قال المفكر الاقتصادى شريف دلاور إن الإصلاح الاقتصادى لن ينجح دون القضاء على البيروقراطية، مؤكدا أن التعويم أنقذ مصر من الإفلاس ولولاه لوصل سعر الدولار حالياً إلى 40 جنيهاً أو أكثر فى السوق السوداء.
وأضاف دلاور، فى الجزء الثانى من حواره لـ«المصرى اليوم»، أن الحكم على الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة لن يكون بالاقتصاد فقط، بل بمكافحته للإرهاب والنجاة من تفكيك الدولة، وطالب بأن تكون البورصة فى خدمة الاقتصاد وليس العكس، مؤكدا ضرورة فرض ضرائب على الأرباح قصيرة المدى.
وتابع أن قواعد التجارة الدولية مجحفة للدول النامية، وأنه على تلك الدول أن تعمل على تعديلها، لافتا إلى أنه لا يجب أن يتم رفع الدعم بشكل كامل عن الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل خصوصاً الدعم الغذائى عبر بطاقات التموين.. وإلى نص الحوار:
■ لماذا تنتقد النظام المالى العالمى؟
- رأينا من قبل أزمات مالية فى العالم فى 2002 و2008 وغيرها، وهناك بنوك وقعت فى أزمة كبيرة مثل «ليشمان برازر» فى ألمانيا، والسوق المالية فى العالم خطيرة ومن الممكن أن تحدث بها هزات ضخمة، لعل أبرزها قضية الـ«بيت كوين»، وهى عملة مبنية على تكنولوجيا «بلوك تشين» يعنى كتلة سلال، وهذه العملة الافتراضية تقع ضمن ما يعرف عالمياً بـ«كريبتو كارنسى» أى العملة المشفرة، وهى غير قابلة للتزوير، وعام 2009 أنشأ أحد الأفراد اليابانيين عملة افتراضية للتعامل سميت «بيت كوين» كانت قيمتها 6 سنتات أمريكى عام 2009، ووصلت فى نهاية 2016 إلى 788 دولارا، أما الآن فوصلت إلى 17 ألف دولار ثم انخفضت بعد ذلك، وطبقاً لتقنية «بلوك تشين» فإن هذه العملة من «بت كوين» كل حجمها 21 مليون عملة تم استهلاك قرابة 16 مليونا منها يتبقى حوالى 5 ملايين فقط، وتنتهى هذه العملة طبقاً لـ«بلوك شين» الذى لا يمكن اللعب فيه بواسطة قراصنة أو غيرهم عام 2040، والعرب ساهموا فى رفع قيمة «بيت كوين» بسبب المضاربات، ويلعب فى هذه العملة كثير من «صناديق التحوط»، التى تلعب على المضاربة فى العملات والبورصات، وأشهر صندوق يمتلكه المضارب العالمى المشهور «جورج سورس» الذى ضارب على العملة الإنجليزية عام 1992 وتسبب فى انهيارها مما أدى إلى استقالة «جون ميجر» رئيس الوزراء البريطانى، وبالتالى أطالب بأن تكون البورصة المصرية فى خدمة الاقتصاد المصرى وليس أن يكون الاقتصاد فى خدمتها وهنا يجب تفعيل القانون المؤجل منذ حكومة إبراهيم محلب بفرض ضرائب على الأرباح قصيرة المدى فى البورصة، والبورصة مهمة لزيادة استثمارات الشركات وتقييم أدائها، ولن نستطيع القضاء على المضاربة فى البورصة بنسبة 100% ولكن علينا أن نقلل حجم المضاربة بفرض ضرائب «توبن تاكس» نسبة الى الاقتصادى العالمى «جيمس توبن» الحاصل على جائزة نوبل، وتتراوح هذه الضريبة من 10 إلى 30%، وليس من المعقول أن نحصل على ضرائب من المنتجين الحقيقيين أصحاب المصانع ولا نحصل على ضرائب من المضاربين، هذه خطوات مهمة نحو الإصلاح الاقتصادى لتفادى هشاشة النظام المالى العالمى ولعبة صناديق التحوط.
■ ما الخطوات الأخرى للإصلاح الاقتصادى فى مصر؟
- مصر أصبح لها دور جيد على المستوى العالمى، وطورت هذا الأمر بزيارات الرئيس المتتالية للخارج، وكان لنا حضور قوى مع مجموعة «البريكس»، ولكن علينا أن نعمل على إعادة صياغة اتفاقيات التجارة الدولية فى منظمة التجارة الدولية لصالح الدول النامية، وعلينا أن نعمل مع شركائنا من الدول النامية داخل منظمة التجارة، لأن هذه الاتفاقيات ليست فى صالح الدول النامية ومنها مصر، ودورة الدوحة للتنمية التى بدأت فى 2001 وكان من المفترض أن تنتهى فى 2005 مازالت حتى يومنا هذا نتيجة الخلافات وخصوصاً الخلافات حول دعم الزراعة، فالقطن مثلاً لم نعد ننافس به خاصة بعد ضعف إنتاجه لأن هناك دعما كبيرا للقطن الأمريكى «البوما» بواسطة الحكومة الأمريكية، والزيوت النباتية فى مصر لا تعمل بكامل طاقتها بسبب الدعم الأوروبى القوى لهذه الزيوت فى بلدانهم، والبقرة على سبيل المثال فى دول الاتحاد الأوروبى تحصل على دعم يوازى دولارين فى اليوم، وقواعد التجارة الدولية مجحفة للدول النامية وعلينا أن نعمل على تعديلها، وأن نضع فى اعتبارنا أن يكون عام 2018 عام الحسم على المستوى الاقتصادى، ومطلوب أيضاً تعديل اتفاقية «التربس» الخاصة بالدواء، والهند وجنوب أفريقيا تطالبان بتعديلها وهى التى تحفظ حق الحياة وحق الربح.
■ ما التحديات التى تواجه مصر على المستوى الاقتصادى خلال الفترة المقبلة؟
- هناك 10 تحديات مهمة، أولها إقامة اقتصاد معرفة مبنى على التكنولوجيا وتحديث قاعدتى الصناعة والزراعة فى مصر، وكذلك لدينا مشكلة مع إثيوبيا فى المياه، وعلينا الترشيد فى استخدامها وترشيد استخدامات الطاقة وكذلك ترشيد استخدام العوامل والمخلفات بإعادة تدويرها بطرق سليمة، والاتجاه نحو تطوير السلالات النباتية الزراعية والاتجاه نحو سلالات أكثر إنتاجاً وجودة قادرة على المنافسة، فعلى مصر أن تطبق خلال السنوات المقبلة ضريبة الكربون أى الانبعاثات الكربونية التى تخرج من المصانع لدفع المستثمرين للاتجاه نحو الطاقة الصديقة للبيئة، وعلينا الاتجاه نحو اللامركزية والبعد عن البيروقراطية وإيجاد آلية لدمج القطاع غير الرسمى الذى يقدر بحوالى 40% من الاقتصاد داخل عباءة الدولة لأن هذا القطاع لا يكره فرض الضرائب ولكن يكره المعاملات الضريبية، لذلك صندوق النقد طلب تطوير الإدارة الضريبية فى مصر، والمصرى مبدع وخلاق لذلك لا ينتظر العمل فى القطاع الرسمى بل يخرج للعمل فى القطاع غير الرسمى، ويريد أن يعمل ويجتهد على العكس مما يردده البعض، فمثلا لا يوجد فى العالم توصيل طلبات الدليفرى طوال 24 ساعة فى اليوم، وأى مستثمر أجنبى مقتنع أن أكثر دولة فى العالم يستطيع الحصول فيها على خدمات طوال 24 ساعة هى مصر، هذا يعنى أن الناس تريد العمل لأن عمل المصرى جزء من حضارة 7 آلاف عام التى من مقوماتها الحياة الكريمة للفرد وأسرته نتيجة عمله، الصعايدة يتركون بيوتهم ويسافرون للعمل والاجتهاد، فمن بنوا دول الخليج هم الصعايدة المصريون وكذلك الساحل الشمالى المصرى، والمرأة الريفية التى تأتى للخدمة فى المنازل لكى توفر أموالا لزواجها أو تساعد أسرتها، هذا هو الشعب المصرى الذى يعمل من أجل حياة كريمة، لذلك أقول دائماً إنه على أى قيادة فى كل المؤسسات أن تطلق طاقات المصرى، وكذلك ضمن التحديات التوازن بين رأس المال والقوى العاملة وهنا يأتى دور النقابات وقانون العمل، فلابد من وجود نقابات قوية بالمفهوم الحديث داخل المؤسسات الكبيرة لخلق آليات للتفاوض الجماعى، ومنظمة العمل الدولية وضعتنا فى القائمة السوداء لحين تغيير قانون العمل وقوانين النقابات، وهنا يجب تغيير مفهوم دور وزارة القوى العاملة، لتساعد فى تقييم الوظائف وتوصيفها كبيت خبرة، وتساعد فى حصر البطالة بشكل دقيق، ووضع معايير للوظائف والمرتبات.
■ كيف يمكن مواجهة معظم هذه التحديات؟
- هناك أمور كثيرة يجب التغلب عليها، مثل تطبيق العدالة الانتقالية والدستور ينص على ذلك، كما أن هناك دائرة متسعة للفقر الخبيث فى مصر يجب القضاء عليها، والفقر الخبيث هو وجود 3 أجيال من نفس العائلة فقراء، إذا نجح جيل من هذه الأجيال فى النجاح وتطوير مستوى معيشته يكون كسر هذه الدائرة، والحل يكمن فى جودة التعليم والصحة المجانيين خصوصاً عند الأطفال.
الاقتصادى الكبير الحاصل على جائزة نوبل «أمارتيا سن» يعتبر مفهوم العدالة الاجتماعية هو مفهوم القدرات وليس تكافؤ الفرص فقط، فلا يصح أن نقيم الأشخاص ونقارنهم ببعضهم دون النظر إلى مستوى الخدمات التعليمية والصحية التى تلقوها، بل علينا أن نعطيهم تعليما وصحة ثم نطلقهم للعمل ثم نقيمهم حسب كفاءتهم، وأيضاً كسر دائرة الفقر يتم من خلال ضخ استثمارات أكثر وتطوير مهارات العاملين، وتشكيل طبقة وسطى عريضة، وفى معظم دول العالم نجد أن لديها طبقة غنية نسبتها بسيطة وكذلك الحال بالنسبة للطبقة الفقيرة، والباقى من الطبقة الوسطى العريضة، ولدينا ازدواجية متوحشة فى مصر، حيث توجد طبقات فى المجتمع لها مدارسها ومستشفياتها ووظائفها وشركاتها، ولدينا اقتصاد آخر بشركاته ووظائفه واستهلاكه فى فئة أخرى ضعيفة، وهنا الهدف هو اقتصاد الرفاهية لمصر، اقتصاد للجميع وليس لفئة، كما يجب أن نفكر جدياً فى مسألة الزيادة السكانية ووضع حد لها بشكل مؤقت لحين تأهيل الموارد البشرية التى تمتلكها مصر، ومن ضمن التحديات التحول إلى مجتمع غير نقدى لتقل تعاملات الكاش، واتخذت الدولة إجراءات جيدة فى هذا الاتجاه فيما يعرف بالشمول المالى، والمصريون أصبح لديهم وعى باستخدام الكروت البنكية وغيرها مثل بطاقات التموين الذكية، وكذلك يجب إنشاء جهاز مدنى للحرب الإلكترونية على غرار إدارة الحرب الإلكترونية فى القوات المسلحة، فالحرب الإلكترونية تشمل القطاع المدنى فى العالم كله، من الممكن أن يوقفوا مطارات وبنوكا عن الخدمة بسبب قرصنة إلكترونية ما فى أى لحظة، ومن التحديات الضرورية للغاية مواجهة أزمة المرور فى مصر والقضاء على الضوضاء، لأن كافة المستثمرين فى العالم ينظرون إلى هذه المسألة بجدية رغم أننا كمصريين قد نراها بسيطة، لأن فوضى المرور والضوضاء تؤثر على إنتاجية المواطن المصرى.
■ ونحن مقبلون على الانتخابات الرئاسية.. ما تقييمك لآداء الرئيس السيسى فى الجانب الاقتصادى خلال الفترة الماضية؟
- لايوجد فى العالم ناخب راضِ، ولكن خلال السنوات الأربع الماضية كانت هناك ظروف صعبة وقوية، كان لدينا ركود اقتصادى ومدخرات كبيرة فى البنوك بسبب الفوائد الكبيرة، وبناء عليه قام السيسى بتدوير عجلة الإنتاج فى المشروعات الكبرى، ولو لم يتم إتخاذ قرار تحرير سعر الصرف لأصبحنا فى كارثة ولوصل سعر الدولار حالياً إلى 40 جنيهاً أو أكثر فى السوق السوداء، وكانت البنوك ستتحطم، وكانت مصر ستعلن إفلاسها لعدم قدرتها على سداد التزاماتها الخارجية وديونها وفواتير الإستيراد والقمح، ولكن علينا أن ندرك أن الناس ستحكم على الرئيس السيسى فى الانتخابات القادمة ليس بالمفهموم الاقتصادى فقط، بل بمفهوم مكافحته للإرهاب والنجاة من تفكيك الدولة.
■ ألا ترى أن المواطن المصرى البسيط دفع ثمناً باهظاً لبداية الإصلاح الاقتصادى؟
- بالتأكيد، لأن التراكم الذى حدث فى السياسات فى عهود سابقة وعدم وجود قاعدة إنتاجية حقيقية للتشغيل والتصنيع والصادرات والاستيراد بكثرة وعدم وجود إنتاج محلى لتغطية السوق المحلية، كل ذلك أدى إلى تحويل المجتمع إلى أسرة كبيرة يعولها رب الأسرة بالاقتراض من الناس، عندما يموت هذا الأب تصبح الأسرة مديونة، وإذا نفذت الحكومة الإرشادات والنصائح التى نقولها وذكرت كثيرا منها فى هذا الحوار، سيشعر المواطن بتحسن الأحوال الاقتصادية تدريجياً بداية من 2018.
■ هل ترى أن برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادى ينتهى مع رفع الدعم بشكل كامل خصوصاً دعم المحروقات؟
- الإصلاح الاقتصادى الحقيقى سيتم فى 2018 إذا تعاملنا على كل جبهات الاقتصاد، وهذا لن يتم إلا بإصلاح الجهاز الإدراى للدولة، ووزيرة التخطيط تقوم بدور كبير فى هذا الإطار، وأى إصلاح اقتصادى لن ينجح دون القضاء على البيروقراطية فى مصر، ولا يجب أن يتم رفع الدعم بشكل كامل عن الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل خصوصاً الدعم الغذائى عبر بطاقات التموين، والسياسة الاقتصادية عبارة عن توازنات بحيث لا تدعم فى شريحة من الناس وتترك الطبقة المتوسطة فى العراء، لابد من خلق فرص عمل للشباب عبر خلق قاعدة صناعية حقيقية.
■ ولماذا ركزت الحكومة خلال الفترة الماضية على البنية التحتية والطرق والإسكان دون تطوير الصناعة؟
- لأن البنية التحتية كانت مدمرة ولا تصلح لإقامة صناعات مهمة واستثمار، ولكن علينا الآن أن نبدأ فى الإصلاح التكنولوجى فى مصر والاتجاه نحو ثورة تكنولوجية، لذلك عام 2018 لابد أن يكون عام حسم للانتقال من التصحيح إلى الانطلاق الاقتصادى، واستخدام التكنولوجيا يبعد المسافة بين الموظف ومتلقى الخدمة وهو ما لا يعطى مجالاً كبيراً للفساد، والفساد نوعان، الأول فساد كبير تحاربه الرقابة الإدارية برجال أكفاء وخبراء لايوجد فى الحكومة رجال بكفاءتهم، والفساد الصغير وهو مازال موجوداً ولولاه لتوقف الجهاز الإدراى للدولة لأن مرتب العاملين فى القطاع الحكومى لايكفى مع متطلبات الحياة، وهنا لا أبرره ولكن أشخص الواقع، ولن نقضى على الفساد الصغير إلا بالارتقاء بالعاملين من خلال اللامركزية من خلال حق التمويل والتشريع المحليين، بألا تكون المحافظات الغنية عبئاً على الدولة، وهو ما يعطى نوعاً من الاستقلالية للمحافظات فى تدبير مواردها، ونتيجة لظروفنا الحالية يتم تعيين المحافظين بواسطة رئيس الجمهورية، وأقترح أن يتم الاستفتاء على المحافظ فى نطاق محافظته بعد مرور 4 سنوات على وجوده فى منصبه، ليحدث توازن بين السلطة الشعبية والتنفيذية لحين الاستقرار على نظام لانتخاب المحافظين من الأساس، ولدينا محافظات فقيرة لابد أن تحصل على إعانة سد عجز، على أن تحصل الحكومة المركزية على جزء من أموال المحافظات الغنية تمنحه للفقيرة.
■ ما الطريق الأنسب لإصلاح الجهاز الإدارى للدولة من وجهة نظرك؟
- حق التمويل والتشريع المحليين سيمنح هذا الدور للمحافظات، لدينا 6 ملايين موظف نصفهم فى المحليات فى المحافظات، لو أصبحت المحافظات بلا مركزية ستتحمل الدولة المركزية نصف مرتبات هؤلاء الموظفين فقط، من الـ 6 ملايين هناك 2 مليون يعملون فى الفراشة وطبع المستندات وتوصيل الأوراق والأسانسيرات، يجب أن يتحولوا إلى شركات يساهمون فيها أو ينضمون لشركات خاصة، والمعاش المبكر حل وتأهيل هؤلاء الناس حل آخر، بحيث لا يصبحون عبئاً على خزينة الدولة دون إنتاج مناسب.
■ هل تتفق مع ما يتردد من أن صندوق النقد الدولى هو ما يتحكم فى الاقتصاد المصرى حالياً؟
- مصر شاركت فى تأسيس صندوق النقد والبنك الدوليين بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت لنا تجارب سيئة مع البنك الدولى عندما رفض تمويل السد العالى، ولجأ عبدالناصر إلى تأميم قناة السويس، وكان الهدف من البنك الدولى الضغط على السياسة المصرية فى هذا الوقت، وهناك فارق بين البنك والصندوق، فالبنك الدولى لإنشاء المشروعات وصندوق النقد لعلاج الموازنة، ويتم اختيار رئيس البنك الدولى عن طريق الولايات المتحدة، لكن صندوق النقد يجب أن يكون رئيسه من الاتحاد الأوروبى، وعندما تولى «ستراوس كان» مسؤولية صندوق النقد الدولى، وهو فرنسى من مؤسسى الحزب الاشتراكى هناك، عدل كثيراً من مفاهيم الصندوق، ثم جاءت كريستين لاجارد وهى فرنسية تعلمت فى المؤسسات الأمريكية، وحدث توافق واشنطن بين صندوق النقد والبنك الدولى ووزارة الخزانة الأمريكية، ونص على أن أى إصلاح اقتصادى يجب أن يكون به تدخل حكومى للتقشف فى السياسات وحرية التجارة وفتح المجال التجارى بالكامل والخصخصة بالكامل، والصندوق لم يفرض علينا شيئا فى القرض الأخير، نحن قدمنا برنامجا وافق عليه الصندوق، ولم يفرض علينا شيئا ولم يتحكم فينا، لو كنا نفذنا خطة إصلاح اقتصادى وصناعى وزراعى منذ 10 سنوات مضت لما احتجنا الآن إلى قروض من صندوق النقد، ولكن الآن ليست لدينا خيارات أخرى، ولا أرى أن قرض صندوق النقد يضر مصر فى شىء، وساهم بشكل كبير فى زيادة الاحتياطى الأجنبى فى البنك المركزى.
■ ألا ترى أنه من الخطأ أن نتحدث عن احتياطى نقد أجنبى دون ذكر الديون؟
- بالتأكيد، لأن جزءاً لا يستهان به من النقد الأجنبى فى البنك المركزى عبارة عن ودائع ومنح وقروض، والحل فى صنع موارد بديلة للنقد الأجنبى بعيدة عن الاقتراض، وأيضاً لنقلل فوائد الدين الخارجى، ومن المتوقع زيادة الاحتياطى خلال 2018، ولابد أن تكون هناك شفافية.
■ ألا تؤثر العمليات الإرهابية فى مصر على الاقتصاد؟
- الإرهاب موجود فى فرنسا ولكنه لا يؤثر على الاقتصاد لأن فرنسا لديها قاعدة إنتاجية قوية تعتمد على موارد محلية أكبر من الأجنبية، هى دولة لديها شركات عملاقة تنتج آلاف السلع الكبيرة والصغيرة، وبالتالى لا تتأثر، لكن بالنسبة لمصر أى حادث إرهابى سيؤثر بشكل كبير لأننا نعتمد «الاقتصاد الريعى» غير المنتج، فبالتأكيد تتأثر السياحة وتحويلات المصريين فى الخارج بأى حادث، لذلك القضاء على الإرهاب فى المرحلة الحالية أهم شىء.
■ ألا توجد بدائل لدى الحكومة لتمويل التنمية دون المساس بجيب المواطن؟
- الحصول على أموال من المواطن مقابل تحسين الخدمات مثل زيادة سعر تذكرة المترو صحيح من الناحية الاقتصادية، لكننا ننظر لها من الناحية الاجتماعية، ويجب النظر إلى المعاقين ومحدودى الدخل إذا ثبت ضعف دخلهم وأصحاب المعاشات، كل هذه الفئات على مستوى العالم لهم كارنيه يحصلون على كل الخدمات بنصف الثمن أو مجاناً، وهناك دور على النقابات العمالية والمهنية فى مساعدة هذه الفئات، أما الباقون فيجب أن يدفعوا ثمن الخدمة، وفى أى حال المواطن مستعد لثمن الخدمة لكنه ليس مستعداً لدفع ثمن عدم كفاءة هذه الخدمة.
■ تحدثت عن إدخال التكنولوجيا فى التصنيع لإخراج منتجات حديثة وذات جودة.. هل ترى أن المحمول «سيكو» مثال لأنماط الإنتاج المستهدفة؟
- هذا الموبايل هو منتج تكنولوجى، وليس بالضرورة أن يكون المصنع الخاص به استخدم مكونات وآلات تكنولوجية كبيرة فى التصنيع أو فى الجهاز نفسه المهم قدرتنا على الابتكار عبر المراكز البحثية تعوقها اللوائح البيروقراطية فى مصر، يجب أن تكون المراكز البحثية مستقلة بلوائحها المالية والإدراية، ويجب أن يتعاون القطاع الخاص والصناعات فى الأبحاث، الصناعة فى كل دول العالم لها دور فى الأبحاث.
■ هل المشروع النووى فى الضبعة يؤثر على الناحية الاقتصادية بالإيجاب؟
- منذ 30 عاماً أطالب بالاتجاه نحو الطاقة النووية، وعندما حدثت كارثة تشرنوبل تراجع الرئيس الأسبق حسنى مبارك عن الفكرة، لكن المفاعلات حالياً بها أمان كبير للغاية، ومصر مؤهلة بكفاءاتها للتعامل مع هذه التكنولوجيا، ووزارة الكهرباء بها احتراف كبير، وأرخص أنواع الطاقة هى طاقة المياه مثل السد العالى الذى تخصص كهرباؤه لمشروع «كيما» وألومنيوم نجع حمادى وهى مشروعات ليست ذات جدوى، ولا يمكننا الاتجاه نحو الطاقة الشمسية بشكل كبير فى الوقنت الحالى لأنها مكلفة للغاية بالمقارنة بعدد الكيلووات التى تنتجها.