نظم مهرجان الشارقة القرائي للطفل أمسية أدبية، بعنوان «نقرأ الآن»، بحثت الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في تشجيع الأطفال على جعل القراءة عادة يومية، وشارك فيها كل من الشاعر ومؤلف قصص الأطفال البريطاني مارك جونزاليس، والكاتب والناقد السوري عزت عمر، والمؤلفة والروائية الإماراتية شيماء المرزوقي، وأدارها الإعلامي السعودي والباحث المتخصص في أدب الطفل فرج الظفيري.
وأكدت الأمسية التي استضافها المختبر الثقافي 1 على الشهرة الواسعة التي تحظى بها مواقع التواصل الاجتماعي، حتى باتت تمثل واحدة من أهم المصادر التي تستقي منها كل فئات المجتمع المعلومات والأخبار، وبحثت الجلسة في إيجابيات وسلبيات هذه المواقع، وقدرتها على تقديم محتوى ثري ومفيد، يساهم في تنمية معارف ومدارك أجيال الغد.
وبدأت شيماء المرزوقي حديثها بأهمية القراءة للكبار والصغار على حدٍ سواء، وأثرها الإيجابي على تنمية وتطوير اللغة والمعلومات والمفهوم الأدبي والعلمي والثقافي للأشياء، واكتساب الحكمة والمعرفة لتخطي عقبات الحياة المختلفة. وأضافت المرزوقي:«نعيش اليوم في عصر المعلومات الكثيفة حيث يتلقي أطفالنا يومياً كم هائل من المعلومات، التي تنهال عليهم من الهواتف الذكية والحواسيب، وأرى أن معظم هذه المعلومات تصب في خانة الاستهلاك التي لا تضيف للطفل».
ووصفت المرزوقي لما يطرح من مواد رقمية وتطبيقات ذكية بأنه محتوى يجعل من الصغار أشخاصاً مستهلكين لوسائل الترفيه الإلكترونية، لم يمنعها من التأكيد على أهمية التطبيقات الذكية ودورها في تعزيز عادة القراءة لدى الأطفال، حيث استعرضت تجربتها في طرح إصداراتها بصيغة الصوت من خلال تطبيق ذكي خاص بها، ولفتت إلى التفاعل الكبير الذي وجدته التجربة من قبل القراء الصغار.
ومن جانبه قال مارك جونزاليس: «بوصفي مهتماً بالدراسات ذات الصلة بمواضيع استشراف المستقبل، يجدر بي القول إن وسائل التواصل الاجتماعي باتت تقدم فائدة كبيرة وقيمة جوهرية للأطفال واليافعين، حيث تجعلهم أكثر مواكبةً لما يتوصل إليه العلم في شتى المجالات، وأرى أن خشية الآباء والأمهات من أثر التقنية الحديثة على صغارهم ينبع من الخوف المغروس في الإنسان تجاه كل ما هو جديد».
وأضاف جونزاليس: «من خلال تجربتي في مجال أدب الطفل، وفي الحقل الأكاديمي، يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص والتقنية الرقمية الحديثة بشكل عام باتت تلعب دوراً محورياً في تشجيع الأطفال على القراءة وأن يكونوا أكثر قرباً من الكتاب، ولولا ذلك لما بتنا نشهد اليوم ما يعرف بالكتاب الرقمي، والتطبيقات الذكية التعليمية، وعلينا ألا نتعامل مع هذه التقنية بوصفها مهدداً لصغارنا حيث يؤثر ذلك سلباً على تحصيلهم المعرفي».
وبدوره قال عزت عمر: «في جميع انعطافات التطور والتحديث التي مرت بها البشرية كان هناك خوف من ما يُطرح من أدوات، فعلى سبيل المثال وقبل ستة عقود ومع اختراع الراديو، الذي بدأت معه صلة الطفل بالعالم، حيث أنه بات يحمل جهازاً لاسلكياً يعزز به تواصله مع العالم، ووقتها أُطلق على الأطفال صفة جيل المذياع، ومنذ ذلك الوقت والعالم يتقدم بوتيرة متسارعة، فلا داعي للخوف، إذ العالم يتقدم، والوعي يتطور وفي كل مرة يتم إنتاج قيمٍ مجتمعية أكثر معاصرةً، ويجب علينا مساعدة أطفالنا على امتلاك أدوات عصرهم، حتى يكونوا أكثر استعداداً للمستقبل».
وأضاف عمر: «تعتبر الأجهزة الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي من أبرز ملامح الثورة الرقمية في عالم اليوم، وعليه فإن أكثر ما يميز هذه الثورة عن سابقاتها أن الانعطافات السابقة لم تكن تشترط على الطفل القراءة والكتابة، بل ركزت على الاستماع والمشاهدة، وفي مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية الأمر يختلف،
حيث يتطلب التعامل معها معرفة القراءة والكتابة، وهذه نقلة كبيرة تساعد في تعزيز معارف الطفل، فطالما أنه يكتب فهو يفكر ولم يعد سلبياً، وعليه لابد أن نعمل على تطوير فكر وقيم ووعي الأجيال الجديدة بما يتناسب مع واقع العصر الذي نعيشه«.