أثار قرار الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووى الموقع بين إيران والدول الغربية الكبرى، مخاوف جدية من اندلاع حرب تجارية جديدة بين أوروبا والولايات المتحدة، مع سعى واشنطن لفرض عقوبات جديدة على إيران والشركات الدولية العاملة بها، فى حين تؤكد أوروبا لدول العالم مساعيها للحفاظ على مصالحها الاقتصادية واستثماراتها فى إيران والتى تزايدت بعد توقيع الاتفاق فى 2015، وأمهلت إدارة ترامب الشركات الغربية العاملة فى طهران ما بين 90 و180 يوما لإنهاء العقود القائمة حاليا.
كما أثار قرار ترامب ردود فعل عنيفة فى إيران، وحرق نواب العلم الأمريكى ونسخة من الاتفاق داخل مجلس الشورى الإيرانى، وسط تهديدات بالعودة إلى معدلات مرتفعة من تخصيب اليورانيوم. وتوجه عدد من النواب الإيرانيين إلى منصة الهيئة الرئاسية بمجلس الشورى، وأطلقوا شعار: «الموت لأمريكا»، وأحرقوا العلم الأمريكى، ورحب النواب الآخرون بهذا الإجراء وقالوا لترامب: «لقد أحرقت الاتفاق النووى ونحن نحرق علمك»، وأطلقوا مرة أخرى شعار «الموت لأمريكا»، على وقع صيحات التكبير، وشهدت طهران ومدن إيرانية احتجاجات على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وأحرقوا الأعلام الأمريكية وأطلقوا هتافات منددة بالسياسة المناوئة لبلادهم.
وقال المرشد الأعلى الإيرانى، على خامنئى: «إن إيران تريد ضمانات قوية من الأوروبيين بشأن الاتفاق، إذا لم تتمكّنوا من أخذ ضمانات حتميّة فلن يكون مقدوراً مواصلة السير ضمن الاتفاق النووى».
ونددت الصحف الإيرانية بقرار ترامب، ودعت صحف إصلاحية لاستمرار الاتفاق ما دام يحقق مصالح الشعب، وإلى البناء على المواقف الأوروبية والدولية الرافضة قرار ترامب، فيما تبنت الصحف المحافظة لهجة أكثر صرامة، وكتبت صحيفة «كيهان»: «ترامب مزّق الاتفاق النووى، وآن الأوان لنحرقه»، وكتبت صحيفة «جوان» الموالية للحرس الثورى: «إيران ستظل موحدة وستقاوم».
وأثار إعلان وزارة الخزانة الأمريكية مهلة ما بين 90 - 180 يوما للشركات الدولية العاملة فى إيران لإنهاء استثماراتها وفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووى والصاروخى الباليستى، مخاوف أوروبية واسعة على مصالح الشركات التى تستثمر مليارات الدولارات فى إيران.
وأعلن «الإليزيه» أن الأوروبيين سيبذلون «كل الجهود» لحماية مصالح شركاتهم فى إيران.
كان ترامب قد حذر من أن واشنطن ستفرض عقوبات على أى دولة تساعد إيران، فيما توعد وزير خارجيته، مايك بومبيو، طهران بـ»عزلة دبلوماسية واقتصادية«. وقال وزير الخزانة الأمريكى، ستيفن منوتشين، إنه من المقرر إلغاء التراخيص الممنوحة لشركتى «بوينج» و«إيرباص» لبيع طائرات ركاب إلى إيران، وأوضح أن الأمر يتعلق بتطبيق العقوبات على نطاق شامل وإغلاق النظام المالى الأمريكى أمام إيران. وأعلنت الخزانة الأمريكية أنها لن تسمح بتصدير طائرات الركاب التجارية والمكونات والخدمات لإيران بعد 90 يوما، فيما أعلنت شركة «إيرباص» الأوروبية أنها ستدرس قرار ترامب، وخسرت أسهمها 1.1%، أمس بعد صفقتها إمداد إيران بـ 110 طائرات بقيمة 10 مليارات دولار، كما أعلنت «بيونج» صفقتين عامى 2016 و2017 لتصدير طائرات لإيران بقيمة 20 مليار دولار، إلا أن الشركة أكدت أنها ستتبع سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران.
وإثر الانسحاب من الاتفاق، تراجعت أسهم الشركات الفرنسية التى تستثمر فى إيران، فخسرت «بيجو سيتروين» لصناعة السيارات 1.5%، وقالت الشركة إنها تأمل أن يتبنى الاتحاد الأوروبى موقفا مشتركا بشأن القرار، وهبط سهم «رينو» بنسبة 0.3%، فيما صعد سهم «توتال» 0.7% متأثرا بارتفاع النفط، وقد تتسبب العقوبات الأمريكية فى خسارة شركة «توتال» عقدا قيمته 5 مليارات دولار ما لم تحصل على إعفاء من العقوبات.
وارتفعت أسعار النفط أكثر من 2%، فى معاملات أمس، فيما تعهدت وزارة الطاقة السعودية بتعويض أى نقص فى الأسواق. وشهدت البنوك الإيرانية حالة ارتباك، أمس، مع قيام العديد من المودعين بسحب مدخراتهم، وهو ما فرض ضغوطاً على النظام المصرفى، الذى يعانى بالفعل القروض المتعثرة وسنوات العزلة.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط أنه يؤيد مراجعة الاتفاق لمراقبة أداء طهران النووى، وأكد وزير الثقافة والإعلام السعودى، الدكتور عواد بن صالح العواد، أمام أعمال الدورة 49 لمجلس وزراء الإعلام العرب، على ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولى موقفًا حازمًا وموحدًا تجاه إيران وأعمالها العدائية المزعزعة لاستقرار المنطقة.
بينما طالبت الصين بالحفاظ على الاتفاق، وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ضرورة إبقاء طهران فى الاتفاق.