يعد الشاعر والمؤلف المسرحي البريطاني ويليام بتلر ييتس واحدًا من كبار شعراء الإنجليزية، وهو مولود في دبلن في 13 يونيو 1865، وكان الأكبر بين إخوته الـ6، وكان الأقرب إليه من هؤلاء الأطفال أخته سوزان وكانت تصغره بعام واحد وأختهما الأخرى التي تصغرها بعام إليزابيث، وكان الثلاثة شديدي الولع بالفن، وحين كبروا أسسوا «مشاغل دون إيمر» وهو مصنع كبير للمطرزات والرسم، وقد قامت الفتاتان بإصدار العديد من كتب أخيهما.
أما الأب فهو جون بتلر ييتس، كان شخصية قوية ويهتم كثيرا بأبنائه، وكان يقرأ لهم الشعر والقصص وكان يعمل محاميا ثم التحق بمدرسة للفنون وأصبح واحدا من الرسامين المعروفين، وعندما كان «ييتس» في الثانية من العمر انتقلت عائلته للندن، وبين عمر السابعة والتاسعة عاش ييتس في سليجو مع أمه في قصر جده لأمه، وكمؤمن بقوة بالأشباح والجنيات ادعى «ييتس» أنه شاهد أول شبح في حياته عندما كان في بيت جده، ونجد أصداء لهذا في قصيدة ييتس «الطفل المسروق».
وفي قصيدته «في ضيافة الجن» تخيل عددا كبيرا من الجان يمتطون ظهور الخيل ويطوفون البلاد، ورغم عدم تميزه في التعليم إلا أنه بدأ كتابة الشعر وهو في الخامسة عشرة، وكانت قصائده الأولى عن الساحرات وفرسان العصور الوسطى الذين يلبسون الدروع، وقد نشر قصائده الأولى في صحيفة دبلن عندما كان في العشرين من عمره ومنذ إقامته في مارفل بدأ الاقتراب من العوالم الروحانية وما خلف الطبيعة، وفي 1889 أسس مع الصديقة والكاتبة المسرحية الليدي جريجوري (المسرح الأدبي الأيرلندي) وكتب لهذا المسرح مسرحية «الكونتيسة كاتلين».
وبعد سنوات قليلة أسس مسرح آبي الشهير في دبلن، والذي لايزال موجودا، وفي 1911 قابل في بيت صديقه فتاة جميلة هي جورجيا هايدليس، وكانت قارئة نهمة وتجيد أكثر من لغة وتؤمن بعالم السحر والعالم الآخر مثله وتزوجا في 1917.
ويثير شعر «ييتس» إشكاليات عديدة حول علاقته بالحداثة أو بالرمزية أو بحركة «الشعر الحر» عموما، ويعده بعض النقاد ممثلا للمرحلة الانتقالية بين الحداثة الشعرية وما قبلها في حين يقارن البعض الآخر قصيدته الشهيرة «الظهور الثاني» برائعة ت إس إليوت «الأرض اليباب»، أو «الأرض الخراب»، فيما تقدمه من رؤية لانهيار وشيك للحضارة الغربية، ومن أهم مجموعاته الشعرية «الخوذة الخضراء» و«مسؤوليات»، و«البرج»، و«السلالم الملتوية»، و«قصائد جديدة».
وحين حدث تمرد في أيرلندا في 1916 قتل المئات، ومنهم بعض أصدقائه، وتم دحر التمرد وأعدمت القوات البريطانية قادة التمرد وكتب «ييتس» وقتها «تأملات في زمان الحرب الأهلية». وكان «ييتس» عضوا بمجلس الشيوخ في أول حكومة أيرلندية من 1922 إلي 1928 وعمل على إحياء التراث الثقافي الأيرلندي وفنونه المعمارية وآثاره القديمة ومخطوطاته، كما سعى لتحسين مستوى التعليم، وفي 1923 حاز جائزة نوبل في الأدب، وواصل الكتابة حتى موته «زي النهارده» في 28 يناير 1939، وكان وقتها يعيش فى جنوب فرنسا، وبعد الحرب العالمية الثانية نُقل جثمانه إلى أيرلندا.