دخلت الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد مرحلة جديدة، الجمعة، مع وصول عدد الضحايا برصاص قوات الأمن إلى أعداد غير مسبوقة وانتشار المظاهرات في أنحاء البلاد.
وأفاد ناشطون حقوقيون وشهود عيان أن 70 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب العشرات الجمعة عندما أطلقت قوات الأمن السورية النار لتفريق تظاهرات نظمت في عدة مدن.
وقالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان ومقرها لندن في بيان لها: «ارتكبت قوات الأمن السورية مجازر في العديد من المدن والمناطق السورية اليوم الجمعة سقط على إثرها حتى هذه اللحظة 72 مواطنا ومئات الجرحى».
وأوردت اللجنة في بيانها أسماء معظم القتلى الذين سقط 30 منهم في مدينتي حمص (وسط) وازرع في محافظة درعا (جنوب) وعشرات آخرون في منطقة دمشق وريفها.
ونشر عدة ناشطون حقوقيون آخرون على الانترنت قوائم لأكثر من 70 قتيلاً سقطوا في مظاهرات اليوم الذي أطلق عليه «الجمعة العظيمة».
وأكد عمار القربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا ومقرها القاهرة لفرانس برس، سقوط 49 قتيلا ونحو 20 مفقوداً، خلال صدامات الجمعة.
من جانبها، ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن ثمانية أشخاص قتلوا وأصيب 28 بجروح بينهم عناصر من الجيش فى «هجوم لمجموعات مسلحة» على مديرية منطقة وازرع ونقطة عسكرية في محافظة درعا.
واعلنت الوكالة كذلك مقتل اثنين من عناصر الشرطة وإصابة 11 بجروح برصاص «مجموعات إجرامية مسلحة» فى حمص ودمشق.
وأعرب البيت الأبيض الجمعة عن قلقه ودعا الحكومة السورية وجميع الأطراف إلى «وقف والامتناع عن استخدام العنف».
وأدان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ عمليات قتل المتظاهرين ووصفها بأنها «غير مقبولة» داعياً إلى الغاء حالة الطوارئ في سوريا بالفعل وليس بالقول.
وقال ناشطون إن التظاهرات عمت كذلك مدينة الحراك في درعا، ودوما وحرستا القريبتين من دمشق، والمعضمية والبزرة والقابون وزملكا في العاصمة، ومدن بانياس واللاذقية وحماه.
وقال الشهود إن الالاف خرجوا في شوارع دوما بعد صلاة الجمعة مرددين هتافات تدعو إلى إسقاط النظام.
وأضافوا أن قوات الأمن «قامت بإطلاق النار أولا في الهواء لتفريقهم ثم مباشرة على المتظاهرين».
وفي حمص، أفاد الناشط الحقوقي نوار العمر لفرانس برس أن قوات الأمن «أطلقت النار على ثلاث مجموعات من المتظاهرين كانوا في طريقهم إلى الميدان» للتجمع فيه في وسط المدينة. وأضاف أن «شخصين على الأقل أصيبا بجروح».
وأكد الناشط أن عدد المتظاهرين الذين خرجوا بعد صلاة الجمعة متوجهين في مجموعات للساحة الرئيسية «بلغ عشرات الآلاف».
وفي مدينة القامشلي (شمال غرب)، أفاد شهود عيان في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس أن «تظاهرة ضمت ستة آلاف شخص نظمت في القامشلي بعد ان انطلقت من أمام جامع قاسمو».
وأضافوا أن التظاهرة «تضم عربا وأكرادا وآشوريين ووجهاء من عشائر شمر وطي» وهم يحملون أعلاما سورية ولافتات كبيرة كتب عليها «عرب وسريان وأكراد ضد الفساد».
كما هتف بعض المتظاهرين شعارات باللغة الكردية «ازاتي، بيراتي» وتعني «حرية، أخوة».
وفي درعا (جنوب)، ذكر شهود عيان في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس أن «بين سبعة وعشرة آلاف متظاهر خرجوا من جميع الجوامع باتجاه ساحة السرايا في مركز مدينة درعا».
وأشار الناشط إلى أن المتظاهرين رددوا هتافات تطالب بـ«حل الأجهزة الامنية واسقاط النظام».
كما رددوا هتافات تدعو إلى إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تنص على أن «حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة».
وفي بانياس الساحلية (غرب) أكد الشيخ محمد خويفكية لوكالة فرانس برس أن «نحو عشرة الاف شخص تجمعوا في مركز المدينة يدعون الى الحرية والوحدة الوطنية»، مشيرا إلى «انضمام عدد كبير من أهالي قرية البيضا إلى التظاهرة».
وأضاف أن «المتظاهرين ثارت ثائرتهم عندما ظهر على المنصة ثلاثة معتقلين تم الافراج عنهم البارحة (الخميس) وبدت عليهم اثار التعذيب».
وفي دمشق وريفها، أفاد ناشط حقوقي أن نحو مئتي شخص خرجوا للتظاهر الجمعة في حي الميدان الواقع في قلب العاصمة دمشق بعد أدائهم الصلاة وهم يهتفون «حرية حرية».
وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي إن المتظاهرين هتفوا «الشعب السوري واحد» و«بالروح بالدم نفديك يا شهيد».
وأضاف ريحاوي أن «المتظاهرين مروا أمام جامع الحسن في حي الميدان حيث تم تفريقهم من قبل رجال الأمن».
كما تحدث عن «خروج نحو ألف متظاهر في حرستا» في ريف دمشق.
وقال إن «تظاهرة جرت في مدينة الجديدة (10 كم غرب دمشق) شارك فيها نحو 150 شخصا هتفوا «الله سوريا حرية وبس».
وفي الزبداني (ريف دمشق) أفاد ناشطون حقوقيون ان «أكثر من 3 آلاف شخص خرجوا للتظاهر من جامع الكبير في منطقة الجسر في البلدة القديمة هاتفين بشعارات (الشعب يريد إسقاط النظام) و(الاعلام السوري خائن) و(لا حزب الله و لا إيران نحنا منحرر الجولان)».
وفي الرقة (شمال) قال المحامي عبدالله الخليل في اتصال مع وكالة فرانس برس إن «التظاهرات التي قامت في الرقة انطلقت من ثلاثة أمكنة هي جامع الفردوس وجامع الفوال والجامع الكبير في الساحة الرئيسية» قبل أن يتم تفريقهم من قبل «بلطجية».
وفي اللاذقية، قال الناشط رباح الشعار إن قوات الامن فرقت مظاهرات انطلقت في اغلب الأحياء بإطلاق الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع، مشيرا الى أن المظاهرات جرت في الشوارع الفرعية نظرا لوضع متاريس سدت الطرق الرئيسية.
وقالت وكالة الأنباء السورية إن «بعض الإصابات» وقعت عندما «تدخلت قوات الأمن جزئيا في حرستا والحجر الاسود (ريف دمشق) وفي حماة (وسط) والقامشلي (شمال شرق) بواسطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع لفض اشكالات وقعت بين المتظاهرين وبعض المواطنين».
وزعمت الوكالة أن «مظاهرات محدودة خرجت في عدد من المحافظات» وذلك على الرغم من «الحملة التحريضية الواسعة التي تتعرض لها سوريا».
ودعا ناشطون إلى التظاهر اليوم «الجمعة العظيمة» على الرغم من صدور مراسيم إصلاحية تتعلق بإنهاء العمل بحالة الطوارئ السارية منذ 1963 والغاء محكمة أمن الدولة العليا وتنظيم حق التظاهر السلمي.
ورأى معارضون أن إصدار هذه المراسيم «غير كاف» ولا يلبي إلا جزءا يسيرا من المطالب، مؤكدين أن الشارع السوري «لن يقف عند هذا الح».
وتشهد سوريا موجة من الاحتجاجات للمطالبة بإطلاق الحريات ذهب ضحيتها بحسب منظمة العفو الدولية 220 شخصا منذ اندلاعها منتصف مارس الماضي.