«الإفتاء» تحرم المشاركة في لعبة «الحوت الأزرق» (نص الفتوى)

كتب: أحمد البحيري الخميس 05-04-2018 12:34

أصدرت دار الإفتاء المصرية، الخميس، فتوى بتحريم المشاركة في اللعبة المسمَّاة بـ«الحوت الأزرق»، التي تطلب ممن يشاركون فيها اتباع بعض الأوامر والتحديات التي تنتهي بهم إلى الانتحار، وهو ما وقع فيه الكثير من المراهقين مؤخرا في مصر وعدد من دول العالم.

وطالبت دار الإفتاء من استدرج للمشاركة في اللعبة أن يسارع بالخروج منها، وناشدت الآباء بمراقبة سلوك أبنائهم وتوعيتهم بخطورة هذه الألعاب القاتلة، وأهابت بالجهات المعنية تجريم هذه اللعبة، ومنعها بكل الوسائل الممكنة، لما تمثله من خطورة على الأطفال والمراهقين.

وأوضحت الدار في فتواها أن الشريعة الإسلامية جاءت رحمة للعالمين، واتجهت في أحكامها إلى إقامة مجتمع راق متكامل تسوده المحبة والعدالة والمثل العليا في الأخلاق والتعامل بين أفراد المجتمع، ومن أجل هذا كانت غايتُها الأولى تهذيب الفرد وتربيته ليكون مصدر خير للبلاد والعباد، وجعلت الشريعة الإسلامية الحفاظ على النفس والأمن الفردي والمجتمعي مقصدا من أهم المقاصد الشرعية؛ التي هي النفس، والدين، والنسل، والعقل، والمال، فكل ما يتضمن حفظ هذه المقاصد الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوتها فهو مفسدة ودفعها مصلحة.

وأضافت دار الإفتاء أن الشريعة قررت أن الأصل في الدماء الحرمة، وسنّت من الأحكام والحدود ما يكفل الحفاظ على نفوس الآدميين، ويحافظ على حماية الأفراد واستقرار المجتمعات، وسدت من الذرائع ما يمكن أن يمثل خطرًا على ذلك في الحال والمآل.

وأشارت الدار في فتواها إلى أنه من هذا المنطلق يتضح أن هذه اللعبة تشتمل على عدة أفعال؛ كل واحد منها كفيل بتحريمها شرعا وتجريمها قانونا؛ أهمها أن المشارك في هذه اللعبة يبدأ بعد التسجيل فيها بنقش رمز على جسده بآلة حادة؛ كالسكين أو الإبرة أو نحوهما، وفي هذا الفعل إيذاء من الإنسان لنفسه، وهو أمر محرم شرعا، فإن حفظ النفس من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة، ولهذا حرم اللهُ تعالى كل ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزء منه، وجعل رعايته في نفسه وجسده مقدمة على غيرها، ومن مقتضيات الحفاظ على نفس الإنسان حمايته من كل ما يمكن أن يصيبه بالضرر في صحته، فحرمت الشريعة عليه كل ما يضره، وجرمت إيصال الضرر إليه بشتى الوسائل.

وأضافت المشارك في نهاية اللعبة يقوم بأحد فعلين إما أن يقتل نفسه وهو الانتحار، أو يقتل غيره، وقد حرمت الشريعة الإسلامية إتلافَ البدن وإزهاقَ الروح عن طريق الانتحار أو ما يؤدي إليه؛ فأَمَرَتِ الإنسانَ بالمحافظة على نفسه وجسده من كل ما يُهْلِكه أو يَسُوءُه، ونَهت عن أن يقتل الإنسانُ نفسَه أو يُنزِلَ بها الأذى؛ فلا يجوز لأحدٍ أن يتصرف في جسده تصرفًا يُؤدي إلى إهلاكه أو إتلافه، وكُلُّ إنسانٍ -وإن كان صاحب إرادةٍ فيما يَتعلق بشخصه- فإنها مُقَيَّدةٌ بالحدود التي شرعها الله تبارك وتعالى.

واختتمت الدار فتواها قائلة: جعل الله تعالى قتل النفس بغير حقٍّ كأنه قتلٌ للناس جميعًا؛ والنص الشرعي جاء مخبرًا بأن المسلم في أي ذنبٍ وقع كان له في الدين والشرع مخرجٌ إلا القتل؛ فإن أمرَهُ صعبٌ؛ فروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا»، ويوضح هذا المعنى ما في تمام الحديث من قول ابن عمر رضي الله عنهما «إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ».