من «العتبة» إلى «أرض المعارض».. رحلة سنوية لبائعى سور الأزبكية

كتب: سارة سيف النصر الأحد 28-01-2018 02:45

داخل أروقة سور الأزبكية، وأنت تسير في حى العتبة، يلفت انتباهك الهدوء غير المُعتاد في المكان، وقلة حركة أقدام القُراء، بعد أن أغلقت نصف المكاتب أبوابها، بينما الجزء المُتبقى يقف أصحابه بين مُنهمك في تحميل ما تبقى من الكتب، وآخر يطمئن على وصول بضاعته بسلام، فجميعهم مشغول بالاستعداد لشد الرحال إلى رحلته بـ«معرض الكتاب».

من العتبة إلى أرض المعارض، مسافة صغيرة يفصل بينهما 4 محطات فقط، وعلى الرغم من ذلك اعتبرها بائعو الأزبكية رحلة شاقة مُثمرة، يُعدّون لها لشهور طويلة وبشكل فردى دون مساعدات من مؤسسات أو دور نشر.

فمن تخزين للكتب القيمة، ومتابعة الكتب الأكثر مبيعاً، و«تحويش إيجار مطرح حلو في المعرض»، وتحضير خيمة المعرض، يروى أصحاب المكاتب لـ«المصرى اليوم» رحلتهم السنوية، والفرق بين أسعار وزبائن العتبة وأرض المعارض.

أمام إحدى مكتبات السور، يقف شعبان أبوزيد، شاب ثلاثينى، في انتظار زبون، بينما يجلس أخوه في أرض المعارض لتحضير الخيمة، وتنظيم الكتب، ويقول أبوزيد: «سنة كاملة بنستعد ونحوّش في كتب وفلوس، بنستنى أي حد هيبيع مكتبة قديمة، وأى حد مستغنى عن كتب عنده ونشتريها، ونقعد نفصل إيه لهنا وإيه للمعرض».

الكتب الفلسفية، وكُتب التنمية البشرية لجرير، والروايات القديمة النادرة العربى منها والمُترجم- هي كنز عائلة أبوزيد في المعرض: «الكتب النادرة واللى مبقاش تطبع دى، وساعات مبيبقاش في منها غير نسخة واحدة، بيبقى عليها إقبال شديد هناك، وبتتقدر من الزوار الأجانب، عشان كده بجمعها طول السنة ومش بعرضها في الأزبكية الصراحة. يقول «أبوزيد».

على بعد خطوات من مكتبة أبوزيد، يُحضر خالد هاشم، رجل أربعينى، الدفعة الأخيرة من الكتب لشحنها على عربات النقل، ويحكى: «بقدم طلب قبلها بـ3 شهور للقائمين على المعرض، وبجهز فلوس الإيجار اللى وصلت 9 آلاف بعد ما كانت 4 وبعدين بستنى ينزلوا خريطة فيها أماكن المكاتب، وقبل ما يفتح بأيام بنروح نفرش الخيمة ونقعد من 9 صباحاً لـ9 مساء أكثر من يوم نرص الكتب». لم تختلف الكتب التي يعرضها هاشم في العتبة عن أرض المعارض، بل كثف اهتمامه في الاستعداد للمعرض، بتفصيل «دولاب خشبى قوى» لحمل الكتب وعرضها بشكل يليق بزبون المعرض، ويقول: «قبل المعرض بروح للنجار عشان يفصلّى دولاب بمساحة معينة تناسب حجم الخيمة اللى تقريباً بتكون 3 متر في 3، وبهتم بعرض الكتب لأن المعرض متسوق كويس عن هنا وبييجى له ناس من كل المحافظات».

مجلات المصوّر، وأعداد جرائد تزف أحداثا تاريخية، هي ملاذ روّاد أرض المعارض، كما يرى محمد ضاحى، صاحب مكتبة «أدب الدنيا»، ويحكى: «إحنا بنهتم بالمجلات والجرايد والكتب القديمة، بنجمعها طول السنة ونحفظها في أكياس وبنشيلها في المخزن، ونطلع بيها في المعرض، وساعات بيوصل سعرها لـ200 جنيه هناك، لكن هنا في العتبة ماتتبعش».