أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين لـ«المصري اليوم»: الدستور يحتاج لتفعيل والمسؤولية على الدولة والبرلمان (2- 2)

كتب: طارق صلاح الأربعاء 21-03-2018 23:34

«الدولة الصالحة هى التى يصبح فيها احترام الدستور عادة متأصلة فى المواطن» هذه الجملة قالها المهندس أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، فى الجزء الثانى من حواره مع «المصرى اليوم»، مؤكداً أن مصر فى طريقها كى تصبح دولة صالحة يسود فيها القانون.

وأشار إلى أن الدستور يحتاج إلى تفعيل، وهذا لا يتعارض مع المرحلة التى تمر بها البلاد، موضحا أن داخل الحكومة ومجلس النواب رجالا صادقين، وآخرين يتبدلون طوال الوقت، مشددا على أن مصر ستصبح مركزا عالميا لتجارة الغاز، وأن المزايدين على استيراد الغاز أصحاب نوايا سيئة.

واعتبر «قرطام» أن ضعف الأحزاب يرجع إلى كل من الدولة والمجتمع وقيادات الأحزاب نفسها. كاشفاً أن حزب المحافظين اقترب من عمل غرفة سياسية مع عدد من الأحزاب الكبرى الموجودة على الساحة.

وانتقد الإعلام، مشيراً إلى أنه فقد مصداقيته بسبب عدم المهنية، وأن أهميته تتضاءل تدريجيا بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعى.

ولفت «قرطام» إلى أن التربية أصبحت غير موجودة فى التعليم، والامتحانات تنهك الطلاب دون فائدة.. وإلى نص الحوار:

■ كيف ترى أداء الحكومة ونواب البرلمان؟

- ستجد منهم رجالا يقولون ما يفعلون، وآخرين يقولون ما لا يفعلون، ويتبدلون طوال الوقت، وأنا أشفق على الفئتين.

■ باعتبارك نائب بمجلس النواب.. ما ردكم على الانتقادات التى توجه للمجلس؟

- صحيح هناك انتقادات توجه لأداء المجلس عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولكن الذى ساعد على إضعاف البرلمان هو أن أغلبيته جاءت من المستقلين، بسبب قانون الانتخابات، ولا بد من إصلاح وتطوير مجلس النواب بصفة دائمة لا تقل عن أهمية إنعاش الحياة الحزبية وتمكين الأحزاب السياسية ودعمها، وهما عنصران متلازمان ودعامتان ضروريتان للإصلاح السياسى والتحول الديمقراطى فى البلاد، والذى ترتكز عليه باقى عمليات الإصلاح التى تقود إلى التنمية والتشغيل والرخاء والأمن والأمان للوطن والناس، والبرلمان يكون بحمايته للدستور وتفعيله، وعدم السماح بالالتفاف حوله، وإحكام التشريعات وضبط مصطلحاتها، ومراعاة آثارها على المجتمع وتحديد جرعات الإصلاح المناسبة التى يستطيع أن يتحملها المجتمع، فالأمان لا يتحقق إلا بالاطمئنان على الحريات، فيؤدى إلى إطلاق القدرات والمواهب والإمكانات الدفينة لدى المواطنين، ويحفزهم على العمل والابتكار والنقد والإبداع،

■ لكن هناك من يقولون إن الوطن فى مرحلة استثنائية ولا يمكن أن يتم إطلاق الحريات بشكل واسع؟

- تطبيق الدستور لا يتعارض بأى حال من الأحوال، كوننا نمر بفترة انتقالية واستثنائية وتحيط بنا تحديات خطيرة، ولكن أثق بأن البرلمان طالما أنه مستقل يمكن أن يكون دوره أعظم فى مساندة الدولة، ما يمكنها من تجاوز التحديات، ويدفعها للحداثة والمعاصرة، وهذا لن يتأتى إلا باحترام التشريع وتنفيذه كاملا.

وأظن أن أخطر ما يمكن أن تتعرض له أى أمة هو اجتراء برلمانها المنتخب على الاعتداء على الدستور أو الإهمال فى تفعيله، خاصة عندما يكون دستوراً جديداً لم يتسلح بعد بالتقاليد الصالحة، ولم يتحول إلى سليقة غريزية يتصرف المواطنون من وحيها، فالبرلمان تقع على عاتقه مسؤولية الدفاع عن الدستور وحمايته فى هذه الفترة أكثر من أى فترة فى السابق أو المستقبل.

■ وكيف ترى تطبيق الدستور؟

[image:3]

- فى اعتقادى أن الدستور لا يزال يحتاج لتفعيل حقيقى، وهذا لا شك مسؤولية مشتركة على المجتمع والدولة والبرلمان، كما أنه يحتاج إلى ترسيخه فى وجدان المواطنين، وهذه مسؤولية فعاليات المجتمع، كما يحتاج أيضا إلى ترسيخ فى نفوس المصريين، وتفعيله مسؤولية البرلمان والتطبيق يقع على الحكومة.

■ ما معنى جملة «المواطن الصالح لا يعيش إلا فى دولة صالحة» التى جاءت على صفحتك بمواقع التواصل الاجتماعى؟

- لابد أن نعى جميعا أن مصر حالياً فى فترة انتقالية صعبة، وأعتقد أنها فى طريقها لتصبح دولة صالحة فى وقت قريب، والدولة الصالحة التى أقصدها هى دولة سيادة القانون، القانون الذى يصدر برضاء شعبى، وليس بأوامر تحكمية، والدولة الصالحة هى الدولة التى يصبح فيها احترام الدستور عادة متأصلة فى المواطن، فعلى سبيل المثال عندما يقوم مخرج أمريكى بإنتاج فيلم برؤيتة حول أحداث 11 سبتمبر يبين فيه وجهة نظره بأن أجهزة الدولة ضالعة فى التفجيرات، ولا تتهمه بالعمالة أو يرفع عليه أحد رجالها دعوى، عندما نصل إلى مثل هذا فى مصر أستطيع أن أقول إننا دولة صالحة، والدولة غير الصالحة تجعل مواطنيها الصالحين يفسدون أو يرحلون.

■ بخصوص الأحزاب من وجهة نظركم ما أسباب ضعفها وعدم قدرتها على تقديم عمل جاد يخدم الوطن؟

- فى اعتقادى أن الأسباب تعود إلى ثلاثة أطراف، الدولة والمجتمع والنخبة، فالدولة بمؤسساتها القديمة تبدو غير واعية لأهمية الأحزاب، وتجدها تقف من الأحزاب موقفاً مناوئاً ربما لإدراكها أن التعددية السياسية سوف تغير قواعد العمل التى اعتادت عليها، فهى تضيّق عليها لهذا السبب، خلافاً للدور الذى أناطه الدستور بها، وكما أن الدولة بمؤسساتها تبدو غير مرحبة بالعمل الحزبى وتريد أن تفرض هيمنتها عليه، فإن النخبة فى مصر هى الأخرى تبدو منصرفة عن الانخراط فى الأحزاب ولا تريد أن تهتم بالشأن العام إلا فى الجزء الذى يحقق لها مصالح خاصة بشكل مباشر، فمن قاموا بمبادرات لتكوين أحزاب لم يجدوا الدعم الكافى من النخبة أو من المواطنين، وهناك أيضاً أسباب تعود إلى القائمين على إدارة الأحزاب أنفسهم، حيث عمد بعضهم إلى التحرك من أجل أهدافهم الشخصية وحتى ولو اقتصرت على التواجد فى المناسبات شكلاً من باب «البريستيج».

كما أن هناك أسبابا مادية تحول بين الأحزاب الجادة وبين ترويج أفكارها ونشرها وتسويقها لدى المواطنين، كل ما سبق أعتبرها أسبابا أثرت سلبا على الحياة الحزبية، وأثرت على نجاحها فى إعادة الفكر السياسى للحياة فى البلاد مرة أخرى.

أرى أن المسؤولية يتشارك فيها كل الأطراف وليس الأحزاب فقط، وهناك أزمة ثقة كبيرة بين الموظفين الذين يديرون مؤسسات الدولة وبين من يعمل بالشأن العام، خاصة مع من يختلفون معهم أو من يفكرون فى التطوير الحقيقى.

■ يرجع البعض سبب خوف الدولة من الأحزاب إلى تجربة الإخوان والتيارات الدينية التى أضرت بالحياة السياسية. ما رأيك؟

- الدستور كان واضحاً جدا فى هذا الشأن، عندما نص على عدم إنشاء أحزاب سياسية دينية أو فئوية، فلا يجب على الدولة أن تخشى من ذلك على الإطلاق، فالقانون يوجب حل أى أحزاب تأسست على أفكار غير شرعية، وعلى الدولة أن تبدأ فى بناء جسور الثقة بينها وبين الأحزاب المدنية، وعلى الأحزاب أن تثق فى المؤسسات، طالما أن الدولة تقف على الحياد ولا تسعى لفرض هيمنتها عليهم، وأكرر لا مبرر لقلق أى منهم من الآخر، نحن دولة من المفترض أن يحكمها دستور وقوانين ومؤسسات، أما الإخوان وأتباعهم فنحن نتمنى أن يفيقوا من الضلال، فالفتن تبدأ بظهور الفرق فى الدين الواحد، واعتقاد كل فريق أنه يتكلم باسم الله، ورغبته فى فرض مفهومه للدين على الآخرين، ما يتسبب فى أخطار كبيرة علينا وعليهم جميعا، وهو ما يريده لنا الأعداء.

«ارحموا هذه الأمة من فكرة الفتنة وفتنة الرغبة فى الوصول إلى السلطة عن طريق استغلال وتسييس الدين»، ومن حق المتدينين العمل بالسياسة، ولكن ليس من حقهم أبداً أن يحاولوا تديين السياسة، أو تسييس الدين، الذى ينتهى على مدار التاريخ بالفتن والخراب، فالفتنة أشد من القتل، ولكن قلق الدولة من الأحزاب عادة قديمة ترسخت واستمرت وسارت عليها جميع الحكومات والأنظمة المصرية منذ ثورة 1952 وحتى الآن، وباتت تمثل تحديا كبيرا أمام الوطن حالياً.

وأرى أن الخوف من الديمقراطية والحريات السياسية لا معنى له، فعلى العكس، الديمقراطية تصب فى صالح استقرار النظم وتقدم الدول، وأنا أعتقد أن إحياء الحياة الحزبية وإتمام التحول الديمقراطى ممكن، ولكن يحتاج إلى التفاوض والحوار والتفاهم مع كافة المؤسسات فى الدولة، وأرى أن هذا أهم دور للأحزاب السياسية والنخب المصرية فى الفترة المقبلة.

■ هل يحاول «المحافظين» عمل توأمة مع عدد من الأحزاب الموجودة حالياً؟

- ليست توأمة بل أقرب إلى «غرفة سياسية» تجمع أحزابا قريبة من بعضها، وشخصيات سياسية مجردة تتمثل أهدافها الأساسية فى العمل على تنشيط الحياة الحزبية فى مصر، وفى الوقت ذاته تنتهج التعبير عن الإرادة التوافقية لأعضائها فى تحقيق الإصلاح السياسى والتشريعى، ودعم الديمقراطية والتعددية كما نص عليها الدستور للوصول إلى الدولة المدنية المعاصرة، وتقوم فى ذات الوقت بتدشين نخب سياسية وطنية جديدة تعمل من أجل الصالح العام ولا تسعى لاستغلال العمل السياسى من أجل تحقيق مصالح ضيقة، ولا تستغل العرق أو الدين للاستحواذ على مصالح حزبية تتعارض مع صالح الوطن، والعمل معاً على دعم المؤسسات العامة والحفاظ على كيان الدولة والأمن القومى للشعب المصرى.

الفكرة بشكل عام أقرب إلى منتدى أو ناد للأحزاب المصرية الحرة الجادة، وممكن أن تكون نواة لكتلة سياسية محترمة فى الانتخابات المحلية والبرلمانية فى المستقبل القريب، فالأحزاب السياسية كما يقال فى الأدبيات السياسية هى مدارس الشعوب الحقيقية.

■ ما أسباب عدم حضور ممثلين من حزب المحافظين دعوة العشاء على شرف الأمير محمد بن سلمان؟

- الرئاسة لا تدعو كل الأحزاب السياسية ورؤساء هيئاتها البرلمانية للمؤتمرات والاجتماعات كلها، فهذا غير عملى على الإطلاق، إذ تدعو من ترى حضوره للمناسبة ملائماً، ولها غالباً قواعدها فى هذا الشأن، وربما رأوا أن دعوة حزب المحافظين لهذه المناسبة ليست ملائمة، أو لهم أسباب أخرى نحترمها.

فى حزب المحافظين لا نجد غضاضة فى ذلك على الإطلاق، فالسياسة لا تقبل شخصنة الأمور، حتى لو كان هناك خلاف فى الرؤى، ونعتقد أن مؤسسة الرئاسة لا تشخصن أية أمور أو اختلافات، فالأمر فقط مرتبط بمسألة المناسبة والأنسب لحضورها ومدى ملاءمة وجوده مع باقى الضيوف.

■ لحزب المحافظين رؤية خاصة بالتعليم. اشرح لنا أفكاركم؟

- التعليم إن لم يكن أداة تربية لإنتاج الرجال فلا خير فيه، وبجانب أنه طريق لتعلم التخصصات المختلفة، يعد أداة هامة للتربية، ويجب أن يتسع لاكتشاف المواهب وهو ليس خاصا بالعقول فقط، ولكنه يمتد إلى الأجسام والأرواح، وعلينا أن نعترف بأفضلية معظم الأمم علينا فى هذا المضمار، فنحن أصبحنا أمة كل واحد فيها يعتمد على البقية، والتربية والتعليم هى سبب ذلك، إذ أنتجت أجيالا غير استقلالية لا يعتمد الفرد فيها على نفسه، فأصابت أجيالا منا بالخمول والفتور حتى إن البعض اعتقد أنها حالة فطرية والبعض حسبه خلقاً من أخلاقنا، وهذا غير صحيح بالمرة، وأنا أرى أن التعليم الابتدائى والإعدادى هما أهم مراحل التعليم، أنا لا علم لى بخطط تطوير التعليم، ولكن بالنظر فى نتائج الخطط السابقة سوف تدرك أننا أصبحنا أضعف فى مجالات كثيرة مثل الصناعة، الزراعة، التجارة، العلوم، الابتكارات والثقافة والآداب.

وأظن أيضا أن ضعفا كبيرا أصاب قدرتنا على المطالبة بحقوقنا وأداء واجباتنا، والتربية غير موجودة فى التعليم، والتعليم تم اختزاله فى الامتحان، وإنهاك قوى الطلاب فى دراسات سطحية بتناول جميع العلوم المطلوبة للامتحان، دون فائدة، فالغرض هو إكساب التلاميذ معلومات وخبرات واستعدادات للإبداع، وتربية ملكاتهم العقلية والنفسية.

التعليم لدينا أخرج جيلا ضعيفا فى البحث، فإذا حكموا على شىء حكموا باستقراء ناقص أقرب للخطأ منه إلى الصواب، لأنه تعليم سطحى، ويجب أن يهتم التعليم بتكوين الرجال والنساء وإعدادهم للنجاح، فليس المقصود أن يكون الطالب خاضعا للتعليم، ولكن أن يكون التعليم لمصلحة الطالب، فالغرض الرئيسى من التعليم تربية الملكات لدى الطلاب وزرعها فى نفوسهم، وهذا لا يتأتى بجعل المدارس وسطاً لا يخالط فيه الطالب إلا الكتاب، إنما بجعلها وسطاً عملياً يقرب بين الطفل وطبيعة الأشياء وحقيقتها، فلا يتعلم العلم وحده بل يقرن العلم بالعمل وهما أمران يجب أن يكونا متلازمين فى المدرسة وفى الحياة، وهذه قناعتنا فى حزب المحافظين، فنحن لا نريد طلاباً يحفظون الكتب إنما نريد أفراداً يفهمون قادرين على البحث والتفكير العلمى النقدى والابتكار.

■ ذكرت فى حديث سابق مع إبراهيم عيسى بإحدى الفضائيات أن مصر فى مفترق طرق.. «طريق السلامة وطريق الندامة وطريق اللى يروح ميرجعش» الآن أى طريق ترى أن مصر تسلكه؟

- لا أعرف، وليس لدى معلومات تكفى للإجابة عن هذا السؤال، على كل حال طالما الإنسان غير مسؤول فإنه يرى الخيارات واسعة وسهلة، ولكن عندما يكون مسؤولاً بالتأكيد يرى الخيارات أمامه ضيقة وصعبة، فالمسؤولية «شيلة ثقيلة دنيا وآخرة»، وأتمنى أن نكون سائرين فى طريق السلامة.

أنا متأكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى رجل وطنى ويعمل لصالح الشعب، ربما نختلف مع بعض السياسات التى تطبق، ولكن لا نختلف على صدق نيته وعزيمته، وفى كل الأحوال نحن لا نحتكر الصواب، كما أن السياسات والبرامج تصدر بموافقة الأغلبية فى البرلمان، ومسؤوليتها الدستورية تقع على عاتقهم، ومن واجبهم فى هذا الوقت أن يكونوا مرشدين للدولة ثم داعمين ومساندين لها على تنفيذ السياسات التى أقرها البرلمان.

■ كونك عملت فى مجال البترول، كيف قرأت الإعلان عن استيرادنا غازا من إسرائيل فى ظل وجود حقل «ظُهر» المكتشف حديثا خاصة أن الدولة قالت إنه سوف يكفى احتياجاتنا؟

- بعد تخرجى فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة- قسم بترول وتعدين- بدأت عملى فى صيانة معدات الحفر برأس شقير وأبورديس، ثم تخصصت فى الحفر الاتجاهى، وقديما لم تكن تلك العملية سهلة، لأنك تظل مستيقظاً ثلاثة أيام كاملة على منصة الحفر لحين إتمام تحويل اتجاه البئر، ومتابعتها، وكنت أصمم تكوين مواسير الحفر وأراجعها كل فترة على حسب الاتجاه وزاوية الميل التى أحتاجها للوصول إلى مركز الخزان تحت الأرض، وأحياناً كان يبعد عن سطح البحر 25 ألف قدم، وأنا حفرت آبارا فى الصحارى وفى البحار داخل وخارج مصر، وكنا نتعرض لظروف شاقة جداً أحياناً، وكنا ننتقل من المركب إلى المنصة بونش معلق فيه سلة نجلس فيها ليرفعنا إلى سطح المنصة، وأحيانا يتم إسقاطنا على المركب من الهليكوبتر، وكان يلزمنا أحياناً تسلق برج البريمة لنضبط الزاوية قبل اختراع الأجهزة الحديثة، كل هذا قبل أن أصاب فى حادث كبير وأنا على أحد أجهزة الحفر الإيطالية وأدت إلى إصابة يدى إصابة بالغة، وبعدها بسنوات بدأت عملى الخاص فى نفس المجال والمجالات الأخرى التى مارستها عملياً، أما بالنسبة لسؤالك عن استيراد الغاز من إسرائيل، وربما من قبرص ولبنان فيما بعد، فهذا فى رأيى نجاح اقتصادى كبير، الاستيراد لن يكون لحاجتنا إلى الغاز فنحن نعتقد أن حقل ظهر بعد تنميته سوف يكون كافياً لاستهلاكنا لفترة طويلة قادمة، ولكن استيراد الغاز ونقله داخل الأراضى المصرية من خلال الشبكة القومية، سوف يدر عائداً من رسوم المرور للدولة، ثم تسييله فى وحدات الإسالة التى تمتلكها شركات خاصة وتشارك فيها الهيئة العامة للبترول بنسبة 20 و24%، ما يزيد موارد الدولة بفضل عائد تسييل الغاز وتخزينة قبل تصديره، فضلاً عن الضرائب التى ستدفعها هذه المصانع عن أرباحها، وهذه الوحدات كان تم إنشاؤها منذ عام 2006 تقريباً وكانت تكلفتها حوالى 6 مليارات دولار، وإنشاء مثلها الآن ربما يكلف 20 مليار دولار، ومصر لها كما ذكرت 24% منها، وإن كنت أظن أننا لم نسدد نصيبنا من ثمنها بعد، فالاتفاق كان أن يسدد من أرباحها، المهم أن مواردنا الدولارية سوف تزيد نتيجة لتشغيلها سواء فى شكل ضرائب أو تعريفة على المرور، أو فى شكل أرباح عن نصيبنا فى ملكية هذه الأصول بعد تشغيلها.

■ معنى ذلك أن السنوات المقبلة ستشهد فيها البلاد طفرة فى هذا المجال؟

- بلا شك، هى خطوة فى سبيل أن تصبح مصر مركزا عالميا لتجارة الغاز، ما يعود بالخير علينا فى مجالات عدة من بينها إقامة صناعات تعتمد على الغاز مثل البتروكيماويات والأسمدة، حيث سيكون لدينا أفضلية فى شراء الغاز الذى يمر خلال أرضنا، بما يمكننا من التوسع فى هذه الصناعات وهى تدر أرباحا جيدة جداً.

بصراحة إنجاز كبير، والمزايدة على النجاح فى تحقيقها مزايدات لا أساس لها، وإن دلت على شىء فهى تدل عن عدم الفهم أو سوء النية، ويجب أن يوضح الإعلام الموضوع للشعب بشكل أفضل، فلأول مرة مصر تتجه إلى أن تكون مركزا تجاريا عالميا لإحدى السلع المهمة، ونجاحها فى ذلك إنجاز كبير بكر معنى الكلمة.

■ بمناسبة الإعلام كيف ترى أداءه حاليا؟

- الإعلام أداة فى غاية الأهمية للتعبير عن الرأى العام والتأثير فيه، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعى سوف تتضاءل أهميته فى هذا الشأن مع الوقت أكثر فأكثر، ولكن يظل فى قائمة أهم أدوات التأثير فى الرأى العام، لأنه الأقدر على الشرح والتفسير وربما الإقناع، حيث تستطيع من خلاله الاستماع إلى مختلف الآراء من الخبراء والمتخصصين وأصحاب المعرفة والعلم والدراسة والفكر، وهو بكل تأكيد يضيف إليك أبعادا قد لا تجدها فى مواقع التواصل الاجتماعى، ولكن قدرة الإعلام على التأثير والإقناع تتوقف على حياديته ومصداقيته لدى المشاهدين والمستمعين، وهذا لا يتحقق إلا بعرض وجهات نظر مختلفة وتفنيدها فكرياً وعلمياً، أما تبنى وجهة نظر واحدة ونهج واحد، فإنه للأسف يجعله فاقد المصداقية لدى الناس.

على سبيل المثال توقفت تقريباً منذ عام عن مشاهدة أو متابعة أية برامج على الإطلاق، ربما ذلك ليس صوابا، لكن لم أعد أثق فى البرامج التى تذاع على القنوات وهذا ليس شأنى بل شأن كثير من الناس، خاصة أن أغلب مقدمى البرامج أصبحوا يقدمون وجهة نظرهم بإلحاح فاقدين بذلك المهنية والجاذبية معاً، وأرى الإعلام فى مصر الآن أصبح كارثة، أهم مظاهرها فقدان الثقة من جانب المتابعين له، ولا حل إلا بجيل جديد من الإعلاميين المهنيين الموهوبين.