«خسائر القومية للأسمنت».. كُرة لهب فى ملعب الحكومة

كتب: اخبار السبت 31-03-2018 22:14

فى الوقت الذى وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة لتطوير شركات قطاع الأعمال العام، ذلك الإرث الثقيل الذى هربت العديد من الحكومات المُتعاقبة من تحمله وتوجهت الأخرى لتطبيق ما يسمى بالخصخصة؛ للخروج من أزماته وخسائره المتعاقبة، شهدت الفترة الماضية اشتعال أزمة شركة القومية للإسمنت، والتى تعد آخر الحصون التى تمتلكها الدولة فى قطاع الإسمنت فى ظل توقف الشركة عن العمل، وتكبدها خسائر كبيرة بلغت فى عام واحد نحو مليار جنيه، وكذلك اعتصام العاملين بها خلال الفترة الماضية فى ظل رفضهم للتوجه الحالى للشركة القابضة للكيماويات لنقل المصنع، وتخفيض الحوافز الخاصة بمرتباتهم.ليتحول بذلك الأمر لكرة اللهب التى أُلقيت فى ملعب الحكومة، بما يضعنا أمام عدة سيناريوهات، هل سيتم الرضوخ لمطالب العمال بإعادة تشغيل المصنع والاكتفاء ببحث تطويرها فى مقرها الحالي؟، أم سيتم تنفيذ ما ستسفر عنه الدراسات الحالية؟

وسجلت مديونيات شركة القومية للإسمنت نحو 8 مليارات جنيه، وتتكبد خسائر بقيمة 350 جنيه عن كل طن يتم إنتاجه.

وحققت الشركة خسائرًا بقيمة 240 مليون جنيه خلال الربع الأول من العام المالى الجارى، مقابل 4.4 مليون جنيه خلال الفترة ذاتها من العام المالى الماضى.

والشركة القومية للإسمنت شركة تابعة لشركة الصناعات الكيماوية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام المصرية، ويقع مقرها الرئيس ومصنعها فى حلوان، تأسست عام 1956 بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 7969 الصادر فى 14 مارس 1956، وقد تم تعديل هذا النظام لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991.

وكان خالد بدوى وزير قطاع الأعمال العام، قد أكد فى حواره خلال الشهر الماضى للمصرى اليوم الاقتصادى، على ضرورة وقف نزيف خسائر الشركة واتخاذ الإجراءات الحاسمة ووضع حلول جذرية للتعامل مع المشكلات، والتحديات الكبيرة التى تواجهها.

وأضاف أن أبرز مشكلاتها تتمثل فى المديونيات المتراكمة، والخسائر المستمرة، وعدم توافر بيئة صحية للعاملين داخل المصانع، وهو ما يعرضهم للإصابة بأمراض خطيرة.

ومن جانبه قال محمد حسنين رضوان رئيس شركة القومية للإسمنت، إن الشركة مستمرة فى عمل دراساتها الفنية والمالية؛ لإعادة تطويرها رغم تصاعد المطالب العمالية، منوهًا إلى أنه من المستهدف الانتهاء منها خلال مدة لا تقل عن شهر.

وأشار رضوان إلى أنه يوجد قرار من الجمعية العمومية للشركة لنقل المصنع خارج الكتلة السكنية؛ من أجل العمل على تحسين الأوضاع البيئية له، لافتًا إلى أن التفكير فى النقل سيكون للظهير الصحراوى لأى محافظة، خاصة محافظات شمال الصعيد، مثل المنيا، أو بنى سويف، مُشيرًا إلى أن الحصة السوقية للشركة تصل لنحو ٣٪ من سوق الأسمنت.

وأكد أن التوجه إلى زيادة الطاقة الإنتاجية فى حالة التطوير سيحدده حاجه السوق، والذى تصل فيه الطاقات الإنتاجية للشركات العاملة فى مصر نحو ٨٥ مليون طن فى حين لم يتعدَ الاستهلاك نحو ٥٤ مليون طن العام الماضى.

ويتكون مصنع الشركة القومية للإسمنت من ٦ أفران، وتبلغ طاقته الإنتاجية 3.5 مليون طن أسمنت سنويًا وأُنفق على تطويره مليارى جنيه، كما تمتلك الشركة أراضى بمنطقة التبين جنوب حلوان بمساحة 876 فدان.

فيما يرى عبد المنعم الجمل رئيس النقابة العامة للأخشاب والمسئول الأول عن العمال فى القومية للأسمنت، أن الشركة يمكن إحيائها باستخدام المازوت أو الغاز مما يضمن استمرارها، خاصة أنها الشركة الوطنية الوحيدة التابعة للدولة فى قطاع الأسمنت.

وأوضح أن إغلاقها سيدفع الشركات الخاصة والأجنبية لرفع الأسعار مثلما يحدث بالفعل خلال الفترة الحالية، حيث ارتفعت أسعار الإسمنت لأعلى معدل لم تصل إليه من قبل ليسجل سعر الطن ١١٥٠ جنيه للمستهلك.

وأشار الجمل، إلى أن الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية ليست مطالب فئوية، ولكنها تسعى للإبقاء على الشركة الوحيدة التى تتبع الدولة، حيث أن الاعتصامات والوقفات لم توقف حركة الإنتاج فالمصنع يعمل بانتظام.

ولفت إلى أن المفاوضات جارية مع الشركة القابضة للصناعات الكيماوية منذ ثلاثة شهور، ولكن لم تثمر عن أى شئ، حيث لم يتم اتخاذ قرار إيجابى.

وأوضح أن عمليات التطوير التى شهدتها الشركة خلال الفترة الماضية، وتكلفت نحو ١.٢ مليار جنيه تسببت فى زيادة استهلاك الوقود، مما زاد من تكلفة المنتج وبالتالى دفعت الشركة لتكبد تلك الخسائرالسالف ذكرها، قائلًا « ليس معنى أن الشركة تتعرض للخسارة خلال ٣ سنوات أن يتم إغلاقها أو أنها فشلت، ولكن من الضرورى البحث عما أدى إليها إلى هذا الحال ومحاسبة المسئولين عن إهدار هذه الأموال فى تطوير أدى لتحملها مزيد من الأعباء والخسائر الكبيرة.

فيما يرى المهندس مدحت اسطفانوس رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات المصرية، أن الوضع الحالى للشركة وفقا لهيكلها الإنتاجى يعنى استمرارها فى تكبد الخسائر فى ظل ارتفاع تكلفته، خاصة فى ظل عدم جاهزيته إلا بالعمل بالغاز وبالتالى تصل تكلفة المحروقات فقط إلى ٥٥٠ جنيه فى الطن.

وأضاف أن ذلك يُحدث لهم مشاكل وخسائر، كما أنه من الصعب التحول للفحم لوجود مشاكل بيئية داخل المصنع يصعب التغلب عليها، كما أن متوسط تكلفة تحول خط الإنتاج الواحد للفحم تصل لنحو 25 مليون دولار.

وتابع أن الحل الأفضل هو إغلاق المصنع الحالى، وإيجاد حلول مناسبة لمشكلة العاملين به، والتعامل بحسم مع ملف تلك الشركة، ووقف نزيف الخسائر المستمر بها.

وأوضح أن السوق المحلية لم يتأثر بأزمة شركة القومية للأسمنت، وأن السوق ليس فى حاجة لما تنتجه الشركة والبالغة نحو 3 ملايين طن سنوياً، فى حين أن مؤشرات السوق تفيد بأن إجمالى الطاقات الإنتاجية العاملة به تصل لنحو ٧٠ مليون طن سنويًا ووجود فائض عن معدلات الاستهلاك يصل لنحو ٢٥ مليون طن، وبالتالى السوق ليس بحاجة إليه، منوهًا إلى أنه يمكن استغلال الأرض فى مشروعات أخرى فتكلفتها أغلى من المصنع تقدر بمليارات الجنيهات.

وقال أحمد الزينى رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، إنه من الضرورى أن تعمل الحكومة على تطوير المصنع، وتعالج الأسباب التى أدت إلى خسائره خلال الفترة الماضية.

وأضاف الزينى، أن الشركات استغلت توقفه عن الإنتاج إضافة إلى توقف مصنعى العريش وسيناء فى رفع الأسعار لأعلى معدل لم يصله الإسمنت من قبل، حيث يسجل حاليًا ١١٥٠ جنيه للمستهلك، لذلك من الضرورى تشغيل المصانع الوطنية حتى لايستغل ذلك الشركات الخاصة والأجنبية فى رفع الأسعار على المستهلك.