«الآثار» عن مطالبات كشف بنود «كنوز الفرعون الصغير»: لا تنشر إلا على الجهات السيادية

كتب: سمر النجار الخميس 01-03-2018 12:15

بين مؤيد ومعارض، لا يزال الخلاف في الحقل الأثري محتدما حول نقل 166 قطعة أثرية من المجموعة الملكية الخاصة بالملك توت عنخ آمون، لعرضها ضمن فعاليات معرض يقام في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية في 23 مارس المقبل، تحت عنوان «كنوز الفرعون الصغير»، تطوف بعدها، ولمدة 7 سنوات، دولا أجنبية.

فبينما يدافع المؤيدون عن المعرض، مؤكدين على أن الهدف من إقامته لا يكون ماديا فقط، بل يهدف إلى الدعاية والترويج للسياحة المصرية وآثارها وعودتها مرة أخرى إلى البلاد، «خاصة أن القطع المتفق على عرضها مكررة» على حد قولهم؛ اعتبر المعارضون أن بنود الاتفاق مجحفة للطرف المصري تماما، ولا ترقى لقيمة الآثار المصرية التي لا تقدر بمال، فضلا عن مخاوف السرقة أو التلف، خاصة بعدما أعلنت وزارة الآثار عن أن حصيلة الدخل المتوقعة من المعرض تصل إلى نحو 50 مليون دولار، فيما تصل القيمة التأمينية لمقتنيات الفرعون الصغير إلى نحو 600 مليون دولار.

وانتقدت مصادر مطلعة بوزارة الآثار، رفضت ذكر اسمها، بنود الاتفاق التي تمت لسفر «توت عنخ آمون»، قائلة إن القطع الهامة المسافرة معرضة إلى التلف أو السرقة.

وأشارت المصادر إلى أن «وزارة الآثار قد تكون تناست ما تعرضت له الآثار التي تم عرضها في الخارج، فعلى سبيل المثال معرض البحث عن الخلود الذي أقيم في الولايات المتحدة عام 2002 حصلت مصر على 53 ألف دولار تعويضات، وفى معرض الفراعنة بإيطاليا، حصلت مصر على تعويضات 375 ألف دولار، وفى معرض الفراعنة بأسبانيا عام 2004 حصلت مصر على تعويضات 400 ألف يورو، وفى معرض الآلهة المقابر حول العالم بفرنسا حصلت مصر على تعويضات 500 ألف يورو، وهو بعض من كثير من التعويضات التي حصلت عليها مصر نتيجة تلف أو فقد لقطع من المعروضات التي لا تقدر بثمن».

وأضافت المصادر أن عرض قطع آثرية من تراث مصر خارج أراضيها، وسط حراسة لشركة أجنبية خاصة دون أدنى ولاية أمنية مصرية، يعتبر تخليا واضحا عن ملكية الشعب المصري لهذه الآثار. وتسائلت المصادر: لماذا نذهب للسائح في بلده بما نملك، وننساق إلى المقولة التي تدعى أن تلك دعاية كبرى لمصر تجذب إليها السائحين، بينما معارض المستنسخات تجلب لمقيميها أضعاف ما تجلبه معارض القطع الحقيقية، وتمثل ثروة جاذبة للسياحة في مصر لرؤية القطع الأصلية.

فيما ذكرت «الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار» أن وزارة الآثار أعلنت عن اسم مالك الشركة Premier Exhibitions جون نورمان، المسؤول عن معرض توت عنخ أمون، المقرر سفره لأكثر من ولاية وأكثر من بلد، موضحة أن خط سيره سيكون من 22 مارس 2018 إلى 30 نوفمبر 2024 مركز كاليفورنيا للعلوم بلوس أنجلوس، قاعة لا فيليت الكبرى بباريس، قاعة ساتشي للفن بمدينة لندن، متحف سمسونيان بمدينة واشنطن، المتحف الأسترالي، المتحف الوطني بمدينة سيول، معهد فرانكلين فلاديفيا، متحف فيلد بشيكاجو، مركز موراي للفنون بمدينة طوكيو، متحف أوساكا للفن بمدينة أوساكا.

وأكدت الحملة على أن قانون رقم ٣ لسنة ٢٠١٠ لحماية الآثار، المادة 5 أقر عدم التعامل إلا مع المتاحف أو المعاهد الدولية، ولذلك التعاقد مع شركة خاصة هو مخالفة صريحة للقانون، وهذه الشركة هي شركة ملكية خاصة، غير مطروحة في البورصة الأمريكية، ولايعرف من هم شركاء جون نورمان.

وطالبت الحملة وزارة الأثار بتأكيد أو نفي صحة معلومة أن هناك ١٠٠ محاضرة سوف تلقى على مدار الـ٧ سنوات، تصل قيمتها إلى مليون دولار، وليست مدرجة في العقد المبرم مع وزارة الآثار، وذلك لتفادي أي لغط مستقبلا عن أن أي فساد مالي وإداري أو كسب غير مشروع قد ينتج عن هذا الموضوع.

وتساءلت الحملة أيضا عن من سيتحمل مصاريف سفر الصحفيين والنواب المرافقين لوزارة الأثار، وهل سيكون من ضمن الـ٥٠ مليون أم من ميزانية الشركة، على حد قولها.

وأشارت الحملة إلى أن شركة المدعو «جون نورمان» قامت بعمل معرض سابقا يسمى “Quest of Immortality”، وخلاله سرقت قطعة من لعبة السنت الفريدة بالمتحف المصري، وتم عمل المحاضر المسجلة في أرشيف المتحف المصري ودفعت الشركة تعويض هزيل للمجلس الأعلى للآثار آنذاك.

وأكدت الحملة على أن دخل هذه الشركة من التذاكر وبيع الهدايا التذكارية والمحاضرات، خلال الـ٧ سنوات المقبلة، لن يقل عن ٥٠٠ مليون دولار، سيدخل منها لوزارة الأثار ٥٠ مليون دولار فقط، وهذا يعد طرح مجحف جدا للتراث المصري القديم.

وأوضحت الحملة أن العائد المادي، كما قالت وزارة الأثار على لسان أمينها العام، في تصريحات صحفية سابقة تفسيرا للسعر المتدني الذي تم التعاقد عليه لمده ٧ سنوات، إن السعر ليس المرجو من هذا المعرض وإنما الهدف هو التنشيط السياحي، وقالت الحملة: نذكر وزارة الآثار أنها وزارة للآثار، وليست للسياحة، ونشأت للحفاظ على الموراد الأثرية والتراثية لمصر أولا بالأساس، موضحة أنه من الممكن تنشيط السياحة بشكل كبير من خلال معارض المستنسخات والقطع الأصلية المكرره لمدد قصيرة، وتحسين جودة الزيارات الأثرية من خلال إدارة المواقع بشكل جيد وليس من خلال إرسال المعارض التي تحتوي على قطع توت عنخ أمون الفريدة في مثل هذه المخاطر التي تم ذكرها.

واستغاثت الحملة مجددا بالرئيس عبدالفتاح السيسي والمحامي العام لنيابة الأموال العامة لحماية أثار توت عنخ أمون وحماية المال العام المصري.

ومن جانبها، طالبت مونيكا حنا، عضو الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار، وزارة الآثار بالإعلان عن بنود التعاقد لسفر مقتنيات توت عنخ آمون.

وقالت حنا في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم»: «نريد أن تخبرنا وزارة الآثار عن شخصية الموفد من وزارة المالية الذي كان يحضر التفاوض أثناء عملية التعاقد».

وأكدت حنا، على أن هناك بنود مخالفة واضحة وصريحة في المعرض المزمع إقامته، حيث أن كل الآثار المزمع سفرها متفردة نظرا لعدم وجود آثار مكررة لها لكونها آثار توت عنخ امون النادرة، ومنها على سبيل المثال ما يقرب من ٣٠٪ من الآثار الذهبية الخالصة للملك توت عنخ آمون.

وناشدت حنا وزارة الآثار بإثبات أن القطع الآثرية المسافرة يوجد منها قطع متكررة. وقالت حنا: «هل سيتم تأجيل افتتاح المتحف المصرى الكبير سبع سنوات حتى عودة هذه القطع؟ فضلا عن كيفية عقد مئوية اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون والآثار خارج مصر».

الوزارة ترد

على الجانب الآخر، قالت إلهام صلاح، رئيس قطاع المتاحف بوازرة الآثار، لـ«المصري اليوم»، إن أي رجل أعمال لابد وأن تتم دراسة تاريخ شركته، مؤكدة أن هذه الشركة الخاصة تعد الأولى في العالم لتنظيم المعارض الخارجية.

وقالت إن هذه الشركة لم يسبق لها أية شبهة، موضحة أن المتعاقد مع وزارة الآثار تعاقد من قبل على 3 معارض لم يتعرض أيا منهم إلى أي تلف، موضحة أن هذه الشركة تقدمت بخطاب ضمان حكومي، ومشددة على أن هذه الشركة لم يسبق لها أي شبهة.

وأكدت صلاح على أن المعارض السابقة لم تتعرض إلى ضرر يتعدى الـ1%، ويكون بمثابة التعرض للخدش أو الاحتكاك.

كما أكدت انه لا يوجد أي قطعة من آثار توت المسافرة من الذهب الخالص، موضحة أن من ضمن القطع أحجار كريمة وخشب مذهب، لافتة إلى أن هناك قطع أكثر ندرة وتفرد من مقتنيات هذا المعرض قد خرجت للعرض في الخارج من قبل.

وعن الإعلان عن تفاصيل العقد المبرم؛ قالت رئيس قطاع المتاحف إن هناك وثيقة، وهذه الوثيقة لا يتم نشرها إلا على الجهات السيادية لأنها في منتهى الخصوصية.

وفيما يتعلق بالـ100 محاضرة، قالت «صلاح» إن المُحاضر المقصود هنا هو عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق، الدكتور زاهي حواس، الذي له محاضرات دورية في أمريكا وغيرها من دول العالم سواء هناك معرض لوزارة الآثار أم لا.