صناعة الإبداع وكرة القدم

ياسر أيوب الخميس 19-04-2018 06:06

لست منحازا لكرة القدم إلى حد البحث عنها فى كل مجال، سواء كان سياسيا أو اقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا.. لكننى لا أتفاءل كثيرا بلقاءات وحوارات ومؤتمرات تتحدث وتناقش الواقع والمستقبل وتغيب عنها كرة القدم.. وآخرها كان ملتقى صناعة الإبداع الذى انعقد فى القاهرة هذا الأسبوع على مدار يومين لمناقشة محاور ومجالات الإبداع فى مصر مثل المحتوى التليفزيونى والإنتاج الدرامى والتسويق والإعلان.. فقد غابت كرة القدم كالعادة عن هذا الملتقى الذى ينعقد للعام الرابع على التوالى لمناقشة آفاق جديدة للإبداع فى مصر والبحث عن حلول حقيقية لمعوقات هذا الإبداع.. ومع كل تقدير واحترام لصاحبى الملتقى.. مى سلامة وعمرو أشرف..

وأيضا لكل الوجوه والأسماء الكبيرة التى شاركت فى ملتقى هذا العام.. إلا أنه يصعب تصور أحاديث طويلة عن صناعة التليفزيون والدراما والتسويق والإعلان بعيدا عن كرة القدم.. فكرة القدم باتت إلى جانب الدراما هما الرهان الحقيقى لبقاء التليفزيون فى حياة الناس وبيوتهم.. وليس هذا انطباعا شخصيا ولكنه واقع أكدته كل الدراسات العالمية مؤخرا وأجمع عليه كل صنَّاع التليفزيون فى العالم حين التقوا فى مدينة «كان» الفرنسية منذ أسبوعين لمناقشة المستقبل وكيف يمكن حماية التليفزيون فى زمن الفضاء الإلكترونى الذى لا حدود له أو حواجز داخله.. وكتبت هنا وقتها أن الأمريكيين والأوربيين أدركوا أنه لا مستقبل للتليفزيون فى العالم كله إلا إذا تغير فكر القائمين على صناعة التليفزيون فيما يخص طبيعة الدراما ونوعها وأيضا اقتناعهم بضرورة الاعتماد أكثر على كرة القدم كمنتج تليفزيونى درامى وبرامجى وليس فقط مباريات يجرى بثها على أى شاشة.. وهو ما بدأ يحدث بالفعل فى الولايات المتحدة وأوروبا والصين.. كما أن التسويق والإعلان فى العالم كله الآن باتا يعتمدان على كرة القدم بدرجة باتت تفوق الاعتماد على نجوم أى مجال آخر.. والإعلانات الكثيرة مؤخرا التى استندت إلى اهتمام الناس بمحمد صلاح على سبيل المثال شاهدة على ذلك، سواء فى مجال الإعلانات التجارية المباشرة أو حتى أى حملات عامة للتوعية والإرشاد..

ولهذا تخيلت أن يستعين ملتقى الإبداع بكرة القدم.. سواء نجومها أو مسؤولوها فى مختلف مجالاتها.. خاصة أننى أعرف أن صاحبى الملتقى وكل ضيوفه الكبار يتابعون عن قرب كل ما يجرى فى العالم حولنا.. لكن المشكلة أنهم حين يجتمعون معا ينسون ذلك كله قبل الدخول إلى أى قاعة فيصبح الكلام الجديد هو نفسه الكلام القديم.. وبالتالى يجلس الجميع لمناقشة المستقبل وصناعته بنفس قواعد وأفكار الماضى وقيوده وقضاياه أيضا.. وما حدث فى هذا الملتقى هو نفسه الذى يتكرر دوما فى أى مؤتمر أو ندوة أو لقاء آخر.. ولست أقول ذلك الآن لمجرد حب كرة القدم والدفاع عنها وعن مكانتها واحترامها.. إنما نتيجة اقتناعى بأن كرة القدم فى مصر هى المارد المحبوس طول الوقت داخل القمقم الصغير وجاء أوان كسر هذا القمقم ليخرج هذا المارد، وبالتالى يمكن استغلاله سياسيا واجتماعيا إلى جانب استثماره إعلاميا وتليفزيونيا وسياحيا أيضا.