بدأت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، تنفيذ خطة للتوسع في زراعة نبات «الكينوا»، لما للمحصول من قيمة غذائية مرتفعة وتحمله للظروف البيئية المختلفة من جفاف وملوحة وترشيحه للمساهمة الفاعلة مشكلة الأمن الغذائي للدول النامية، اعتمادا على توصيات منظمة الأغذية والزراعة «فاو» لحكومات الدول التي تعاني من محدودية مواردها المائية بالتوسع في زراعة المحصول ضمن مشروع إقليمي للكينوا بين الفاو مع وزارات الزراعة في 8 دول تضم الجزائر، مصر، العراق، إيران، لبنان، موريتانيا، السودان واليمن)، لتعزيز النظام الغذائى من الكينوا في هذه الدول وبتمويل من الفاو للتعريف بأهمية المحصول في الدول المشاركة وزيادة الوعى به.
وكشفت نتائج الأبحاث التي أجراها مركز البحوث الزراعية ممثلا في معهد بحوث المحاصيل الحقلية، إن القدرة الإنتاجية للفدان تخطت حاجز إنتاجية واحد طن للفدان تحت ظروف الأراضي الرملية والجديدة كمناطق مستهدفة لزراعة المحاصيل الجديدة دون الإخلال بالتركيب المحصولى الحالى وعدم منافسة المحاصيل الشتوية الأخرى بمناطق وادى النيل والدلتا حيث أظهرت النتائج المجمعة مجموعة متميزة من التراكيب الوراثية يجري حاليا اختيار أعلي الأصناف الصالحة للتوسع في زراعة المحصول في مختلف المناطق الجديدة.
ومن جانبه قال الدكتور عمرو سعد شمس، الأستاذ بقسم بحوث التكثيف المحصولى والمستشار الوطني لإنتاج وبحوث الكينوا لدى منظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، إن محصول الكينوا يطرح نفسه بقوه كأحد محاصيل المستقبل الواعدة المكملة وليست البديلة لسد جزء من الفجوة الغذائية في مصر، حيث إن زراعة المحاصيل الحقلية تحت الظروف القاسية من بيئة قاحلة في التربة الرملية والملحية واستخدام مياه الرى ذات الملوحة العالية هي واحدة من أكبر التهديدات التي تواجه الأمن الغذائي وخاصة بالنسبة للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة.
وأوضح أن مبررات التوجه نحو زراعة هذا المحصول في ضوء الزيادة السكانية المتزايدة ومحدودية الموارد التي تواجهها مصر اليوم والذى يؤدى بدوره إلى عدم إنتاج ما يكفي من الغذاء من حيث الكم والنوع لتلبية الاحتياجات اليومية للمواطنين.
وأضاف «شمس» أن هذه التحديات وراء الحاجة إلى محاصيل غذائية جديدة غير تقليدية للزراعة خارج نطاق الوادى والدلتا لعدم منافسة المحاصيل التقليدية وذات احتياجات مائية منخفضة وتتحمل الإجهادات البيئية المختلفة، مشيرا إلى أن محصول الكينوا كمحصول غذائى تم إدخاله حديثا يمكن أن يعالج جزء من الفجوة الغذائية، لأنه أكثر تحملا للجفاف والملوحة وينمو في التربة الرملية في المناطق القاحلة وشبه القاحلة ومع العوامل السلبية غير الحيوية الأخرى الأكثر ضررا والتي تؤثر على إنتاج المحاصيل.
ولفت الخبير المتخصص في زراعة «الكينوا»، إلى أن أهمية المحصول ترجع إلى احتوائه على نسبة عالية من البروتين مقارنة بالحبوب الأخرى، كما يوجد الحامض الأمينى الليسين في بروتين الحبوب بنسبة تصل إلى ضعف المتواجد منه في بروتين القمح. وتحتوى الحبوب أيضا على نسبة عالية من كافة المعادن الضرورية للغذاء وبخاصة الكالسيوم والحديد والتى تفوق المتواجدة في باقى الحبوب. هذا بالإضافة إلى احتواء الحبوب على نسبة عالية من الفيتامينات وبنسب أعلى من الحبوب الأخرى وبقيم تلبي أو تتجاوز متطلبات الإنسان.
وأضاف شمس أنه نظرا لأهمية المحصول وقيمته الغذائية العالية فقد تم اختياره من قبل منظمة الأغذية والزراعة باعتباره أحد المحاصيل الرئيسية التي ستلعب دورا رئيسيا في ضمان الأمن الغذائي في القرن الـ 21 بسبب ومقاومته الشديدة للظروف المناخية المعاكسة، موضحا أنه من المحاصيل المعروفة تاريخيا حيث تمت زراعته قبل 5 آلاف عام في جبال الأنديز في بيرو وبوليفيا.
وفيما يتعلق بإستخدامات محصول الكينوا، أكد الخبير أنه يمكن طحن حبوب الكينوا إلى دقيق يخلط مع دقيق القمح بنسبة 10-20% لرفع القيمه الغذائية لرغيف الخبز، مشيرا إلى ان يدخل أيضا في صناعة أغذية الأطفال (Baby Food) لذلك يرشح بقوة في تغذية طلاب المدارس لارتفاع محتواه من الليسين والكالسيوم والحديد على وجه الخصوص.
وأضاف «شمس» أن منتجات «الكينوا» تدخل في صناعة الأغذية الخاصة للمرضى الذين يعانون من الحساسية لجلوتين القمح (Celiac Disease) لعدم احتواء الحبوب على مادة الجلوتين (Gluten Free)، كما يصنع منه العديد من المخبوزات والكيك والرقائق والبسكويت والحلويات وتستخدم حبوبه في الإفطار مثل البليلة أوكرقائق (Quinoa Flakes)، ويستخدم كشوربة أو يطبخ مثل الأرز ويستخرج من الحبوب زيت للغذاء الآدمى وهو يقارب في قيمته الغذائية زيت الذرة، كما تستخدم مادة السابونين بعد فصلها في العديد من الصناعات وتدخل في كثير من الأدوية.
وأشار إلى أن الاحتياجات البيئية لمحصول الكينوا في مصر هي أنه من المحاصيل الشتوية يحتاج إلى نهار قصير ودرجات حرارة منخفضة للنمو الجيد وتسبب الحرارة أعلى من 35o م دخول النبات في طور سكون وعقم اللقاح، كما يمكن ان تنمو الكينوا تحت مستويات من 300-1000مم من مياه المطر في السنه وينمو في مختلف أنواع الأراضى حتى الملحية إلا أنه يجود في الأراضى الخفيفة حسنة الصرف.
وأوضح أن الكينوا تحصد خلال فترة تتراوح ما بين 100-125 يوما للأصناف المبكرة النضج وقد تصل إلى 160 يوما للأصناف المتأخرة النضج في مصر، مشيرا إلى أن الإنتاجية تختلف باختلاف الصنف ونوع التربة وميعاد الزراعة حيث يتراوح بين 1-1.5 طن للفدان.
وأضاف شمس إنه تم إدخال محصول الكينوا مصر عام 2005 بمدينة نويبع جنوب سيناء لاختبار مدى نجاح زراعتها تحت ظروف الأراضي الرملية والبيئة الجافة بالتنسيق بين مركز البحوث الزراعية، معهد بحوث المحاصيل الحقلية، قسم بحوث التكثيف المحصولي والعلاقات الخارجية الزراعية وبتمويل من هيئة المعونة الدنماركية الدانيدا (DANIDA)، موضحا إنه تم تجريب زراعة عدد 13 تركيبا وراثيا وتم اختيار أفضلها للإكثار بمحطات البحوث الزراعية التابعة للمركز عمل المختلفة عليها بعد نجاح زراعتها بتلك المنطقة، وتم تقييم 11 تركيبا وراثيا نجحت في الإنبات والنمو تحت الظروف المصرية سواء في الأراضى القديمة أو الرملية لاستهداف إدخال المحصول في الأراضى الصحراوية الجديدة والهامشية لتحمله الجفاف والملوحة.
وأضاف أنه تم إنتاج بعض المنتجات بالاشتراك مع الشركات والجمعيات والباحثين من تخصصات أخرى مثل الحبوب، الدقيق، إنتاج الخبز ذى قيمة غذائية مرتفعة بإضافة دقيق الكينوا بنسبة 10-20%، وإنتاج بعض المخبوزات (منين العجوة والبسكويت والكيك) الخاصة لمرضى حساسية الجلوتين بالإضافة إلى المخلف الناتج من قش الكينوا والذي يستخدم كعلائق للحيوانات.