مونديال روسيا 2018.. نوادر وحكايات تسرد تاريخ كأس العالم

كتب: إفي الثلاثاء 05-06-2018 15:19

يدخل كأس العالم لكرة القدم عامه الـ88، وهذه المرة يحط الرحال داخل الأراضي الروسية، حيث سيحتفل بنسخته الـ21 وهو في أفضل حال، بعدما راح يتطور على مدار أكثر من نصف قرن من حيث عدد المباريات والأهداف والمتفرجين والنوادر أيضا، والبعض منها غريب للغاية.

خرج المونديال للنور في 13 يوليو 1930، عندما أقيمت أول مباراة في تاريخ بطولات كأس العالم في ملعب (بوسيتوس) بالعاصمة الأوروجوانية مونتيفيديو بين منتخبي فرنسا والمكسيك، بينما أقيمت آخر مباراة في 13 يوليو 2014، في ملعب (ماراكانا) الشهير في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية بين ألمانيا والأرجنتين.

وهكذا هناك فارق زمني 84 عاما بين المناسبتين، وتحديدا 30 ألفا و681 يوما، شهدت الكثير من الأحداث، منها الطريف والمؤثر والمدهش والدرامي.

وبالطبع ما بين أول وآخر مباراة، كان هناك أبطال تصدروا المشهد سواء بحوادث طريفة أو أخرى ليست كذلك، بداية من الفرنسي لوسيان لوران (1907-2005)، صاحب أول هدف اهتزت به الشباك في مونديال، نهاية بالألماني ماريو جوتزه، صاحب آخر لقطة أهدى بها «المانشافت» لقبه الرابع، اسمان سيظل التاريخ يذكرهما بهدفيهما ضمن ألفين و379 هدفا سجلت عبر تاريخ البطولة أمام أكثر من 37 مليون متفرج، على مدار 836 مباراة.

ماريو جوتزه يحتفل بالتتويج بكأس العالم 2014

وهناك الكثير من المشاهد التي لن تنساها ذاكرة المونديال، منها أهداف تم تسجيلها باليد، مثل هدف الأسطورة الأرجنتيني مارادونا في شباك إنجلترا بمونديال المكسيك 1986 وقال عنه فيما بعد إنها كانت «يد الرب».

وأحد أكثر الحكايات درامية في تاريخ المونديال تلك التي عاشها مواسير باربوزا (1921-2000)، حارس البرازيل في مونديال 1950 الذي نظمته بلاده.

تأهل باربوزا مع «السيليساو» إلى المباراة النهائية أمام أوروجواي التي أقيمت في ملعب «ماراكانا» في 18 يوليو 1950 وعرفت باسم «ماراكانازو»، وكان نظام البطولة حينها بالمجموعات وكان البرازيليون يحتاجون للفوز أو التعادل ليحسموا اللقب.

تقدمت البرازيل أولا عبر فرياكا، ثم تعادلت أوروجواي بهدف من توقيع خوان ألبرتو سيكافينو، وقبل 11 دقيقة على صافرة النهاية لم يتمكن باربوزا من التصدي لتسديدة من أليسيدس جيجيا سكنت الشباك ومنحت أوروجواي لقبها الثاني في كأس العالم، ليتحمل الحارس مسؤولية خسارة اللقب حتى وفاته.

فقبل قليل من وفاة باربوزا صرح عن الأمر قائلا: «أقصى عقوبة في البرازيل هي السجن 30 عاما وأنا أدفع ثمن هذا الهدف منذ 50 عاما».

إلا أن الوجه الأكثر قسوة لكرة القدم ظهر في كولومبيا، وتحديدا بعد مونديال 1994 بالولايات المتحدة، والذي شهد توديع المنتخب اللاتيني للبطولة، الأمر الذي تسبب في فقدان أحد أعضاء المنتخب لحياته.

والحديث هنا عن المدافع أندريس إسكوبار (1967-1994) الذي فارق الحياة بطلقات ناريه من أحد المشجعين الكولومبيين، بعد 10 أيام من تسببه بالهدف الذي سجله في مرماه بالخطأ أمام المنتخب الأمريكي، في خسارة «لوس كافيتيروس» 2-1 وخروجهم من البطولة.

ولكن هذا لا يعني أن الكرة لم تطل بوجهها الآخر السعيد في هذه اللقطات، فهناك أيضا نوادر مثيرة خاصة بالمونديال.

ويمتلك مانويل فرانسيسكو دوس سانتوس أو جارينشا (1933-1983)، الأسطورة البرازيلي الراحل وبطل العالم مع «السيليساو» مرتين في 1958 و62، أكثر حكايات المونديال غرابة وطرفة في الوقت ذاته، حيث قام بشراء جهاز راديو في مونديال 1958 بالسويد، ولكنه أراد أن يعيده للبائع لأنه كان تالفا، من وجه نظره، حيث كان يبث فقط محطات باللغة السويدية.

قرابة وتتويج:

أحد أكثر حكايات المونديال إثارة وغرابة هي ما تتعلق بالأخوين الألمانيين فريتز (1920-2002) وأوتمار (1924-2013) فالتر، والإنجليزيين بوبي (1937) وجاك تشارلتون (1935)، الأشقاء الوحيدين الذين توجوا مع منتخبهم بالمونديال، الثنائي الأول مع ألمانيا في مونديال 1954 في سويسرا، والثاني مع إنجلترا في نسخة 1966.

وعلى النقيض شهد مونديال 2010 بجنوب أفريقيا واقعة نادرة، حيث جمع الملعب بين جيروم وكيفين برينس بواتينج، الشقيقين من أب واحد، ولكن مع منتخبين مختلفين حيث شارك الأول مع ألمانيا، بينما كان الثاني ضمن صفوف غانا، والتقيا مجددا بعد أربع سنوات في كأس العالم بالبرازيل.

المرة الأولى:

وفي تاريخ المونديال الطويل هناك فصل باسم «المرة الأولى»، حالة الطرد الأولى في كأس العالم كانت من نصيب البيرواني ماريو دي لاس كاساس (1905-2002)، في نسخة 1930 بأوروجواي خلال مباراة بيرو ورومانيا، إلا أن الطرد لم يكن ببطاقة حمراء، حيث لم تكن قد عرفت هذه الوسيلة بعد، بل عاقبه الحكم بأن أمره بالخروج من الملعب والاستحمام.

ونسخة 1958 في السويد، بها الكثير من اللقطات التي تندرج تحت فصل «المرة الأولى».

شهدت تلك النسخة الظهور المونديالي الأول للأسطورة البرازيلي بيليه، الذي قاد وهو في الـ17 من عمره منتخب بلاده للتتويج بأول كأس عالم لمنتخب لاتيني داخل الأراضي الأوروبية.

ودخلت هذه النسخة تاريخ المونديال، حيث كانت الأولى التي يتم بثها عبر التليفزيون، كما أنها كانت شاهدة على الرقم القياسي الذي يظل مستعصيا على الجميع حتى الآن وهو الخاص بالفرنسي جاست فونتين (1933) الذي سجل 13 هدفا ليصبح حتى وقتنا هذا اللاعب الأكثر تسجيلا للأهداف في نسخة واحدة من المونديال.

الحديث ما زال متواصلا مع مونديال السويد الذي شهد أول حالة تعادل سلبي في كأس العالم في مباراة إنجلترا والبرازيل بدور المجموعات.

تنتقل الذاكرة بعد ذلك لـ24 عاما، وتحديدا 1982 المونديال الذي نظمته إسبانيا، وشهد أول مواجهة يتم الإحتكام بها إلى ركلات الترجيح في تاريخ كأس العالم، في مباراة ألمانيا وفرنسا بالدور نصف النهائي بعد التعادل (3-3)، لتقول ركلات الترجيح كلمتها في النهاية وتتأهل بالألمان (5-4) للمباراة النهائية قبل أن يخسروا اللقب لحساب إيطاليا.

وبعد أربع سنوات، كان مونديال المكسيك شاهدا على أسرع بطاقة حمراء في التاريخ من نصيب الأوروجوائي خوسيه باتيستا (1962) بعد 55 ثانية فقط من بداية المباراة أمام إسكتلندا، حتى أن أحد المساعدين بالطاقم الفني للمنتخب اللاتيني اندهش وسأل اللاعب: «كيف تم طردك وما زال النشيد الوطني دائرًا؟».

الأعظم:

بالطبع عند التحدث عن الأعظم وعن الأرقام الإيجابية في تاريخ المونديال، فأول ما يتبادر للذهن مباشرة هو المنتخب البرازيلي، الأكثر تتويجا باللقب الأرفع شأنا على سطح الأرض بخمسة ألقاب.

اسم آخر يجب ذكره عند التحدث عن الإنجازات وهو المهاجم الألماني السابق ميروسلاف كلوزه (1978) الهداف الأكبر في تاريخ المونديال بـ16 هدفا، آخرها ثنائية في شباك البرازيل في نصف نهائي نسخة 2014 الذي شهد هزيمة تاريخية للبرازيليين أمام جماهيرهم بنتيجة (7-1).

المهاجم الألماني السابق ميروسلاف كلوزه (1978) الهداف الأكبر في تاريخ المونديال بـ16 هدفا

ولا تقتصر الإنجازات في المونديال على المهاجمين فقط، بل إن الحارس الكولومبي فاريد موندراجون كسر هذه القاعدة وبات الأكبر سنا الذي يشارك في كأس العالم عن عمر 43 عاما قبل 4 سنوات.

الحارس الكولومبي فاريد موندراجون كسر بات اللاعب الأكبر سنا الذي يشارك في كأس العالم عن عمر 43 عاما قبل 4 سنوات

بينما يتقاسم لقب الأكثر مشاركة في بطولات المونديال، الحارس المكسيكي أنطونيو كارباخال (1943)، والأسطورة الحية في حراسة المرمى، الإيطالي جيانلويجي بوفون (1978)، ولاعب الوسط الألماني السابق لوتار ماتيوس (1961) بخمس مشاركات، إلا أن الأخير يتميز بأنه صاحب أكبر عدد من المباريات (25 مباراة).

كما دخل مونديال البرازيل قبل 4 سنوات تاريخ البطولة بعدما بات النسخة الأكبر من حيث عدد الأهداف (171)، بالتساوي مع مونديال 1998 بفرنسا، فضلا عن تسجيله للحضور الجماهيري الأكبر بـ3 ملايين و386 ألفا و810 متفرجين، احتشدوا في المدرجات على مدار الـ64 مباراة.

دخل مونديال 2014 بالبرازيل التاريخ بتسجيله للحضور الجماهيري الأكبر في تاريخ كأس العالم بـ3 ملايين و386 ألفا و810 متفرجين احتشدوا في المدرجات على مدار الـ64 مباراة

رقم آخر فريد شهدته تلك النسخة، وكان باسم بطلها، منتخب ألمانيا، الذي كان أول منتخب أوروبي يفوز بالكأس على أراض لاتينية، حيث يدين الألمان بهذا الفضل لماريو جوتزه، صاحب هدف التتويج في شباك الأرجنتين تحت أنظار النجم ليونيل ميسي.

منتخب ألمانيا توج بمونديال 2014 ليصبح أول منتخب أوروبي يفوز بالكأس على أراض لاتينية

وبعد سرد كل هذه القصص الطريف منها والقاسي، بالإضافة للأرقام القياسية والإنجازات، فهل تشهد الأراضي الروسية خلال كأس العالم في الفترة من 14 يونيو وحتى 15 يوليو أرقاما أخرى بالتزامن مع مرور 88 عاما على انطلاق صافرة أول مباراة في البطولة على ملعب (بوسيتوس) في أوروجواي؟.