فرنسا: ماكرون ونيسن وضعا اللمسات الأخيرة لردع الأخبار الكاذبة

كتب: مروان ماهر الخميس 15-02-2018 23:36

قدمت وزيرة الثقافة الفرنسية، فرانسواز نيسن، خطتها لمكافحة رواج الأخبار الكاذبة. وقد جعل الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي استهدفه هذا النوع من الأخبار خلال حملته الانتخابية، هذه المسألة من أولوياته.

ووفقًا لقناة «فرنسا 24»، فإن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ووزيرة الثقافة، فرانسواز نيسن، وضعا اللمسات الأخيرة لمشروع مكافحة الأخبار الكاذبة على الإنترنت. وقدم مشروع القانون من أجل مصداقية وموثوقية المعلومة، للناشرين الإعلاميين، ويهدف إلى نفض الغبار عن الترسانة القضائية الموجودة لتتأقلم مع العهد الرقمي.

يتضمن هذا المشروع التزامات جديدة لفيسبوك وتويتر ووسائل التواصل الاجتماعي عمومًا، ونفوذًا أكبر للمجلس الأعلى للسمعي البصري، وإمكانية رفع دعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة خلال فترة انتخابية.. فلا يريد الرئيس الفرنسي أن تتكرر مستقبلاً حملات تضليل إعلامي مماثلة للتي طالته خلال الحملة الانتخابية في 2017.

وخلص ماكرون إلى أن الأحكام الموروثة عن قانون 1881 حول حقوق الصحافة، الذي حدد حرياتها ومسؤولياتها، لا تكفي. فبالنسبة لهذا النص الأساسي، تتمثل جنحة «الخبر الكاذب» في نشر معلومات خاطئة «عبر الصحافة أو أي وسيلة نشر أخرى» تعريفًا يبقى غير دقيق وعاجزًا عن الإشارة إلى التغريدة الكاذبة أو الفيديو الخادع أو الذي يحمل فيروسات. ويكمن بذلك المشكل في قانون «غير متأقلم مع الحياة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تميزها سرعة النشر وسهولة تحول أي كان إلى ناشر»، حسب أنطوان شيرون محامي مختص في حقوق التكنولوجيات الإعلامية الحديثة.

وستتيح الإجراءات الجديدة إنزال العقاب قبل فوات الأوان واستهداف الحسابات الوهمية (ميزت تويتر في روسيا) والمقالات الكاذبة على الإنترنت، على حد سواء.

وستولى أهمية خاصة لهذا الملف خلال الفترات الانتخابية. ويقول المحامي الفرنسي «يستهدف القانون الجديد قناتين: الأولى تتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي على غرار فيسبوك والثانية في وسائل الإعلام الخاضعة لتأثير قوة أجنبية- وبالأساس روسيا».

لذلك ولمدة خمسة أسابيع قبل اقتراع ما، سيتاح للمجلس الأعلى للسمعي البصري «تعليق وسيلة إعلامية خاضعة لتأثير» جهة ما، ويعني ذلك سحب ترخيص موقع إلكتروني أو تليفزيون مقرب من حكومة ويبث أخبارًا خاطئة. سيكون لـ«جندي» الإعلام أيضًا حق أن يطلب من منصات على غرار يوتيوب وفيسبوك، نشر أسماء داعمي مقالات أو حملات على الإنترنت بهدف التأثير على تصويت استنادًا إلى براهين كاذبة. وسيفرض على هذه المواقع كشف المبالغ المالية التي أنفقت على حملات التضليل.

وبنفس الهدف، أي سرعة رد الفعل، يمكن لأي «شخص معني» بأن يرفع دعوى لدى قاضي الأمور المستعجلة لإيقاف انتشار الأخبار الكاذبة التي تروج بصفة «مكثفة واصطناعية». لكن يبقى هذا الإجراء خاضعًا لشرط فيؤكد أنطوان شيرون «يجب على القاضي أن يحدد ليس فقط أن الخبر خاطئ، بل وإثبات سوء نية الشخص الذي نشره وإظهار صفة (الإخلال بالأمن العام)، وهو أمر ليس هينًا».

وأولوية هذا النص الذي قدمته فرانسواز نيسن هي إمكانية إنزال العقوبة بسرعة البرق، ما أثار العديد من التحفظات. فخلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية واستفتاء البريكسيت، استوفت التحقيقات وقتًا طويلاً لتكشف بدقة تضافر جهود منسقة للتأثير في الاقتراع عبر كمية كبيرة من المعلومات المغالطة. فمشروع القانون الفرنسي يدفع القضاة والمجلس السمعي البصري إلى دق الحديد وهو حام.

وينبه شيرون من مآخذ هذا الوضع «فالعاجل يستطرد العاجل والبحث عن الحقيقة يصبح ثانويًا». وقد تحمل هذه النزعة على إنزال العقاب أولاً لتفادي الغليان الإعلامي حول خبر كاذب محتمل، والتفكير بعدها.

ولا تقتصر الضغوط التي قد تؤدي إلى هذه الصورة على العجلة فقط. فالتدبير الجديد يمنح المجلس الأعلى للسمعي البصري وللقضاة حق الحياة والموت على المعلومة. ويرجع لهم القرار في تحديد ما إذا كان محتوى مقال ما صحيحًا أو خاطئًا.

بعض الحالات السابقة، على غرار مقالات خلال الانتخابات الأمريكية تدعي تورط هيلاري كلينتون في فضيحة جنسية، داخل محل بيتزا في واشنطن، تظهر أن محاولات التلاعب تتخذ أحيانا شكلا هزليا. لكن حين تكون الحملات دقيقة، قد يبدو قرار المجلس السمعي البصري تعليق قناة عبثيا. كل هذه الأسئلة ستثار مجددا في الأشهر المقبلة لأن فرانسواز نيسن أكدت أن وسائل الإعلام ستستشار في هذه القضايا مع إمكانية إدخال تغييرات محتملة على مشروع القانون حتى التوصل إلى نص يرضي الجميع في حدود صيف 2018.