على مكتب عرفان!

سليمان جودة الأربعاء 21-03-2018 23:18

حين أعلنت محافظة القاهرة، قبل فترة، عن الاستعداد لتسيير أتوبيسات ذات طابقين فى العاصمة، كتبت فى هذا المكان أنبه إلى أن لندن هى أكثر العواصم التى تشتهر بهذا النوع من الأتوبيسات فى العالم، وأن هذه الأتوبيسات هناك تظل تمثل فُسحة ومتعة للسائح، أكثر منها وسيلة من وسائل النقل، وأن القائمين على أمر القاهرة فى أشد الحاجة إلى أن يجعلوا منها قاهرة حقيقية أولاً!.. ثم بعد ذلك، وليس قبل ذلك أبداً، يمكن الدفع بأتوبيس الطابقين، أو حتى الثلاثة طوابق، فى شوارعها!

وكان تقديرى أن السماح بتسيير أتوبيسات الطابقين فى القاهرة، بحالتها الراهنة، هو ضحك على النفس، وهو ضحك على الناس أيضاً!

إن لنا أن نقارن بين شكل المناظر المُبهجة التى ينعم برؤيتها ركاب الطابق الثانى فى هذه الأتوبيسات، إذا أخذوا جولة فى العاصمة البريطانية، وبين شكل ما سوف يراه الركاب أنفسهم إذا مروا فى شوارع القاهرة، وبين مبانيها، على ما هى عليه هذه الأيام!

وكان الهدف أن تكون العاصمة على درجة من النظافة، ومن النظام، ومن الانضباط فى شوارعها، تليق بمصر.. وكيف لا تليق وقد كانت ذات يوم شديدة الشبه بباريس، خصوصاً فى الجزء الخديوى منها؟!

ثم تبين لى أن الإصرار على تشغيل أتوبيسات الطابقين فى عاصمة البلاد، وهى على هذه الحالة، ليس فقط ضحكاً على النفس، أو على الناس، ولكنه إهدار شديد لمال عام!

فالأستاذ أحمد لطفى، المستشار السابق لشركة الطائرات العسكرية البريطانية كان قد أرسل رسالة نشرتها فى هذا المكان، عندما كانت الفكرة لاتزال فى بدايتها، وكان من واقع إقامته الطويلة فى لندن ينبه.. ومنذ وقت مبكر.. إلى أن أتوبيسات الدورين هذه لا تصلح للقاهرة إطلاقاً، لأن ارتفاعها يمنع مرورها فى أى نفق من أنفاق العاصمة، وكذلك يمنع مرورها فى أى شارع يعلوه كوبرى.. وليس فى العاصمة كلها شارع واحد، لا ينتهى إلى نفق، أو لا يمر تحت أحد الكبارى، إلا فى أقل القليل!

فأين بالله سوف تمر أتوبيسات الطابقين، إذا كان طريقها سوف يكون ممتلئاً بالأنفاق والكبارى؟!

ولكن أحداً لم يستمع إلى تنبيه الرجل!

وحين جرى تسيير الأتوبيسات أمس الأول، قيل صراحةً من جانب المسؤولين عن الموضوع، ودون أى كسوف، إن وصولها إلى رمسيس، أو إلى التحرير، ومناطق غيرهما كثيرة، مستحيل، وأن السبب هو الكبارى والأنفاق التى تعترض طريق رمسيس والتحرير، وتعترض الكثير من الطرق والشوارع!!

وقيل كلام يدعو إلى البكاء أكثر مما يدعو إلى الضحك!!.. لقد قيل إن البحث يجرى عن بدائل، وإن من بينها تسيير أتوبيسات ذات طابقين أيضاً.. ولكن بارتفاع أقل!!

وكأن أتوبيس الطابقين بنطلون سوف يجرى تقصيره حسب الطلب!!.. إن تصنيع هذه الأتوبيسات يتم.. كما يقول الأستاذ أحمد لطفى فى رسالة جديدة منه.. فى مصانع كبيرة، ووفق مقاييس دقيقة للغاية تحسب حركة الراكب، وحركة نزوله، وحركة صعوده، بالسنتيمتر.. وقطعاً لا يتم تصنيعها فى محل ترزى!

إننى أدعو الرجل المحترم، اللواء محمد عرفان، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، إلى أن يطلب ملف هذه الأتوبيسات، وأن ينظر فيه، فى ضوء كل ما سبق.. أدعوه حرصاً على كل قرش فى المال العام!