(عزيزى نيوتن..
فى خلال أسبوع قرأت لكم مقالين مع تعليقات القرّاء، وما لفت انتباهى أن الداء الذى تنبِّه إليه فيهما واحد وهو داء مرعب. إنه داء الكذب. فمَن ينكر أو يزور التاريخ كاذب، والمنافق كاذب، والرسول الكريم قال لنا إن المؤمن لا يكذب وإن المنافق صفاته أنه إذا حدّث كذب وإذا اؤتمن خان وإذا عاهد أخلف وإذا خاصم فجر. إنكار التاريخ حدث بشدة بعد أيام الملك فاروق وأصابه وأصاب كل أفراد العائلة المالكة وأصاب كل رجال الأعمال والمزارعين الكبار (الإقطاعيين كما كان يُطلق عليهم لوصمهم ولا أعلم إن كانت هذه الكلمة ابتُدعت بعد عام 1952 أم كانت موجودة من قبل). وطبعاً لعب المنافقون لعبتهم وتمادوا. فالمنافقون أسلوبهم معروف: المغالاة فى سب القديم، والمغالاة فى مديح الجديد. ويغيرون جلدهم فى لحظة حينما يصبح الجديد قديماً. فبعد عهد الملكية قالوا فيما قالوه عن الملك فاروق إنه كان سكيراً فى حين أن كل مَن حوله كانوا يعلمون أنه لا يشرب الخمر. وبعد اغتيال السادات رحمه الله، بدأ المنافقون بمحاولة اتهام زوجته كذباً بامتلاك الشركات، وأنها كانت تعين الوزراء وكانت خطبة الرئيس مبارك التى كانت فحواها أننا إذا لم نحترم حكام مصر السابقين فلن يحترمنا العالم، فلجم هذا المنافقين وابتعدوا عن الكذب والتلفيق إلى حد ما، ولكنه لم يتوقف تماماً. أما ما حدث بعد يناير من إنكار وتزوير للتاريخ ونفاق فقد فاق كل توقع ومن المضحك المبكى أن الفيديوهات الموجودة على النت فضحت كثيراً من الإعلاميين.
أذكر مثالين فجين لولاهما ما هاج الناس هذا الهياج الرهيب على الرئيس مبارك فى أيام الثورة الأولى. الأول كان أكذوبة الـ70 مليار دولار التى اعتذرت عنها الجارديان فيما بعد. رغم أنها أشعلت الميدان وقتها.
أما الثانى وهو الأغرب فكان أن مبارك استولى على 9 مليارات دولار أموال حرب الخليج ثم اتضح أنها موجودة فى الحفظ والصون فى البنك المركزى، وكان هناك المئات الذين يعلمون من أول لحظة أن هذا كذب، ويعلمون أيضاً أين هى الأموال وسكتوا نفاقاً للثوار!! أما مؤخراً فقصة الدكتور خالد حنفى تكملة لهذا المسلسل الهابط. وبعد تبرئة الرجل ماذا حدث للمنافقين والكذابين؟ لا شىء.
وسؤالى الأخير: هل يُعقل أن مَن أنشأ مترو الأنفاق الذى يستفيد منه 3 ملايين مواطن يومياً على مدى 25 عاماً، يعنى 400 مليار رحلة قام بها مواطنون، يتم رفع اسمه من على محطة يتيمة تحمل اسمه. هل هناك إنكار للتاريخ أكثر من هذا؟. المنافقون سرطان ينخر فى جسد الدولة فلا تفرحوا بهم أبداً وأيضاً يقول لنا المولى عز وجل: «لا تبخسوا الناس أشياءهم» وهذا ما يفعلونه.
م. صلاح حافظ).
نيوتن: هناك أيضاً المركب «المحروسة». أمر الخديو إسماعيل ببنائه عام 1863 فى لندن. استخدمه فى حفل افتتاح قناة السويس 1869 وكان على متنه معظم أمراء وملوك أوروبا. ثم حمل الخديو نفسه إلى منفاه عام 1879. ومن بعده حمل عباس حلمى للمنفى فى 1914. كما حمل الملك فاروق لمنفاه فى إيطاليا عقب ثورة 23 يوليو. استخدمه من بعده جمال عبدالناصر والسادات ومبارك. واستقله الرئيس السيسى خلال افتتاح التفريعة الجديدة للقناة عام 2015. تاريخ هذا المركب أقدم من مدينة بورفؤاد. أقدم من الإسماعيلية بصورتها الحديثة.
قام عبدالناصر بتغيير اسم هذا المركب الذى يُعتبر قطعة متحركة وفريدة من التاريخ. إلى «الحرية» بدلا من «المحروسة».
رغم أن اسم «المحروسة» لا يدل على حاكم. هو اسم مصر عند حرافيشها القدامى. حتى إنه اقتراح وجيه لتسمية العاصمة الإدارية الجديدة.
إلى أن قرر الرئيس مبارك عام 2000 إعادة الاسم القديم للمركب «المحروسة». وكانت مبادرة محمودة منه لاستعادة التاريخ.
وأتمنى أن أرى تغطية شاملة ووافية من ماهر حسن لهذا الموضوع.