حمدى الكنيسى نقيب الإعلاميين لـ«المصري اليوم»: الإعلام عبء على الدولة.. ولابد من تأهيل مقدمى البرامج

كتب: طارق صلاح الأربعاء 07-02-2018 23:14

«الإعلام حاله مايسرش».. جملة قالها لى الإعلامى الكبير حمدى الكنيسى، نقيب الإعلاميين، عندما سألته عن رأيه فى الأداء الإعلامى قبل أن أبدأ معه هذا الحوار، لكن كانت معبرة عما يجيش بصدر الرجل من حالة عدم رضاه عن هذا المجال حالياً، مؤكدا أنه أصبح عبئا على الشعب والدولة معا، لدرجة أنه عاجز عن نقل الإنجازات الكبرى التى يقدمها الرئيس عبدالفتاح السيسى للوطن.

الكنيسى شدد على أن هناك تضاربا وتداخلا فى اختصاصات النقابة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، مرجعا السبب فى هذا إلى عدم فهم المجلس لقانون إنشاء النقابة، كما انتقد الرئيس الأسبق للإذاعة، حلقات «التوك شو» التى تقوم على عمل مشادات بين الضيوف، واصفا إياها بأنها ثقافة قديمة سيئة. وأشار إلى أن الرئيس الأسبق حسنى مبارك، دفع ثمن السماح للإخوان بالتغلغل فى الشارع المصرى، كما أن الجماعة دفعت ثمن خطفها لثورة يناير ومحاولاتها أخونة البلاد، وفيما يخص انتخابات مجلس إدارة النادى الأهلى الأخيرة، كشف عن أن قائمة المهندس محمود طاهر التى كان ينتمى لها اتفقت على عدم استخدام ما وصفه بنقاط ضعف قائمة منافسهم محمود الخطيب، إلا أن المنافس لم يراع ذلك. كما اتهم الكابتن أحمد شوبير بأنه ناكر للجميل وحاول الإساءة له بعد أن عينه فى الإذاعة، فكان يقول له «الحقنى ياخالى» فى كل مشكلة تلم به.. وإلى نص الحوار:

المصري اليوم تحاور«حمدى الكنيسى»،نقيب الإعلاميين
■ فى البداية ما أسباب بطء عمل نقابة الإعلاميين؟

- النقابة تعمل بصورة جيدة، ومن الطبيعى أن البدايات فى كل شىء تكون بها عوائق، لكن نحاول أن نمهد الطريق أملا فى أن تكون نقابة تخدم أبناءها، والآن نحن نسير فى أكثر من اتجاه، حيث يتم تجهيز المقرات الخاصة بعمل النقابة فى القاهرة والشيخ زايد، وفى نفس الوقت نسعى لتطبيق ميثاق الشرف الإعلامى الذى تم إعداده من قبل خبراء المهنة وهو أفضل ما يمكن أن تلمسه فى المواثيق المهنية، وسوف يكون له دور كبير فى تنظيم عمل الإعلاميين ونقابتهم، وبالتالى فإن الأمور تسير على ما يرام، ونتمنى أن نتسلم المقرات فى أقرب وقت حتى نكون قادرين على مضاعفة الجهود.

■ ما صلاحيات اللجنة التأسيسية؟

- صلاحيات اللجنة المكونة من 12 عضوا هى نفس صلاحيات مجلس النقابة، حيث أناط قرار مجلس الوزراء بأن تقوم بعمل المجلس بصورة كاملة لمدة 6 أشهر، وبعد انتهاء المدة قامت الحكومة بمد فترة عمل اللجنة لحين عمل انتخابات واختيار مجلس نقابة الإعلاميين، وبالتالى لدينا صلاحيات كاملة لإدارة شؤون النقابة، وسوف نبدأ فى إجراءات أول انتخابات للإعلاميين فور تسلمنا المقرات، وسيتم عمل الكارنيهات للزملاء، وإلى أن يحدث ذلك نمارس اختصاصاتنا التى خولتها لنا الحكومة، ونتطلع لأن يكون ذلك فى خلال ثلاثة أشهر من الآن.

■ طالما أن لديكم صلاحيات كاملة لإدارة شؤون النقابة لماذا لم يتم تنفيذ القرارات المتخذة ضد المخالفين من الإعلاميين؟

- المشكلة أن هناك تضاربا بين عمل النقابة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، حيث تدخل الأخير فى صميم عملنا، وقال على غير الحقيقة إن اللجنة التأسيسية التى تدير نقابة الإعلاميين ليس لها صلاحيات كاملة، وبهذا القول يؤكد عدم اطلاعه على قرار إنشاء اللجنة، وأنه لا يعلم عن اختصاصاتها شيئا، وظهر ذلك جليا فى أكثر من مشكلة، حيث نقوم باتخاذ قرار ويعلن المجلس قرارا مضادا له، وللأسف أصحاب القنوات يتذرعون بأن المجلس الأعلى للإعلام فى صفهم، ما يؤدى إلى عدم تفعيل قراراتنا فى بعض الأحيان، إذ إن هناك إعلاميين قد تمت إحالتهم للتحقيق، ووقف برامجهم، بعد أن رأت اللجنة مخالفتهم لميثاق الشرف الإعلامى، فى حين رفض المجلس ذلك، وعطل قرار النقابة.

أتمنى أن يقرأ الجميع بنود إنشاء نقابة الإعلاميين، لكى يعرف جيدا صلاحياتها وماهية عملها، ولابد أن نوضح شيئا هاما، وهو أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام معنىّ بالتعامل مع المؤسسات، أما نقابة الإعلاميين فهى المسؤولة عن محاسبة الأشخاص المخطئين وليس للمجلس حق التدخل فى هذا الشأن.

■ لماذا لم يتم عمل لقاء مشترك بين اللجنة التأسيسية لنقابة الإعلاميين والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لإنهاء الأزمة؟

- نتمنى أن يحدث ذلك فى أقرب وقت حتى نستطيع إزالة اللبس والفهم الخاطئ لقانون نقابة الإعلاميين لدى أعضاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ودائما أقول إن لدينا صلاحيات وقانونا لابد أن يتم احترامها جيدا، وفى نفس الوقت من الضرورى أن يكون هناك تنسيق وتكامل بين الجهات والهيئات الإعلامية بهدف خدمة المهنة والأعضاء بما يعود بالنفع على البلاد.

■ كيف ترى الأداء الإعلامى فى مصر حاليا؟

- بكل صراحة، حال الإعلام هنا لا يسر أحدا، وتجد الانتقادات لهذا المجال يوميا، ما يؤكد أن هناك أشياء تسير بطريقة خاطئة ولابد من تعديلها وتصويبها فورا، تخيل أن أحد الإعلاميين الكبار من مشاهير المهنة فى الوطن العربى حدثنى قائلا: «ما نشاهده فى الشاشات لا يعبر عن مصر التى نعرفها»، وهى جملة أوجعتنى لأن بلدنا فعلا جميل ومعروف بتاريخه وحضارته ونخبته وحكومته، وقبلها شعبه الرائع، لكن ما يتم بثه عبر الفضائيات يخالف كثيرا الواقع المصرى الجميل، وأقصد هنا أننا بحاجة إلى أشخاص لديهم قدر من الثقافة والحضور والذكاء، ويتمتعون بإنكار الذات حتى نعود للتباهى بإعلامنا كما كنا فى الماضى، أما ما نراه الآن فهو أمر محزن جدا.

■ عدد من البرامج عادت إلى عمل حلقات يغلب عليها طابع تشابك الضيوف باللفظ الذى يصل إلى حد الاشتباك بالأيدى.. كيف تقيمون تلك الأعمال؟

- حلقات «الزعيق والخناقات وعلو الصوت»، ثقافة قديمة وسيئة وقد عفا عليها الزمن، ولم تكن صالحة حتى فى وقتها عندما ابتدعتها الفضائيات التى ترغب فى «التسخين وعلى رأسها الجزيرة التى هجرت تلك الطريقة حاليا، بينما أصبحت قنواتنا مليئة بتلك الحالات غير الأخلاقية، والتى تنم عن فكر عقيم، لأن الحوار والاختلاف يكون بالفكر والرأى والحجة وبهدوء، أما أن ترى مذيعة تأتى يوميا بأشخاص لا يمتلكون سوى الأصوات العالية والأيادى الطويلة، فهذه مشكلة، لأن المسؤولين عن البرنامج يعتقدون خطئا أنها عملت شيئا قويا، فى حين أنها قدمت حلقة رديئة للأسف، ومن جانبنا قد أخذنا على عاتقنا الوقوف فى طريق تلك الحلقات المسيئة للوطن وشعبه ولن نسمح لهم مستقبلا بهذا الأداء أبدا.

■ كيف يمكن معالجة ثقافة التشابك اللفظى والأيدى فى البرامج؟

- لابد من إعادة تأهيل مقدمى ومقدمات البرامج وإيجاد أشخاص على درجة عالية من الثقافة والكفاءة والحكمة، ثانيا تشجيع الأشخاص والحلقات المفيدة الرشيدة التى تدعو إلى الأخلاق ومعالجة الأخطاء، وتصحيح المفاهيم بطريقة معتدلة محببة للقلوب بعيدا عن تهييج المشاعر والعواطف، ثالثا الضرب بيد من حديد على من يخالف قواعد العمل الإعلامى المتمثل فى ميثاق الشرف الذى لا مفر من تطبيقه على الجميع دون محسوبية وبعيدا عن أية تدخلات حتى نخلق ثقافة إعلامية تعود بالإيجاب على الجميع.

■ كيف تقرأ حرية الإعلام حاليا فى البلاد؟

- هناك حرية كبيرة وملموسة فى الإعلام، والدولة لا تتدخل مطلقا، وأتمنى أن يعى القائمون على العمل الإعلامى أن هذا الوقت يحتاج إلى ترشيد العمل، بحيث لا يخالف الضوابط والقواعد المهنية بغض الطرف عن أى مكاسب شخصية، لأن المكسب الحقيقى هو نقل الرسالة إلى الجمهور بأمانة كاملة دون تضليل.

■ صف لنا المشهد السياسى الحالى فى مصر؟

- المشهد السياسى يزداد استقرارا يوما بعد يوم، حيث إنك كنت فى أزمات كبرى جاءت نتيجة ثورتين، ورأينا مشاكل فى الأمن وفوضى وبلطجة، ما صاحبه ضعف فى المؤسسات، وظهر ذلك جليا بعد 25 يناير، واستمر حتى بداية حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى استطاع أن يصل بالوطن إلى بر الأمان، واستقرت المؤسسات وبدأت تعمل بشكل طبيعى، وبالتالى فإن المشهد السياسى أصبح مطمئنا، ورغم الإرهاب الذى يضرب الوطن والمؤامرات التى تحاك ضد مصر من الداخل والخارج، إلا أن كل ذلك لم يفلح فى إسقاط الوطن، بل استطاع أن يشق طريقه وسط تلك الأنواء والرياح العاتية متجها إلى بر الأمان ودفع كل من أخطأ ثمن خطئه.

■ ماذا تقصد بأن من أخطأ دفع ثمن خطئه؟

- أقصد نظام «مبارك» و«الإخوان»، فالأول أخطأ عندما ترك الإخوان يعملون وينتشرون فى الشارع، وأصبح لهم تواجد قوى، مما أتاح لهم فرض أفكارهم ومعتقداتهم وهو مخطط كانوا يعملون له منذ نشأتهم تمهيدا لصعودهم، وفعلا استطاعوا الحصول على عدد كبير من مقاعد البرلمان فى زمن مبارك، وهذه أخطاء لا تغتفر، وقد دفع مبارك ثمنها عندما أشعلوا الثورة ضده وركبوها وخطفوها إلى حيث مآربهم الخبيثة، ونسى مبارك ورجاله مواقف الجماعة قديما منذ نشأتها على أيدى حسن البنا، أما الجماعة نفسها فقد دفعت ثمن محاولتها خطف البلاد إلى رغباتهم وعدم وطنيتهم وحرصهم على المكاسب الشخصية بعيدا عن أية مصالح قومية، لكن الشعب المصرى الأصيل لم يسمح لهم بذلك وأعطاهم درسا بعد محاولتهم خيانة البلاد.

■ ما هى انطباعاتك عن الاقتصاد بعد إجراءات الدولة للإصلاح الاقتصادى منذ أكثر من عام؟

المصري اليوم تحاور«حمدى الكنيسى»،نقيب الإعلاميين

- يحسب للرئيس عبدالفتاح السيسى أنه استطاع اتخاذ قرارات اقتصادية لم يجرؤ رئيس من قبله على الاقتراب منها وهى بكل تأكيد سوف تحسن من اقتصاد البلاد الذى كان فى حالة صعبة جدا نتيجة الإهمال وتراكم مشكلاته عبر السنوات الماضية، وإن كانت هناك مشاكل لاتزال قائمة إلا أننا نشعر بتحسن فى ذلك المجال، وسوف يزداد ذلك التحسن مع مرور الأيام، حيث نرى حقول الغاز وقد استعدت للإنتاج، أيضا قناة السويس أصبحت تدر دخلا، فضلا عن شبكة الطرق العملاقة التى لها أثر كبير على رواج الاقتصاد والسياحة، ولا ننسى المشروعات المختلفة التى يتم افتتاحها باستمرار.

■ ما الأسباب التى أدت إلى خسارة قائمتكم بالكامل بفارق 7 آلاف صوت لصالح قائمة محمود الخطيب بالانتخابات الأخيرة فى النادى الأهلى؟

- النتيجة بشكلها الذى ظهرت عليه، غير طبيعية، لأن الأجواء الانتخابية حتى منتصف يوم الانتخابات كانت مبشرة لمحمود طاهر، وكان له السبق، ولكنها اتخذت شكلا مغايرا مع نهاية اليوم، عندما استطاعوا استقدام أعضاء بواسطة النقل الجماعى، وأيضا «أوبر وكريم»، التى كانت تعمل فى هذا اليوم لصالح قائمة الخطيب، وإن كنت لا أنكر شعبية محمود الخطيب، الذى أكن له ولقائمته كل التقدير والاحترام، وعلاقتى بهم جميعا رائعة، إلا أننى أتحدث عن انتخابات ظهر فيها بشكل لا يدع مجالا للشك استخدام المال بقوة بجانب الإعلام الذى كان مسخرا لهم ويعمل لصالحهم، ومن يشك فى ذلك عليه إعادة حلقات استضافة الخطيب وأيضا استضافة طاهر، وسيجد الفارق فى التعامل، وقائمة «طاهر» اتفقت على عدم استخدام نقاط ضعف المنافس، لكن المنافس لم يراع ذلك، حاولوا تشويهنا.

■ لكن هناك اتهامات لقائمتكم بأنكم صرفتم أموالا ضعف ما تم صرفه من قبل قائمة الخطيب؟

- هذا عكس الحقيقة، لأن محمود طاهر لم يتجاوز الـ7 ملايين جنيه، صرفت من الحملة وتبرعات محبيها وأعضائها، أما قائمة الخطيب فلك أن تتخيل أنهم صرفوا ما يقرب من 7 أضعاف ما تم إنفاقه من جانبنا، والإعلانات والتحركات وسيارات النقل الجماعى وأدواتهم تؤكد ذلك جيدا، وهى خير دليل على ما أقول.

■ نرغب فى معرفة قصة التزوير التى تحدثت عنها فى انتخابات بداية التسعينيات والتى أدت إلى التشابك بينك وعدد من رموز النادى الأهلى؟

- لقد ذكرت أثناء الانتخابات الأخيرة للأهلى بأن هناك تجربة فى انتخابات التسعينيات كانت بها شبهة تزوير، حيث كنت متقدما فى الفرز حتى وصلنا إلى الصندوق الأخير، الذى كان به عدد أصوات أقل من الفارق بينى وبين أى منافس لى، ما يعنى أننى قد نجحت فى تلك الانتخابات وفجأة تم قطع التيار الكهربائى عن المكان، واستمر ذلك فترة ثم بعدها تم إعلان عدم نجاحى، وهو أمر استغربه الجميع، ما دعا أحد قيادات الداخلية الذى كان موجودا فى ذلك الوقت بحكم عمله للتأمين إلى نصيحتى بعمل محضر فى الشرطة، قائلا لى: «أنت اتظلمت ولازم تعمل محضر وأنا هاشهد معاك»، لكننى رفضت لأنها ليست مبادئ الأهلاوية، والغريب أننى لم أذكر أسماء بعينها فى هذه الواقعة، إلا أن الكابتن أحمد شوبير قام بمهاجمتى، وقال إننى أرغب فى الإساءة لرمز الأهلى الراحل صالح سليم، وهذا لم يحدث أبدا، لكنه أراد استهدافى فى الانتخابات لصالح قائمة محمود الخطيب، لأنه يعلم مدى شعبيتى، ونشر ذلك أيضا على السوشيال ميديا وفى الإعلام، ما دعانى إلى رفع دعوى قضائية ضده، وللأسف شوبير دائما ما تغنى بأننى خاله عندما كان يحتاج خدماتى، وهو نفسه لا ينكر أننى الذى عينته فى الإذاعة، إذ كان يدخلها على «حسى»، وقبلها كنت راعيا له فى مشوار حياته بحكم أن والدته من بلدتى، ولكنه أنكر كل شىء عندما وجد مصلحته مع آخر.

■ هل تدخل أحد من قائمة الخطيب أو قائمة طاهر لعقد صلح بينك وبين أحمد شوبير؟

المصري اليوم تحاور«حمدى الكنيسى»،نقيب الإعلاميين

- الموضوع وصل القضاء، ولن أتنازل عن حقى، لأننى لا أنسى تشويهاته لشخصى بدون مبرر، فبعد أن كان يجرى نحوى ويأتى فى كل مشكلة يواجهها، ويقول لى «الحقنى يا خالى»، أجده يختلق أشياء ويحاول الإساءة لى، وأنا لم أخذله مطلقا، وكنت بمثابة والده، وهناك واقعة لن ينكرها، حيث أراد الرحيل من الأهلى، وقالى شوف لى نادى آخر، لأن أمامى ثلاث صخور، وكان يقصد ثابت البطل، وإكرامى، وأحمد ناجى، ونصحته بالبقاء ورفضت أن يترك النادى، وخلال أشهر قليلة سمحت له الظروف باللعب.

■ هل تتذكر كيف تم اختيارك للعمل بالإذاعة قديما؟

- بالطبع أتذكر حيث كنت شابا فى مقتبل العمر وتقدمت لمسابقة فى الإذاعة لشغل موقع مذيع وقد دخلت اختبارات الإذاعة وقتها مع 4 آلاف خريج وأتذكر أن الاختبارات كانت على ثلاث مراحل بين إجادة اللغة العربية والإنجليزية والإلمام بالمعلومات العامة والتاريخ واختبار مدى ثقافة المتقدم وسرعة البديهة لديه ثم المظهر العام وطريقة تعامله مع الآخرين وأتذكر أننا أخذنا فترة طويلة حتى انتهينا من تلك الاختبارات القاسية، وبعدها جاءنى خطاب اجتيازى لتلك الامتحانات أنا ومعى ثلاثة آخرون، والمدهش فى الأمر أننا بعد نجاحنا أخذنا فترة إعداد وتدريب قبل مواجهة ميكروفون الإذاعة لمدة عام ونصف العام، بعدها أصبحنا مؤهلين للعمل بشكل قوى، أما الأجيال الحديثة فتراها غير مؤهلة والسبب انتشار المحسوبية والمجاملات والوساطة فى تعيين المذيعين ومقدمى البرامج، وهو ما يظهر جليا على الشاشات، حيث تجد أشخاصا ليس لهم علاقة أصلا بالإعلام لدرجة أن الإعلام حاليا أصبح عبئا على الدولة والشعب معا.

■ ماذا تقصد بأن الإعلام أصبح عبئا على الدولة والشعب معا؟

المصري اليوم تحاور«حمدى الكنيسى»،نقيب الإعلاميين

- يجب أن يكون الإعلام مساهما فى حل مشاكل الوطن وخدمة الشعب وتقديم وجبات إعلامية مفيدة، لكن ما يحدث الآن عبارة عن أعمال منها، ما يؤدى إلى الزج بالدولة فى مشكلات خارجية وأخرى داخلية وإعلام آخر يهدم القيم والمبادئ القويمة للمصريين، فهل تتخيل أن مشكلة الشاب الإيطالى ريجينى تفاقمت بسبب الإعلام المصرى، لأنه كتب وأذاع بأن ريجينى مات بشبهة قتل من قبل الأمن المصرى، ومن البديهى أن يلتقط الإيطاليون ذلك الكلام ويصدقونه ويستخدمونه فى الضغط علينا، وبالتالى تصاعدت أزمة للدولة لم يكن لها أى داع، خاصة فى أوقات عصيبة، أيضا موضوع سد النهضة حيث تعامل الإعلام بشىء من عدم الحنكة والذكاء فى الأمر، وهو ما أدى إلى بلبلة فى الشارع المصرى والعربى بشكل عام، وبالتالى ومع النظر إلى ما يقدمه الإعلام نجد أنه يصنع أزمات للدولة وللشارع على السواء، خاصة أنه حاليا أصبح يقوم بأخذ أخباره من مواقع التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا ويبنى عليها مادته الإعلامية، مما يؤكد أننا إزاء حالة إفلاس إعلامى واضحة وضوح الشمس، ما يضطر القائمين على القنوات للجوء إلى أشياء غير موثوق فيها، ولك أن تنظر الآن إلى حجم الإنجازات التى يقدمها الرئيس عبدالفتاح السيسى والدولة فى جميع المجالات فى الوقت الذى نجد فيه الإعلام المصرى عاجزا عن نقلها والاهتمام بها، فهى أمانة يجب على كل من يعمل فى الحقل الإعلامى أن ينقل الإنجازات والتطور الذى يتم فى البلاد لكنهم مشغولون بالاشتباكات والخناقات ليس أكثر.

■ هل تتوقع أن يعود الراديو إلى مكانته؟

- الراديو بدأ فعلا فى العودة إلى حجز مكان له بين الناس، وأكد ذلك خبراء فى الخارج، حيث أعلنوا بعد استطلاعات للرأى أن الإذاعة أصبحت تستعيد مكانتها التى كانت قد فقدتها بفعل انتشار الفضائيات والإنترنت والحداثة فى كل شىء، وللعلم فإن للإذاعة مقومات خاصة لا تتوافر فى التليفزيون، فهى لا تحتاج تفرغا كاملا، حيث يمكن الاستماع إليها وأنت فى العمل أو الشارع أثناء القيادة أو فى المطبخ، أقصد أنها متاحة دائما بعكس التليفزيون الذى يحتاج الجلوس والتفرغ الكامل لمشاهدته، كما أن الراديو ينمى التخيل والإبداع بعكس التليفزيون الذى يقتلها تماما، وهناك مقولة جميلة، وهى أن الإذاعة صديق غير أنانى بمعنى أنك تستمع لها وأنت تعمل أشياء أخرى.

■ كان هناك تواصل بينك والرئيس الراحل أنور السادات نرغب فى معرفة كواليس تلك الصداقة؟

- أثناء حرب أكتوبر المجيدة كنت استطعت العمل مراسلا للحرب، حيث أذهب إلى أرض المعركة وأقوم بالتسجيل وأعود إلى الإذاعة لتنسيق الحلقة وأقدمها الساعة الثانية وعشر دقائق ظهرا، وكان اسم البرنامج «صوت المعركة»، وقد أحدث هذا البرنامج ضجة كبرى داخل إسرائيل، حيث كتب الإعلام الاسرائيلى عن وجود استفسارات حول انتشار البرنامج المصرى المعادى لإسرائيل «صوت المعركة»، وفوجئت بوزير إعلام مصر وكان وقتها الدكتور جمال العطيفى، يطلبنى فى مكتبه، وعندما التقيته قال لى: «الرئيس أنور السادات سعيد بنجاح برنامجك جدا، وهو نجاج للإعلام المصرى الذى أصبح مؤثرا داخل إسرائيل نفسها، وسوف أقوم بترقيتك درجتين استثنائيتين على الإبداع الذى تقدمه»، لكن قلت له لا أرغب فى الترقية والسبب أنى أساهم فى عمل وطنى بدون أى مقابل، وعندما ألح الوزير وحاول معى، قلت له: «ياريت حضرتك تؤسس لنا نقابة للإعلاميين بدلا من الترقية».

انتهى الموقف وفى هذه الأوقات كانت الرئاسة قد طلبتنى لمقابلة الرئيس أنور السادات، وبالفعل التقيته، وقال لى: «أنا غيرت ميعاد الغدا بتاعى حتى يتواكب مع موعد برنامجك، لأننى أرغب فى متابعته بعد النجاح القوى الذى ظهر به»، وكنت سعيدا وفخورا، خاصة أننى كنت فى نهاية العشرينيات من العمر، وكانت كلمات الرئيس كلها تشجيع ودعم لشخصى، وهو موقف لا ينسى أبدا.

■ بعد انتهاء لقائك بالرئيس السادات هل تمت ترقيتك؟

- لم يحدث لسببين، أولا أنا شخصيا رافض الترقية مقابل العمل الوطنى، ثانيا الرئيس لم يهدف إلى ذلك، ولكنه كان حريصا على تشجيعى وهو أمر فى منتهى السعادة بالنسبة لى، وعموما كان قديما الأمر لا يسير بهذا الشكل الذى أصبح السمة الرئيسية لتودد العاملين فى أى مجال إلى رؤسائهم والذى نشاهده منذ عشرات السنين ويجب أن يكون الاجتهاد والكفاءة هما عاملى ترقية الأشخاص.