فى آخر حوار له قبل ساعات من رحيله .. طلعت السادات: أمريكا تدعم وصول «الإخوان» للحكم

كتب: عماد فؤاد, حسام صدقة الأحد 20-11-2011 20:20

قبل ساعات من وفاته متأثراً بأزمة قلبية أتاح لنا القدر لقاءً مع الراحل طلعت السادات، رئيس حزب مصر القومى، لإجراء حوار مع «المصرى اليوم». وصاحبت ترتيبات اللقاء تفاصيل غريبة بدأت قبل أكثر من أسبوع، عندما اتفق الزميل حسام صدقة معه على إجراء الحوار، وحالت ظروف «السادات» وارتباطاته الانتخابية وجولاته فى المحافظات، لدعم قوائم مرشحى الحزب، دون تحديد موعد، واضطر الزميل «حسام» لإجراء الحوار بالتليفون ورفضنا نشره، واعتذرت تليفونياً لـ«السادات» عن ذلك، وطلبت منه تحديد موعد لإجراء الحوار فى أى مكان يتواجد فيه، وفوجئت بالزميل حسام يخبرنى بأن الموعد هو الرابعة مساء أمس الأول «السبت» فى مكتب السادات بوسط القاهرة، وقبل توجهه لمؤتمر انتخابى بمنطقة القلعة فى السابعة من مساء اليوم نفسه، وذهبنا فى الموعد، وتأخر «السادات» عن الحضور لأكثر من ساعتين، وكدنا نغادر المكتب لارتباطنا بموعد آخر مع الفريق مجدى حتاتة، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، لولا أن الأخير طلب بالمصادفة تأجيل الموعد لارتباطه بأمور أخرى.

جاء «السادات»، وبخفة ظله المعروفة امتص غضبنا قائلاً: «وماله لما نشيل بعض فى الظروف المهببة دى.. أنا واخدها كعب داير من شرقها لغربها.. وأنا لى فى ذمتكم حوار رفضتوا تنشروه.. يبقى خالصين».. وبدأ الحوار الذى أطلق فيه السادات «إفيهاته» السياسية عميقة المغزى، وأطلعنا على مبادرته التى كان مقرراً أن يطلقها صباح أمس فى مؤتمر صحفى لم يمهله القدر لإعلانها.

كيف رأيت المشهد فى ميدان التحرير يوم الجمعة الماضى؟

- ما حدث من الإسلاميين بلطجة سياسية وفرض سيطرة، وهى جريمة تقع تحت طائلة القانون، ويجب على الدولة أن تتعامل مع مرتكبى تلك الجريمة بكل حزم.

نحن نتحدث عن مشهد سياسى، وليس واقعة إجرامية؟

- يا سيدى أنا شايفها كده.. وزى ما كنا بنقول إن القانون يتم تطبيقه على ناس آه وناس لأ فى عهد مبارك.. نقول ذلك الآن لأننا نطبقه على من يرتكب الجريمة، ونعفى من يرتكبها إذا كان بذقن.

الإسلاميون يرون أن الاعتراض على وثيقة الدكتور على السلمى كان يقتضى العودة لميدان التحرير؟

- أنا نفسى أعرف مالهم ومال «التحرير»، وما يغيظنى أنهم دائماً يتحدثون عن محاولات سرقة الثورة، وهم سرقوها بالفعل من الشباب «الأخضر» اللى فجروها.

الشباب تواجدوا فى ميدان التحرير فى مظاهرة الجمعة الماضى؟

- لا.. ليس هؤلاء من أقصدهم.. من فجروا الثورة «تاهوا» ووقع الميدان فى قبضة شباب الإخوان والسلفيين، وغيرهم.

من غيرهم؟

- شباب 6 أبريل.. وأنا أريد أن أعرف من يصرف على هؤلاء سواء على إقامتهم فى الميدان أو على أسرهم فى غيابهم.

ماذا تقصد؟

- التمويل الأجنبى.. والكلام مش من عندى.. دى الحكومة هى اللى قالت ده، وإن فيه تحقيقات تمت سيتم الكشف عنها.. وآدى وش الضيف.. ولو عصام شرف جدع يقول الحقيقة اللى يعرفها.. لكنه متواطئ.

الشائع أنه ضعيف وليس متواطئاً؟

- ضعيف يروّح.. لكنه متواطئ.

متواطئ مع من؟

- مع الإسلاميين اللى جابوه رئيس وزراء.

ما دليلك على ذلك؟

- الدليل واضح.. هم يهاجمون المشير طنطاوى والدكتور السلمى، ولا يقتربون من شرف.

لكن الرجل حاول جاهداً منع مظاهرات الجمعة من خلال لقاءاته مع قيادات حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان مساء الخميس الماضى؟

- لم يحاول ذلك.. لكنه فقط اتفق معهم على تنظيم المظاهرة على وعد بعدم الاعتصام فى «التحرير»؟

هل يتصرف عصام شرف بوحى من ضميره، أم يتحرك وفقاً لتوجيهات المجلس العسكرى؟

- مفيش فرق.

الفارق أنك تهاجمه ولا تهاجم «المجلس العسكرى» لأنه يتعامل أيضاً مع «الإخوان» قبل أن يتولى «شرف» منصبه؟

- لن أفعل مثل الإخوان.. وبنظرة عابرة تلاحظ أنه بعد الثورة لم يجد المجلس العسكرى فصيلاً منظماً غير «الإخوان» ليتعامل معه.

وأين بقية القوى السياسية؟

- لم يجد «المجلس العسكرى» غيرهم، ولا تسألنى عن «وفد» أو «تجمع» وغيرهما من الأحزاب.. كلها ضعيفة.. ومازالت.

ضعيفة تنظيمياً أم جماهيرياً؟

- ضعيفة من كل الوجوه.. وأضف أن قياداتها أيضاً ضعيفة وكلها جرت وراء «الإخوان» وعملوا «التحالف الديمقراطى»، يعنى تعاملوا معهم مثلما تعامل المجلس العسكرى أيضاً.

لكن «التجمع» لم ينضم للتحالف، و«الوفد» تراجع؟

- «الوفد» تراجع بعد الخلافات حول ترتيب القوائم الانتخابية مع الإخوان، وأضف إلى ذلك ما تعرض له الحزب من هجوم بسبب ذلك التحالف الذى اعتبره البعض سقطة تاريخية لحزب ليبرالى فى أحضان فاشية.

هل نسيت أن «الوفد» تحالف مع «الإخوان» أيضاً فى انتخابات 1984 فى عهد الراحل فؤاد سراج الدين؟

- كان سقطة أيضاً ظلت تطارد «سراج الدين» حتى وفاته.

وبالنسبة لحزب التجمع؟

- «التجمع» انضم للتحالف فى بداياته.. لكنه انسحب سريعاً، لأنه وجد صعوبة فى التعامل مع «الإخوان».

بسبب هجوم الدكتور رفعت السعيد رئيس الحزب عليهم؟

- الخلاف بين «التجمع» و«الإخوان» ليس سياسياً.. وربما عقائدياً وهجوم «السعيد» عليهم أصبح ناعماً بعد رحيل مبارك.

ألا تجد أن «الإخوان» يكررون خطأهم التاريخى بالتحالف مع السلطة الجديدة.. ثم الاستقواء عليها.. وصولاً للصدام معها؟

- الظروف مختلفة الآن.. فالإخوان عندما اصطدموا بثوار يوليو 1952 لم يجدوا مساندة من الولايات المتحدة الأمريكية التى دعمت الضباط الأحرار، وتكرر الأمر مع الرئيس السادات.. لكنهم الآن يلاقون دعماً أمريكياً لتمكينهم من السلطة فى مصر.

■ «أمريكا» تدعم الإسلاميين فى مصر.. وهى تعانى من الحكم الإسلامى فى إيران وغزة؟!

- من قال إن أمريكا تعانى.. كله تحت السيطرة؟

ماذا تعنى؟

- «أمريكا» تتعامل مع كل السيناريوهات المحتملة بشرطين أساسيين أولهما ضمان أمن إسرائيل، وثانيهما الحفاظ على مصالحها، وفى القلب منها ضمان تدفق البترول.

وهل تضمن ذلك مع وصول الإسلاميين للحكم فى مصر؟

- تضمنه تماماً إذا دعمت وصولهم لذلك، وإذا علموا - وهم يعلمون - أن بقاءهم مرتبط برضائها عنهم.

هل ذلك مرتبط بلغة الحوار الودية الآن بين الإدارة الأمريكية والإخوان المسلمين؟

- الأمور أعمق من ذلك.. لأن الولايات المتحدة باعتبارها تلعب دور المقاول الرئيسى فى المنطقة، تستعين فى «التشطيبات السياسية» بمقاولى الباطن، ومقاول الباطن الآن هو رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان، وهو يقوم بدوره جيداً، ولاحظ استقبال «الإخوان» له فى المطار عند زيارته لمصر.

لماذا تطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية خلافاً لرأى غالبية القوى السياسية؟

- أنا لا أجرى وراء المصالح الضيقة، وكرسى البرلمان ليس غاية، لكنه وسيلة لإعادة الاستقرار وعودة الأمور لطبيعتها.

هذا سبب مهم للتعجيل بإجراء الانتخابات؟

- نريد برلماناً يضم كل القوى السياسية ليستطيع القيام بمهامه، وليس برلماناً يسيطر عليه الإسلاميون.

لكن التقديرات تقول إنهم لن يحصلوا بجميع فصائلهم على أكثر من 35٪ من المقاعد البرلمانية.. الإخوان والسلفيون تحديداً؟

- هذه الحسابات نظرية فقط.. لكنهم سيمارسون البلطجة، وتقفيل اللجان الانتخابية بالقوة.. وما حدث فى التحرير مؤخراً «بروفة جنرال» لما سيحدث منهم فى الانتخابات.

هذا يعنى استمرار الحكومة الانتقالية؟

- وما الضرر فى ذلك.

الحكومة الانتقالية لن تستطيع الحكم بمعنى استراتيجى، وستكتفى فقط بتسيير الأعمال.. وهذا هو النفق المظلم بعينه؟

- نحن نردد مفاهيم خاطئة دون تدبر معناها.. الحكومة الانتقالية لا تعنى أن «تشرب شاى وقهوة» وفقط، وعليها أن تدير البلاد وكأنها حكومة مستمرة للأبد.

سمعنا أنك ستطلق مبادرة غداً فى مؤتمر صحفى بمقر حزب مصر القومى؟

- لا تحرقها حتى أجد ما أقوله فى المؤتمر الصحفى.

الحوار لن يتم نشره إلا بعد إعلانها؟

- المبادرة التى سأطلقها ستكون رداً عملياً على ما حدث فى التحرير يوم الجمعة الماضى، وفكرت فيها بعد أن وجدت أن غالبية المصريين يرفضون المظاهرات الآن، وهى أيضاً رسالة لمن يهمه الأمر بأن الإسلاميين وحدهم لا يتحكمون فى دفة السفينة.

ما هى المبادرة؟

- سأدعو المصريين للصلاة فى الجامع الأزهر يوم الجمعة المقبل خلف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، لأنه إمام المسلمين ولا يجب أن يكون فى مصر إمام غيره، وسأدعوا البابا شنودة - وأعلم أنه فى رحلة علاجية بالخارج - لإرسال مندوبين عنه ودعوة الأقباط للمشاركة ونخرج معاً «المسلم والمسيحى» من الجامع الأزهر، وأن تدق أجراس الكنائس فى ذلك التوقيت «مع أذان الجمعة» ليعرف العالم كله أن الشعب المصرى لا يمكن اختزاله فى أصحاب الذقون فقط.

وهل ستجرى اتصالات مع قادة الأحزاب والقوى السياسية لدعوتهم للمشاركة؟

- سأطلق المبادرة لله وللوطن، ومن يرد المشاركة فأهلاً به، ولن أخاطب السياسيين فقط لأننى أريد مشاركة كل المصريين، وسأطالب كل أصحاب المصالح بالابتعاد عنا،ومن لديه ما يخشاه فغيابه أفضل من حضوره.. وسأعلنها «كبيرنا شهيد.. وصغيرنا شهيد.. وبيننا شهداء».