نحن أمام جريمة من «نوع احترافى»، جريمة خطط فيها المتهمان بـ«دهاء» لكل شىء ليخفيا ما فعلاه، ونجحا فى ذلك لمدة 4 شهور كاملة بدأت فى نهاية العام الماضى وبالتحديد فى 30 ديسمبر 2010، وتوصل رجال المباحث إلى المتهمين بـ«زلة لسان» من المتهمة الرئيسية أمام زوجة والد القتيل.
المتهمة «37 سنة» وشريكها موظف «34 سنة».. وجمعهما «الحرام» لمدة 5 سنوات كاملة.. والقتيل هو الزوج «48 سنة».. القتل حدث فى شقة بالهرم، وإخفاء الجثة تم فى الكيلو 102 بطريق مصر ــ إسكندرية الصحراوى.. تركا سيارة القتيل خلف عمارات زهراء مدينة نصر ووضعا بها قميص نوم وزجاجات بيرة وأدوات ماكياج ــ بين المكانين مسافة تصل إلى 250 كيلومتراً ــ الفراش الذى وقعت عليه الجريمة وبه دماء القتيل نقله المتهمان إلى شقة خاصة به فى الإسكندرية ــ على مسافة 290 كيلومتراً من مسرح الجريمة ومسافة 190 كيلومتراً من إخفائها.
المتهمان سقطا بعدما يزيد على 100 يوم من ارتكاب الواقعة.. تخللتها أحداث وغياب أمنى وفوضى.. وانتهى «المطاف» بـ«المتهمين» أمام مدير نيابة حوادث جنوب الجيزة هشام حاتم، الذى انتقل ومعه وليد مدحت، سكرتير التحقيق، إلى مكان الجريمة وإلى مكان الدفن وإخفاء الجثة وإلى مكان ترك السيارة وإلى الإسكندرية، حيث عينة من دماء القتيل، ووجه المحقق للمتهمين عدة اتهامات بينها القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.. وإخفاء الجثة وسرقة متعلقات الضحية وقرر حبس المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيق جددها قاضى المعارضات 15 يوماً، والبحث مازال جارياً عن جثة القتيل. جرت التحقيقات بإشراف المستشار مجاهد على مجاهد، المحامى العام لنيابات جنوب الجيزة.
المشهد الأول: البداية فى شارع العمدة بالوراق.. ميكانيكى يدعى عادل موسى «48 سنة» يعيش مع زوجته «37 سنة»، ومعهما ابناهما الطفلان.. قصة حب أو علاقة غير مشروعة جرت بين الزوجة وجارها الموظف «34 سنة» بدأت منذ 5 سنوات.
المشهد الثانى: والذى تكرر كثيراً: الميكانيكى القتيل.. ينتقل من منطقة إلى أخرى وبصحبته زوجته وابناه.. أيام قليلة وتجد الجار يلاحقهما.. لا تعرف كيف يعثر على شقة فى العمارة نفسها التى تسكن بها «صديقته» وزوجها.. مرة فى أوسيم.. وأخرى فى بولاق الدكرور وثالثة وأخيرة فى شارع الطوابق التابع لدائرة قسم الهرم.. فى كل مرة يتغير السكن، والعلاقة لا تتوقف.. يخرج الزوج إلى عمله وتصعد الزوجة إلى صديقها.. الشك وصل إلى قلب الزوج وجاء الطلاق قبل أن يرد زوجته إليه.
الخلافات لا تتوقف بين المتهمة وزوجها و«العلاقة الخاطئة» تستمر بينها وبين الجار..
المشهد الثالث: الآن 30 ديسمبر 2010.. نحن فى مسرح الجريمة.. فى شقة بالطابق الثامن بإحدى العمارات فى شارع الطوابق، المتهمة تجلس وبجوارها طفلاها «11سنة» و«9 سنوات».. الزوج القتيل يأتى من عمله.. أثناء تناولهما الطعام.. تبادره الزوجة: «طلقنى».. يرد بهدوء.. «أطلقك علشان تبقى لوحدك مع صاحبك».. ترد عليه: «طلقنى علشان انت.... ».. ويعلو صوته: «لا ده انتى اللى.... و.... ».. تحدث مشاجرة.. ويعلو الصوت ويتجه الزوج إلى غرفة نومه.. المتهمة تدخل خلفه وبيدها سكين.. وتسدد له طعنتين نافذتين فى الصدر ليسقط غارقاً فى دمائه ويلفظ أنفاسه.
المشهد الرابع: «الصديق أو العشيق» فى مكان قريب من مسرح الجريمة.. وتحديداً فى شارع فيصل.. تتصل به المتهمة.. انت فين.. تعالى أنا لوحدى.. ينطلق المتهم إلى هناك.. وأسفل العمارة يتصل بها.. أطلع ازاى وعربية جوزك تحت العمارة.. ترد عليه.. هو مش هنا وعربيته عطلانة.. يرد عليها: وانا هطلعلك ازاى وهو موجود.
المشهد الخامس: تفتح الباب ويدخل «الصديق أو العشيق» وتقتاده دون مقدمات إلى غرفة النوم.. وتقول له: «خلاص.. خلصنا منه».. ويدور حوار قصير.. كيف نخفى الجريمة.. وازاى.. وهنعمل إيه.. دقائق وينطلق إلى الشارع ويشترى حقيبة جلد كبيرة.. ويضع بها بمعاونة الزوجة جثة القتيل.. ابنا الضحية يشاهدان الموقف ويصمتان. التحريات قالت إن الأم زرعت فيهما كرهاً لوالدهما وضرورة التخلص منه.
المشهد السادس: السيارة التى كان يستخدمها القتيل فى تحركاته وتحمل رقم «ع ل 4581 مصر» ملك منار «18سنة» طالبة جامعية، ابنة القتيل من زوجته الأولى.. السيارة بها الزوجة وصديقها والقتيل فى حقيبة جلد.. السيارة تتوقف عند الكيلو 102 بطريق مصر ــ إسكندرية الصحراوى.. هناك مدق جبلى.. تتجه السيارة يميناً لمسافة 150 متراً، وتبدأ عملية «الدفن وإخفاء الجثة».. على مسافة 110 كيلومترات من مسرح الجريمة.
المشهد السابع: المتهمة وصديقها فى طريق العودة بعد «الإخفاء».. يتجهان إلى منطقة الموسكى بوسط القاهرة.. الزوجة تشترى قميص نوم وأدوات ماكياج وزجاجات خمر وتلقى بها فى المقعد الخلفى فى السيارة.. وينطلقان إلى عمارات الزهراء الكائنة بالحى العاشر فى مدينة نصر.. يغلقان السيارة بإحكام.. ويفرغ المتهم الثانى الإطار الخلفى للسيارة ويسأله أيمن موريس «22 سنة»، المعين خدمة تأمين عمارات الزهراء: «يا أستاذ إيه اللى بتعمله».. ويرد المتهمان فى نفَس واحد: «احنا خايفين العربية تتسرق».
المشهد الثامن: المتهمان يعودان إلى مسرح الجريمة.. الزوجة تجمع أداة الجريمة وبطانية بها دماء القتيل.. وتعطيهما إلى المتهم وتقول له: «روح إسكندرية.. فى العنوان ده وادى المفتاح.. شقة القتيل هناك.. حط الحاجة دى وارجع.. وأنا هروح على قسم الهرم.. وابلغ عن المرحوم».. ينطلقان هى تقف أمام رئيس مباحث الهرم المقدم مدحت فارس وتقول: أنا عايزة أعمل بلاغ.. جوزى راح يقابل أخته فى وسط البلد ومن يومها مرجعش وهو كان معاه العربية رقم «........ » ودى ملك بنته من مراته الأولى وأنا مش باتهم حد.. بس عايزة اعرف هو فين وحصل إيه... وتعود إلى مسرح الجريمة.. ويعود المتهم الثانى من شقة الإسكندرية.. والشرطة تبدأ فى عملها ويأتى إخطار من قسم شرطة مدينة نصر: «تم العثور على السيارة المبلغ باختفاء سائقها وبها عدد 2 زجاجة بيرة وقميص نوم وأدوات ماكياج.. وواضح أن صاحبها كان معاه سيدة فى العربية».
المشهد التاسع: الغموض يزداد لدى رجال المباحث.. ويبحثون فى علاقات القتيل وعن هذه السيدة التى كانت معه فى السيارة حسب «الخمر والقميص والماكياج».. ويفتشون فى اتصالاته عبر هاتفه المحمول بعد إخطار الشركة المتخصصة.. وتأتى أحداث يناير.. والفوضى الأمنية لا مثيل لها.. والهجوم يحدث على بعض الأقسام.. وضباط الشرطة يختفون من الشارع.. والعلاقة مستمرة بين المتهمين «لقاءات وغرام واحتفال».. ولا هيوصلوا لنا.. خلاص الموضوع انتهى.. البقاء لله.. ويضحكان». المشهد قبل الأخير: نحن الآن فى نهاية مارس الماضى أى بعد 90 يوماً من وقوع الجريمة.. لا يعرف سبب واحد جمع بين المتهمة وبين زوجة والد القتيل.. هذه السيدة كانت تكره القتيل لأقصى درجة.. وظنت المتهمة أنها ستفرح وقالت لها: «خلاص.. عادل مات.. احنا قتلناه.. الله يرحمه».. السيدة لا تصدق.. وتسأل: حصل إيه.. والمتهمة تروى التفاصيل دون مبررات. التحريات تقول: هى قالت لزوجة والد القتيل ومش معروف ليه أخبرتها.
المشهد الأخير: زوجة والد القتيل تطلب مقابلة رئيس المباحث.. وتروى له التفاصيل.. ويصدر إذنا من النيابة.. ويسقط المتهمان فى قبضة العميدين جمعة توفيق ومحمد عبدالتواب.. وتعترف الزوجة بالتفاصيل كاملة أمام اللواء فاروق لاشين، مدير أمن الجيزة، واللواءين كمال الدالى وفايز أباظة.. ويقف المتهم الثانى أمام أجهزة الأمن وهو يقول: «أيوة حصل».