إذا فقدت عائلة عزيزاً لديها. أباً أو أماً. أو من هم فى هذه المرتبة. من البديهى أن يصابوا بحزن شديد ولوعة. لكن عقلهم الباطن غالبا كان معدا لهذا الحدث.
أما إذا جاءت الأقدار بفقد ابنة أو ابن. هنا يكون العقل الباطن غير مستعد لتقبل مثل هذه الصدمة. لذلك يجىء التأثير قاسيا. قد يدمر معه منطق الأشياء. فيرفض أفراد العائلة تقبل الحقيقة التى باغتتهم بهذه القسوة.
لا يختلف هذا الأمر من جنسية إلى أخرى. الفقير مثل الغنى. فى أمريكا مثلما يحدث فى الهند. رفض للواقع. رفض للحقيقة. الواقع أن هناك زوجا وزوجة وأسرة. لكن نتيجة هذا الحدث إن وقع تكون مذهلة ومرعبة.
رزقت جدتى بخمسة أطفال: 3 بنات وولدين. فقدت أصغرهم وكان شابا عمره 18 عاما. الصدمة كانت مرعبة. رفضت قبول ما حدث. كانت سيدة متدينة. لا تترك ركنا من أركان الإسلام إلا وأدته كاملا. لكن الصدمة أفقدتها توازنها.
تطلعت إلى السماء مخاطبة ربها قائلة: «إنى منذ اليوم أخاصمك. لم أتخيل أن تسمح للأقدار أن تعاملنى بهذه القسوة». هنا توقفت عن الصلاة. توقفت عن الصوم. لكن زوجها الذى كان مؤمنا بالله وبقدرته. رأى حلما يتمثل فى أن ولده عائد إلى الحياة فى صورة أول حفيد له. يبدو أن جدتى صدقته ولو من باب الرجاء والتمسك بأهداب أى أمل. فمنذ اللحظة الأولى لولادة الحفيد عادت الجدة إلى الله. طالبة مغفرته وحمايته لهذا البديل.
مجرد فقدها لأحد أولادها كان موقفا فاصلا. لم يعوضها أن لديها 4 أولاد آخرين. لكن لكل شىء استثناءات. وحتى نقيّم الأمور بعدل. ففى القرية المصرية وريفها كان معدل الوفيات عاليا للغاية. الغريب أن درجة تقبّل القدر لدى أهلنا هناك كان مختلفا تماما. كان يقابل بهدوء وبساطة. أليس هذا ما نسميه إيمان العجائز؟.
تقبّل القدر بحلوه ومرّه. هنا يظهر الفارق. لعله استثمار طاقة الصبر لدى المزارع الذى ينتظر محصوله بالشهور. لعله الاستسلام الكامل لظروف الحياة والطبيعة معها.
عندما فقدَ الرئيس مبارك حفيده انكسر خاطره. فقدَ مرحه وسعادته ووجهه البشوش. فما بالكم بالأم.. أى أم وأى أب؟!.
ففى لحظة الفقد ينكسر شىء داخل الإنسان. يرفض الواقع تماما. أيا كان هذا الشخص.. ملكا أو رئيسا أو مجرد شخص عادى. لذلك الإحصائيات تقول إن 79 % من الأزواج لا يستطيعون الاستمرار فى الحياة كما كانوا قبل وفاة عزيزهم. ابنا كان أو ابنة.