شهدت مدينة عفرين شمال سوريا، أمس، معارك جديدة بين الجيش التركى، ومسلحى الجيش السورى الحر، فى مواجهة القوات الكردية، مما أسفر عن مقتل العشرات من الجانبين، بعد إعلان أكراد سوريا حالة النفير العام، ودعت الإدارة الذاتية الكردية الشباب إلى الالتحاق بجبهة القتال وحمل السلاح، لمواجهة الهجوم التركى.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية، تنفيذ عملية نوعية فى محيط دير سمعان جنوب شرقى عفرين، ضد الجيش التركى ومسلحى تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابى، أسفرت عن مقتل 8 منهم، واتهم الناطق باسم القوات الكردية، ريدور خليل، أنقرة بـ«ترويج الأكاذيب» حول وجود عناصر لتنظيم «داعش» فى مدينة عفرين، بهدف تضليل الرأى العام العالمى، وذكر أن متطوعين أمريكيين وبريطانيين وألمانا حاربوا «داعش» موجودون الآن فى عفرين للتصدى للهجوم التركى، وحملت ممثلة منطقة الإدارة الذاتية الكردية السورية فى واشنطن، سينم محمد، الولايات المتحدة «المسؤولية الأخلاقية» بشأن العملية التركية.
وقال الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، إنه تم القضاء على 268 من مقاتلى الأكراد خلال 4 أيام من حملة: «غصن الزيتون» التركية على عفرين، مقابل مقتل 8 من عناصر الجيش التركى ومسلحى «الجيش الحر»، وأضاف: «لا أطماع لنا فى سوريا، ما يهمنا ضمان عودة 3.5 مليون سورى يعيشون فى تركيا إلى أراضيهم»، وتابع: «سنواصل إفساد جميع المؤامرات على حدودنا»، وذكر المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن تواصل بلاده مع النظام السورى «غير وارد»، مشددا أنه «لا يمكن لظالم أراق دماء شعبه أن يساهم فى إنشاء مستقبل لسوريا، وأن أنقرة تنتظر من واشنطن التوقف الكامل عن دعم الأكراد، وليس مجرد وعود».
وبدوره، قال نائب رئيس الوزراء التركى بكر بوزداج، إنه لا يعتقد أن بلاده ستصل إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة خلال عملياتها فى سوريا، لكن هناك «احتمالا ضئيلا» بأن يحدث ذلك فى منطقة منبج، وشدد بوزداج على أن تركيا ستواصل استخدام المجال الجوى فوق منطقة عفرين عند الضرورة، وذكر أن تركيا مستعدة لكل أشكال التعاون مع الولايات المتحدة وروسيا «إذا كان سيجلب السلام للمنطقة»، فيما أعلن وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو، أن رقعة العملية العسكرية قد تتسع لتشمل مدينة منبج ومناطق أخرى شرقى نهر الفرات، متهماً الأكراد باستهداف تركيا انطلاقاً من تلك المنطقة، وقال: «علينا إزالة التهديدات حيثما وجدت»، بينما قال البيت الأبيض إن واشنطن تود أن تهدئ تركيا الوضع فى شمال غرب سوريا، وواصل الجيش التركى إرسال تعزيزاته العسكرية إلى منطقة عفرين، حيث وصلت شاحنات دبابات وناقلات جنود مدرعة قادمة من مدن تركية إلى ولاية هطاى المحاذية للحدود مع سوريا، بهدف تعزيز الوحدات العسكرية المنتشرة على الخط الحدودى.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الهجوم الجوى والبرى على عفرين، الذى دخل يومه الخامس، أمس، مع شن غارات جوية تركية وقصف مدفعى جديد، يمكن أن يضر بالجهود الدولية لمحاربة تنظيم «داعش»، إذ تعتبر واشنطن أكراد سوريا حليفا لهم فى مواجهة التنظيم، بينما تعتبرهم أنقرة تنظيما إرهابيا، وتخشى من توسع نفوذهم على حدودها الجنوبية
وصرح وزير المالية التركى، ناجى أغبال، أن عملية عفرين ستؤثر بشكل إيجابى على التوقعات المتعلقة باقتصاد 2018، فيما طالب سياسيون ألمان، حكومتهم بإيقاف أى صفقات بيع دبابات إلى تركيا بعد ورود تقارير بأن الجيش التركى يستخدم دبابات ألمانية فى سوريا، وتدرس برلين حاليا طلب تركيا شراء أسلحة من أجل إعادة تجهيز دبابات لتوفير حماية أفضل من المتفجرات. وقتل 150 «داعشيا» فى غارات شنها التحالف الذى تقوده واشنطن على محافظة دير الزور، كانوا يحتشدون للقيام بهجوم، بحسب ما أعلن المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، إيرل براون. وبحث وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، مع نظيره الأمريكى، ريكس تيلرسون، فى اتصال هاتفى، العملية العسكرية التركية. وأكدت الخارجية الروسية، فى بيان، أن الحديث جاء بمبادرة أمريكية، وأن الوزيرين بحثا التحضير للقاء الأطراف السورية فى فيينا، والإعداد لمؤتمر الحوار الوطنى السورى فى سوتشى، والذى يهدف إلى دفع العملية السلمية، برعاية الأمم المتحدة، وشدد «لافروف» على أن السوريين أنفسهم فقط يحق لهم تحديد مصير بلادهم.
وقال المتحدث باسم «هيئة التنسيق الوطنية»، منذر خدام، إن مسار جنيف متعثر، ولن يفضى إلى أى نتيجة، خصوصا بعد تغير الوضع الميدانى وتغير كثير من المواقف الدولية.
وأضاف: «لذلك تحاول روسيا أن تقول من خلال (سوتشى) إن السوريين يريدون الحل، وهذا هو الحل، نقدمه لهم، أما لقاء فيينا، فحسب بعض المعلومات، الهدف منه هو نوع من التشاور حول مبادرة أمريكية أوروبية».
وعلى صعيد آخر، أدانت سوريا التصريحات الأمريكية والفرنسية خلال اجتماع وزارى شاركت فيه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن فى باريس حول استخدام السلاح الكيماوى فى مواجهة المسلحين فى سوريا، وكان وزير الخارجية الأمريكية، ريكس تيلرسون، حمل خلال مشاركته فى المؤتمر، موسكو «مسؤولية الضحايا» عن هجوم كيماوى جديد على أطراف دمشق، ووصفت دمشق التصريحات بـ«الأكاذيب»، واعتبرت أن الاتهامات هدفها إعاقة أى جهد يسهم فى إيجاد مخرج للأزمة، فيما دعا المندوب الروسى الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلى نيبينزا، إلى تشكيل هيئة تحقيق دولية جديدة غير مسيسة بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية، وانتقدت واشنطن الاقتراح الروسى، واعتبرته محاولة لصرف الانتباه عن مسؤولية النظام السورى فى ارتكاب مثل هذه الهجمات.