تعود على شىء فيما يقرب من 60 عاما فلن يفعل عكسه صبيحة اليوم التالى، فعلى الأقل أن يكون هناك نوع من المفاوضات لنصل إلى منتصف الطريق قبل أن تتطور الأمور فى إصلاح دستورى آخر، لم يكن من الغباء فى التجربة التركية أن تعطى هذا الدور للجيش، ثم تستمر فى التركيز على حالة التنمية الاقتصادية والسياسية، والاندماج مع المجتمع العالمى، فإذا ما وصلت إلى مرحلة القوة وتصبح الدولة المدنية أقوى من كل شىء تستطيع أن تخرج.