نسيان

نيوتن الأربعاء 28-03-2018 22:59

إذا توجهت إلى أى محكمة. سترى الجلسات علنية. الادعاء علنى. الدفاع علنى. مناقشات المحكمة وإعلانها للحكم علنى. الحضور فى المحكمة مسموح به ومتاح للجميع. الدليل على ذلك أن أى قاعة محكمة بها مقاعد. على الأقل تتسع لمائة شخص. إذن الجمهور موجود بالمحكمة. العلنية متوفرة.

العلنية والشفافية تحرض على الأمانة والشرف. تتفادى الفساد بأنواعه: الظلم. الانحياز. الاضطهاد. كل هذا.

فى أمريكا. جلسات الكونجرس وجلسات السينيت علنية. ليس الأمر مجرد بث بعضها فى قنوات مختلفة. بل هناك قناة «c-span» متخصصة ومتفرغة لبث تلك الجلسات الحية وتعيد إذاعتها بعد ذلك.

جلسات مجلس النواب لدينا كانت علنية. لم تعد كذلك. عندما قالوا سنمنع إذاعة الجلسات افترضنا أن هذا سيكون وضعا استثنائيا مؤقتا. إلا أن القرار صدر وتم تطبيقه. وغاب فى مجاهل النسيان. لم يراجعه أحد. أصبح المنع هو الأمر الطبيعى وليس الاستثناء.

أفهم أن أمورا محددة فى لجنة الدفاع تكون سرية. لكن لماذا تكون لجنة السياحة سرية؟ أو لجنة التموين أو ما شابه؟ قد تكون هناك استثناءات قليلة لبعض الجلسات التى تتضمن معلومات بعينها.

لست متخصصا فى المسائل القانونية. هناك ملاحظات يأخذها البعض على مظاهر فى الحياة العامة بمصر. كنت أرجعها لعوار فى الدستور. حتى استمعت إلى أحد الخبراء فى الاقتصاد والسياسة. صحح لى معلوماتى. قال لى إن هذا الدستور الذى أقرته مصر فى 2014 من أرقى ما يمكن. مع ذلك أُغفل العمل به فى كثير من المناحى. فأصبح مصيره النسيان.

النسيان أصاب الأحزاب. كانت تقوم لتحقيق أهداف محددة. للدفاع عن قضية. للتعبير عن فئات من الشعب. لهذا جاءت: هذا ينتمى لليمين. هذا لليسار. هذا للوسط. كل حزب كان يعبر عن اتجاه.

الآن فى مصر حوالى 104 أحزاب. الأحزاب نسيت القضية التى قامت من أجلها. أصبحت أحزابا خالية بلا قضية. لذلك باتت بلا معنى ولا مبرر.

المطلوب حبوب لتنشيط الذاكرة. تنتشلنا من النسيان. تعيد الحياة إلى الدستور. إلى مجلس النواب. إلى الأحزاب. ليتحقق فارق فى حياة المصريين.