قال محلل الشؤون العربية في صحيفة «هاآرتس» «تسيفي برائيل» إن ميدان التحرير هو من سيحدد شخصية الأمين العام القادم لجامعة الدول العربية، وأضاف أنه على الرغم من امتلاك الدكتور مصطفى الفقي المرشح المصري لكل المؤهلات لتولي المنصب، إلا أن عليه أن يمر أولاً بـ«اختبار ميدان التحرير»، مشيراً إلى أن الميدان الذي أسقط مبارك سيقود الأنظمة العربية في عملية اختيار أمين عام جديد للجامعة العربية.
وقال «برائيل»: «عندما أعلن عمرو موسى، الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية، أنه سيغادر في مايو، معرباً عن نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية في مصر، والتي من المقرر أن تجري في نهاية العام، كان الفقي المرشح الطبيعي لخلافة موسى في موقع الأمين العام، فوزير الخارجية نبيل العربي أعلن رسمياً أن مصر قررت ترشيحه للمنصب، رئيس المجلس العسكري الأعلى، المشير حسين طنطاوي أرسل خطابات لرؤساء الدول العربية طالباً فيها دعمه لتولي المنصب، أيضاً بحسب التقاليد السياسية فإن الأمين العام للجامعة العربية يجب أن يأتي من مصر، حيث مقر الجامعة الكائن في القاهرة».
مؤهلات متوافرة
وأشار محلل الشؤون الإسرائيلية في «هاآرتس» إلى مؤهلات مصطفى الفقي قائلاً: «يمتلك الدكتور مصطفى الفقي كل المؤهلات ليكون أميناً عاماً مقبلاً لجامعة الدول العربية، حيث خدم لسنوات طويلة في سفارات مصر حول العالم، وعمل كسفير لمصر في النمسا وسلوفاكيا وسلوفينيا، ومثل مصر في منظمات دولية، وكان نائب في مجلس الشعب، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى، وكتب عددا من الكتب ومئات المقالات في القضايا السياسية، الإسلامية، الاجتماعية والاقتصادية، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة لندن، ويعد واحدا من المفكرين المهمين في النخبة الفكرية في مصر».
وتابع «تسيفي برائيل»: «إلى جانب كل ذلك يمكن إضافة الانتقادات اللاذعة لإسرائيل وسياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، التي من الممكن أن ترجح كفته لتولي المنصب. الفقي اتهم إسرائيل في الماضي بأنها تستهدف احتلال سيناء مرة أخرى، وأنها تعمل في غزة من أجل الإضرار بالحدود بين مصر والقطاع، وأعلن أن (من يستهدف الإضرار بنا الآن هما الولايات المتحدة وإسرائيل، التي ترسم سياسات الولايات المتحدة في المنطقة)».
اختبار الميدان
وأوضح «تسيفي برائيل» أن كل المؤهلات والمواقف للدبلوماسي المصري البالغ من العمر 67 عاماً تقف الآن في اختبار كبير هو «اختبار ميدان التحرير»، مشيراً إلى أن هناك «خطأين حرجين» للفقي أولهما أنه كان سكرتير مبارك للمعلومات بين عامل 1985 – 1992، والثاني أنه قال قبل الثورة إن من سيترشح أمام مبارك «غير مثقف»، وتابع: «بالإضافة إلى أن عضويته في مجلس الشورى وفي قيادة الحزب الوطني الديمقراطي، الذي كان حزباً حاكماً، تعتبر خطأ أساسياً، على الرغم من أنه قرر الاستقالة منه في فبراير، بعد أسبوعين من اندلاع الثورة في مصر، إلا أنه طرد من ميدان التحرير محملاً بالخزي والعار عندما ذهب ليعرب عن تضامنه مع المحتجين هناك، واضطر للاستعانة بالجيش للخروج بسلام».
وتابع «تسيفي برائيل»: «اختبار التحرير» يشبه الآن بشكل كبير «اختبار البعث» في العراق بعد سقوط صدام حسين، كل من كان عضوا في حزب البعث، أو تقلد منصبا رسميا في نظام صدام تم طرده من الخدمة، أو اعتقاله أو محاكمته. والآن بدأت حملة تطهير مماثلة في مصر، وستشمل كل المؤسسات الحكومية، المؤسسات الصحفية والإعلامية، وحتى السينما والمسرح، ظهرت لهم قوائم سوداء أعدتها منظمات الثورة، التي باتت تحدد من يستطيع الظهور أمام الجمهور.
منافسة عربية
وأشار «برائيل» إلى أن قضية الفقي تمثل استثناءً كبيراً وقال: «ولكن قضية ترشح الفقي لمنصب الأمين العام للجامعة العربية تمثل استثناء كبيرا، فهي مرتبطة بالموقف العربي والدولي لمصر، لأن المرشح المنافس للمرشح المصري الآن هو عبدالرحمن العطية، الوزير القطري، الذي كان أميناً عاماً لمجلس التعاون الخليجي. القضية ليست إذا ما كان العطية البالغ من العمر 60 عاماً مناسباً أكثر من الفقي، ولكن إمكانية تخيل ممثل دولة صغيرة (كل مواطنيها يمكنهم أن يسكنون في فندق كبير واحد)، كما قال أحد المحللين المصريين ذات مرة، والتي تعد المنافس السياسي لمصر- يقف على رأس الجامعة العربية».
وأشار الصحفي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية إلى أن ترشح الفقي والعطية يمثل «ذروة الصراع بين مصر وقطر»، و«معركة على وضع صورة جديدة للشرق الأوسط، هل سيظل خاضعاً لقيادة مصر، أم أن القيادة ستنتقل إلى قطر ودول الخليج، هل ستكون هذه جامعة، تقودها دولة علاقتها مع سوريا وإيران معادية في أحسن الأحوال، أم دولة كقطر، ترى في نفسها وسيطا بين كل بلدان الشرق الأوسط، بما فيها إيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى».
وعن دور الجامعة العربية قال «تسيفي برائيل»: «في الحقيقة لا يوجد تأثير للجامعة العربية ومن يقف على رأسها على الأحداث، الجامعة لم تنجح في حل الصراع بين العرب، وتعاني من أزمة اقتصادية، وتمثل رمزاً للتراجع العربي، وعلى الرغم من هذا فإنها لا تزال تحتفظ بدور هام في منح الشرعية للخطوات السياسية أو الاقتصادية في المنطقة، فهي هذه التي منحت الدعم لمبادرة السلام السعودية، هي التي واصلت استمرار الحوار المباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل، وهي التي (دعت) الدول الغربية لفرض حظر جوي على ليبيا، وأيضاً مستمرة في دعم الهجمات على الجيش الليبي».
ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة لـ«اختبار التحرير»، كما يقول «تسيفي برائيل» الذي يضيف أن الاختبار لا يحدد فقط مؤهلات المرشح المصري، وإنما سيقود أيضاً دولاً وأنظمة أخرى في قضية من سيكون الأمين العام المرتقب لجامعة الدول العربية، من سيتم تصنيفه بأنه مع النظام القديم لن يستطيع بموجب هذا الاختبار أن يحظى بدعم الأنظمة العربية الأخرى، لو أرادوا أن يمثلوا أنفسهم كمنتمين لـ«التيار الجديد» وأيضاً كجزء من الثورة.