سيطرت حالة من الارتباك على الأحزاب التي تضم على قوائمها مرشحين كانوا أعضاء في الحزب الوطني المنحل، منذ صدور قرار محكمة القضاء الإداري بإبعادهم عن الانتخابات البرلمانية المقبلة.
كما ساد التوتر بين مرشحي الوطني أنفسهم، فيما جرت ردود فعل واسعة بين المرشحين من مختلف القوى السياسية، حيث ينذر الحكم بتغيير حسابات اللعبة الانتخابية بالكامل، وربما تصل إلى الإطاحة بقوائم حزبية كاملة ومرشحين بارزين على مقعدي الفردي سواء للشعب أو الشورى على مستوى محافظات الجمهورية.
فيما تنظر محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، الأحد، 19 طعناً جديداً على ترشيح أعضاء الحزب الوطني بالدائرة الأولى.
ويؤكد حزبيون وقانونيون أن كثيرا من الدعاوى القضائية سيتم تقديمها لمحكمة القضاء الإداري بالمحافظات خلال ساعات قادمة للمطالبة باستبعاد العشرات من مرشحي الوطني.
كما ستتم إقامة دعاوى قضائية ضد عدد من الأحزاب والتي تضم على قوائمها أسماء من الوطني المنحل.
ففي الدقهلية، تقدم محمد عطية وهيثم سليمان وماجد الحنبلي، أعضاء ائتلاف «محامون ضد الفلول» كممثلين عن محمد بدير شعيشع، المرشح فئات فردي بحزب «الإصلاح والتنمية»، والسعيد البدراوي السعيد، عمال بالدائرة الأولى، بالطعن ضد قرار لجنة تلقي أوراق المرشحين بالدقهلية لقبول أوراق ترشيح 19 مرشحا ممن يوصفون بـ«فلول الوطن» ومن بينهم حسن المير ومسعد لطفي وهيام عامر وتوفيق عكاشة وحسن خالد حماد، أعضاء مجلس الشعب السابقين وآخرون.
وطالب أصحاب الدعوى بوقف إدراجهم بجداول الانتخابات البرلمانية لمجلس الشعب استنادا لحكم المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطني وتصفية أمواله وممتلكاته.
وعلى الصعيد نفسه، صرح المحاميان حسين توفيق حسين وياسر أحمد المغربي، صاحبا الدعوى الشهيرة رقم 1593 لسنة 34ق، والصادر فيها الحكم التاريخي بمنع ترشيح أعضاء «الوطني»، بأن الاستشكلات المقدمة من أعضاء الوطني الصادر ضدهم الحكم «لا يوقف التنفيذ لأنه صادر للتنفيذ بالمسودة وتم تقديم نسخة منه للجنة العليا للانتخابات لتنفيذه».
وأكدا أن الحكم ينسحب تنفيذه على كل أعضاء الحزب الوطني المنحل وليس على خصوم الدعوى المرفوعة فقط، لأن حيثيات النطق بالحكم شملت كل الأعضاء واتهمتهم بإفساد الحياة السياسية وقررت منعهم من الترشح.
فيما أكد اللواء أسامة أبو المجد، عضو مجلس الشعب السابق، وأحد خصوم الدعوى، أنه تقدم وباقي خصوم الدعوى باستشكال ضد الحكم لوقف تنفيذه.
وقال: «هذا الحكم سياسي وليس قانونيا، حيث ينطوى على نوع من الظلم ويخالف الدستور والقانون لأنه يعاقب مواطنين على جرم ليس هناك دليل على حدوثه، كما أن معظم أعضاء الحزب الوطني دخلوا الحزب لأنه كان السبيل الوحيد لخوض الحياة السياسية في ذلك الوقت».
وفي الإسكندرية، اعتبر مرشحو الشعب القرار «خطوة نحو نجاح الثورة»، ووصفه بعض المرشحين بأنه «تاريخي»، مطالبين بالالتزام به.
وقال حسين محمد، أمين عام حزب «الحرية والعدالة»، إن الحكم بعزل أعضاء «الوطني» يعد «حكما تاريخيا يجب تعميمه».
فيما اعتبر خالد الزعفراني، منسق حزب «العدالة والتنمية»، الحكم «خطوة في طريق دعم الثورة وتحقيق أهدافها»، مشددا على أهمية «أن يتبعها تشريع يقضي بعزل سياسي لقيادات وكوادر الحزب البائد لفترة لا تقل عن 5 سنوات».
وتوقع أبو العز الحريري، القيادى بحزب «التحالف الشعبي الديمقراطي»، أن يتسبب قرار المحكمة في «انقلاب داخل السباق الانتخابي بالكامل وتغيير الخريطة الانتخابية، فضلا عن اضطرابات قوائم الأحزاب التي تضمنت فلول الوطني دون أي تأثير على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد».
ووصفت حركتا شباب «6 إبريل» و«كفاية» وحزب «الجبهة الديمقراطي» الحكم بأنه «جزء من سلسلة الأحكام التاريخية للقضاء المصري».
وفي بني سويف، قال المهندس عصام عبداللطيف، أمين حزب «الوسط» بالمحافظة، إن الحكم «سيربك الأحزاب كلها، خاصة حزب (الوفد) الذي ضم على قوائمه عددا كبيرا من فلول الوطني، وبالتالي لابد من إعادة ترتيب القوائم من جديد».
وأكد أن الحزب سيعقد اجتماعا طارئا لبحث المشاركة مع القوى السياسية الأخرى داخل المحافظة والتنسيق في مواجهة الفلول الموجودين بالمحافظة وتفعيل الحكم الصادر ضدهم بدعاوى لخروجهم من الانتخابات المقبلة.
وفي الأقصر، رحبت القوى السياسية والشعبية بالحكم وطالبوا بتعميمه على كل الدوائر، وطالبوا بالعزل السياسي على المجمع الانتخابي للحزب الوطني منذ 2005.
وفي جنوب سيناء، ساد الارتباك بين الأحزاب والمرشحين، خاصة أن أحزابا كثيرة تضم أعضاء بالوطني سابقا ومنها أحزاب «الوفد، والحرية والعدالة، والنور السلفي، والحرية، والإصلاح والتنمية، والاتحاد، والمحافظين، والمصريين الأحرار».
وفي البحيرة، قال المرشح عادل شعلان، أمين حزب «المواطن المصري»، من أعضاء الوطني سابقا: «جميع المرشحين سيطعنون على حكم إداري المنصورة لأنه ليس من حق أي أحد حرماننا من الترشح للانتخابات لأننا لسنا لصوصا».
فيما تباينت وجهات النظر القانونية والقضائية الخاصة بالإجابة على تساؤلات حول وضع كل أعضاء الوطني في الانتخابات المقبلة.
فقد أوضحت مصادر قضائية بمجلس الدولة، رفضت ذكر اسمها، أن حكم القضاء الإداري استند في أسبابه إلى ما أصدرته المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطني وأيلولة ممتلكاته للدولة وأن أحكام الإدارية العليا هي صاحبة الأثر القانوني الأعلى, وتعد بمثابة مبادئ قانونية مثل أحكام محكمة النقض يرتكن إليها في جميع النزاعات ذات الوقائع المماثلة أو المتشابهة.
فيما قالت مصادر قضائية أخرى إن الأحكام القضائية عموما «لا يمكن تعميمها فلكل نزاع وقائعه وظروفه التي للمحكمة أن تقدرها وفقا لما تراه، وإذا كان الأمر يختلف بعض الشيء في أحكام مجلس الدولة باعتبارها تحاكم قرارات إدارية, إلا أن الأصل في الحكم يبقى للقانون فإذا ثبت وجود مخالفة للقانون تقضي المحكمة بما نص عليه القانون في ذلك, وإذا لم يثبت لا يمكن تعميم حكم سابق لمجرد تشابه الأسماء أو الصفات مثلا».
وأضافت المصادر أن حكم الإدارية العليا الخاص بحل الحزب الوطني كان ينظر إلى الحزب كشخصية اعتبارية في حين أن حكم القضاء الإداري قضي فيما يخص أشخاصا بعينهم وهو صميم الاختلاف بين الحالتين.
وفي السياق ذاته، أشارت المصادر إلى أنه رغم ما أقرته المحكمة الإدارية العليا العام الماضي من أن أحكام القصاء الإداري الخاصة بالطعون الانتخابية هي أحكام نهائية واجبة النفاذ، يصبح هذا الحكم نافذا يجب تنفيذه، ولا درجات أخرى للطعن عليه، إلا أنه يمكن لمن صدر ضدهم هذا الحكم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، إذ إن ذلك حق قانوني مكفول لهم بقوة القانون، الذي نص على أن التقاضي أمام مجلس الدولة يكون على درجتين، الأولى أمام القضاء الإداري والثانية أمام الإدارية العليا، وتكون هي صاحبة الكلمة النهائية والحكم النهائي غير القابل للطعن مرة أخرى.