بالتزامن مع «سيناء 2018».. رجال الأعمال يطلقون «حربًا تنموية» لتعمير أرض الفيروز

كتب: اخبار السبت 03-03-2018 20:56

44 عاماً مرت على إعلان استراتيجية التنمية التى وضعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات للنهوض بسيناء وذلك فى شهر إبريل 1974 عقب نصر أكتوبر بنحو 193 يوماً فقط، حيث ظلت خطط تنمية سيناء طوال هذه الفترة مجرد «حبر على ورق»، وعناوين لتحقيقات صحفية تتناولها وسائل الإعلام بمناسبة الاحتفال بذكرى 6 أكتوبر، أو نتيجة إنشغال الرأى العام بعملية إرهابية نفذها أعداء الوطن على هذه الأرض المجيدة.

وتزامن ذلك مع الحرب التى تقودها القوات المسلحة المصرية لتنظيف أرض الفيروز، والقضاء على الإرهاب الأسود الذى بدأ بالفعل يدخل مرحلة الاحتضار تمهيداً للذهاب بلا رجعة.

ويبدو أن عملية «سيناء 2018» التى تنفذها القوات المسلحة بتكليفات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسى والذى حدد أيضا خلال الأسبوع الماضى تكلفة مشروع التنمية الشاملة لسيناء بنحو 275 مليار جنيه، دفعت مجتمع الأعمال ليتبنى مبادرة حقيقية وإطلاق ثورة تنموية لتنمية شمال ووسط وجنوب سيناء من خلال تنفيذ سلسلة من المشروعات التى تمثل فرصاً مربحة، وأداة حقيقية لمنع انتشار الإرهاب مرة أخرى فى هذه المنطقة التى تمثل بعداً رئيسياً للأمن القومى المصرى.

حيث أطلق الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين مبادرة لتنمية وتطوير سيناء من خلال تنفيذ عددا من المشروعات التى يقودها القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة، ويعتزم الاتحاد تقديم تقرير تفصيلى برؤيته التنموية لأرض سيناء إلى رئيس الجمهورية خلال الأيام القليلة المقبلة.

وكشف تقرير للهيئة الهندسية للقوات المسلحة عن قيامها بتنفيذ نحو 134 مشروع بتكلفة 24 مليار جنيه من إجمالى 290 مشروعا بتكلفة إجمالية 175 مليار جنيه مكلفة بها فى منطقة سيناء، وتجرى تنفيذهم خلال الفترة الراهنة.

وتتضمن المشروعات تطوير 10 طرق بإجمالى أطوال بلغت 1339 كيلو متر بتكلفة 26 مليارا و600 مليون جنيه، وتنفيذ 81 ألف وحدة سكنية و2421 بيت بدوى بتكلفة مالية بلغت 30.24 مليار جنيه، وفى مجال الرعاية الصحية يجرى إنشاء وتطوير 15 مستشفى ووحدة صحية بتكلفة مالية 27 مليار جنيه، كما تم الانتهاء من مطار البردويل الدولى بوسط سيناء من تنفيذه بنسبة 100%.

وفى مجال التنمية الصناعية، كشفت الهيئة أنه تم تكليفها بتنفيذ مشروعان بتكلفة مالية بلغت6.5 مليار جنيه، حيث تم الانتهاء من إنشاء الخطين الثالث والرابع لأسمنت العريش بطاقة إنتاجية تصل لـ 7.3 مليون طن سنوياً ليصل إجمالى الطاقة الإنتاجية للمصنع 9.6 مليون طن سنوياً، فيما شهد مجال الزراعة واستصلاح الأراضى تم تكليف الهيئة بتنفيذ عدد 5 مشروعات بتكلفة 26 مليار جنيه، بالإضافة إلى تطوير شبكة مياه الشرب بمدينة العريش وإحلال وتجديد للخطوط الرئيسية بإجمالى أطوال 171 كيلو متر.

وستمثل تلك المشروعات محفزا رئيسيا لتوافد الشركات الخاصة لتنفيذ مشروعات استثمارية جديدة فى منطقة سيناء، وسيكون القطاع الصناعى بمثابة القاطرة الحقيقية لتنمية سيناء فى ظل الامكانيات الضخمة والثروات الهائلة التى تمكلها تلك المنطقة والتى ظهرت من الكم الكبير للفرص الاستثمارية الصناعية التى تم الإعلان عنها ضمن خريطة الاستثمارات الصناعية للدولة والتى أطلقتها وزارة التجارة والصناعة فى أكتوبر 2017.

وتتوزع حركة الاستثمار الصناعى فى سيناء على 3 مناطق رئيسية هى منطقة الصناعات المتوسطة ببئر العبد، والمنطقة الحرفية للصناعات الصغيرة بالمساعيد، وكذلك منطقة الصناعات الثقيلة بوسط سيناء، فيما تشير خريطة الاستثمار الصناعى إلى أن عدد الفرص الاستثمارية المتاحة فى سيناء تصل لنحو 200 فرصة استثمارية منها 113 فرصة استثمارية فى شمال سيناء، و87 فرصة استثمارية بجنوب سيناء.

وتنقسم الفرص الاستثمارية فى شمال سيناء على 7 قطاعات صناعية يأتى على رأسها قطاع الصناعات الهندسية والإلكترونية والكهربائية بنحو 34 فرصة وقطاع الصناعات الكيماوية أيضا بنحو 34 فرصة، يليه قطاع الصناعات التعدينية واستغلال المحاجر والمناجم بنحو 31 فرصة، ثم المواد الغذائية والمشروبات والتبغ بنحو 17 فرصة، ثم الغزل والنسيج والملابس بنحو 14 فرصة، ثم الصناعات الطبية والدوائية بنحو 3 فرص وأخيرا الصناعات المعدنية الأساسية بفرصة واحدة.

بينما تتركز الفرص الاستثمارية التى أظهرتها خريطة الاستثمار الصناعى فى جنوب سيناء فى 6 قطاعات يأتى على رأسها الصناعات الكيماوية بنحو 19 فرصة، والهندسية والإلكترونية والكهربائية بنحو 18 فرصة، والغزل والنسيج بنحو 18 فرصة، ثم مواد غذائية ومشروبات وتبغ بنحو 11 فرصة، ثم الصناعات التعدينية واستغلال المناجم والمحاجر بنحو 3 فرص، وأخيرا الجلود بفرصة واحدة.

من جانبه قال رجل الأعمال محمد فريد خميس رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، إن هناك تحرك جاد لدى الدولة لعمل التوازن بين جهود الدولة الأمنية لمحاربة الإرهاب وعمل تنمية اقتصادية شاملة فى سيناء خاصة فى ظل تمتعها بالعديد من الثروات والموارد الهائلة، حيث تتسم بتوافر أكثر من 13 خامة تعدينية، مشيراً إلى أن هناك عدد من المشروعات التى يتبناها حاليا لتنمية سيناء تتضمن إنشاء مجمع صناعى يضم 128 مصنع باستثمارات 35 مليون جنيه، وكذلك إنشاء شركة قابضة لتنمية سيناء برأسمال مليار جنيه وتدعيم الصناعات الحرفية واليدوية البدوية لأهالى سيناء من خلال مؤسسة محمد فريد خميس لتنمية المجتمع.

أضاف أنه من المقرر أن يلتقى المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، لاتخاذ العديد من الخطوات التفعيلية لتنفيذ تلك المشروعات، منوها أنه سيقوم بشكل شخصى للتبرع بنحو 20مليون جنيه لصالح مبادرة تنمية سيناء لدى صندوق تحيا مصر والذى خصص خلال الأسبوع الماضى حساباً تحت اسم «سيناء غالية علينا» لتمويل مشروعات التنمية هناك.

تابع خميس أن اجتماعه مع مجلس الوزراء سيتضمن أيضا بحث آليات تخصيص الأرض اللازمة لإنشاء المجمع الصناعي، مشيراً إلى أن سيناء تمتلك العديد من الموارد التى تؤهلها لقيادة حركة الاستثمار.

طالب بضرورة التحفيز على إقامة مشروعات تعتمد على الغاز الطبيعى خاصة عقب بدء تشغيل حقل ظهر مؤخراً والذى يُعد أحد أكبر الاكتشافات الغازية على مستوى العالم، داعياً القطاع الخاص المصرى للاستجابة لدعوة الرئيس لمساندة خطط تنمية سيناء وتحريك رؤوس أموالهم تجاهها خلال الفترة المقبلة.

أضاف خميس أن الاتحاد ينتظر الحصول على التراخيص النهائية اللازمة لبدء إجراءات إنشاء شركة قابضة برأسمال مليار جنيه لعمل عدد من المشروعات التنموية هناك وطرحها للاكتتاب العام أمام المواطنين خاصة من أبناء سيناء.

وقال محمد خميس شعبان رئيس جمعية مستثمرى أكتوبر ورئيس لجنة سيناء باتحاد المستثمرين، إن هناك توافق بين الدولة والقطاع الخاص على ضرورة أن تشهد المرحلة المقبلة وجود تعاون مشترك بين الجانبين لتنفيذ العديد من مشروعات التنمية الصناعية فى سيناء، منوهاإلى أن الاتحاد يجرى حاليا إعداد تقرير تفصيلى حول المشروعات التنموية المقترحة ليتم رفعه لرئاسة الجمهورية لبحث تنفيذها خلال الفترة المقبلة.

أشار إلى أن أبرز التحديات التى لا تزال تواجه فرص الاستثمار داخل سيناء هو ندرة الأراضى الصناعية المرفقة بها خاصة بمنطقة بئر العبد الصناعية.

تابع أن هناك تحديات أخرى لا تزال تواجه خطط الاستثمار الصناعى هناك تتمثل فى صعوبة توفير التمويل اللازم لإقامة المشروعات هناك خاصة فى ظل تنامى المخاطر هناك وتخوف البنوك من تحمل ذلك، مطالباً الحكومة بضرورة إتاحة العديد من الحوافز التشجيعية للمستثمرين وإلزام القطاع المصرفى بعمل برامج مخصصة لمشروعات التنمية المستدامة فى سيناء.

وإتفق معه رجل الأعمال جمال الجارحى رئيس مجموعة الجارحى للصلب، مشيراً إلى أن هناك ضرورة ملحة للإسراع فى تطبيق نظام إنشاء المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة داخل سيناء لما لها من حوافز وتيسيرات يحتاجها المستثمرون سواء المصريين أوالأجانب، بالإضافة إلى ضرورة تخصيص الأراضى الصناعية بأسعار رمزية على غرار ما يتم تطبيقه حالياً بمحافظات الصعيد.

وأصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال عام 2015، قرارا بقانون رقم 95 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012 بشأن التنمية المتكاملة فى شبه جزيرة سيناء، والذى نص على معاملة بعض المناطق وفق شروط خاصة كمناطق اقتصادية، كما جاء قرار الرئيس السيسى بتطبيق قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة الصادر عام 2002، وتعديله الصادر عام 2015 على هذه المناطق.

تابع الجارحى أن القطاع الخاص المصرى لديه استعداد للمشاركة بشكل فعلى فى خطط الاستثمار الصناعى داخل سيناء باعتبار أن ذلك يُعد أحد الحلول الحاسمة لمواجهة الإرهاب شريطة أن تعلن الدولة خريطة واضحة بفرص الاستثمار المتاحة هناك والحوافز المقترحة لاستقطاب المستثمرين، مشددا أيضا على ضرورة أن تتضمن تلك الحوافز على إعفاءات ضريبية لمدد زمنية تصل لنحو 10 أعوام حتى تتمكن المشروعات من تحقيق العائد المرجو منها.

ويرى عمرو السجينى رئيس الجمعية المصرية لشباب الأعمال، أنه لا يمكن الحديث عن خطط تنمية سيناء دون النظر لحل حاسم لمشكلة ندرة الأراضى الصناعية المرفقة هناك خاصة وأنها مثلت تحديا رئيسيا أمام كافة تجارب الاستثمار والتنمية هناك، مشيراً إلى ضرورة أن تعمل كافة أجهزة الدولة وشركات التطوير الصناعى على إتمام خطط تطوير البنية التحتية اللازمة للمستثمرين والتى قطعت الدولة شوطاً كبيراً بها على مدار الأعوام الأربعة الماضية.

فيما اقترح الدكتور محرم هلال رئيس مجموعة سوبريم القابضة، إنشاء شركة جديدة على غرار الشركة الوطنية للاستثمار فى سيناء والتى أسستها الدولة عام 2016 تتولى مسئولية تشغيل أبناء سيناء وتدريبهم على حماية وتأمين الفرص الاستثمارية والمشروعات هناك وأن يكون ذلك بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية بالدولة، منوها أن ذلك الإقتراح سيتيح إمكانية خلق فرص عمل جديدة لأبناء سيناء وكذلك مساعدة الجهود التى يبذلها القوات المسلحة ووزارة الداخلية لمحاربة الإرهاب وفرض الأمن هناك.