!.
.
.
المهمة فى إصلاح الجهاز الإدارى للدولة صعبة كما هو حال كل المهام الأخرى، ولا يمكن إنجازها إلا بالسياسة التى تكشف وتوضح للمجتمع مواقع القصور ومكامن الخطر. وللحق فإن مصر الحديثة من محمد على إلى السيسى عرفت خلال العصور المختلفة الكثير من الإنجازات وملامح للتقدم؛ ولكن إخفاقها الأكبر كان فى السياسة، سواء كان ذلك فى العهود الملكية أو العصور الجمهورية، وسواء كان نظام الانتخاب فرديا أم كان بالقائمة، وإذا كان انتخاب الرئيس بالاستفتاء أو بالمنافسة. كانت لدينا دوما كافة المؤسسات السياسية فى الدولة الحديثة من برلمان إلى الأحزاب إلى الحزب الواحد إلى الإعلام إلى الجمعيات الأهلية والنقابات والقوى الوسيطة الأخرى، ولكن أيا منها لم يعمل كما تعمل هذه المؤسسات فى البلدان المتقدمة. كان هناك دوما قصور فى اللوائح، ولكن كان الأكثر منه فى القيم، وفى أوقات ذابت المسافة بين الديمقراطية والفوضى، وفى أوقات أخرى انحسرت الديمقراطية إلى الاستبداد. نشر القيم وبناء المؤسسات وحفظ التوازن الديمقراطى بعيدا عن الفوضى والاستبداد هو المهمة الصعبة الأخرى للسنوات الأربع المقبلة.. هل عرفنا إلى أين ستذهب مصر؟