«علي حمدي ومحمود أحمد»، شابان في مقتبل العمر، تعودا أن يرويا همومهما لبعضهما.. الأول كان يعاني من مشاكل زوجية إثر مصروف المنزل، وتصور أن هروبه إلى القاهرة حلا لمشاكله تلك، لكنه وقع في فخ «أ.ص»، السمسار، الشهير بـ«أعضاء بشرية»، والذي سلمه لأطباء لإجراء عملية استئصال كلية.
مع الوقت تحول الضحية على، إلى سمسار فاصطحب صديقه محمود إلى ذات السمسار بعد إلحاح شديد منه، وجاءا سويًا إلى منطقة المنيب في الجيزة.
الواقعة بدأت حينما حمل على حقيبة ملابسه وأخبر أبيه: «يا أبويا أنا هأسافر ماليش عيش في بلدتنا»، فسأله والده بطبيعة الحال عن وجهته، فأجاب: «ذاهب لمنطقة المنيب أعمل نقاشًا مع واحد اسمه أحمد صبحي».
كانت تلك البداية إلى القاهرة، كما يرويها محمد على، أحد أقرباء الضحيتان، لـ«المصري اليوم»، ووصل على إلى المنيب، وتقابل مع السمسار المتخفى تحت ستار العمل بالدهانات، وأجرى للضحية عملية استئصال كلى، وأعطاه 5 آلاف جنيه ولم يدفع له باقي المبلغ المتفق عليه (25 ألف جنيه)، وكذا تحولت كارثة الضحية الأول إلى كارثتين (تبرع بكليته واتنصب عليه).
عاد على، الشاب الثلاثيني، إلى بلدته بمركز مطاي، يبكي حاله، وحكى مأساته إلى صديقه محمود، التي رآها طوق نجاة بالنسبة إليه، حيث أقنع صديقه قائى: «أنا هتبرع بكليتي وأحصل على فلوس ومشكلتي تتحل، وهعرف أتعامل مع السمسار وآتي لك بباقي مستحقاتك المالية».
نحو أسبوعين تناقش الصديقان حول رحلة السفر، وانتهى النقاش بما أراد محمود، واتجها إلى المنيب وتقابلا مع السمسار، وكأن شيئا لم يكن، وعرض محمود نفسه: «ياباشا عاوز أبيع كليتي»، وكان السمسار يدخن الشيشة على مقهى عبدالسلام، كما يحكي عبدالصبور، صاحب المقهى، الذي يعرف السمسار وأعماله المخالفة للقانون.
وانطلق الجميع إلى مركز طبي بمنطقة الدقي لإجراء التحاليل والأشعة اللازمة للضحية الجديدة، وعادوا إلى الشقة بمنطقة المنيب التي تستخدم «وكرًا» لإيواء الضحايا.
وأحس محمود بريبة عندما خطت قدماه تلك الشقة التي يحتجز بها نحو 25 شخصا، وأخبر السمسار: «خلاص أنا رجعت في كلامي.. وعاوزين فلوس صديقي»، إلا أن دخول هذا «الوكر» ليس كخروجه.
وروى أبوعادل، مؤذن مسجد مالك بن أنس بالعقار الملاصق للمنزل الكائنة به الشقة، أنه كان يرى «بودي جاردات» يتولون حراسة المنزل محل الجريمة ليلا: «عندما كنت أصلي الفجر، أشاهد البودي جاردات وأصبح الأمر مخيفًا لي حقا، خصوصا عندما أرى سيارات فارهة تركن على ناصية الشارع».
ظل الشابان على ومحمود محتجزان داخل الشقة: «كنا بنسمع أصوات صريخ من الشقة»، حسبما يقول أبوعادل: «لم نعرف بأن تلك الأصوات كانت جراء تعذيب الشابين».
مرت 6 أيام على غياب محمود عن أسرته، وزار القلق قلب والده فاتصل على أسرة صديق نجله، واتصلوا جميعهم على قريبهم محمد، الذي قام بالاستقصاء عن السمسار: «على فكرة صديق لي ابن خالته وقع ضحية لهذا السمسار، وكان رقم هاتفه بحوزتي عندما اتصل به يخبرني بأنه يدعى طارق خلافا للحقيقة».
الصدفة وحدها قادت محمد ووالد محمود إلى السمسار، عندما أكد شاب بمنطقة المنيب، أنه يعرفه وأخبرهما بالفعل على عنوان الشقة محل الجريمة، لكنه طلب منهما «أرجو عدم القول بأني المبلغ»، وطرق والد محمود باب الشقة بقوة، واستمع إلى صوت فلذة كبده، الذي كان تحت وطأة التعذيب مكبل اليدين.
وتجمهر الأهالي واستعانوا بأمين شرطة جار لهم، ويعمل بقسم شرطة الجيزة، فطلب إحضار سيارة «بوكس»، كما يؤكد سكان شارع متولي الشعراوي، وألقى القبض على الضحيتين والسمسار، وأمرت نيابة جنوب الجيزة، بإشراف المستشار حاتم فاضل، المحامي العام الأول، بحبس السمسار والضحية الأول بعد اعتراف صديقه بأن الضحية اصطحبه إلى الشقة للتبرع بكليته، كما أمرت بحبس متهم ثالث كان يعمل سمسارا وأصله من كفر الشيخ، كما أخلت سبيل الضحية الثاني محمود، بضمان محل إقامته.
وأصدرت النيابة قرارا بضبط وإحضار 3 متهمين آخرين، بينهم طبيبين، ولا تزال التحقيقات مستمرة.