في واقعة غريبة على المجتمع الإداري المصري، أصدر الدكتور على حجازي، مساعد وزير الصحة رئيس هيئة التأمين الصحي، فرمانًا باستبعاد الدكتور محمد يحيي إسماعيل، مدير مستشفى التأمين الصحي ببني سويف، من منصبه، عقابًا له على حضوره اجتماعًا لمديري المستشفيات مرتديًا ملابس كاجوال «بنطلون جينز وجاكت جبردين».
كان رئيس هيئة التأمين الصحي، قد دعا مديري مستشفيات الهيئة بجميع محافظات الجمهورية، لاجتماع بقاعة مستشفي المقطم بالقاهرة، وتلبيةً لدعوة رئيس الهيئة توجه مدير مستشفي بني سويف للمقطم لحضور الاجتماع الأول له مع مساعد وزير الصحة، لكنه كان لا يعلم أنه قد يكون الأخير.
مع دقات العاشرة صباحًا، وصل مساعد وزير الصحة لقاعة مستشفى المقطم ودخل القاعة مصافحًا الحضور المتواجدين بالقاعة منذ الثامنة صباحًا قادمين من جميع المحافظات، وعندما جاء الدور على مدير مستشفي بني سويف ليصافح «حجازي» بادره الأخير مستفسرًا «أنت مين؟»، فرد عليه «أنا دكتور محمد يحيي يا فندم مدير مستشفى بني سويف»، فقابله رئيس الهيئة بقوله «أنت مش عارف جاي تقابل مين، أزاي جاي تقابلني كده؟!، أعتبر نفسك مستبعد من منصبك من الآن».
نزلت كلمات رئيس هيئة التأمين الصحي كالثلج على مدير مستشفى بني سويف، الذي بادله بابتسامة هادئة مرددًا «شكرًا يا فندم ..شكرًا يا فندم»، وغادر القاعة متجهًا لبني سويف، ليعود لمنصبه مقررًا للجنة الكبد بفرع بني سويف .
فرمان رئيس الهيئة أحدث حالة من الاستياء بين جموع الأطباء اعتراضًا على طريقة «حجازي» في تعامله مع زميلهم القيادي بنقابة الأطباء الفرعية ببني سويف، وحاول عددًا منهم تنظيم وقفة احتجاجية بـ«البنطلون الجينز»، ردًا على رئيس الهيئة، إلا أن «يحيي» أجهض محاولاتهم وأكد لهم أن القرار جاء في وقته تمامًا ليترك العمل الإداري ويتفرغ لخدمة مرضاه بلجنة الكبد واستكمال دراسته التي تأخرت لانشغاله في العمل الإداري.
مع وصول قرار رئيس الهيئة لمستشفي بني سويف، سادت حالة من الاستياء والغضب، وقاموا بجمع توقيعات من جميع العاملين بالمستشفي، «أطباء وتمريض وإداريين وفنيين وعمال»، مطالبين رئيس الهيئة بتغيير قراره والعدول عن فرمان استبعاده، مؤكدين أن مدير المستشفي تعرض لظلم كبير من رئيس الهيئة.
وقال أحد الأطباء، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، أن رئيس هيئة التأمين الصحي رشح مدير مستشفى بني سويف، مؤخرًا لدورة تدريبية في تخصصات إدارة وقيادة المستشفيات والمنشآت الطبية كلفت الهيئة ما يزيد عن 40 ألف جنيه، اجتازها بنجاح، إضافة لتفوقه في دورة مكافحة العدوى، وجاء في المركز الثاني على مستوى المحافظات، وكان من المنتظر أن يكرمه رئيس الهيئة خلال أيام.
وأضاف، أن قرار رئيس الهيئة لم يكن مرجعه مصلحة المريض أو منتفع ىالتأمين الصحي أو المستشفى على وجه العموم، مشيرًا إلى أن الفترة التي تولى فيها «يحيي» إدارة المستشفي شهدت تحسنًا في الأداء وزيادة معدلات التطوير بشهادة تفتيش الهيئة، فضلًا عن رضاء المرضي عن الخدمة في الفترة الأخيرة، حسب ما جاء بتقرير إدارة المستشفيات، إذا فقرار الاستبعاد كان لأسباب أخرى ليس من بينها مصلحة المريض.
حاولنا التواصل مع الدكتور محمد يحيي، مدير المستشفي المستبعد، لاستبيان حقيقة الأمر، إلا أنه رفض التحدث للصحافة والإعلام، ومع إلحاحنا لتوضيح الأمور، أكد أن ما حدث رئيس الهيئة أبدي غضبه من ارتدائه ملابس «كاجوال» خلال الاجتماع، فقرر استبعاده من منصبه، مؤكدًا أنه راضٍ تمامًا عن عمله خلال عمله بالمستشفى، واستبعد فكرة عودته ،مبررًا ذلك بقوله «كفاية عمل إداري لحد كده، عايز أستكمل دراساتي وأتفرغ لمرضي الكبد» .