تصاعدت حدة الأزمة الدبلوماسية بين بريطانيا وحلفائها فى الاتحاد الأوروبى من جهة، وإيران من جهة أخرى، حيث هددت إيران بريطانيا باتخاذ «تدابير مماثلة» رداً على إغلاق سفارتها فى العاصمة البريطانية وطرد دبلوماسييها. وبينما تحدثت واشنطن عن «عزلة متنامية» لإيران إثر حادث اقتحام متظاهرين للسفارة البريطانية فى طهران، توقع محللون أن يزداد التوتر بين بريطانيا وإيران باتخاذ المزيد من الإجراءات وتوسيع الجبهة الغربية ضد طهران سياسياً واقتصادياً، مع احتمال استخدام الدول الغربية ورقة النفط الإيرانى بفرض العقوبات على «البنك المركزى».
من ناحيته، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهنبراست، قرار الحكومة البريطانية بمطالبة الدبلوماسيين الإيرانيين بالمغادرة، واصفاً تلك الخطوة بأنها «متسرعة»، وتوعد مهنبراست بأن الحكومة الإيرانية «ستتخذ بكل وضوح إجراءات مماثلة، وتعتبر أن حماية الممتلكات والأملاك الدبلوماسية فى لندن من مسؤولية الحكومة البريطانية».
وبينما اعتبر النائب الإيرانى، فلاحت بيشه، حركة الطلاب المحتجين ضد بريطانيا «طبيعية تماماً» وناجمة عن سياسات بريطانيا إزاء بلادهم، نقل موقع «العربية. نت» عن مصادر وصفها بـ«المتابعة» قولها إن اقتحام السفارة البريطانية فى طهران «عمل مدبر» برعاية المرشد الأعلى على خامنئى، وأن قائد قوات «الباسيج» رضا نقدى كان يشرف عليه بنفسه، موضحة أن قناتين رسميتين كانتا تبثان اقتحام السفارة البريطانية على الهواء مباشرة، وهما قناة «العالم» وقناة «برس تى فى» التابعتان مباشرة لسيطرة خامنئى. وأشارت المصادر إلى أنه ليس من المسموح بث أحداث فى البلاد على الهواء دون تصريح مسبق، معتبرين أن «المرشد خامنئى كان وراء الاقتحام لخطف الأنظار قليلا عن الحليفة سوريا» وتخفيف الضغوط عليها.
وقبيل ساعات من عقد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبى فى بروكسل لبحث عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووى، أكد وزير الخارجية البريطانى وليام هيج، الخميس، أن الوزراء الأوروبيين يريدون ممارسة ضغوط على إيران وتعميق عزلتها الاقتصادية، مؤكداً أن بلاده ستطالب بعقوبات اقتصادية أشد على إيران «لتكثيف عزلة القطاع الاقتصادى المالى»، فيما اتهم وزير الخارجية البريطانى من ناحية أخرى الحكومة الإيرانية بمساعدة سوريا فى قمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية.
ومن جهتها، اعتبرت الولايات المتحدة أن إيران تواجه «عزلة متنامية» بعد حادث السفارة، واستدعاء سفراء فرنسا وألمانيا وهولندا والسويد فى العاصمة الإيرانية لـ«التشاور».
وتعتبر تلك الحادثة أسوأ أزمة بين بريطانيا وإيران منذ استئنافهما العلاقات الدبلوماسية عام 1990 بعد 10 سنوات من إصدار آية الله الخمينى فتوى بقتل المؤلف سلمان رشدى بسبب كتابه «آيات شيطانية»، ويتوقع المحللون والسياسيون فى إيران أن يزداد التصعيد بين البلدين باتخاذ المزيد من الإجراءات، حيث قال أستاذ علم الاجتماع السياسى فى جامعة طهران حسن هاشميان لـ«الجزيرة.نت» إن الدول الغربية قد تستخدم هذه المرة ورقة النفط الإيرانى بفرض العقوبات على البنك المركزى لخلق ضغط أكبر، كما توقع أن يزداد احتمال توجيه ضربة عسكرية لإيران خلال هذه المرحلة، لكنه قال إن الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها البلدان الغربية قد تعوق هذا الأمر. وتوقع هاشميان أن بريطانيا ستتأثر مستقبلاً إثر قطع العلاقات بالكامل مع إيران لكونها دولة ذات وزن فى ملفات المنطقة كالعراق وأفغانستان والقضية الفلسطينية، ولكنها لن تتأثر اقتصادياً لأن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين متواضعة.
يأتى ذلك فيما تواصل التصعيد الإسرائيلى بشأن البرنامج النووى الإيرانى، حيث قال رئيس هيئة الاستخبارات الجنرال عاموس يادلين إن إيران ستكون قادرة على إنتاج أسلحة نووية فى غضون عام ونصف العام، محذراً من أن طهران تملك ما يكفى لإنتاج 5 قنابل نووية.
وبينما قال رئيس هيئة الأركان المشتركة فى الجيش الأمريكى الجنرال مارتن دمبسى إنه لا يعلم إذا كانت إسرائيل ستبلغ واشنطن مسبقا إذا قررت توجيه ضربة عسكرية لإيران، استبعد وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك، الخميس، هجوماً ضد المنشآت النووية الإيرانية «فى الوقت الحالى»، دون استبعاد الخيار العسكرى فى المستقبل.