رغم نجاح المليونية التى تم تنظيمها فى ميدان التحرير، الجمعة، للمطالبة برحيل المجلس العسكرى وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى، أبدى عدد كبير من الشباب المعتصمين استياءهم مما وصفوه بـ«حالة الفوضى» التى سادت الميدان، خاصة بعد أعمال البلطجة التى قام بها بعض الأفراد، ووصلت إلى حد الاشتباك بالأيدى، ووقائع التحرش التى تعرضت لها الفتيات.
فى تمام العاشرة مساء الجمعة، نشبت مشاجرة أمام المستشفى الميدانى الواقع بين مدخلى شارعى طلعت حرب والفلكى، بسبب تعرض إحدى الفتيات للتحرش، وهو ما نتج عنه الهجوم على المستشفى؛ فاضطر الأطباء إلى تشكيل درع بشرية حوله، وأدخلوا بعض الفتيات به لحمايتهن من أى أعمال بلطجة.
وبعد مرور قرابة الساعة، فوجئ المعتصمون بميدان التحرير بتوافد «عريس وعروسة» يدخلن الميدان من اتجاه شارع طلعت حرب، ورفع أحد الشباب العريس الذى هتف: «يسقط يسقط حكم العسكر.. إحنا الشعب الخط الأحمر»، وهتف خلفه أقاربه وأصدقاؤه الذين جابوا الميدان، ولكن أثناء خروجهم وقعت مشاجرة بينهم وبين أحد الأفراد الموجودين، وهو الأمر الذى استمر للحظات، بعدها هتف أحد الشباب: «إيد واحدة.. إيد واحدة» فى محاولة منه لتهدئة الأوضاع، قائلاً: «يا شباب خلو بالكم.. يوجد مجموعة من المندسين من مصلحتهم تشويه صورتنا وإظهارنا بأننا بلطجية ولسنا ثواراً».
على الجانب الآخر من شارع الفلكى وفى أحد الشوارع المتفرعة منه والذى يقع فيه المستشفى الميدانى «عباد الرحمن»، استقبل المستشفى شاباً فى السابعة عشر من عمره، يدعى سيد محسن، يعانى من حالة انهيار عصبى وفقاً لتشخيص الدكتور زياد المصرى، أحد أطباء المستشفى، متهماً الضباط بصعقه بالكهرباء وتعذيبه على مدار 3 أيام متواصلة داخل وزارة الداخلية.
جلس الشاب وعلامات التعذيب منتشرة على جسده، خاصة ظهره ورأسه، قائلاً: «أنا كنت فى شارع محمد محمود منذ 3 أيام مع أصحابى، وتم إلقاء القبض علينا من قبل ضباط الأمن المركزى وتسليمنا بعدها إلى الجيش، وتم وضع عصابة سوداء على عينى ووضعى فى مكان كبير مظلم، وتم صعقى بالكهرباء عن طريق تليفون محمول بعدما تم تجريدى من ملابسى، كما تم صعقى فى رأسى أكثر من مرة».
ينظر الشاب إلى الهاتف المحمول للدكتور زياد ثم يصرخ: «إنت عايز تكهربنى.. إنت هتموتنى زيهم.. أنا مش عايزك تقعد جنبى.. أنا مش عايز أموت».
يحاول الطبيب تهدئة الشاب مقنعاً إياه بأنه هنا لمساعدته وأنه يريد معرفة الذى تعرض له حتى يستطيع حمايته، إلا أن الشاب يرد عليه: «مش هينفع أقولك حاجة هما قالولى لو اتكلمت هنموتك.. وأنا مش عايز أموت».
وبعد محاولات لتهدئة الشاب قال: «أنا مش لوحدى اللى اتعرضت للصعق بالكهرباء، كان هناك شباب تانية غيرى تم إلقاء القبض عليهم من شارع محمد محمود وتعرضوا للتعذيب من خلال الصعق بالكهرباء عبر أجهزة تشبه الهواتف المحمولة، إلى أن جاء شيخ ربنا يكرمه هو اللى خرجنى وأنقذنى من الكهربا».
محمد ليس وحده الشاب الذى تعرض للصعق بالكهرباء بعد إلقاء القبض عليه، وهو ما أكده الدكتور محمد مجدى، أحد العاملين بالمستشفى الميدانى، قائلاً إن المستشفى استقبل قرابة 10 حالات من المتظاهرين يعانون مشاكل نفسية وجسدية نتيجة الصعق بالكهرباء، وتم علاجهم وغادروا المستشفى.
«مشاكل كثيرة يعانى منها الميدان».. كلمات أطلقها مصطفى الوكيل، أحد الشباب المعتصمين فى الميدان، فهو يرى أن الميدان ينقصه الكثير من النظام وأنه فى حاجة إلى ضبط وتنظيم، خاصة الباعة الجائلين المنتشرين فى كل مكان، وهو ما يدعو إلى محاولة تخصيص أماكن لهم حتى لا يصبح شكل الميدان فوضوياً.
«الوكيل» يرجع حالة الفوضى إلى وجود بعض الأشخاص الذين يسعون إلى تشويه صورة الميدان من خلال افتعال المشاكل بشكل دائم، كما حدث عندما دخل الميدان شاب يحمل «صاعقاً كهربائياً» ومعه فتاتان ادعى تعرضهما لتحرشات جسدية داخل الميدان وإصراره على دخول الميدان أكثر من مرة لافتعال المشاكل مع المعتصمين.
كان شارع طلعت حرب قد شهد تبادلاً لإطلاق النار بين باعة جائلين وبلطجية لأسباب مجهولة، واستمر إطلاق النار لما يقرب من 30 دقيقة، وسط غياب تام لقوات الأمن من الجيش والشرطة، وقال أحد شهود العيان من أصحاب المحال التجارية، إن بعض من يحملون الأسلحة البيضاء والمسدسات اشتبكوا مع بعضهم البعض فجأة وأجبروا أصحاب المحال على غلقها، فيما قال شاهد آخر: تسربت أخبار عن أن هؤلاء «بلطجية مأجورون» يستعدون للانقضاض على ميدان التحرير.