واصلت وسائل الإعلام العالمية احتفاءها بالمرحلة الأولى من أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 25 يناير، حيث وصفت إذاعة «صوت أمريكا» العملية بأنها تمثل نقطة تحول هامة فى تاريخ البلاد، مشيرة إلى أن المصريين كانوا فى حالة من السرور لتمكنهم من جعل صوتهم مسموعاً لأول مرة، فيما وصفتها شبكة «سى.إن.إن» بأنها تاريخية، قائلة إن مصر شهدت مناخاً احتفاليا.
وقالت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية إن المصريين تدفقوا على مراكز الاقتراع لجنى ثمار «ثورة 25 يناير» التى تمخض عنها أول انتخابات ديمقراطية حقيقية ليس فقط منذ الإطاحة بمبارك بل خلال الـ60 عاماً الماضية.
وذكرت الصحيفة أن الإقبال الجماهيرى الكثيف على مراكز الاقتراع بدا وكأنه تعبير من الشعب المصرى عن ثقته فى قدرة المجلس العسكرى على تأمين العملية الانتخابية فى جميع مراكز التصويت فى ربوع مصر.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن النجاح الواضح للتصويت خلال المرحلة الأولى فاجأ الجميع بمن فى ذلك الناخبون أنفسهم، حيث أدلوا بأصواتهم انطلاقاً من الشعور بالواجب والتحدى، معربين عن تصميمهم على استعادة الأمل فى ثورتهم.
ورأت الصحيفة أن المجلس العسكرى الحاكم هو الفائز الأكبر من إقبال المصريين على هذه الانتخابات، حيث انخفضت نبرة المطالبة بالرحيل الفورى للعسكرى عن الحكم، مقابل علو صوت الإقبال الكثيف والنجاح الذى تحقق فى أول أيام المرحلة الأولى من الانتخابات التى تعتبر خطوة كبيرة نحو الديمقراطية.
وأوضحت الصحيفة أن الإقبال الكثيف على التصويت سينتج عنه أول برلمان ممثل للناخبين على نطاق واسع منذ أكثر من ستة عقود، الأمر الذى ينقل النقاش حول مستقبل مصر من الشوارع إلى المجلس التشريعى الجديد.
ومن جانبها، أكدت مجلة «تايم» الأمريكية أن ما تشهده مصر الآن من محاولة تحقيق عملية التحول الديمقراطى بعد عقود من الديكتاتورية عن طريق إجراء الانتخابات البرلمانية، يعد انتفاضة جديدة من سنوات اللامبالاة السياسية التى عرفتها مصر.
وأضافت المجلة أن المجلس العسكرى يبدو وكأنه قد نجا من العاصفة، على الأقل فى الوقت الحالى، مشيرة إلى أن الانتخابات ستكون اختباراً للديمقراطية الوليدة، التى لاتزال متعثرة فى مصر، وكذلك اختباراً للحكام العسكريين الذين يواجهون احتجاجات منذ تسعة أيام، موضحة أن مصر ستظل تكافح من أجل التغلب على الإرث الانتخابى البغيض لعصر مبارك، حيث يشارك أنصار المرشحين المتنافسين فى تخويف الناخبين، وفى التزوير والعنف.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن ارتفاع نسبة التصويت فى هذه الانتخابات أمر فى مصلحة المجلس العسكرى، لأنه يضفى مزيداً من الشرعية على الانتخابات، وعلى عملية التحول الديمقراطى، ويدل على قبول الخطة التى وضعها الجيش.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن المصريين أعربوا عن أملهم فى أن تسفر أول انتخابات منذ الإطاحة بمبارك عن بزوغ فجر جديد من الديمقراطية.
وذكرت الصحيفة أن عملية التصويت التاريخية التى بدأت الإثنين هى بداية لمسيرة تستمر ثلاثة أشهر ينتج عنها تشكيل يأمل فيه المصريون أن يكون أول برلمان شرعى يتم انتخابه بإرادة الشعب فى تاريخ البلاد، بعد أن احتكر الحزب الوطنى المنحل السلطة طوال فترة حكم الرئيس السابق للبلاد.
وأوضحت واشنطن بوست أنه رغم ما أعلنته الحكومة المصرية حول الصعوبات التى ستقابل المراقبين الدوليين من أجل الوصول إلى مراكز الاقتراع، إلا أنهم فوجئوا بكم كبير من الترحيب والمعاملة الطيبة.
وقالت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» فى افتتاحيتها إن الوقت الذى يذهب فيه المصريون إلى صناديق الاقتراع هوالوقت المناسب للمجلس العسكرى للتنحى جانباً والوفاء بوعده بالحكم المؤقت فقط.
وأشارت الصحيفة إلى أن احتجاجات الأسبوع الماضى والمرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، تمثلان وجهين لمصر بعد مبارك، وجها يبعث على التفاؤل والآخر ينذر بالشر، فعلى الرغم من الإقبال الكبير على التصويت إلا أن التشاؤم فى مصر هو الاتجاه الأكثر واقعية.
وأضافت «رغم التنازلات السطحية التى قدمها المجلس العسكرى إلا أنه يبدو مصمماً على ممارسة السلطة حتى بعد تسليم السلطة لرئيس وبرلمان منتخبين، موضحة أن هذا هو سبب الاحتجاجات التى شهدتها مصر الأسبوع الماضى التى طالب المتظاهرون خلالها الجيش بالتخلى عن السلطة عاجلا وليس آجلا.
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إنه فى الوقت الذى بدأت فيه الانتخابات البرلمانية فى مصر وبدأت معها الرهانات لإنقاذ الاقتصاد الذى اقترب من حافة الهاوية، بعد أن تقوضت الثقة بالإدارة الاقتصادية للجيش وزادت المشكلات المالية للحكومة.
وأضافت أنه مع انطلاق المرحلة الأولى من الانتخابات تتفوق الرهانات على معطيات عالم السياسة، خاصة أن انتقال البلاد الصاخب من حكم عسكرى إلى آخر مدنى أضحى سباقاً لإنقاذ اقتصاد يتجه صوب كارثة.
وأوضحت الصحيفة من جانبها أن المستثمرين ينظرون إلى الانتخابات البرلمانية المصرية لتحديد ما إن كانت البلاد قادرة على استعادة الاستقرار وإعادة الحيوية مرة أخرى للاقتصاد أم لا، خاصة أن مصر كان يُنظَر إليها قبل ثورة 25 يناير باعتبارها واحدة من دول الشرق الأوسط الواعدة اقتصادياً.
وواصلت الصحف البريطانية الصادرة، الثلاثاء، اهتمامها ببدء فعاليات اليوم الثانى للانتخابات البرلمانية التى تشهدها البلاد للمرة الأولى منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك، وقالت صحيفة «فاينانشال تايمز» إن حشوداً كبيرة من الناخبين ذهبت للجان الاقتراع، فى حين مكث عدد من معتصمى التحرير داخل خيامهم مقاطعين العملية الانتخابية لأسباب مختلفة، مشيرةً إلى وجود مجموعة من الرجال الملتحين مرتدين سترات رياضية وقبعات زرقاء مطابقة لشعار حزب «الحرية والعدالة» كانوا يقفون بانتظام أمام مدارس التصويت لتزويد المرشحين بالمعلومات.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن عدداً كبيراً من الناخبين يحاولون عرقلة ارتفاع النفوذ السياسى للتيارات الإسلامية فى مصر استنادا إلى العدد الكبير من النساء غير المحجبات اللاتى وقفن أمام اللجان الانتخابية للتصويت، خاصة فى مناطق الزمالك والمعادى ومصر الجديدة، مضيفةً أن هؤلاء النساء اعتبرن مقاطعة الانتخابات أمراً خطيراً لأنه سيفسح المجال أمام الإسلاميين، حسب قولهن.
وأشادت الصحيفة بالإقبال غير المعتاد من المصريين على التصويت فى الانتخابات واختيار ممثليهم فى مجلس الشعب.
فيما ذكرت صحيفة «الجارديان» أن الشعب المصرى تحدى الخوف من وقوع أعمال عنف وخرج للانتخاب بأعداد مهولة غير مسبوقة، دون أنباء عن وقوع أحداث أمنية، واصفة الإقبال القياسى على لجان الانتخابات بأنه «انتفاضة جديدة للمصريين».
وتابعت أن تدافع المصريين على المشاركة فى الانتخابات البرلمانية بكثافة ألقى بظلاله على ميدان التحرير، حيث أصبح الميدان الذى كان يعج بمئات الآلاف من المتظاهرين شبه فارغ إلا من بضعة آلاف.
وأضافت الصحيفة أن الانتخابات التى تعتبر أول انتخابات تاريخية تشهدها مصر منذ حوالى 80 عاما مرت بسلاسة منقطعة النظير، مستشهدة بتقارير المجلس العسكرى واللجنة العليا للانتخابات التى تشرف على سير العملية الانتخابية التى أفادت بعدم وقوع انتهاكات أو أحداث عنف أثناء التصويت التاريخى.
فيما وصف الكاتب البريطانى المخضرم روبرت فيسك الانتخابات البرلمانية بأنها أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة، مشيراً إلى أن عملية الاقتراع كانت خيالية حيث شهدت انتخابات حقيقية لمرشحين حقيقيين ولكنهم لا يملكون سلطة.
واعتبر فيسك، فى مقاله بصحيفة «إندبندنت» البريطانية، أن الثورة فى مصر مازالت قائمة رغم تراجع معدلات المحتجين فى ميدان التحرير وصمت الأصوات التى كانت تطالب بمقاطعة الانتخابات، مشيراً إلى الطوابير الطويلة التى اصطفت بكل هدوء دون أن يكون هناك شرطى أو جندى ينظر شزرا إلى الناخبين أو يروع الرجال والنساء.
وتوقع فيسك أن يكون البرلمان القادم لصالح جماعة «الإخوان المسلمين» حتى لوغيرت اسمها إلى «الحرية والعدالة»، حسب قوله، لكنهم سيحتاجون إلى ائتلاف لتولى الحكم، هذا ما لم يكن الجيش هو الحاكم الحقيقى.
وفى الإعلام الفرنسى، أشاد موقع «آر.إف.آى» بالهدوء الذى سيطر على العملية الانتخابية فى مصر، فيما رصدت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية الحضور الكثيف للناخبين فى القاهرة والإسكندرية، حيث أكدت الصحيفة تميز أول انتخابات برلمانية بعد سقوط مبارك بالتوافد الكبير لأعداد الناخبين، التى حضرت منذ وقت مبكر وانتظرت لساعات طويلة فى بعض الأحيان فى طوابير حتى تستطيع الإدلاء بصوتها.
وفى الوقت الذى عبرت فيه الصحيفة عن تخوف بعض الأقباط من فوز الإخوان المسلمين، حتى فى الأحياء التى يقطنها أعداد كبيرة من المسيحيين مثل حى شبرا، أشارت إلى تفاؤل البعض الآخر، والذى عبر عنه ناخب قبطى يدعى فادى لويس قائلاًً: إن «المشكلة تكمن فى أن الكثير من الناخبين لا يعرفون لمن سيصوتون»، مؤكداً أنه لا يرغب أن تصبح مصر مثل أفغانستان أو الولايات المتحدة.
ووصف موقع قناة «فرانس 24» الفرنسية الانتخابات بأنها أول «انتخابات حرة فى تاريخ البلاد، والتى يأمل الإخوان المسلمون الوصول من خلالها إلى السلطة»، حيث رصدت توافد الناخبين مصطحبين أطفالهم حتى يتعلموا ثقافة الإدلاء بصوتهم فيما تم وصفها «بالانتخابات الأكثر نزاهة التى شهدها التاريخ المصرى». وأشار الموقع إلى انقسام المصريين حول مستقبل بلادهم وتوجهاتها السياسية، خاصة أن الانتخابات البرلمانية تمثل بصفة أساسية صراعا بين العلمانيين والإسلاميين.
وأكدت صحيفة «فرانس سوار» أن المحللين للمشهد السياسى فى مصر لا يعتقدون أن هناك حزبا يستطيع أن يحصل على أغلبية مقاعد البرلمان، إلا أنهم يرجحون حصول الإخوان المسلمين على نسبة 40% من المقاعد، بينما ترجح الاحتمالات ذهاب ثلث المقاعد إلى الليبراليين.