استمرت الغارات المكثفة، الجمعة، على جيب محاصر للمعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية، موقعة عشرات القتلى، بموازاة فرار مئات المدنيين نتيجة الهجوم المدمر لقوات النظام السوري الساعي لاستعادة هذه المنطقة القريبة من العاصمة دمشق.
وفي جبهة أخرى شمال البلاد، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل 43 مدنيا في قصف للجيش التركي لمدينة عفرين ذات الغالبية الكردية شمالي غرب سوريا التي باتت مطوقة من الجنود الأتراك، ما تسبب بنزوح كثيف.
وفيما يستمر التصعيد، تعهد وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران خلال محادثات في أستانا، بالاستمرار في «تصفية» جبهة النصرة، في إشارة إلى هيئة تحرير الشام والمجموعات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة.
أكد مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، الجمعة، خروج أكثر من 40 ألف مدني الخميس من الغوطة الشرقية. وقال خلال اجتماع لمجلس الأمن حول سوريا فإن المدنيين «توجهوا إلى مراكز إيواء وفرتها الحكومة والهلال الأحمر العربي السوري»، مشيراً إلى أن القوات السورية والروسية فتحت «معابر» لتأمين خروجهم.
وأكد الجيش السوري أنه استعاد 70 بالمئة من الغوطة الشرقية حاثا السكان على مغادرة المنطقة عبر «ممرات آمنة».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن نحو 20 ألف مدني خرجوا من الغوطة الخميس، وأن نحو ألفين خرجوا الجمعة معظمهم من بلدة سقبا، مؤكدا أن الغارات نفذتها طائرات روسية.
وقال المرصد إن خروج المدنيين من جيب تحت سيطرة «فيلق الرحمن» في الغوطة الشرقية، تزامن مع «غارات روسية كثيفة» استهدفت بلدتي كفربطنا وسقبا وتسببت بمقتل 80 مدنياً على الاقل.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لفرانس برس إن «64 مدنياً على الأقل بينهم 13 طفلاً قتلوا وأصيب عشرات آخرون بجروح جراء غارات روسية استهدفت بلدة كفربطنا» مضيفا أن 11 مدنياً قتلوا صباح الجمعة جراء الغارات في بلدة سقبا.
غير أن وزارة الدفاع الروسية نفت بشكل قاطع مؤكدة أن طائراتها لا تنفذ «أية مهام عسكرية» في الغوطة الشرقية.
من جهته، حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا من تصعيد النزاع رغم قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار.
كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن «قلقه الكبير حيال اليأس الذي يبديه أعداد كبيرة من الفارين من الغوطة الشرقية وعفرين» داعيا «جميع أطراف النزاع إلى الاحترام التام للحقوق الإنسانية وضمان حماية المدنيين».
وقال الجعفري إن «الحكومة السورية سمحت كذلك (الخميس) بدخول قافلة مساعدات مشتركة بين الهلال الأحمر والصليب الأحمر والأمم المتحدة (...) وسنسمح بمرور مثل هذه القوافل عندما تتوفر الشروط الأمنية في المستقبل كذلك».
وتسبب الهجوم على الغوطة الشرقية، آخر أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق، منذ 18 فبراير بمقتل 1350 مدنياً بينهم 270 طفلاً، وفق آخر حصيلة للمرصد.
وأشار المرصد إلى «تفحم جثث القتلى» في كفربطنا، مرجحاً استخدام «مواد حارقة»، وشاهد مصور متعاون مع فرانس برس ثماني جثث محترقة على الأقل في الشارع، موضحاً أن معظم مراكز الدفاع المدني باتت خارج الخدمة.
وتتعرض بلدات عدة تحت سيطرة فيلق الرحمن منذ أيام وفق المرصد لغارات روسية وسورية، لا سيما حمورية وكفربطنا وسقبا، وهي المناطق التي خرج النازحون منها. ولهيئة تحرير الشام تواجد محدود في هذه المنطقة.
واستعادت قوات النظام الجمعة السيطرة على بلدة حمورية بعدما خسرتها لساعات إثر شن فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام هجوماً مضاداً عليها، وفق المرصد.
- مراكز إيواء مكتظة- ونقل نحو 3000 نازح ليل الخميس إلى بلدة عدرا، وشاهد مراسل فرانس برس عشرات المدنيين يفترشون باحة المركز حيث أمضوا ليلتهم في ظل نقص في الخدمات.
وقال عبدالرحمن إن عدداً كبيراً من المدنيين أمضوا ليلتهم في العراء بعد وصولهم إلى مناطق سيطرة قوات النظام التي لم تكن تتوقع خروج هذه الأعداد الكبيرة.
وفي بيان إثر زيارة إلى سوريا استمرت أياماً، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير إن «الغوطة الشرقية هي المثال الأحدث على مستوى معاناة المدنيين».
في الأثناء قالت مجموعات «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و«أحرار الشام» التي يوجد كل تنظيم منها في جزء من الأجزاء الثلاثة للغوطة الشرقية، الجمعة إنها مستعدة لإجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا في جنيف برعاية الأمم المتحدة.
- قتلى في عفرين- في مدينة عفرين شمال شرق سورياً، قُتل 43 مدنيا الجمعة بينهم سبعة أطفال في قصف مدفعي للقوات التركية، أثناء محاولتهم النزوح، فيما تدور معارك على حدود المدينة الشمالية، وفق المرصد.
وبين قتلى الجمعة 16 مدنيا جراء غارة تركية استهدفت المستشفى الرئيسي في مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس «استهدفت غارة تركية بشكل مباشر المشفى الوحيد في مدينة عفرين» مضيفا أن «16 مدنيا قتلوا في الغارة بينهم امرأتان حبليان».
وقال شيروان بري، أحد رؤساء الهلال الأحمر الكردي ومقره القامشلي في شمال شرق سوريا «تعرضت المدينة لقصف كثيف خلال النهار واقترب القصف من المستشفى، لكن المستشفى استهدف مباشرة هذا المساء».
لكن جيش تركيا نفى في تغريدة هذه المعلومات وقال إن عملياته في سوريا تتم «بشكل لا يؤدي إلى إصابة المدنيين والأبرياء».
وبدأت تركيا في 20 يناير بدعم من فصائل سورية موالية تدخلها العسكري في عفرين بداعي استهداف «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها أنقرة «إرهابية»، وباتت تسيطر على أكثر من ثمانين بالمئة من مساحتها بحسب المرصد.
وحققت القوات التركية الجمعة تقدما غرب عفرين ترافق مع غارات كثيفة وباتت تطوق المدينة مع نحو ستين قرية إلى غربها، ما أدى إلى نزوح أكثر من ثلاثين ألف مدني في اليومين الأخيرين بحسب المرصد.
وتوجه النازحون إلى نبل والزهراء وهي تحت سيطرة قوات موالية للنظام، وإلى بلدات أخرى تحت سيطرة الأكراد.
وقالت الناطقة باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شمسداني في جنيف إن «مئات آلاف المدنيين معرضون للخطر» في عفرين التي يربطها منفذ وحيد بمناطق سيطرة قوات النظام، بات منذ الإثنين بمرمى النيران التركية.