لا يزال باطن أرض مصر يبوح بأسراره ويكشف أعماقه عن آثار الحضارة الفرعونية، حيث كشفت البعثة الفرنسية بمنطقة وادى جرف بالزعفرانة فى البحر الأحمر، عن أول ميناء أثرى يرجع تاريخه إلى عهد الملك خوفو، وذلك بهدف ربط وادى النيل بسيناء لجلب النحاس والفيروز.
بيير تالييه، مدير البعثة الفرنسية التى تعمل بوادى جرف، يطالب بتسجيل حدود المنطقة الأثرية، وذلك لمنع تخصيصها للاستثمار السياحى والوقوف أمام التعدى عليها. وقال «تالييه»، خلال لقائه مع لجنة التنسيق الحضارى بمحافظة البحر الأحمر، إن العمل فى هذا المكان سيستمر لنحو خمسة مواسم أخرى بسبب ثراء المنطقة الشديد وأثريتها.
وعن إمكانية تسجيل هذا المكان فى منظمة «يونسكو»، أعرب «تالييه» عن رغبته أولاً فى تسهيل إجراءات تحديد زمام هذه المنطقة الأثرية وتسجيلها وتحديد حدودها بواسطة هيئة المساحة، خوفا من إقامة أى رجل أعمال فندقا أو مشروعا استثماريا على حرم المنطقة. وطالب بالعمل على سرعة إنجاز هذا المسح وتنظيم ندوة أو محاضرة عن وادى جرف، الذى تتم فيه أعمال الحفائر المصرية الفرنسية.
وقال أعضاء لجنة التنسيق الحضارى بالمحافظة خلال زيارتهم أعضاء البعثة الفرنسية التى تقوم بأعمال حفائر فى المنطقة، إن الهدف من الزيارة معرفة أحدث ما توصلت إليه البعثة من اكتشافات أثرية جديدة. وأطلع مدير البعثة لجنة التنسبق الحضارى على أحدث مستجدات البعثة وزيارة أحد الكهوف التى يجرى العمل بها فى هذا الموسم.
ويتكون الميناء من 3 أقسام: الأول الرصيف البحرى، والثانى بقايا مبنى لإقامة البحارة والعمال، والثالث منطقة كهوف يوجد بها ٣٠ كهفا، وعثر بأحدها على 7 وثائق سوف تعرض فى المتحف الكبير مكتوبة على أوراق البردى إلى جانب بعض الكتابات الأخرى، ونشر بعضها المركز الثقافى الفرنسى بالقاهرة، ويجرى العمل حاليا على إعداد كتاب من جزأين يشمل كل ما يتعلق بهذا الميناء.
وحصلت «المصرى اليوم» على صور أعمال التنقيب والبحث التى تقوم بها البعثة المصرية الفرنسية بأحد أهم الموانئ فى مصر القديمة، حيث انطلقت منه الرحلات البحرية لنقل النحاس والمعادن من سيناء إلى الوادى، ونجحت البعثة فى الكشف عن مجموعة من مراسى السفن الحجرية، وتم اكتشاف 40 بردية مكتوبة باللغة الهيروغليفية، تسجل تفاصيل الحياة اليومية للمصريين.
وقال بشار أبوطالب، نقيب المرشدين السياحيين، إن هذه المنطقة المهمة عبارة عن ميناء تاريخى يرجع لعصر الدولة القديمة وتحديدا عصر الملك خوفو من الأسرة الرابعة طبقاً للشواهد الأثرية، وإن منطقة الرصيف عبارة عن رصيف كانت ترسو عليه السفن القادمة من شبه جزيرة سيناء محملة بالفيروز والنحاس المجلوبين من هناك من أجل إرسالهما إلى العاصمة «منف».