قال الدكتور محمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، إنه كان من أكثر المؤمنين بحتمية حدوث تغيير في مصر يقوم به الشعب بنفسه، وأضاف «لكني لم أكن أتصور هذا العدد وهذا الحماس».
وتابع البرادعي في لقاء تلفزيوني مع برنامج «العاشرة مساءً» إن ما حدث في الثورة كان «معجزة إلهية»، مبديا قلقه على «3 أشياء رئيسية، الأولى هي الحالة الأمنية في البلاد، والثانية الاقتصاد، والثالثة تخص الطريق السياسي الذي سوف تسير عليه البلاد نحو المستقبل».
وأوضح:«فيما يخص الأمن يجب أن يكون الجهد الأساسي للجيش والشرطة، ثم يأتي تحرك المواطنين في المرحلة الثانية»، وحول الاحتجاجات في قنا قال المرشح المحتمل «ما رأيته هناك شيء محزن» وتابع «الديمقراطية لا تعني الفوضى».
وطالب البرادعي بتحديد «شكل للدولة قبل انتخابات الرئاسة، خاصة أن انتخابات البرلمان في سبتمبر المقبل متعجلة، ويجب أن نعرف أولا شكل الدولة قبل الانتخابات الرئاسية، وهو الشكل الذي سيحدده الدستور الجديد».
وردا على سؤال حول الانتقادات التي وجهت إليه ومن أبرزها أنه عاش لفترة طويلة خارج مصر، وأن رئاسة الدولة تحتاج لتمرس في الشأن الداخلي قال البرادعي:«ليس هدفي الرئاسة بل بناء مصر، وجزء أساسي من هذا إعادة بناء العقل المصري، ومواجهة الجهل والأمية، وحث المصريين على التعلم والقراءة، فالدور أهم من المنصب». وشدد على أن مصر لديها مقومات إقامة دولة حديثة وقوية «فلدينا الموارد، ولدينا أيضا موارد بشرية هائلة وطاقات خلاقة، والبلاد تحتاج إلى رؤية علمية، وإرادة وصبر، لتحقيق التقدم»، وأضاف «وقبل دا كله، المهم يجي رئيس يخاف ربنا».
نهاية القمع
وأكد المرشح المحتمل للرئاسة أن «ماحدث من اعتداء علي في المقطم كان جريمة منظمة من بلطجية منظمين، وهناك عملية انتقامة موجهة من سجن طره، ويؤسفني أنه لم يتم التحقيق في الواقعة، ولا حتى تقديم اعتذار، وكنت قد اخترت المقطع ليكون مكان التصويت وليس جاردن سيتي أو الزمالك، لأن لدي وعائلتي اتصال مع سكان المنطقة، لذلك حرصت على المشاركة في منطقة شعبية، وما حدث من اعتداء أعتبره جزء من العمل السياسي، لأن الشعب هو الحافظ في النهاية».وحذر البرادعي من أن «الثورة المضادة لا تزال موجودة، وهذا واضح في عدم استتباب الأمن حتى الآن». وشدد على أن أكثر ما آلمه «من حملات النظام السابق لتشويه سمعتي، كانت الشائعات التي نشروها حول أسرتي خاصة ابنتي».
وتحدث المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الحاصل على جائزة نوبل وقلادة النيل، حول مشاركته في الثورة قائلا:«لم أتوقع ولم يتوقع أحد أن تكون مظاهرات 25 يناير بهذا الحجم، وحين عرفت أن الأمر أكبر من مجرد مظاهرة عابرة، صليت مع المواطنين الجمعة في مسجد الاستقامة بالجيزة، وخرجت معهم للشارع، لكن القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه أجبرتنا على العودة مرة أخرى للمسجد، وقتها كان بعض الشباب يحاول حمايتي، وعرفت أن هناك أمراً مباشراً باستهدافي بالقنابل والمياه، لتوصيل رسالة واضحة للشعب المصري بأنه لا أحد بعيد عن القمع».
وتابع البرادعي:«كان القمع وحشياً، وكنت أرى الأمن يتعامل بعنف مفزع مع المواطنين، كان الموقف بشعا بكل المقاييس»، وبكى المرشح المحتمل للرئاسة، وهو يكمل«أهم حاجة الكرامة الإنسانية.. عمرنا ما هاننضرب تاني.. عمرنا ما هننضرب تاني.. كرامة الإنسان أهم شيء»
دولة مدنية .. وإسلام وسطي
وحول نظام الحكم في مصر قال:«لا أعتقد أن الغالبية العظمى من الشعب المصري، تريد نظاما يقوم على ولاية الفقيه، وتخوفي أن تكون المرجعية الوحيدة في مصر لرجل الدين» وتابع:«أما الدولة الدينية فلا صلة لها بالسياسية، وأهم شيء الرجوع للإسلام الوسطي المعتدل».
وأكد البرادعي أنه لا يزال معارضا للتعديلات الدستورية، وإذا تكررت التجربة بالظروف نفسها، سيرفض التعديلات «والدليل هو ما حدث بعد الاستفتاء، فمن قالوا لا وأنا منهم كنا نطالب بإعلان دستوري، وهو ما حدث رغم أن التصويت رجح كفة نعم». وأوضح أن «الديمقراطية لا تعني إن الاقلية تاخد جمب بعد فوز الأغلبية.. فالأقلية هي بذرة الأغلبية».
وشدد على ضرورة وضع دستور جديد قبل انتخاب الرئيس، على أن يكون هذا من «خلال توافق وطني جامع حول الدستور، أو عبر لجنة وطنية تؤسس فورا إذا كنا نتحدث عن انتخابات خلال 3 أشهر، إن كنت أفضل أن نمد الفترة الانتقالية قليلا، لأنه من الصعب إجراء انتخابات بعد 3 أشهر بسبب الوضع الأمني، ووضع القوى السياسية».
دستور الحريات
وحول النموذج الذي يراه البرادعي، مناسبا لمصر، قال «أرى أن هناك مواداً أساسية لابد أن يضمها الدستور الجديد، ولا يجوز تعديلها على الإطلاق، مثل الدستور الألماني، ومنها مواد المساواة والحريات وأبرزهم حرية العقيدة، وحرية الرأي ومواد تحافظ على الهوية الإسلامية لمصر»، مؤكداً على أهمية الحفاظ على المادة الثانية، «بشرط إتاحة الحرية لأصحاب الديانات الأخرى، أن يعاملوا بقانون خاص للأحوال الشخصية، يتفق وشرائعهم».
ولفت إلى أن «وضع دستور جديد فيه هذه الثوابت، ليس صعبا، ولن يستغرق أكثر من شهر».