أكثر المحاصيل شراهة فى استهلاك المياه يهدد زراعات القمح : «اللى يحتاجه الرغيف.. يحرم على الموز»

كتب: متولي سالم الجمعة 13-04-2018 00:08

لأنه أكثر المحاصيل شراهة فى استخدام المياه، أحدثت زراعة الموز جدلاً واسعاً بين قطاعات مختلفة، تزامنا مع اتجاه الدولة إلى الحفاظ على الموارد المائية فى ظل زيادة الطلب على المياه الناتجة عن الانفجار السكانى.

عدد من المنتجين وخبراء زراعة الموز طالبوا الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتدخل لإصدار قرار جمهورى يحظر زراعة الموز فى مصر، لما يسببه من إهدار الموارد المائية بها، وأثره السلبى على محاصيل أكثر أهمية كالقمح والذرة والفول والموالح والخضراوات، موضحين أنه يجب التوجه نحو زراعات تحقق الأمن الغذائى للمصريين، بدلا من التوسع فى زراعة محصول من شأنه تعريض الأمن المائى المصرى للخطر.

كما طالبوا بضرورة وضع ضوابط لاستخدام المياه الجوفية فى زراعات الموز بالمناطق الصحراوية، للحد من استنزاف الخزان الجوفى، وحماية صادرات مصر الزراعية.

مطالب بتنظيم زراعة الموز فى مصر

قال الدكتور محمود مدنى، رئيس مركز البحوث الزراعية، إن كل البدائل لا تؤدى لخفض استهلاك المياه المهدرة فى زراعات الموز، ويجب تقدير استهلاك المياه لكل كيلو موز يتم إنتاجه، لافتا إلى أنه لم يتم حتى الآن دراسة أساليب ترشيد استهلاك المياه فى زراعة الفاكهة.

وأضاف أن معايير زراعة الموز تعتمد على عدد من العناصر، منها مدى تصنيفه من ناحية المحاصيل الاستراتيجية أو محاصيل الرفاهية التى يمكن اعتبارها غير أساسية أو ضرورية للاستهلاك لتحديد آليات الحظر أو السماح بالزراعة، معتمدا على البحث عن بحوث تطبيقية تقلل من الاحتياجات المائية للزراعة، بتقنيات جديدة، مثل زراعة الموز فى الصوب الزراعية، للاستفادة من كل قطرة مياه والحد من إهدار الموارد المائية.

وشدد «مدنى» على ضرورة وضع برامج وخطط واقعية للتعرف على الاحتياجات الفعلية من المياه لزراعات الموز وآليات توفير وترشيد استهلاكه من المياه.

من جانبه، طالب الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، بمنع صرف الأسمدة المدعمة لزراعات الموز، وإجراء تعديلات للتشريعات الزراعية بهدف الحفاظ على الموارد المائية، وتحديد أنسب التراكيب المحصولية التى تحقق الأمن الغذائى المصرى.

وتساءل: «كيف يتم صرف 12 شيكارة أسمدة مدعمة لكل فدان من زراعات الموز، مقابل صرف 3 شكائر أسمدة لزراعة أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية لمصر، القمح؟».

وأوضح «خليفة» أن التعديلات التشريعية تستهدف إجراء معادلة حسابية وتحصيل قيم مالية عن المياه المستخدمة فى زراعة الموز، ما يزيد على ٣٠٠٠ متر مكعب مياه، وأن زارعى الموز يحصدون آلاف الجنيهات، بينما لا يحصد الفلاح سوى القليل من عائد زراعة القمح، الذى يحقق الأمن الغذائى للمصريين، لافتا إلى أن دور المهندس الزراعى المشاركة فى تطوير رؤية العمل الزراعية بالشراكة مع الدولة، لضمان نجاح خطة تحقيق التنمية المستدامة.

وتابع نقيب الزراعيين: «لن نجوع إذا لم نأكل الموز، بينما نجوع حقا حينما لا نجد رغيف الخبز فهم الأهم لأنه يشكل حياة المصريين، والنقابة أدركت أن أدوارها عديدة ومهامها عصيبة لكونها شريكا أساسيا فى التنمية المستدامة، وفق رؤية القيادة السياسية التى تنتهج نهجا علميا لتحقيق كل الخير للبلاد، وذلك يعتمد على تطور رؤية المهندس الزراعى على المستوى العلمى، وبالتالى المردود الاقتصادى والاجتماعى، كما أن تصنيف أهمية المحاصيل يعتمد على أن هناك محاصيل زراعية مهمة وأخرى أكثر أهمية، وثالثة أقل أهمية وفق المعطيات المتاحة من مساحة الأرض الزراعية وكميات المياه».

وأشار إلى أن الموز من المحاصيل التى أثارت جدلا واسعا فى الآونة الأخيرة، لكونه أكثر المحاصيل شراهة فى استخدام المياه، ويستهلك الفدان ١٨ ألف متر مكعب فى الأراضى القديمة التى تروى غمرا، و٦ آلاف متر مكعب فى الأراضى الجديدة التى تروى بنظام التنقيط، مضيفا أن مساحة الأراضى المزروعة بالموز فى مصر ٨٤ ألف فدان، ما يستوجب وضع رؤية علمية لتجاوز أزمة ارتفاع مساحة الموز التى تؤثر بالسلب على محاصيل أكثر أهمية كالقمح والذرة والفول والموالح والخضراوات.

وشدد على أنه رغم وجود مساحات محددة لا يمكن زراعتها سوى بالموز، لكونها تقع وسط جزر مائية، وأنه فى المقابل هناك إنشاءات حديثة لمزارع الموز وتجارة وصناعة تقوم بها معامل زراعة الأنسجة فى مصر، وتعتمد على إنتاج شتلات الموز، إلا أن هناك أزمة مياه يعلمها الجميع، لذا يجب إدراك أولويات ربط الزراعة بالمورد المائى، لأنه لا توجد زراعة بدون مياه.

وطالب «خليفة» بوضع خارطة طريق لحل أزمة ملف زراعة الموز، اعتمادا على الحقائق التى تدفعنا لوضع حلول عملية تتلخص فى حصر مساحات الموز بشكل دقيق فى الأراضى القديمة والجديدة، وحظر استخدام الرى بالغمر، لزراعات الموز فى كافة الأراضى، ووضع عقوبات للمخالفات المتعلقة بزراعة الموز فى مصر.

وقال المهندس محمود عطا، رئيس الإدارة المركزية للبساتين والمحاصيل الزراعية بوزارة الزراعة، إن القرار الوزارى رقم 896 لسنة 2012 يحظر إنشاء حدائق الفاكهة فى أراضى الوادى والدلتا، ويقتصر إنشاء حدائق الفاكهة على الأراضى الجديدة، بشرط استخدام نظم الرى الحديثة، مشيرا إلى أن إجمالى المساحات المزروعة من الموز بمختلف المحافظات يصل لـ84 ألف فدان.

وأضاف «عطا»، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، أن القرار يسمح بإحلال وتجديد الحدائق القديمة فى الأراضى القديمة بعد المعاينة على أرض الواقع من لجنة تضم ممثلين من الإدارة الزراعية ومديرية الزراعة بالمحافظة المعنية، والإدارة المركزية للبساتين، شريطة استخدام أساليب الرى الحديثة فى الإحلال والتجديد بالأراضى القديمة.

وتابع: «الموز ضمن محاصيل الفاكهة، ويصل استهلاكه من مياه الرى لـ12 ألف متر مكعب للفدان، ولذلك فالوزارة تشدد الرقابة على حظر زراعته فى الأراضى القديمة، وعند الإحلال والتجديد يتم استخدام الرى الحديث فقط، للموافقة على الإحلال والتجديد للمساحات القديمة من الموز».

الموز البلدى من أكثر الزراعات استهلاكاً للمياه

وطالب «عطا» بالاستفادة من البحوث العلمية لتحديد المقننات المائية لزراعة الموز بالأراضى الصحراوية، وفقا لنظم رى تحقق أعلى عائد من وحدة المياه وتقلل من إهدار الموارد المائية المصرية فى زراعة المحصول، مشيرا إلى أهمية التعاون بين مركز البحوث الزراعية، والمركز القومى لبحوث المياه، للتأكد من الاحتياجات الفعلية لرى محصول الموز، تمهيدا لمنع تأثير زراعات الموز على الخزان الجوفى بأراضى الاستصلاح فى منطقة غرب الدلتا.

وطالب المهندس عماد ميخائيل، رئيس مصلحة الرى الأسبق، الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتدخل لإصدار قرار جمهورى بحظر زراعة الموز فى مصر، لتسببه فى إهدار الموارد المائية لمصر، موضحا أن المصريين ليسوا فى حاجة لمثل هذه الزراعات، ولذلك يجب على الرئيس التدخل العاجل لمنع إهدار الموارد المائية فى هذه الزراعات.

وأضاف أن كل ١٠٠٠ متر مكعب يتم توفيره من استهلاك الفدان، سواء عن طريق ترشيد استهلاك المياه أو تطوير الرى، أو باتباع سياسة محصولية جديدة ونمط زراعى جديد ووسائل رى حديثة- يزيد المساحة المزروعة مليون فدان، ويجب على الدولة أن تحاسب الأفراد على كل جنيه يتم صرفه فى مجالى الزراعة والرى، وتحلية مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحى، والعائد منه لترشيد استهلاك المياه، وأن ترفع وزارة الإسكان يدها عن مياه النيل وتتجه للبحر للاستفادة من ٢٠٠٠ كيلو متر سواحل بحرية على البحرين المتوسط والأحمر.

وقال فريد واصل، النقيب العام للفلاحين والمنتجين الزراعيين، إنه قدم مسبقا مذكرة لوزيرى الزراعة والرى، للمطالبة بإصدار قرار مشترك بحظر زراعة الموز، وأن تقتصر زراعته على أراضى الجزر النيلية، وطرح النهر بجانبى نهر النيل، لحماية الموارد المائية من التدهور، فضلا عن التوجه نحو الزراعات التى تحقق الأمن الغذائى للمصريين، وليس التوجه نحو زراعات من شأنها تعريض الأمن المائى المصرى للخطر.

وأضاف- فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»- أن زراعة الموز فى المناطق الصحراوية تشكل تهديدا للخزان الجوفى، خاصة أنها تتم بطرق غير رسمية فى أراضٍ غير مقننة، لا تتابعها الدولة، ومعظمها يندرج ضمن الأراضى المخالفة والتعديات، معربا عن أسفه لعدم إصدار الوزارات المعنية بالدفاع عن حق المصريين والأمن المائى قرارات حاسمة لحماية الموارد المائية.

وشدد «واصل» على ضرورة تخصيص غرفة عمليات لمراقبة زراعات الموز بالتصوير الجوفى لحماية مخزون مصر من المياه الجوفية، وإزالة أى زراعات للموز تعتمد على المياه الجوفية، لمنع استنزاف الخزان الجوفى، خاصة فى مناطق غرب طريق «القاهرة الصحراوى»، حيث تتركز زراعات الموز فى منطقة النوبارية.

وتابع: «الموز ليس قمحًا حتى تتوسع الدولة فى زراعته أو تسمح به، ولن نموت لو توقفنا عن تناول الموز، والأهم أن نتوجه نحو الزراعات التى تحقق الأمن الغذائى للمصريين، وليس التوسع فى زراعة محاصيل أكثر شراهة للمياه».

وكشف تقرير رسمى أصدرته الإدارة المركزية للبساتين، عن زراعة الموز فى مصر، أن إجمالى المساحة المزروعة 84 ألفا و205 أفدنة، تنتج مليونا و487 ألف طن، بمتوسط إنتاجية يصل لـ20 طنا للفدان، وأن المساحات المزروعة بالموز فى المناطق الصحراوية تتجاوز 20 ألف فدان، بنسبة تصل لـ25% من إجمالى المساحة الكلية للموز.

ووفقا للتقرير، تقتصر المساحة الأكبر للموز خارج الدلتا ووادى النيل، على منطقة النوبارية بمحافظة البحيرة، والواقعة غرب طريق القاهرة- الإسكندرية الصحراوى، بإجمالى 20 ألفا و113 فدانا، بينما تتوزع باقى المساحات الضئيلة ما بين محافظات مطروح والوادى الجديد وجنوب سيناء، اعتمادا على المياه الجوفية، كما أن هناك 5 محافظات تستحوذ على غالية الأراضى المزروعة بالموز بإجمالى 54 ألفا و657 فدانا، وهى محافظات البحيرة والمنوفية والأقصر وقنا والقليوبية، بنسبة تصل لـ64%.

وقالت مصادر رسمية بوزارة الزراعة إن تدقيق الحصر لمساحات أراضى الموز يؤكد أنها تتجاوز هذا الرقم ربما إلى الضعف، والدليل يكمن فى الانخفاض الحاد حاليا فى أسعاره، (5) جنيهات للكيلو، مشيرة إلى أن زراعات الموز تصل لضعف الرقم الرسمى، لأنه أكثر المحاصيل من ناحية العائد، ويتجاوز العائد منه زراعات الأرز، ما يجذب المنتجين نحو التوسع فى زراعة الموز لجنى الأرباح.