5 ملفات شائكة تعترض طريق حكومة الجنزورى

تواجه حكومة الدكتور كمال الجنزورى، التى يترقب الكثيرون خطواتها لإنقاذ الاقتصاد المصرى فى المرحلة الراهنة، 5 ملفات شائكة أكثر تشابكاً، كفيلة بوضع هذه الحكومة فى اختبار صعب. فبينما جاء ملف الدعم، كأكثر الملفات خطورة وحساسية من قبل حكومتى أحمد شفيق وعصام شرف اللتين تولتا أمور البلاد فى أعقاب الثورة، إلا أن هذا الملف يظل الأشد خطورة فى الاقتراب منه وتعديل بنوده للخروج من النفق المظلم لعجز الموازنة العامة للدولة، الذى يسير بجانب تراجع احتياطى النقد الأجنبى الذى يواجه نزيفاً مستمراً منذ يناير الماضى، مما ينذر بتآكله فى غضون أشهر قليلة،. وحذر الخبراء من أن تراجع الاحتياطى من النقد الأجنبى سيضغط على قيمة الجنيه المصرى ويدفعه للتراجع أمام العملة الأمريكية، ليرفع بدوره من قيمة الواردات السلعية وزيادة الأسعار محليا، مشيرين إلى أن تراجع الأداء الاقتصادى يزيد من تفاقم أزمة البطالة ويعرض المجتمع للمزيد من الأزمات.

 

احتياطى النقد الأجنبى يضع «حكومة الإنقاذ» فى اختبار صعب.. وخلاف على طرق إسعافه

فى مؤشر خطير على إمكانية مواجهة الاقتصاد المصرى أزمة طاحنة خلال الأشهر القليلة المقبلة، تعالت التحذيرات من تآكل احتياطى البلاد من النقد الأجنبى، ليصل إلى معدلات لا يمكن معها تغطية أكثر من 3 أشهر من الواردات السلعية، مما يضع الحكومة الجديدة فى مأزق شديد واختبار صعب.

وطالب خبراء مصرفيون بضرورة اتخاذ حكومة الدكتور كمال الجنزورى خطوات جريئة لإيقاف نزيف احتياطى النقد الأجنبى، منها إيقاف الاستثمارات الأجنبية قصيرة الأجل، لاسيما الموجهة إلى أذون الخزانة والبورصة، لكن مسؤولين فى شركات السمسرة للأوراق المالية حذروا من خطورة هذا المقترح وانعكاسه سلباً على الاستثمار فى مصر.

وقال أحمد آدم، الخبير المصرفى، إن هذا التراجع الكبير، لم يكن فى المقام الأول بسبب انخفاض الموارد الدولارية لمصر، وإنما بسبب تحويلات تمت لرؤوس أموال أجنبية قصيرة الأجل، كانت مستثمرة بأذون الخزانة.

وأوضح «آدم» أنه تم خلال الفترة من يناير حتى مايو الماضى فقط، تحويل رؤوس أموال أجنبية كانت مستثمرة بأذون الخزانة، بنحو 35.1 مليار جنيه (تعادل نحو 5.9 مليار دولار).

وطالب «آدم» بإيقاف الاستثمارات الأجنبية قصيرة الأجل سواء فى أذون الخزانة أو البورصة، مشيراً إلى أنه من الممكن اشتراط أن يكون الاستثمار فى البورصة طويل الأجل، كما يمكن أن يتم قصر الاستثمارات الأجنبية على السندات طويلة الأجل، وذلك لإيقاف نزيف الاحتياطى من النقد الأجنبى فى ظل الظروف الراهنة.

كان اللواء محمود نصر، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رئيس هيئة الشؤون المالية للقوات المسلحة، مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية، قد حذر من أن احتياطى النقد الأجنبى لمصر سينخفض إلى 15 مليار دولار بنهاية يناير المقبل، مضيفاً أن 10 مليارات دولار فقط من الاحتياطيات ستكون متاحة نظرا لوجود مستحقات قائمة قدرها 5 مليارات دولار، تتعلق بمدفوعات مستثمرين أجانب والتزامات أخرى. لكن أسامة مراد، الرئيس التنفيذى لشركة «آراب فاينانس» للسمسرة فى الأوراق المالية، حذر من اتخاذ أى خطوة من شأنها تقويض الاستثمارات الأجنبية فى البورصة.

واعتبر «مراد» أن الاستثمارات طويلة الأجل لا تأتى إلا من خلال الاستثمارات قصيرة الأجل التى تجس نبض السوق.

 

«شعبة الصرافة»: الدولار يحتاج إلى الأمن والمعروض يتخطى الطلب :

طالبت شعبة الصرافة باتحاد الغرف التجارية، الحكومة الجديدة بضرورة ضبط الأمن فى الشارع، بالتوازى مع السياسة النقدية التى يفرضها البنك المركزى فى التعامل مع الدولار، بينما استبعد محمد الأبيض، رئيس الشعبة، ارتفاع قيمة العملة الأمريكية على خلفية صعود التيار الإسلامى وفقا لمؤشرات نتائج المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية.

وقال «الأبيض»، فى تصريح لـ«المصرى اليوم»، إن الغياب الأمنى أدى إلى انعدام موارد الدولة من الدولار كالصادرات والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، ورغم ذلك تعامل البنك المركزى بسياسة حافظت على دعم أسعار الجنيه مقابل الدولار.

وحذر «الأبيض» من تراجع احتياطى النقد الأجنبى إلى 15 مليار دولار، مما يؤثر سلبا فى قدرة البنك المركزى على التدخل لوقف أى نزيف متوقع لقيمة الجنيه أمام الدولار.

وأكد أن تدخل «المركزى» بضخ مبالغ دولارية، يعد بمثابة وظيفة أساسية له لضبط الأسواق، مشيرا إلى أن المرحلة الماضية شهدت ضغطاً واسعاً من الطلب على الدولار، لكنه لم يرتفع كما كان فى الماضى.

وأوضح أن الدولار يشهد تحسنا، حيث سجل السبت 6 جنيهات وقرشاً واحداً، وذلك بسبب استقراره وتخطى المعروض للطلب على مدار الأيام العشرة الماضية، خاصة أن الدولار أصبح لا يرتفع بأكثر من 10 قروش، فى حين كان يسجل ارتفاعات تصل إلى 50 قرشا دفعة واحدة. وقال إن أسعار الدولار شهدت مسلسل ارتفاعات تضمن زيادة الدولار من 5.95 جنيه إلى 5.97 جنيه ثم كسر حاجز الـ 6 جنيهات، ليدور حول الستة جنيهات بواقع زيادة لا تتعدى قرشاً أو قرشين.

وتوقع ألا تقوم حكومة الدكتور الجنزورى بأى انجاز جديد، خاصة فى الاقتصاد المحلى خلال فترة توليها دون عودة الأمن للشارع، مع استبعاده المخاوف من صعود التيار الإسلامى فى البرلمان الجديد وتأثير ذلك على الدولار. وأكد أنه حتى عقب انتهاء المراحل الثلاث للانتخابات البرلمانية، لا يمكن تحديد من الذى سيحكم مصر، وهو ما يثير القلاقل، خلال تداول الدولار فى السوق، خاصة أنه تظل هناك اضطرابات فى الشارع السياسى.

 

الحكومة تراهن على المجمعات الاستهلاكية لضبط الأسعار:

 

كشفت تصريحات الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، حول ضبط السوق، عن اتجاه الحكومة الجديدة، لاستخدام المجمعات الاستهلاكية، المملوكة للدولة كذراع تجارية لضبط الأسعار وإعادة التوازن للسوق من جديد.

وطالبت شركات المجمعات الاستهلاكية المملوكة للدولة، بإلغاء تعامل المستوردين مع هيئة السلع التموينية، التى تمد المجمعات بالسلع والمنتجات، على أن تقوم الهيئة بالاستيراد مباشرة، من أجل تقليل الفارق فى الأسعار.

قال كمال عمار، العضو المنتدب لشركة «النيل» للمجمعات الاستهلاكية، التى تدير أكثر من 80 فرعا: إن تفعيل دور هيئة السلع التموينية فى عمليات الاستيراد من شأنه خفض الأسعار، خاصة فى السلع غير المدعومة من السكر والزيت والأرز.

وأضاف عمار فى تصريح لـ«المصرى اليوم»، أن الشركات التابعة للقابضة الغذائية، ومنها شركات إدارة المجمعات، ليست لديها بطاقات استيرادية باستثناء عدد محدود للغاية، فى حين تعتمد هيئة السلع التموينية على المستوردين.

وأوضح أن الاعتماد على المستوردين يوسع حلقة تداول السلعة مما يزيد من سعرها، وهو ما يمكن تفاديه، خاصة أن هذه التجربة تمت خلال الفترات التى شهدت أزمات فى ارتفاع أسعار الخضروات قبل الثورة مباشرة.

وأشار عمار إلى أن شركات المجمعات قامت بشراء الخضروات مباشرة من المزارعين كوسيلة لتدخل الدولة لضبط الأسعار، وفقا لصلاحيتها الرئيسية خلال تطبيق سياسات تحرير الأسواق.

ولفت إلى أن الدكتور كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، أعلن قبل يومين اعتماده على استخدام ذراع الحكومة فى ضبط الأسواق وهى 1200 مجمع استهلاكى، خاصة أن المجمعات مازالت تطرح السلع بأسعار تقل عن السوق بنسبة 15%.

من جانبه، اتفق اللواء حمزة البرى، رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التضامن الاجتماعى، مع مطالب المجمعات الاستهلاكية فى شراء السلع التموينية جميع احتياجاتها مباشرة.

وقال البرى، إنه تم ضبط 250 مخالفة خلال الأسبوع الماضى ما بين المغالاة فى الأسعار وانتهاء الصلاحية، والغش التجارى بسبب وجود سلع مجهولة المصدر، تشمل سلعاً غذائية وغير غذائية.

وحذر من خطورة زيادة أسعار السلع المدعومة، مثل السكر والزيت والبنزين والبوتاجاز، مشيرا إلى أن أسطوانة البوتاجاز ارتفعت بقيمة 5 جنيهات، وهو معدل كبير وغير مبرر.

 

 

رئيس منتدى البحوث الاقتصادية: عودة الأمن وإلغاء دعم الطاقة وعجز الموازنة أولويات «الجنزورى»

 

أكد الدكتور أحمد جلال، رئيس منتدى البحوث الاقتصادية، أن حكومة الدكتور كمال الجنزورى مطالبة بإلغاء فورى لدعم الطاقة، خاصة للمصانع كثيفة الاستهلاك، معتبراً أن وصول الدعم إلى نحو 100 مليار جنيه غير منطقى، خصوصاً أن المستحقين للدعم لا يحصلون إلا على نسبة ضئيلة منه.

وأشار «جلال» إلى أنه يمكن المحافظة على دعم الدولة للمواصلات العامة ووسائل النقل، والدعم الموجه للخبز، ولكن لا يمكن ترك ملف الدعم دون حلول عملية ومنطقية لتوصيله إلى مستحقيه فقط.

وطالب «جلال» فى تصريحات خاصة لــ«المصرى اليوم»، حكومة الجنزورى بوضع رؤية وبرنامج عمل مرتبط بجدول زمنى محدد، على أن تضع الأولويات الأمنية والاقتصادية فى مقدمة عملها خلال المرحلة المقبلة.

واعتبر أن تصريحات رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة حول التركيز على الأمن بداية مبشرة، باعتبار أن حل الأزمة الاقتصادية أساسه حل أمنى وسياسى فى المرحلة القصيرة.

وقال «جلال» إن الحكومة المقبلة ومن قبلها التيارات الإسلامية التى حصلت على الأغلبية فى المرحلة الأولى من الانتخابات مطالبة بتطمين الشعب المصرى والإعلان عن رؤيتها الاقتصادية، واقتراح حلول عملية للمشكلات الاقتصادية مثل عجز ميزان المدفوعات وتباطؤ التشغيل والبطالة، وانخفاض معدلات النمو وغياب الاستثمار.

وأضاف أنه بعد وضوح الملامح الأساسية لشكل الخريطة السياسية فى مصر، لابد أن تقوم جماعة الإخوان المسلمين ممثلة فى حزبها فى توضيح برنامجها للإصلاح الاقتصادى، وتحديد نوعية السوق الحرة التى تؤمن بها.

ورفض «جلال» تصريحات الحكومة الجديدة عن إحياء المشروعات القومية السابقة مثل توشكى وشرق العوينات، فى الوقت الذى لا نملك فيه أموالا لسد عجز الموازنة، معتبراً أن ملف المشروعات القومية يحتاج إلى 5 سنوات لنتحدث فيه.

وأكد أن ملف عجز الموازنة والذى بلغ نحو 11 % مقارنة بالدخل القومى ــ مؤشر خطير، ولا يحتمل التأخير ومن أهم الملفات أمام الحكومة المقبلة، ولابد من سد هذا العجز من خلال مصادر تمويلية سواء داخلية أو بنكية أو من الخارج.