«جويتيسولو»: الثورات العربية غيرت فكرة الغرب عن كون المسلمين شعوبا خانعة

كتب: إفي الأربعاء 13-04-2011 17:12

 

 

اعتبر الأديب الإسباني الكبير «خوان جويتسولو»الأربعاء، أن الثورات الشعبية التي شهدها العالم العربي خلال الأشهر القليلة الماضية غيرت فكرة الغرب عن كون المسلمين شعوبا خانعة.

وخلال مقابلة مع الصحفيين قال «جويتيسولو»إن بعض الأوساط الغربية كانت تؤمن بأن المسلمين «شعوبا تهوى العيش تحت حكم أنظمة ديكتاتورية»، ولكن الثورات العربية غيرت هذه الفكرة النمطية المغلوطة.

وأشار جويتيسولو، الذي يتواجد حاليا في القاهرة،إلى أنه ليس لديه رسالة يوجهها للشعب المصري ولكنه يريد وضع خبرته في خدمة هذا الشعب.

وأوضح أن بعض من يطلقون على أنفسهم متخصصين في الإسلام بأوروبا يستشهدون بآيات من القرآن الكريم لكي يدللوا أنه يحث على العنف، «ولكنني أقول لهم إن القرآن لا يتغير ولكن الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية هي التي تتبدل لذا لا يمكن الحكم على القرآن».

وأشار إلى أن الإخوان المسلمين لا يرغبون حاليا في الوصول إلى الحكم وذلك من منطلق معرفتهم بالتنوع داخل المجتمع المصري، مبينا أن الإخوان عليهم أن يحتذوا بالنموذج التركي لكي يحققوا النجاح لاسيما وأنه نموذج صالح لأي حركة إسلامية تريد خوض مجال السياسة.

وأضاف أنه ينبغي أن يواصل المصريون الضغوط لكي يحقق الشعب مطالبه، خاصة وأن تحول مصر إلى نظام ديمقراطي سيستغرق الكثير من الوقت.

وأوضح أنه كتب مقالين عقب وفاة الديكتاتور «فرانسيسكو فرانكو»(إسبانيا 1939-1975) يصف فيه شعوره حيال رحيل ديكتاتور، يمكن أن تتطابق مشاعره وقتها مع شعور المصريين بعد سقوط نظام الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك.

ويرى «جويتيسولو»أن ديكتاتورية مبارك كانت مغايرة عن أي نظام ديكتاتوري فيه كانت تدع الناس يتحدثون دون أن تكترث، أما نظام فرانكو فكان يسكت الجميع، ولكن المصريين حققوا ما عجز الإسبان عن تحقيقه فقد أطاحوا بمبارك ويحققون معه الآن فيما انتظر الإسبان حتى وفاة فرانكو لكي ينالوا الديمقراطية.

وقال إن كل دولة من الدول العربية لها طابع مغاير عن الآخر لذا من الصعب التكهن بما سيحدث في اليمن أو سوريا أو ليبيا، مبينا أنه رفض زيارة كل من ليبيا والعراق أيام صدام حسين، فهي دول تفرض رقابة على الثقافة «إذن عن أي ثقافة سأتحدث لو زرتها».

وأكد المفكر الشهير على ضرورة أن يحلم المرء بكل ما هو مستحيل لكي يتمكن من تحقيق إنجازات كبيرة، فحلم الانسان برؤية التعايش بين كافة الأديان والثقافات والتيارات كان شبه مستحيل ولكنه تجسد بصورة واضحة في ميدان التحرير.

وأشار إلى أنه كان في فلسطين منذ نحو شهر لتسلم جائزة الشاعر الفلسطيني محمود درويش للثقافة والابداع، مضيفا «شعرت بالفخر لحصولي على جائزة محمود درويش فهي الجائزة العربية الوحيدة التي كان بإمكاني قبولها».

وصرح بان ما يحدث في فلسطين مناف تماما للشرعية الدولية التي يناصرها بشدة، فينبغي إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 مؤكدا رفضه التام «لقيام إسرائيل بأعمال تناف الشرعية الدولية تحت ذريعة الدين أو ما تقوله حول أرض الميعاد».

وأشار إلى أنه زار فلسطين أربع مرات ولاحظ أنه على الرغم من تغير العالم العربي إلا أن سياسة إسرائيل مازالت متجمدة، «فثمة من كان يقول إن إسرائيل هي النظام الديمقراطي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط ولكن هذه الديمقراطية لا تطبق على الفلسطينيين».

وقال إن مصر عليها فتح معبر رفح وتغيير السياسة التي كان ينتهجها نظام مبارك نحو الفلسطينيين والذي يعد شريكا في الحصار على قطاع غزة، كما أن القاهرة عليها إدانة ما تمارسه إسرائيل مع الفلسطينيين.

ويرى الأديب الكبير أن النظام الإيراني بات ديكتاتوريا، موضحا «زرت إيران مرتين كما أنني معجب بالثقافة الإيرانية، ولكنها الآن أصبح بها نظاما قمعيا بعيد عن القيم الدينية».

واستبعد «جويتيسولو»الاتفاق التام بين الأزهر والفاتيكان في حوار الحضارات، ولكنه أبرز إمكانية حدوث اتفاق بين المجتمعين الإسلامي والمسيحي فهو أمر أسهل لأنه من منطلق إنساني.

وأكد أنه يسافر كثيرا لكي يكون المعرفة وليس لتقديم العظات، كما أشار إلى أنه لم يكتب أبدا لكي يكسب قوت يومه بل إنه كان يعمل جاهدا من أجل توفير المال للعيش لكي يتمكن من الكتابة بكل حرية.

وقال إنه أكمل إبداعه الأدبي الذي قال فيه كل ما يود قوله، مبينا أنهيحب الأدب الصوفي كما أنه يعشق رواية ألف ليلة وليلة وبات يعتبر شهرزاد صديقة له بسبب جملتين هما «العالم هو منزل من لا منزل له»، و«أجمل بستان عبارة عن خزانه مليئة بالكتب».

يذكر أن «جويتيسولو»(80 عاما)، ولد في مدينة برشلونة الإسبانية في السادس من يناير1931 وكان أحد أشد المناهضين لنظام الديكتاتور «فرانسيسكو فرانكو»وهو ما تسبب في نفيه خارج إسبانيا ومنذ ذلك الحين يقيم ما بين فرنسا والمغرب، وقد ألف العديد من الأعمال التي ترجمت إلى لغات عديدة.

فاز «جويتيسولو»بعدة جوائز أهمهما «دون كيخوتة»، وجائزة أوكتابيو باث للآداب، والجائزة الوطنيه للأدب الاسباني، وجائزة الشاعر الفلسطيني محمود درويش للثقافة والابداع، كما أنه ضمن القائمة النهائية للمرشحين للفوز بجائزة بوكر العالمية للآداب لعام 2011.

يشار إلى أن الكاتب الكبير هو صاحب موقف في مختلف القضايا السياسية، فهو معروف بمناصرته للقضية الفلسطينية وللمسلمين بالإضافة إلى تنديده الدائم بمقتل المسلمين في إسبانيا خلال حكم الملوك الكاثوليك لها، وموقفه ضد الاستعمار الفرنسي للجزائر.