هدأت نبرة التحركات والتهديدات الأمريكية والغربية لشن هجوم على قوات الرئيس السورى بشار الأسد، رداً على اتهام النظام بشن هجوم بالغاز الكيماوى على مدينة دوما آخر معاقل المعارضة المسلحة فى الغوطة الشرقية، فبينما قال الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، إن أى ضربة محتملة لسوريا قد تتم فى وقت «قريب جدا أو غير قريب على الإطلاق»، أعلن البيت الأبيض أن كل السيناريوهات مطروحة على الطاولة للرد على الهجوم، ووسط نبرة تهدئة من روسيا فى مواجهة التحركات العسكرية الغربية، قال الرئيس السورى، بشار الأسد، فى أول تعليق على التهديدات الأمريكية، إن أى ضربة ستؤدى إلى «مزيد من زعزعة الاستقرار».
وفى تغريدات على «تويتر»، أبدى ترامب ضبابية بشأن توقيت الضربة المحتملة التى تتوعد واشنطن بتنفيذها ضد سوريا، وبعد تحذيره روسيا بأن «الصواريخ قادمة لضرب سوريا»، قال ترامب: «لم أقل قط متى سيُشن هجوم على سوريا، قد يكون فى وقت قريب جدا أو غير قريب على الإطلاق». وأضاف: «على كل حال، قامت الولايات المتحدة فى ظل إدارتى بعمل رائع عبر تخليص المنطقة من تنظيم داعش، أين شكركم لأمريكا»؟.
بدوره، أكد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أن لديه «الدليل» بأن النظام السورى استخدم الأسلحة الكيميائية فى الغوطة، وأضاف أنه على اتصال يومى مع ترامب، وقد يقرران بشأن الرد «فى الوقت الذى نختاره عندما نقرر بأنه الأنسب والأكثر فعالية». وقال ماكرون إن أحد أهدافه فى سوريا «نزع قدرة النظام على شن هجمات كيميائية»، وأكد أن «فرنسا لن تسمح بأى حال بأى تصعيد أو أى شىء من شأنه أن يخل باستقرار المنطقة، ولكن لا يمكن أن نسمح لأنظمة تعتقد أن بوسعها التصرف دون عقاب أن تنتهك القانون الدولى بأبشع طريقة ممكنة».
ودعت رئيسة الحكومة البريطانية، تيريزا ماى، حكومتها إلى اجتماع طارئ، أمس، لمناقشة رد لندن، وأفادت صحيفة «ديلى تليجراف» بأن ماى أمرت غواصات بالتحرك بحيث تكون على مسافة تتيح لها إطلاق صواريخ على سوريا استعدادا لتوجيه ضربات، يحتمل انطلاقها خلال ساعات.
وذكرت الصحيفة أن ماى لم تتوصل إلى قرار نهائى بشأن مشاركة بريطانيا فى أى ضربات، لكنها تريد أن تتوافر القدرة على التحرك السريع، وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بى. بى. سى» أن ماى مستعدة للموافقة على مشاركة بلادها فى عمل عسكرى، وأنها تسعى للحصول على موافقة مسبقة من البرلمان، وقالت ماى: «لا يمكن أن يمر استخدام الأسلحة الكيميائية دون عواقب، سنعمل مع حلفائنا المقربين للتوصل إلى الكيفية التى يمكننا من خلالها ضمان محاسبة المسؤولين».
وقال ديفيد ديفيز، وزير شؤون انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، إن بلاده لم تتخذ بعد قرارا بشأن الرد، واصفا الوضع بأنه دقيق للغاية وعلينا اتخاذ هذا القرار بـ«تروّى، وعلى أساس مدروس».
وأكد الكرملين، أمس، أن قناة الاتصال بين العسكريين الروس والأمريكيين بشأن عمليات الجيشين فى سوريا لتفادى الحوادث «ناشطة» بين الجانبين. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمترى بيسكوف، إن روسيا تراقب عن كثب تصريحات الولايات المتحدة حول سوريا، وترى أنه من الضرورى تفادى أى خطوات تفاقم التوتر.
وفى المقابل، قال الأسد خلال استقباله المستشار الأعلى لقائد الثورة الإسلامية الإيرانية للشؤون الدولية، على أكبر ولايتى: «مع كل انتصار يتحقق فى الميدان تتعالى أصوات بعض الدول الغربية وتتكثف التحركات فى محاولة منها لتغيير مجرى الأحداث». وأضاف: «هذه الأصوات وأى تحركات محتملة لن تساهم إلا فى المزيد من زعزعة الاستقرار فى المنطقة، وهو ما يهدد السلم والأمن الدوليين».
وأكد ولايتى أن إيران ستواصل وقوفها إلى جانب سوريا وشعبها ودعم صمودها فى معركتها ضد الإرهاب الذى يستهدف وحدتها واستقرار المنطقة، وأضاف أنه يأمل أن يقوم الجيش السورى وحلفاؤه بطرد القوات الأمريكية من شرق سوريا وانتزاع السيطرة على إدلب شمال غرب البلاد من قبضة مقاتلى المعارضة.
وبدورها، قالت بثينة شعبان، مستشارة الأسد، إن الحكومة السورية تجرى مشاورات مع حلفائها بشأن التهديدات الأمريكية بعمل عسكرى وإنهم يملكون خيارات، ولن يتركوا الأمور تسير كما تريد واشنطن، وأوضحت أن الحكومة السورية وروسيا اتخذتا استعدادات بعد الضربة التى وجهتها إسرائيل لقاعدة التيفور قرب حمص. وأضافت أن الغرب يشن حرباً نفسية وأن قواعد الاشتباك تغيرت لصالح دمشق، حيث إن وضعها فى الحرب صار أقوى.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن مسؤولين أمريكيين أجروا مشاورات هاتفية واجتماعات مع حلفاء وشركاء لبناء تحالف لتوجيه رد فعل مشترك على مختلف المستويات، وقال مسؤول أمريكى: «نحاول ضم اللاعبين الإقليميين، وبالإضافة لبريطانيا وفرنسا أجرت واشنطن محادثات مع السعودية وإسرائيل وقطر»، ولكن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن الولايات المتحدة مستعدة للعمل وحدها لو تطلب الأمر ذلك.
وبحث وزير الدفاع الأمريكى، جيمس ماتيس، وقادة عسكريون مسؤولون عن المنظومة البحرية الأمريكية للدفاع الصاروخى «إيجيس» لبحث الخيارات المتاحة ومحاولة الخروج بقرارات أمس الأول، وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، خلال مؤتمر صحفى، مساء أمس الأول، قالت إن الضربة لا تزال «أحد خيارات العمل»، ولا يزال بإمكان الرئيس الامتناع عنها، مضيفة أن المشاورات بشأن هذه القضية لا تزال متواصلة مع شركاء وحلفاء الولايات المتحدة.
وقال المرشح لمنصب وزير الخارجية الأمريكية الجديد، مايك بومبيو، إن واشنطن تعتبر روسيا «خطرا على البلاد»، وإن زمن سياسة واشنطن الناعمة تجاه موسكو قد ولّى.